الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وسبعون - ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وسبعون - ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية للوفاق:

الحرب النفسية.. سلاح صهيوني أفشلته المقاومة وتفوّقت به

بالتوازي مع الجهد العسكريّ الأمني الضخم في جبهة الإسناد اللبنانية في معركة «طوفان الأقصى»، لا يقلّ الجهدُ النفسي إذهالاً، بل ولا يقلّ أهميّة عنه. لقد أحسنوا إدارة المعركة نفسياً وإعلامياً، وذلك عبر التواصل مع جمهور المقاومة وتثبيتهم في المعركة، عبر إخبارهم بما يجري إلى درجة التفصيل في الحقيقة، والحرص على صيانة النصر في أذهانهم، ومن ثم بثّ رسائل للعدو الصهيوني ضمن الحرب النفسيّة، من خطابات الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله التي وجهها للعدو ومستوطنيه وطالبهم فيها بمنع حكومتهم عن شن الحرب على لبنان، إضافةً إلى الطائرة المُسيّرة «الهدهد» التي جالت فوق مناطق متعددة من فلسطين المحتلة، ووصلت إلى مدينة حيفا مشخِّصةً الكثير من الأهداف الاستراتيجية القديمة والمُستحدثة وآخرها الانتظار والقلق عند المستوطنين لأيام عديدة لمعرفة حجم ومدى رد المقاومة على اغتيال الشهيد القائد السيد فؤاد شكر ونتائجه مما دفع المسؤولين الصهاينة للقول بأن حزب الله يؤذينا وأعداءنا يُحددون توقيت التصعيد، ضمن هذا السياق وللتعرف على معالم الحرب النفسية الدائرة بين المقاومة والعدو الصهيوني في جبهة الإسناد اللبنانية، حاورت صحيفة الوفاق أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام إسماعيل، وفيما يلي نص الحوار:

الوفاق/ خاص

عبير شمص

الحرب الحالية.. حرب الصورة
ترتبط الحرب النفسية بشدة في هذه المرحلة بالحرب الإعلامية "حرب الصورة" ويرى الدكتور إسماعيل أن:" الكيان الصهيوني يستطيع  تظهير الصورة التي يريدها فهو يملك الأدوات والتكنولوجيا ووسائل الإعلام القادرة على تحقيق ذلك، وهو يستطيع ضبط الأخبار والإعلام عنده فمن السهل وضع  حظر على الأخبار وتلتزم كافة المؤسسات الإعلامية بالمنع خوفاً من المحاسبة القانونية، في المقابل يعتمد محور المقاومة على مصداقية قادته التي يعترف بها العدو قبل الصديق، فيقول الصهاينة عن سماحة السيد هو صادق وما يتحدث عنه يفعله وهذا يستند إلى تجارب عديدة في السابق".
 كما أن إدارة الحرب النفسية قد تغطي في بعض الأحيان على النتيجة الحقيقية، وفق الدكتور إسماعيل الذي يؤكد أنه إذا نفذت إحدى الجهات عملاً ما ولم تملك القدرة على إظهار انتصارها إعلامياً ولم تكن بمستوى إدارة الحرب النفسية تظهر حينها حالة الضعف ونتيجة فعلها عند العدو، مما سينعكس سلباً على إنجازاتها".
ويشير الدكتور إسماعيل بأنه:"منذ اغتيال القائد الجهادي السيد فؤاد شكر بدأ سماحة السيد حسن نصر الله رده معتمداً أسلوب الحرب النفسية، فهو قال للعدو الصهيوني عليكم بانتظار الرد، وانطلاقاً من مصداقية السيد في فعله ومن التجارب السابقة أخذ العدو الصهيوني بكافة فئاته الشعبية والسياسية والأمنية كلامه على محمل الجد، كما أن البيئة الشعبية للعدو الصهيوني لم تثق وتصدق خطابات وتوجيهات القيادة السياسية والداخلية للعدو الصهيوني، فهذه القيادة تاريخها حافل بالكذب والتدليس عبر وسائل الإعلام، وقد عاشت هذه البيئة قلق الانتظار بالرغم من إعلان سماحته عدة مرات عن عدم استهداف المدنيين في أي قصف ولكن المستوطنين كانوا خائفين من الرد والرد على الرد وتدحرج الأمور في اتجاهات غير واضحة."
قلق وتخبط لدى قيادة العدو
السبب الرئيس في تحقيق الانتصار هو القدرة على إدارة الحرب النفسية والمعركة الإعلامية، وهذا ما فشل به العدو الصهيوني مما خلق عنده حالة من التخبط والقلق والرعب بسبب التصريحات والتوجيهات من القيادة الداخلية بالبقاء في الملاجئ والأماكن المحصّنة. ويشرح الدكتور إسماعيل عن خوف وتهيب العدو الصهيوني من عمل عسكري غير تقليدي من قبل المقاومة الإسلامية في جبهة الإسناد اللبنانية إستناداً الى ما مارسته المقاومة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، بينما في المقابل عمّت في البيئة الداخلية لمحور المقاومة في لبنان حالة من الارتياح وعدم تصديق تهديدات العدو الصهيوني التي اعتبرها جمهور المقاومة "بروباغندا إعلامية" ولأنهم يعلمون أن ما تملكه المقاومة قادر على الردع وهم يثقون بهذه القدرات، فكان التأثير الأكبر والأشد سلبية على العدو الصهيوني وانعدام التأثير على جمهور المقاومة الذي أحيا أربعين الإمام الحسين (ع) بشكل طبيعي في معظم المناطق اللبنانية".
ويلفت الدكتور إسماعيل إلى خطاب سماحته الأخير وتأثيره السلبي على الصهاينة حينما خاطب اللبنانيين وأخبرهم بإمكانية العودة إلى حياتهم الطبيعية، هذا يدل على أن سماحته يعلم علم اليقين ماذا فعل وماذا يمكن أن يفعله العدو وما يردعه، في المقابل لم يستطع العدو الطلب من المستوطنين العودة إلى حياتهم الطبيعية نسبياً، فما زال الواقع على حاله في الكيان الصهيوني وما زاد من صعوبة الأمر إشارة سماحته إلى انتظار نتائج هذا الرد واذا لم تكن مرضية سنحتفظ لأنفسنا بحق الرد مرةً أخرى مما دفع العدو ليعيد حساباته بأن القضية لم تنته بعد، وهنا وقع العدو في حيرة وقلق، فإن لم يعترف بنتيجة الضربة فسيترك الباب مفتوحاً أمام رد ثانٍ وهذا سيؤثر على  بيئته الشعبية التي ستظل قلقة وغير مستقرة تنتظر الرد، وهي تثق بقيادة المقاومة التي قدمت نموذجاً جديداً في التعامل مع العدو الصهيوني".
يعتبر الدكتور إسماعيل أن :"العدو الصهيوني يستطيع افتتاح آلاف الحسابات الوهمية لتسويق أخبار تنسف رواية حزب الله وتزعزع ثقة جمهوره بقدراته، ويملك العدو الصهيوني استراتیجية تقوم على إغراق الواقع الافتراضي ووسائل الإعلام بسيلٍ كبير من الأخبار وتحويل تركيز الجمهور على نشر ما يريده حتى يبعد الأنظار عن حقيقة ما تعرض له، وحالياً السردية الصهيونية ليست خاصة به بل هي سردية غربية وعربية مطبعة، وهذا يمكن أن يعطيه في بعض الأحيان أفضلية في التسويق لأفكاره وفي الوصول لشريحة واسعة من الرأي العام في المقابل يتعرض إعلام المقاومة لحصار على وسائل التواصل الاجتماعي فنحن لا نستطيع وضع صورة السيد أو كلمة حزب الله أو بعض الكلمات المتعلقة بالمقاومة والشهادة مما يستتبع إغلاق حساب الأشخاص أو المؤسسات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والانستغرام وغيرها، وهذه القيود تحاصرنا إعلامياً وعلى الرغم من ذلك نجد أن المقاومة قادرة بالرغم من إمكانياتها المتواضعة نسبياً وبالاستناد على صدق قادتها على مواجهة الحرب النفسية".
يدير حزب الله حربه النفسية انطلاقاً من معيار المصداقية ومن معيار العزم والحزم والقدرة على التنفيذ، فهو لا يصرح بما لا يستطيع أن  يفعله ويعترف حقيقة بقدراته وإمكانياته وأهو يعلم انها لا تقارن بما يملكه العدو الصهيوني ولكن بالمقابل يقدم فرضية أثبتت صحتها أنه ليس من المهم ان توازي قدرته عددياً وتقنياً بما يملكه الكيان ولكن المهم هو التأثير"، يشرح الدكتور إسماعيل.
 وسائل حرب العدو النفسية  
نظرية الحرب النفسية للصهاينة هي قتل العدو نفسياً قبل الوصول إليه وهي فكرة تقوم على أساس التسويق لما تملكه من قدرات عسكرية تكنولوجية تدميرية واستخدامها دون قيود، فيعتمد العدو الصهيوني وفق الدكتور إسماعيل على وسائل مختلفة في حربه النفسية مع المقاومة منها وسائل إعلام غربية وعربية ، وكذلك على الوسطاء الغربيين المبعوثين إلى لبنان وخاصةً في هذه المرحلة، الذين كانوا يُخيرون اللبنانيين بين القبول بالمخطط الصهيوني والتخلي عن جبهة الإسناد لغزة أو بتدمير لبنان".
الحرب الحالية حرب وجود
أوحى الكيان الصهيوني على المستوى الداخلي بأن هذه الحرب هي حرب وجود وبأن هزيمته في هذه المعركة تُعرضه للزوال والفناء، لذلك حث مستوطنيه بشدة للوقوف خلف قيادته وتأييدها، ومحاولة إثارة الرعب في الداخل الصهيوني تستهدف جعل هذه البيئة تتماهى مع مايقوم به "نتنياهو"، فيعتبر الدكتور إسماعيل أن:" هذا ما لمسناه منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" عبر تعظيم الخطر المحدق بهم على أنه خطر وجودي في المقابل رفع سقف أهداف حملته العسكرية للإيحاء لمحور المقاومة أنه ماضٍ في حربه ولن يتنازل مهما كلفه الأمر ومهما تعرض لدمار كبير، ولكنه فشل في ذلك، فأصبح يعيش في حالة من القلق والتخبط".
 العدو يغطي على خسائره
يحظر العدو الصهيوني على وسائله الإعلامية التداول بالأخبار العسكرية وإعلان الخسائر الحقيقية له بينما يفخر حزب الله بشهدائه بل بقادته الشهداء ولا يخاف من الإعلان عن شهادتهم كما وضع حزب الله المجتمع اللبناني أمام حقيقة هذه المعركة وطبيعتها ومستواها، في المقابل أفهم الكيان الصهيوني بأن استهدافه لن يتوقف حتى توقف عدوانه على غزة، ويؤكد الدكتور إسماعيل على قدرة حزب الله بالتأثير المباشر على المستوطنين فهم يعرفون أنهم لا يستطيعون العودة إلى المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة بدون قرار السيد حسن نصر الله وهذا يُبين من  يملك القدرة في إدارة الحرب النفسية بجدارة ، فلو طلب منهم رئيس وزرائهم ألف مرة العودة وقدم لهم كل الضمانات لكنهم لن يعودوا وهذا يبرز نجاح الحرب النفسية للمقاومة".
وطن الهجرة وليس وطن الأحلام
يعتبر الدكتور إسماعيل بأن :" تأخير الرد هو جزء من الرد  فهو عقاب نفسي الهدف منه جعل المستوطن يفكر بالهجرة بسبب أن قرار حياته وعودته الى منزله في المستوطنة مرهون بقرار سماحة السيد فلماذا يبقى، ثم أن سماحته لم يشر إلى طبيعة الرد وتوقيته ونوعه  مما خلق إرباكاً كبيراً لدى العدو والمستوطنين، وما إعلان "نتنياهو" بعد الرد عن تدمير صواريخ المقاومة من منصاتها إلا تخفيفاً لنتائج عملية المقاومة العسكرية ومحاولة تطمين المستوطنين بأننا نستطيع حماية البلد، ولكن فشلت سياسته باعتراف المستوطنين الذين سيستمرون بالقلق والتفكير كقادتهم برد فعل المقاومة إذا لم يوقف عدوانه على غزة".
ويختم الدكتور إسماعيل حديثه بالقول:" تعتقد المقاومة أن الكيان الصهيوني معرض للزوال ليس في حرب شاملة فقط بل يمكن أن يتفكك من الداخل، اليوم فشلت السردية الصهيونية التي توحي بالرعب والردع والتفوق الاستراتيجي والعسكري في مواجهة المقاومة في غزة وعدم القدرة على توقع "طوفان الأقصى" وكذلك عدم القدرة على المس بقدرات البنية التحتية للمقاومة، كل هذا يستهدف تكريس قناعة في الوعي الصهيوني بأن هذا الكيان ليس وطن الأحلام".

البحث
الأرشيف التاريخي