تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
استجابة لخفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة
البنوك المركزية تبدأ رحلة «التيسير النقدي»
والأربعاء، خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بمقدار 50 نقطة أساس إلى نطاق 75/4 بالمئة -5%، في أول قرار خفض منذ مارس/ آذار 2020.
ومباشرة، أعلنت البنوك المركزية في دول الخليج الفارسي خفض أسعار الفائدة بنسب متباينة لتحذو حذو الفيدرالي الأمريكي في الخفض، وسط توقعات بمزيد من التيسير النقدي في الشهور المقبلة.
وقال رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي جيروم باول للصحفيين، الأربعاء، بعد اختتام اجتماع السياسة الذي استمر يومين: «سوق العمل في حالة جيدة بالفعل، ونيتنا من خلال تحركنا اليوم هي الحفاظ عليها».
وكانت الأسواق الأمريكية والعالمية تخشى من أن تؤدي عمليات خفض بأقل من 50 نقطة أساس، إلى إذكاء المخاوف من إبطاء أكبر في سوق العمل الأمريكي، المتباطئة أصلاً.
وقرر مصرف الإمارات المركزي خفض «سعر الأساس» على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بواقع 50 نقطة أساس إلى 90/4%. فيما أعلن البنك المركزي السعودي، خفض معدل إتفاقية إعادة الشراء «الريبو» 50 نقطة أساس إلى 50/5%، وخفض معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس «الريبو العكسي» 50 نقطة أساس إلى 5%.
كما قرر مصرف قطر المركزي خفض أسعار الفائدة بواقع 55 نقطة أساس على الإيداع وسعر فائدة الإقراض وسعر فائدة إعادة الشراء «الريبو» إلى 20/5% و70/5% و45/5% على التوالي.
وأعلن مصرف البحرين المركزي عن خفض سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة بمقدار 50 نقطة أساس من 00/6% إلى 50/5%. فيما قرر بنك الكويت المركزي خفض سعر فائدة الخصم 25 نقطة أساس من 25/4% إلى 4%.
ماذا يعني القرار؟
قرار خفض أسعار الفائدة يعني أن الأسواق ستشهد مزيداً من ضخ الأموال في السوق الأمريكية والعالمية على حد سواء، خاصة وأن الدولار هو عملة مدفوعات وتجارة واستثمار عالمية.
ومع خفض أسعار الفائدة على الدولار، فإن البنوك المركزية المربوطة عملتها بالدولار، وحتى تلك غير المربوطة بها، ستسير بنفس اتجاه الفيدرالي، لإبقاء جاذبية عملتها قوية أمام الدولار عبر التحرك باتجاه واحد مع حركة أسعار الفائدة على الدولار.
في هذه الحالة، تحدث عدة عوامل من شأنها تحفيز الأسواق والاستثمار، أبرزها أن العالم سيشهد مزيداً من الاقتراض بسبب تراجع أسعار الفائدة، بعد قرابة عامين ونصف على أسعار الفائدة المرتفعة.
ومزيد من الاقتراض يعني أن السيولة النقدية ستذهب إما باتجاه الاستثمار أو الاستهلاك، أو كليهما معاً، وبالمحصلة تصب في صالح زيادة الإنتاج والاستهلاك والتوظيف.
المسألة الأخرى، أن كتلة نقدية من الأموال التي كانت مودعة في البنوك من قبل أفراد وشركات وكانوا يتقاضون عليها عوائد شهرية أو سنوية ستخرج بعيداً عن البنوك، إما لاستثمارها مباشرة، أو لشراء أسهم أو ذهب.
وينطبق هذا على غالبية الأسواق العالمية التي شهدت توقعات سلبية من صندوق النقد الدولي، بشأن تباطؤ نمو اقتصاداتها خلال العام الجاري، بسبب المزاج الاقتصادي السلبي والتوترات الجيوسياسية.
الأمر الثالث، هو أن خفض أسعار الفائدة في ظل الظروف الحالية التي يعيشها الاقتصاد الأمريكي، ستكون إيجابية للمستثمرين، وبما أن الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر بالعالم ويشكل قرابة 24 بالمئة من الناتج العالمي الإجمالي، فإن صحة الاقتصاد ستنعكس على الأسواق العالمية.
توقعات مستقبلية
وتبقى في 2024 اجتماعان اثنان للفيدرالي الأمريكي، الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والثاني في ديسمبر/ كانون الأول، إذ يتوقع محللو وول ستريت أن ينفذ البنك المركزي خفضاً إضافياً على الأقل بمقدار 25 نقطة أساس.
ومع فرضية خفض واحد، فإن غالبية البنوك المركزية ستتأثر بهذا الخفض، وستسير خلف الفيدرالي بقرارات مماثلة، ما يعني مزيداً من السيولة النقدية التي ستغادر البنوك نحو الأسواق. إلا أن المخاوف الأبرز الحالية، تتمثل في تصاعد المخاطر الجيوسياسية، والتي قد تزيد تعقيدات سلاسل التوريد بين الشرق والغرب.
ومن شأن هذه المخاوف أن تعطل وصول السلع إلى الأسواق النهائية وتذبذب المعروض، وبالتالي عودة التضخم التدريجي، وإعادة النظر في مسارات خفض الفائدة. فأول أداة للبنوك المركزية لكبح التضخم المرتفع هو رفع أسعار الفائدة، بهدف تقليل الاقتراض وسحب السيولة من الأسواق إلى البنوك على شكل ودائع مصرفية.
كما لم يغفل صناع السياسة النقدية في البنوك المركزية العالمية عن الإشارة إلى المخاوف الجيوسياسية، وتأثيرها على إرباك قراراتهم بشأن أسعار الفائدة، والوصول إلى نسب عادلة للتضخم تتماشى مع أهداف بلدانهم.