الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وسبعون - ٢١ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وسبعون - ٢١ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ۷

رفيق الشهيد إسماعيل هنية من «شارع فلسطين» حتى «طوفان الأقصى»

الوفاق/ خاص

محسن فائضي

بعد استشهاد المجاهد الكبير، الشهيد إسماعيل هنية، أعدّ موقعُ KHAMENEI.IR الإعلامي الفيلمَ الوثائقي القصير «ضيف شارع فلسطين»، ونَشَرَه. يتضمن هذا الفيلم حكايةَ المقابلة الأخيرة للشهيد إسماعيل هنية مع هذا الموقع الإعلامي، وكذلك صور لقاءاته مع قائد الثورة الإسلامية، منذ عام 2006 حتى آخر لقاء في 30/7/2024، الذي ينشر لأول مرة.
في معظم اللقاءات التي تضمّنها هذا الفيلم الوثائقي، التقى الشهيد إسماعيل هنية مع قائد الثورة الإسلامية برفقة وفدٍ رفيع المستوى. وفي اللقاء الذي عُقد بتاريخ 12/2/2012، عندما التقى مع الإمام الخامنئي بصفته رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المنتخبة، حضر أيضًا عددٌ من الأسرى الفلسطينيين المحرّرين من سجون الكيان الصهيوني.
ومن بين هؤلاء المحرّرين، كان حضور يحيى السنوار هو اللافت. فعندما حان موعد تعريف السنوار إلى الإمام الخامنئي، قال الشهيد إسماعيل هنية عنه ما يلي: «لقد أمضى الأخ يحيى السنوار 25 عامًا من حياته في سجون الاحتلال الصهيوني، وحُكِمَ عليه بالسجن 430 عامًا».
كان يحيى السنوار أحد محرّري صفقة التبادل المعروفة باسم «صفقة شاليط» عام 2011، والتي جرى خلالها إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًّا مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط. وفي هذا التبادل الكبير، تمّ أيضًا إطلاق سراح جميع النساء الفلسطينيات اللاتي تمّ أسرهن، وحُكِمَ عليهن بالسجن المؤبّد.
قامت حركات المقاومة الفلسطينية منذ عام 1968 بصفقات تبادل للأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وبلغ عددها 10 صفقات حتى عام 2011، وقد نجحت عمليات التبادل هذه في تحرير آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين .
نفذت حركات المقاومة في فلسطين حتى الآن 11 عمليّة تبادل كُبرى للأسرى، بين العامين 1968 و2023 (قبل طوفان الأقصى)، مع الكيان الصهيوني. خلال عمليّات التبادل هذه، جرى تبادل أقل من 120 إسرائيلي مع 3500 فلسطينيّاً على الأقل، واستطاعت المقاومة تحقيق إنجازات عظيمة ومذهلة.
في عام 1982، تمّ إطلاق سراح خمسة آلاف لبناني وفلسطيني مقابل 5 أسرى صهاينة. وفي عام 1985، تم إطلاق سراح أكثر من 1100 فلسطيني و66 من غير الفلسطينيين، من بينهم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة «حماس»، والمناضل الياباني كوزو أوكاموتو، مقابل إطلاق سراح 3 أسرى صهاينة.
في عام 1997، جرى تبادل بين الأردن و«حماس» والكيان الصهيوني. إذ بعد محاولة تل أبيب الفاشلة لاغتيال خالد مشعل في الأردن، واعتقال اثنين من جواسيس الموساد، تمّ تبادل الجاسوسين مع الشيخ أحمد ياسين، قائد حركة «حماس»، وبذلك تحرّر الشيخ ياسين مرة أخرى من سجون الكيان الصهيوني.
في عام 2011، تمّت أكبر صفقة تبادل للمقاومة الفلسطينية، وكان يحيى السنوار، أحد مهندسي عملية «طوفان الأقصى» التي أنهكت الصهاينة، واحدًا من بين 1027 أسيرًا، وكذلك واحدًا من 310 أسرى محكومين بالمؤبّد، الذين تم إطلاق سراحهم من سجون الكيان الصهيوني.
رجلٌ محكومٌ عليه بالسجن 430 عامًا!
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة سنة 1962، وتلقّى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة، ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية .
تزامنَ التحاقه بجامعة غزة مع تعرّفه على الشيخ أحمد ياسين وإسماعيل هنية، وبعد ذلك انطلاق الانتفاضة الأولى، والإعلان عن تأسيس حركة «حماس». أدّت تحركات يحيى السنوار ونشاطاته إلى اعتقاله من قبل الصهاينة عام 1982 خلال «انتفاضة الحجارة»، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة 4 أشهر.
كان لدى السنوار اليافع عقليّة أمنية عسكرية منذ البداية. ولذلك اقترح على الشيخ أحمد اقتراحًا مفاده: أنه ليس أمامنا احتمال للانتصار على العدو من دون تأسيس جهاز أمني قوي يكافح التجسس. وهو الاقتراح الذي أدّى إلى تأسيس جهاز «مجد» الأمني، وانجذاب «حماس» إليه. وبعد أشهر قليلة من تأسيس جهاز «مجد» عام 1985، تم اعتقاله مرة أخرى بتهمة تأسيسه، ومكث هذه المرة في السجن الصهيوني لمدة 8 أشهر.
بعد إطلاق سراحه للمرة الثانية، أسّس السنوار الجناح العسكري لحركة «حماس»، مع أشخاص آخرين مثل الشهيد صلاح شحادة والشهيد يحيى عياش. لكن في عام 1988 تمّ سجنه للمرة الثالثة، وهذه المرة حُكِمَ عليه بالسجن 4 مؤبدات و30 سنة، أي ما يُعادل 430 سنة، بتهمة تأسيس جهاز «مجد» و«الجناح العسكري» لحركة «حماس».
وفي السجن، كان معروفًا لدى الإسرائيليين بأنه «مُدمِنُ القنوات التلفزيونية العبرية». إدمانٌ جعله يتعلم اللغة العبرية في السجن، ويترجم كثيرًا من الكتب العبرية، ناهيك عن تأليفه عددًا من الكتب والروايات، إضافةً إلى تحدّثه مع الصهاينة لساعات؛ كي يفهم ثقافتهم وفكرهم. ومن نتاجاته في السجن: ترجم السنوار كتبًا مثل «الأحزاب الإسرائيلية» و«الشاباك بين الأشلاء»، وألّف كتبًا مثل «المجد» ورواية «الشوك والقرنفل».
كان يحيى السنوار بمنزلة قائد الأسرى في السجن، فعلى سبيل المثال، خطّط لإضرابات عديدة عن الطعام بين عامي 1992 و2004. لكن نقطة التحول في حياة السنوار، والتي يشير إليها الصهاينة بقولهم أنها أكبر خطأ في حياتهم، تعود إلى عام 2011. العام الذي أطلقوا فيه سراح السنوار مع 1026 أسيرًا آخرين، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
كان يحيى السنوار يبلغ من العمر 50 عامًا عندما أُطلق سراحه، مع 22 عامًا من الخبرة في السجن، و4 سنوات من الحبس الانفرادي، وآلاف الساعات من الدراسة والتعرّف على المجتمع العبري، وبالطبع مع شعبية كبيرة عند الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة.
وبعد نحو عام من إطلاق سراحه، تم إحضار يحيى السنوار إلى طهران عن طريق صديقه القديم الأخ إسماعيل هنية، رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المنتخبة. وتضمّن جدول أعمال زيارتهم، التي تزامنت مع احتفالات انتصار الثورة الإسلامية في إيران، زيارةَ مكتب قائد الثورة الإسلامية في آخر «شارع فلسطين» بطهران، واللقاء مع سماحته. وفي هذا اللقاء تحدّثَ الشهيد إسماعيل هنية، في إشارة إلى لقائه السابق مع الإمام الخامنئي، عن الفاصل الزمني بين اللقاءين بسبب حصار غزة، كما ذَكَرَ بعضَ إنجازات المقاومة خلال تلك الفترة، ومن بينها: الانتصار في «حرب الـ22 يومًا» و«صفقة شاليط»، ثم قدّم 2 من المحرّرين الحاضرين ضمن الوفد: روحي مشتى (أبو جمال) ويحيى السنوار (أبو إبراهيم).
وبعد مرور نحو 10 سنوات من هذا اللقاء، أي في عام 2021، انتخبت «حماس» يحيى السنوار رئيسًا لهذه الحركة في قطاع غزة، عبر إجراء انتخابات داخلية. إن تاريخ السنوار العسكري والأمني، إلى جانب تاريخه في الأسر، وإدراج اسمه في قائمة «الإرهاب» الأمريكية طوال السنوات الماضية إلى جانب أسماء مؤسسي الجناح الأمني لحركة «حماس»، كلها عناوين كبيرة ومهمّة، ولكنها تغدو هامشية أمام  لقب «العقل المدبّر والمخطّط» لـ«طوفان الأقصى».
«طوفان الأقصى» الذي تحدّث عنه الإمام الخامنئي في الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (قده) قائلًا: «كانت عمليّة «طوفان الأقصى» ضربةً قاصمة للكيان الصهيونيّ؛ ضربةً لا يُمكن تداركها. فقد وضعتْ الكيان الصهيونيّ على مسارٍ لن ينتهي سوى بالاضمحلال والزوال”.
كان الشهيد إسماعيل هنية عاشقًا للشهادة، وقال مرارًا وتكرارًا أنّ مصير جميع القادة الفلسطينيين ورجال المقاومة الفلسطينية هو الشهادة. لكن الشهيد هنية ترك ذكرى خاصة للمقاومة، وسيذكره التاريخ بالتأكيد من بين القادة الذين تركوا بصمة في صناعة التاريخ الفلسطيني، والجهاد المقدّس لتحرير فلسطين والأقصى.
وقد أكّد الإمام الخامنئي ذلك في بيان التعزية الخاص باستشهاد هنيّة في طهران، وقد شدّد فيه على الثأر لدم هذا الضيف العزيز، قائلاً: «إنّ الشهيد هنية قد حمل روحه الغالية في كفّيه لسنوات طويلة في ساحات النضال الشريف، وكان مهيّئًا نفسه للشهادة، وهو الذي قدّم أبناءه وذويه في هذا النهج. لم يكن يخشى الاستشهاد في سبيل الله، إنقاذًا لعباد الله».
بحسب رأي إيمان إسماعيل هنية، فإنّ إيمانه بإمكانية تحقيق الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، والذي تحقق عام 2006، وإيمانه بإنجاز «صفقة شاليط»، وإيمانه بإمكانية حدوث المستحيل باسم «طوفان الأقصى» لحماية شعب فلسطين وقضيته، كل ذلك جعل منه شخصية استثنائية في الأذهان، وعندما ننظر إلى صديقه ورفيقه في السلاح ضمن «حماس»، يحيى السنوار؛ نرى فيه هذه الميزة نفسها، أي الإيمان الراسخ.
بعد أن لفت يحيى السنوار انتباه الصهاينة إليه عبر «سيف القدس»، ثم «طوفان الأقصى»، أدلى المحققون الصهاينة الذين قابلوه في الأسر بمعلومات عن شخصيته خلال السجن.
 يقول مايكل كوبي، الرئيس السابق لـ«الشاباك»: «لقد استجوبتُ يحيى السنوار بنفسي لمدة تتراوح بين 150 إلى 180 ساعة. ولم يبتسم مرة واحدة. سألتُه عن عائلته (كان يعلم أنه غير متزوج)، فأجاب أن «حماس» هي عائلتي. وقال لي: في يوم من الأيام سوف أخرج من هنا للقضاء على إسرائيل! وسأكون أنا مَن يُحقّق معك!» .
ومن ميزات يحيى السنوار الأخرى، كما الشهيد هنية، اعتقادُه بالجهاد والشهادة. فقد كشفتْ صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن السنوار - بحسب وسطاء عرب – كان يعتقد بانتصاره في الحرب مسبقًا، سواء إن صار شهيدًا أو بقي حيًّا. كما كشفت هذه الصحيفة الأمريكية التقرير التفصيلي لرسائل معاون إسماعيل هنية في قطاع غزة، يحيى السنوار، ونداءاته الموجّهة إلى قيادات «حماس»، بما يخص المفاوضات ومسار الحرب، والتي حظيت باهتمام كبير، إذ يقول يحيى السنوار في إحدى رسائله: «يجب أن نمضي في الطريق الذي انطلقنا فيه... أو فلتكن كربلاء جديدة» .
وأثبتت الشورى المركزيّة لحركة المقاومة الإسلاميّة في فلسطين «حماس»، بانتخابها يحيى السنوار خلفًا للشهيد إسماعيل هنيّة في رئاسة المكتب السياسي لحماس، أنّ هذه الحركة المقاومة هي - كما عبّر قائد الثورة الإسلاميّة - في قلب الحركة الفلسطينيّة، وتقع في قلب حركة العالم الإسلامي، وتسير إلى الأمام، وتعزّز قدرتها على المقاومة والصمود.  
وكان الإمام الخامنئي قد صرّح قبل استشهاد هنية، في مراسم تنفيذ حكم رئيس جمهوريّة إيران الإسلاميّة، الدكتور بزشكيان، قائلًا:
«قوّة المقاومة تتنامى أكثر يومًا بعد يوم. والعدوّ الصهيونيّ، رغم كلّ الدعم الذي قدّمته أمريكا، ورغم كلّ الدعم الذي قدّمته بعض الحكومات الخائنة، عجز عن إخضاع قوى المقاومة، ولم يتمكن من التغلّب عليهم.
كان الهدف الذي أعلنوه: اجتثاث جذور حماس. لكنّ حماس، حماس والجهاد والمقاومة في فلسطين بنحوٍ عامّ، صمدت اليوم بمنتهى القوّة، وأولئك يعجزون عن فعل أيّ شيء معهم، فيلقون القنابل فوق رؤوس الناس المظلومين في غزّة».

 

البحث
الأرشيف التاريخي