عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان للوفاق:
أربعينية الإمام الحسين(ع) إعلان الجهاد المقدس ضدّ الصهاينة
تترجم زيارة الأربعين قيماً إنسانية وحضارية خلودها خلود الدهر عبر تجديد الأجيال المتعاقبة العهد والبيعة على القدرة على الصمود وحمل راية المظلومية ومقارعة الظالم، وقد حملت وما زالت هذه الذكرى رسالة التأسيس لثقافة الثورة وتصحيح المسار للأمة عبر مفاهيم الحرية والتضحية من أجل العدالة ورفض الاستبداد. هذه هي المعاني والقيم التي خرج الإمام الحسين(ع) من أجلها، وهاهم ملايين الزوار يسيرون على خطاه معلنين استعدادهم لتقديم التضحيات في سبيل رفع الظلم الذي حاربه الإمام الحسين(ع)، ولو كان موجوداً اليوم لكان تصدى للظلم في كل مكان وخاصةً ذلك الواقع على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من إبادة جماعية ومجازر وحشية وحصار وتجويع على أيدي أشد أعداء الله الصهاينة، وهاهم أتباعه وأنصاره ومحبيه في كل أنحاء العالم حددوا أولوياتهم كإمامهم وأعلنوها رافعين شعار استنهاض الشعوب لمواجهة الظلم والتصدي للعدوان رغم ضخامة التضحيات من شهداء ودمار ونزوح وتشريد، ففي هذه المعركة سينتصر الدم على السلاح في غزة، كما انتصر الدم على السيف في كربلاء. وحول هذا الموضوع، حاورت صحيفة الوفاق عضو تجمع العلماء المسلمين الدكتور في الجامعة اللبنانية عبدالقادر ترنني، وفيما يلي نص الحوار:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
يشرع الدكتور ترنني حديثه بالقول: "نحن اليوم في أيام أربعينية الإمام الحسين(ع) لابد لنا من أن نستعيد هذه الذكرى لنقيم على أسسها المفاهيم الصحيحة ولنصحح المفاهيم الخاطئة. فأربعينية الإمام الحسين(ع) هي إحياء لذكرى إمام المجاهدين وإمام الأحرار سبط رسول الله(ص) القائل: "حسين منِّي وأنا من حسين أحبّ الله مَن أحبّ حسيناً". والمحبة التي يتحدث عنها الرسول(ص) ليست مجرد محبة كلامية إنما هي محبة اتباع واخلاص وعمل دؤوب يسير فيه المؤمن على منهاج محمد(ص) وأهل بيته(ع). تُعد المسيرة المليونية التي نراها اليوم احياءً لأربعيينة الإمام الحسين(ع) تأسيساً للمسيرة العملانية والإيمانية والتكاملية والجهادية التي سارها الإمام الحسين(ع)، مسيرة بناء للإسلام الحقيقي المحمدي الأصيل، فالإمام الحسين(ع) عندما هاجر إلى كربلاء هاجر هجرة جده رسول الله(ص)، أي أن سيره كان سيراً محمدياً، كما أن جهاده جهاداً محمدياً وإيمانه إيماناً محمدياً. كما أن العمق الذي كان يدعو إليه والذي خرج من أجله كان عمقاً محمدياً. خرج الإمام الحسين(ع) من أجل إعلاء كلمة الله وإقامة ميزان العدالة في الأرض ورفع الظلم عن العباد، ونحن نسير اليوم في أربعينيته وما أعظمها من صورة تتكامل مع ما يمكن أن تتحلى به ضمائرنا وأرواحنا ونفوسنا ونياتنا من عزيمة على أن نبث هذه العدالة المحمدية الحسينية في أرجاء المعمورة، وبث هذه العدالة يكون عبر هذا المؤتمر العالمي الحسيني. فالأربعينية أضحت مؤتمراً عالمياً حسينياً نستطيع من خلاله اليوم رفع لواء الحق ومواجهة الظالم والدفاع عن المظلوم في كل بقاع الأرض خاصةً في غزة وما يجري على شعبها من إبادة تفوق العقل والوصف، كل ذلك في ظل دول متآمرة ومطبعة وعميلة ومتصهينة لا تقوم بواجبها الحقيقي تجاه فلسطين وشعبها ومنع إبادته والتطهير العرقي الممارس عليه، فعندما لم يأخذ مؤتمر الحج العالمي مكانه ومكانته الحقيقية في بث الفكر الاسلامي المحمدي الذي يدعو للعدالة ورفع الظلم ومواجهة الظالمين، قامت المسيرة الحسينية بهذا الدور الريادي".
ويعتقد الدكتور ترنني بأن "تجديد الإسلام سوف يكون حسينياً وأن رسول الله (ص) لو كان حياً فإنه سيقف موقف الإمام الحسين(ع) ويجاهد جهاده وسيقاتل قتاله وسيدافع عن الاسلام كما فعل، إذًا هي مسيرة تجديدية محمدية حسينية".
ويؤكد الدكتور ترنني أننا "نشهد اليوم جموع غفيرة من المسلمين يقبلون على مدينة كربلاء المقدسة وعلى طريقها يتعرفون على أخطر مؤامرة على أمة الإسلام ألا وهي المؤامرة المتعلقة منذ فجر تاريخنا المعاصر المرتبطة بفلسطين المحتلة هذه الغدة السرطانية التي أقامها الغرب فينا وبيننا من أجل أن تأكل كل ما حولها ومن حولها ومن أجل أن تقضي على كل قيمنا ومبادئنا وعقائدنا ووحدتنا، اليوم تتجلى على أرض كربلاء وحدة اسلامية، وهذه الجموع الغفيرة المشاركة تتعلم على أرض كربلاء ما يجب أن تحمله من رؤية مستقبلية من أجل مواجهة المشاريع الصهيونية، والمشاريع الصهيونية العربية أي المدعومة من بعض الأنظمة العربية الذين يشاهدون إبادة الشعب الفلسطيني ولا يحركون ساكناً على أيدي العصابات الصهيونية منذ نشأة الكيان الغاصب إلى وقتنا الحاضر. ونسأل هنا أين دور الأمة الإسلامية والمؤسسات الإسلامية والدعاة والعلماء، نجدهم غير موجودين و نجد أن الأمة نائمة ولولا هذه الأربعينية فإن قضية فلسطين ستؤول بالتأكيد سراباً وستُمحى من أذهان المسلمين وهو واقع مؤسف في ظل غياب إسلامي".
رابطة تاريخية بين فلسطين وذكرى عاشوراء
ويشرح الدكتور ترنني وجود رابطة تاريخية بين أرض فلسطين وذكرى عاشوراء، فقد ورد في الروايات أنه في يوم استشهاد الإمام الحسين(ع) في كربلاء، ما رُفع عن حجر إلا ووجد تحته دم عبيط، أي سائل وجديد. يوضح لنا الغيب عن هذه الرابطة العجيبة ما بين كربلاء وفلسطين. وكذلك يشير الدكتور ترنني إلى أن الإمام الحسين (ع) قُتل والأمة نائمة لم يجد له من ناصر ينصره وها هي فلسطين تذبح والأمة نائمة تنادي هل من ناصر ينصرني.
غزة.. كربلاء ثانية
ويلفت الدكتور ترنني إلى استمرار الرابطة بين فلسطين وعاشوراء، وهذا ما نراه في تصريحات قادتها الذين أعلنوا في هذه الحرب الأخيرة أنه إذا أراد العدو الصهيوني أن يبيد الشعب الفلسطيني للدخول إلى غزة فلتكن كربلاء ثانية، وهم بذلك استلهموا من ثورة الإمام الحسين(ع) كيف يحملون لواء التغيير والتحرير ومواجهة الحق للباطل ورفع الظلم ولو استشهدوا جميعاً.
إعلان الجهاد المقدس
ويختم الدكتور ترنني حديثه بالقول: "علّم الإمام الحسين(ع) عبر جهاده واستشهاده الأمة كيف ترفع لواء الجهاد حتى الاستشهاد وتحقيق العدل في العالم، وأنه يجب على أنصار الإمام(ع) ومحبيه من المسلمين السير على خطاه وليشارك علماء الأمة في أربعينية الإمام الحسين(ع) وليعلنوا فيها الجهاد المقدس ضد العدو الصهيوني واستئصال هذه الغدة السرطانية والدفاع عن المقدسات الاسلامية، ونقول بلغة القوة لكل القوى الغربية أننا سندافع عن فلسطين إلى آخر رمق
في حياتنا".