خطة نتنياهو لإطلاق جولات ممولة في الحرم القدسي.. خطوة جديدة في حرب شاملة ضد الوجود الفلسطيني
ناصر سعید
کاتب ومحلل فلسطیني
في خطوة جديدة تؤكد على استمرارية المخططات الصهيونية لتهويد الحرم القدسي وفرض السيادة الكاملة عليه، أعلنت هيئة البث الصهيونية أن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ومجلس الأمن القومي قد وافقا على خطة وزارة التراث لإطلاق جولات ممولة في منطقة الحرم الشريف لأول مرة. هذه الخطوة، التي تأتي في سياق جهود متواصلة لتهويد القدس، تحمل أبعاداً سياسية وجيوسياسية واجتماعية خطيرة، وتعد جزءاً من حرب شاملة ضد الوجود الفلسطيني في كل فلسطين.الموافقة على إطلاق جولات ممولة في الحرم القدسي تمثل خطوة سياسية استراتيجية تهدف إلى تعزيز السيطرة الصهيونية على هذا الموقع الإسلامي المقدس. هذه الخطوة ليست مجرد محاولة لتشجيع السياحة أو فتح الحرم أمام الجمهور، بل هي جزء من استراتيجية أوسع يسعى من خلالها كيان الاحتلال الصهيوني إلى فرض واقع جديد على الأرض، وتحقيق اعتراف ضمني ودولي بسيادتها على القدس الشرقية بما فيها الحرم الشريف.
الحرم القدسي رمز الصراع الفلسطيني-الصهيوني
من خلال هذه الخطوة، تسعى حكومة نتنياهو إلى تحقيق عدة أهداف سياسية داخلية وخارجية. فداخلياً، تهدف إلى إرضاء قواعدها اليمينية المتطرفة التي تطالب بالسيطرة الكاملة على الحرم الشريف وتغيير الوضع القائم هناك. وخارجياً، تهدف إلى توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الكيان الصهيوني يعتبر الحرم القدسي جزءاً لا يتجزأ من عاصمته المزعومة، وأن أي محاولة للتفاوض حوله أو تقسيمه أمر غير مقبول.
على الصعيد الجيوسياسي، تعتبر هذه الخطوة تصعيداً خطيراً يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة. الحرم القدسي ليس مجرد موقع ديني، بل هو رمز للصراع الفلسطيني-الصهيوني، وأي محاولة لتغيير الوضع القائم فيه تعتبر استفزازاً لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم.
القدس خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه
الكيان الصهيوني يعلم جيداً أن المساس بالحرم القدسي يمكن أن يشعل فتيل انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية، وربما يؤدي إلى تصاعد العنف ليس فقط في القدس والضفة الغربية، بل أيضاً في قطاع غزة وربما يمتد إلى دول الجوار. هذه الخطوة قد تثير أيضاً ردود فعل قوية من الدول العربية والإسلامية، التي ترى في القدس خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه.
إطلاق الجولات الممولة في الحرم القدسي هو جزء من مخطط طويل الأمد لتهويد القدس وتغيير هويتها الدينية والثقافية. الكيان الصهيوني يسعى منذ عقود إلى تحويل الحرم الشريف إلى موقع يهودي بامتياز، من خلال تغيير السردية التاريخية والدينية المتعلقة به، وتحويله إلى مقصد سياحي يخضع للسيطرة الصهيونية.
هذه الخطوة تهدف إلى تطبيع الوجود الصهيوني في الحرم القدسي، وجعل الاقتحامات التي يقوم بها المستوطنون جزءاً من الحياة اليومية في القدس، مما يمهد الطريق لتحقيق السيطرة الكاملة على الموقع. هذا التغيير في الهوية الدينية للحرم الشريف يهدد بإلغاء الحق الإسلامي في هذا الموقع المقدس، ويعزز من مشروع التهويد الذي يسعى إلى محو الوجود الفلسطيني في القدس الشريف.
العدو يستخدم سياسات التهويد لتغيير الهوية الدينية للحرم القدسي
ما يحدث في الحرم القدسي ليس مجرد خطوة منعزلة، بل هو جزء من حرب شاملة يشنها الاحتلال الصهيوني ضد الوجود الفلسطيني في كل مكان. في غزة، يستخدم الكيان الصهيوني القوة العسكرية لمحاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية وفرض واقع جديد على الأرض. وفي القدس، يستخدم سياسات التهويد والسيطرة لتغيير الهوية الدينية والثقافية للمدينة وفرض سيادتها عليها.الاحتلال الصهيوني يسعى من خلال هذه الحرب الشاملة إلى تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني وجعل الفلسطينيين أقلية تحت السيطرة الصهيونية المطلقة. هذا المشروع يتطلب من الفلسطينيين والأمة الإسلامية والعربية مقاومة شاملة لا تقتصر على المجال العسكري فقط، بل تشمل أيضاً المقاومة الثقافية والدينية والسياسية.
الدفاع عن الحرم القدسي
وفي مواجهة هذه الخطوة الخطيرة، يجب على الأمة الإسلامية والعربية أن تتحرك بشكل عاجل وحاسم. الدفاع عن الحرم القدسي هو دفاع عن الهوية الإسلامية والحقوق التاريخية والدينية للشعب الفلسطيني. هذه الخطوة تتطلب تحركاً على عدة مستويات:
1. التحرك الدبلوماسي الدولي: يجب على الدول العربية والإسلامية أن تقوم بتحركات دبلوماسية قوية لفضح هذه المخططات ووقفها. ويجب أن يتم الضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في حماية الحرم القدسي ومنع تغييره.
2. تعزيز المقاومة الفلسطينية: يجب تقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني في القدس، لتمكينه من الصمود في وجه هذه السياسات العدوانية.
3. تحرك شعبي وإعلامي: يجب أن تكون هناك حملة إعلامية وشعبية واسعة للدفاع عن الحرم القدسي وفضح مخططات التهويد، من خلال تنظيم المسيرات والاحتجاجات وإطلاق حملات توعية دولية.
4. الوحدة الإسلامية والعربية: يجب تجاوز الخلافات الداخلية والعمل على توحيد الصفوف في مواجهة هذا التحدي، فالقضية الفلسطينية وقضية القدس هي قضايا مشتركة تهم جميع المسلمين.
خطة إطلاق الجولات الممولة في الحرم القدسي ليست مجرد إجراء سياحي، بل هي خطوة استراتيجية في إطار حرب شاملة يشنها الاحتلال الصهيوني ضد الوجود الفلسطيني. هذه الخطوة تحمل أبعاداً سياسية وجيوسياسية واجتماعية خطيرة، وتسعى إلى فرض واقع جديد في القدس وتحقيق السيطرة الكاملة على الحرم الشريف. وفي مواجهة هذا التحدي، يجب على الأمة الإسلامية والعربية أن تتحرك بشكل موحد وحازم للدفاع عن القدس والأقصى، ولمنع الاحتلال الصهيوني من تحقيق أهدافه التهويدية.