تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
بعد فترة من البرود في العلاقات
لماذا تمت دعوة تركيا إلى اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين؟
لكن حدث تطور جديد اعتبرته وزارة الخارجية التركية ووسائل الإعلام في البلاد بارقة أمل. فبعد انقطاع دام خمس سنوات، وافق الاتحاد الأوروبي مرة أخرى على دعوة وزير الخارجية التركي إلى اجتماع الوزراء الأوروبيين.
وفقًا للخبر الذي نشرته وزارة الخارجية التركية، من المقرر أن يكون حاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، ضيفًا في بروكسل يوم 29 أغسطس، وأن يحضر اجتماع جيمنيتش (Gymnich)، وهو الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
يأتي اسم هذا الاجتماع من اسم قلعة تاريخية في ألمانيا استضافت لأول مرة الوزراء الأوروبيين في عام 1974. منذ ذلك الحين، يجتمع وزراء خارجية الدول الأعضاء أو المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي كل ستة أشهر. ونظرًا لعدم حضور النواب والمساعدين والصحفيين في هذا الاجتماع، فإن الجو يكون أكثر ملاءمة لتبادل الآراء غير الرسمية والصريحة، حيث تُطرح العديد من الشكاوى والمخاوف ودوافع التعاون والشراكة.
ماذا تريد أنقرة؟
صرح أونجو كيتشلي، الدبلوماسي البارز والمتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أن أنقرة ترى هذه الدعوة كخطوة إيجابية يمكن أن تشير إلى محاولة الاتحاد الأوروبي البحث عن قنوات للحوار مع تركيا.
وقال كيتشلي: "نأمل أن تمهد هذه الخطوة القيّمة الطريق لتصحيح قرارات مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي الصادرة في 15 يوليو 2019، والتي تسببت في الجمود في علاقاتنا. كما تظهر هذه الدعوة أنهم يعترفون بالحاجة إلى تعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ويعتقدون أنهم بحاجة إلى مشاركة تركيا في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية. لإحراز تقدم في العلاقات، من الضروري أن يستند تعاوننا وحوارنا مع الاتحاد الأوروبي في جميع المجالات على أساس مستمر ومنهجي، وأن يتم تعزيزه بطريقة مستدامة وقابلة للتنبؤ".
كما أعرب المتحدث باسم الجهاز الدبلوماسي التركي عن أمله في ألا تقتصر دعوة حاكان فيدان لحضور الاجتماع في بروكسل على هذا الاجتماع فحسب، بل أن تُمنح تركيا فرصة الحضور وإبداء الرأي في الاجتماعات الأخرى الحاسمة والمهمة للاتحاد.
بشكل عام، طلب تونجو كيتشلي من الاتحاد الأوروبي إعادة النظر وإظهار المزيد من حسن النية في التعامل مع واقع ترشيح تركيا، فيما يتعلق بالنقاط التالية:
1. مناقشة القضايا الرئيسية، بما في ذلك إحياء عملية انضمام تركيا الكامل إلى الاتحاد الأوروبي.
2. بدء المفاوضات لتحديث الاتحاد الجمركي وتخفيض التعريفات الجمركية على صادرات البضائع من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي.
3. التقدم في تحرير التأشيرات وإصدارها.
4. إعادة تفعيل آليات المفاوضات الهيكلية واستئناف الحوارات رفيعة المستوى في مجالات مثل السياسة والأمن والاقتصاد والنقل والطاقة.
كلف حاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، فريقًا من كبار الدبلوماسيين بإعداد مذكرة استراتيجية وإرسالها إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي، لإظهار المجالات المتاحة لزيادة التعاون بين تركيا وأوروبا.
يأتي هذا في الوقت الذي اتبع فيه الاتحاد الأوروبي نهجًا عقابيًا وعزلًا فعليًا تجاه تركيا خلال السنوات الخمس الماضية، أي منذ عام 2019، ولم يكن مستعدًا أبدًا للتعاون مع تركيا على مستوى يتجاوز التجارة والعلاقات الاقتصادية.
بعبارة أخرى، تم استبعاد تركيا من جميع المنتديات والاجتماعات رفيعة المستوى المتعلقة بالسياسة والأمن والبيئة والحقوق وغيرها من مجالات صنع القرار في الاتحاد.
علاوة على ذلك، في مجال الصناعات الدفاعية، تم فرض عقوبات على تركيا من قبل أوروبا بشكل عملي، وعلى سبيل المثال، تجاهلت الطلب المتكرر لتركيا لشراء مقاتلات يوروفايتر. لماذا؟ هل هذه العقوبات بسبب عدم اهتمام تركيا بالتقارير النقدية للبرلمان الأوروبي حول قضايا مثل انعدام حرية التعبير وعدم الاهتمام بحقوق السجناء السياسيين وحقوق النساء والأقليات؟ لا. الحقيقة هي أن الأوروبيين أكثر حساسية تجاه هذه القضية من أي سلوك أو إجراء آخر: "موقف تركيا الحاد تجاه مسألة قبرص".
تتضمن حساسية مسؤولي الاتحاد الأوروبي تجاه نهج تركيا في قبرص النقاط التالية:
1. عمليات الاستكشاف التي تقوم بها السفن التركية للبحث عن النفط والغاز قبالة سواحل المناطق التركية دون التنسيق مع اليونان وحكومة قبرص اليونانية.
2. الضغط على اليونان وقبرص ومحاولة تقسيم الجزيرة إلى قسمين ودعم هيكل يسمى "جمهورية شمال قبرص التركية".
على الرغم من أن تركيا قد حسنت علاقاتها مع اليونان في الوقت الحاضر، وأن أجواء المحادثات بين أنقرة وأثينا قد تحسنت، إلا أن مواقف تركيا تجاه قبرص لا تزال غير مقبولة بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
لماذا دعيت تركيا؟
أشار بعض دبلوماسيي وزارة الخارجية التركية إلى أن حاكان فيدان، على عكس الوزير السابق مولود جاويش أوغلو، لديه قدرة وقوة أكبر في التعامل مع الأوروبيين، وأن الدعوة المجددة لحضور اجتماع وزراء الخارجية هي ثمرة جهوده.
لكن المحللين الأتراك يقولون إن مثل هذا التصور بعيد عن الواقع وأن هذه المسألة لا علاقة لها بمدى نجاح فيدان. بل هي نتيجة وثمرة صداقة سياسيين آخرين، وهما أردوغان وأوربان.
الجميع يعلم أن فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، ورجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، لديهما علاقات جيدة ووثيقة. على الرغم من أن أوربان، على عكس أردوغان، في خلاف تام مع أوكرانيا، إلا أنهما كليهما صديقان مقربان لفلاديمير بوتين ولديهما العديد من أوجه التشابه من حيث القوة السياسية والحكم. تولت المجر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يوليو من العام الجاري، وبعد توليها الرئاسة الدورية، منحت تركيا امتيازًا جيدًا في الخطوة الأولى.
مع العلم أن الرئيس الدوري القادم هو بولندا، التي يتمتع مسؤولوها أيضًا بعلاقات جيدة مع تركيا، وبما أن وزير خارجية تركيا قد تمت دعوته إلى اجتماع الوزراء، فمن غير الممكن عمليًا استبعاد تركيا مرة أخرى خلال فترة رئاسة الدولة التالية!
في الختام، يجب القول إن الخلافات الجدية بين تركيا والاتحاد الأوروبي لا تزال قائمة، وأن قضايا مثل انسحاب تركيا من اتفاقية حقوق المرأة والأسرة المعروفة باسم اتفاقية إسطنبول، وعدم الاهتمام بحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن عثمان كافالا وصلاح الدين دميرتاش، والانتقادات الكثيرة للنظام القضائي التركي، والانتقادات بشأن غياب الشفافية المالية، والأهم من ذلك الخلاف حول قبرص واللاجئين، قد خلقت ظروفًا جعلت استكمال عملية عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي صعبة ومعقدة للغاية، ومن غير المرجح أن يحدث تغيير جدي في هذه المعادلات في المستقبل القريب.