الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وثمانون - ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وثمانون - ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

”هذا ليس معرضاً”... إنّه إنتفاضة لوحات

مئات من اللوحات عبرت حدوداً قسريّة بين مدن فلسطين، حدود لا معنى حقيقيّ لها لأنّها لم تنل يوماً من الإمتداد الفطريّ، ما بين غزّة والقدس وبيت لحم وعكّا. لوحات وُلِدَت في مراسم تفتّحت على طول القطاع، وغادرت بيوتها كفتية بلغوا سنّ الرشد، فراحوا يبحثون عن بيوتهم الخاصّة، وتمكّنوا بجمال الشكل وقوّة المعنى من أن يغادروا مدناً محاصرة بالاستعمار، فانطلقوا في رحاب فلسطين أحراراً، وزيّنوا جدراناً عدّة، ثمّ نزلوا عنها، وشدّوا الرحال نحو قاعة متحف توسّطها جسد الخراب، فتحلّقوا حوله يرثون مَنْ دُفِنوا، ويواسي بعضهم بعضاً.
هذا ليس معرضاً، بل انتفاضة ألوان، لمّ شمل مع الذكريات ومع الغائبين ومع المستشهدين، إعادة تركيب للتاريخ منذ نكبته، مروراً بفقرات شكّلت عمود ثباته ووقوفه في وجه الاستعمار والعدوانات المتواصلة، رزنامة أفراحنا وأحزاننا وأعيادنا، ومواسم زيتوننا وبرتقالنا، "كتالوج" لأثوابنا، وغرز إبرنا، وتكسُّر خيطاننا، ونسيج كوفيّاتنا، إستعراض لإكسسوارات رؤوسنا وأيدينا، هذا ليس معرضاً، بل هو تكرار لا يملّ لتدرّجات الأزرق في سمائنا، وتموّجات البنّيّ
في أرضنا.
رواية كُتِبَتْ بالأكريليك
على مرّ التاريخ، حرص كلّ استعمار على سرقة الفنّ أو تدميره أو سلبه من أصحاب الأرض؛ لأنّ المادّة الفنّيّة، لوحة كانت أو مجسّماً أو حتّى قصيدة، هي التوثيق لفعل الإحتلال وبطشه وجرائمه مقابل صمود المستعمَرين، والإحتلال المفروض على القطاع الساحليّ يعي تماماً أنّ للخطّ واللون والكلمة قوّة تقف بندّيّة أمام الرصاص، كما تتحدّى الحياة الموت، وتعي القوّة الكامنة في رواية كُتِبَتْ بالأكريليك والزيت والحبر، لذا؛ لن يكون مفاجئاً السطو على المراسم، وكلّ بقعة يمكن أن تحتمي فيها لوحة أو تمثال.
إنّ خيار جمع أعمال تتفاوت في كلّ تفاصيل خلقها ونشأتها، وقبول الأفراد والمؤسّسات وإقبالهم على المشاركة وتقديم اللوحات، هو تجسيد لهمّ جمعيّ يفوق بهوله كلّ ما عرفناه حتّى اليوم من معنى الفنّ، هو الحاجة إلى الانتماء، هو الخوف من الزوال، هو الإصرار على البقاء، هو حبّ لشيء ما خفيّ.
قد يفرض الموت حالة من الوجوم، والموت المتراكم ما بين بيت حانون ورفح يفرض حالة من الخَرَس، لكن كلتا الحالتين تتبدّدان بفعل قوّة الحياة، ويلقى كلّ ما يبدو للوهلة الأولى عديم النفع ما يليق به من الحضور والهيبة. تهب الحياة الفنّ أبعاداً تتخطّى ما كان يُظَنّ أنّه الترف، ويصبح كلّ منتج فنّيّ شهادة ميلاد صاحبه وسيرته الذاتيّة. لم يكن الفنّ في فلسطين يوماً على هامش النضال، بل كان حصنه ولسانه وعينيه، تعدَّد وتكاثر وتطوّر لمنح تاريخ النضال
سمة الأبد.
"هذا ليس معرضاً" – لوحات فنّانين غزّيّين في المتحف الفلسطينيّ، بالتعاون مع "محترف شبابيك للفنّ المعاصر"، و "مجموعة التقاء للفنّ المعاصر" في قطاع غزّة.

البحث
الأرشيف التاريخي