مزاعم إمداد روسيا بالصواريخ الباليستية.. مسرحية مفضوحة لتسويغ التصعيد الغربي

الوفاق/خاص- في وقت ما تزال فيه أمريكا تتخبّط في دوامة الخوف من تعاون إيران وروسيا، لاسيما عقب مسرحية الغرب حول المُسيّرات الإيرانية، زعم المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، بأن إيران تزوّد روسيا بالصواريخ الباليستية قصيرة المدى في العام الجديد (2024)؛ لكنه قال في الوقت نفسه: "حالياً، نعتقد أن إيران لم تقدّم صواريخ باليستية قصيرة المدى لروسيا؛ لكن المفاوضين الروس يحرزون تقدماً في هذا الأمر".
وبناءً على تلك المُخاتلات والإتهامات الخاوية، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، استمراراً لسياسة تشديد العقوبات ضد إيران، عقوبات على 20 شخصاً ومؤسسة وسفينة من بينهم 10 أشخاص و6 مؤسسات و4 سفن في إيران وروسيا.
ورغم أن أمريكا والترويكا الأوروبية عجزوا عن تقديم أي أدلة تؤكد أن إيران نقلت صواريخ باليستية إلى روسيا، إلا أن كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أكّدوا ردّاً على المزاعم الغربية أن أمريكا والترويكا يتصرفان مجدداً بناءً على معلومات إستخباراتية خاطئة ومنطق مُعيب؛ حيث أکد وزير الخارجية عباس عراقجي، مؤخراً، أن الجمهورية الإسلامية لم تنقل أي صواريخ باليستية إلى روسيا.
وكتب عراقجي في منشور له على موقع "إكس": "ينبغي للمدمنين على "العقوبات" أن يسألوا أنفسهم: كيف تستطيع إيران أن تصنع أسلحة متطورة وتبيعها؛ حسب زعمكم؟!"، معتبراً أن "العقوبات ليست حلاً، بل هي جزء من المشكلة".
إيران لم تكن جزءاً من الأزمة
وتوالت ردود الفعل من قبل كبار المسؤولين في البلاد وما زالت ردّاً على التخرّصات الغربية الأخيرة، والتي فرض الغرب على إثرها حزمة عقوبات جديدة ضد البلاد، حيث صرح المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني: بأنه ومنذ بداية الأزمة الروسية-الأوكرانية، لم تكن إيران أبداً جزءاً من هذا الصراع العسكري واستمراره، ودعمت دائماً الحل السياسي والحوارات الثنائية لإنهاء هذه الأزمة.
وأوضح كنعاني: إنه كما تم التأكيد عليه مراراً وتكراراً، فإن الجمهورية الإسلامية الايرانية، وضمن معارضتها للحرب فهي في نفس الوقت تدعم الحل السياسي لحل الخلافات بين روسيا وأوكرانيا وإنهاء الصراعات العسكرية، وأكد أن إيران دعمت دائماً الحل السياسي والحوارات الثنائية لإنهاء هذه الأزمة. لافتاً إلى أن تكرار الادعاء بإرسال صواريخ باليستية إلى روسيا هو أمر له أهداف ودوافع سياسية لبعض الدول الغربية، ولا أساس له من الصحة على الإطلاق.
وكانت قد أكد إيران في عدّة مناسبات أن التعاون العسكري التقليدي الإيراني-الروسي له تاريخ أقدم بكثير من بداية الحرب الأوكرانية، ويأتي هذا التعاون في إطار الاتفاقيات الثنائية ويستند إلى الأعراف والقوانين الدولية ولا علاقة له بالأزمة الأوكرانية.
 الأسلحة الغربية أذكّت نار الحرب الأوكرانية
كما كانت قد رفضت ممثلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى منظمة الأمم المتحدة التقارير المزعومة حول إرسال إيران صواريخ باليستية إلى روسيا، مؤكدة أن موقف إيران بشأن الصراع في أوكرانيا لم يتغير، وأن طهران تعتبر إرسال مساعدات عسكرية إلى طرفي النزاع أمر غير إنساني، ولذلك فهي لا ترفض ذلك فحسب، بل تدعو أيضاً الدول الأخرى إلى التوقف عن إرسال الأسلحة إلى طرفي النزاع.
وسبق أن رفض سفير إيران لدى الأمم المتحدة هذه المزاعم، قائلاً: إن "الولايات المتحدة وحلفاءها لا يستطيعون إخفاء الحقيقة التي لا يمكن إنكارها بأن إرسال الأسلحة الغربية والمتطورة، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، أدى إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا وإلحاق الضرر بالمدنيين والبنية التحتية المدنية". وتعتبر إيران أن هذه الاتهامات لا تتعدّى كونها انعكاس للخطط السياسية المحدودة وقصيرة النظر. كما أن المزاعم الغربية جاءت فيما تعتبر العديد من شعوب العالم والمنظمات الدولية أن أمريكا هي المروج الرئيسي للإرهاب في المنطقة والعالم، خصوصاً أنها تأتي في مقدمة داعمي الكيان الصهيوني في إرتكاب المجازر بحق الفلسطينيين في غزة.
إيران لم تقدم صواريخ باليستية لأي دولة
أما مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، فقد أكد في الجلسة المغلقة له مؤخراً أن إيران لم ولن تعطي صواريخ باليستية لأي دولة.
وقال النائب حجة الإسلام علي رضا سليمي: إن جميع نواب المجلس أكدوا خلال الإجتماع أن هذه مزاعم بعض الدول الأوروبية تأتي تحت ضغط اللوبيات الصهيونية. وأضاف: ناقش الاجتماع مسألة مراجعة القوانين، وتقرر اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن. على الجانب الروسي، أكد كبار المسؤولين أن التعاون العسكري- الفني بين موسكو وطهران لا ينتهك القوانين الدولية ولا يؤثر على التوازن الإقليمي، حيث حذّر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، مؤخراً أنه إذا استمر الأمريكيون في إثارة مسألة استيراد بعض المواد من إيران، فهذه مشكلتهم. وقد تم تقديم التفسيرات الكاملة لعدم وجود مثل هذا التعاون عدة مرات.
بالإضافة إلى ذلك، أشار ريابكوف إلى أن "الادعاءات الخبيثة" هي كل ما يسمع من واشنطن حول سياسة روسيا وتعاونها مع الدول الأخرى.
وهنا لابد من طرح عدّة نقاط حول هذه المزاعم الغربية، أولاً: إن إلحاح الدول الأوروبية المثير للريبة على تصدير إيران للأسلحة لروسيا تكرر هذه المرّة مع قضية الصواريخ الباليستية، حيث زعم الغرب في خريف عام ٢٠٢٢، أيضاً في سيناريو مُدبّر، أن إيران أعطت روسيا طائرات بدون طيار من نوع "شاهد"، وكان ذلك حينها لتبرير التصعيد الغربي ضد روسيا؛ لكن بات هذا السيناريو المتكرر مجرّد "حلقة مفرغة" يدور بها الغرب عبثاً في علاقاته مع إيران.
ثانياً: رغم أن طهران لم تتعاون مع روسيا في حرب أوكرانيا، إلاّ أن القوة العسكرية الإيرانية أصبحت بمثابة كابوس للغرب، حيث وضعت هذه القوّة الغرب أمام سؤال مفاده: "كيف تستطيع إيران الخاضعة للعقوبات تصنيع وبيع أسلحة معقدة ومتطورة كما يدّعي الغرب؟". ثالثاً: الإزواجية الغربية تنفضح جهاراً هذه المرّة، ولا يمكن التعتيم عليها أمام الرأي العام العالمي، ويتجلى هذا بوضوح في سلوك الغرب إزاء حرب غزة، حيث يُفرض عقوبات على إيران من خلال الادعاء بأنها تبيع الأسلحة إلى دولة معادية؛ لكنه بذات الوقت يبيع معظم الأسلحة إلى الكيان الصهيوني المعادي ليرتكب المجازر الجماعية في غزة. وعليه، فإن السبب الحقيقي لإختلاق مسرحية رواية الصواريخ الباليستية الإيرانية؛ هو محاولة للسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى ضد روسيا.
البحث
الأرشيف التاريخي