الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • ثقاقه
  • دولیات
  • الریاضه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وسبعون - ٢١ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وسبعون - ٢١ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

يشارك فيها الملايين من مشارق الأرض ومغاربها

مسيرة الأربعين.. أكبر صرخة بوجه كل ظالم

ينطلق ملايين المسلمين في شتى انحاء العالم في مثل هذه الايام من كل عام في مسيرات راجلة حاشدة قلّ ان يشهد العالم مثلها، متجهين صوب مدينة كربلاء المقدسة في زيارة الأربعين حيث مرقد رمز الاحرار و أبا الثوار الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام، في لقاء روحي كبير ومتجدد ومتعاظم عاماً بعد عام تسمو فيه النفوس وتترفع عن ملذات الحياة، لتلتقي التقاءاً قلّ مثيله مع روح من وهب نفسه واهله واصحابه فداء للمبادئ والقيم السماوية التي جاء بها الاسلام العظيم على يد جده وحاضنه الرسول الاعظم محمد(ص) ... ذلك هو الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام.
زيارة الاربعين رمزاً حياً  على المعتقدات والمبادئ
لقد اصبحت زيارة الاربعين صورة متكررة ومتعاظمة في كل عام ومشهداً كبيراً يتلألأ نورها وتكون حبلاً ممتدا بين الارض والسماء، وضوءاً وهاجاً ينير طريق الكرامة والحرية لكل المنادين بها والساعين اليها في العالم اجمع في كل زمان ومكان. فهذه الجموع الحاشدة والاصوات الهادرة الممتزجة بحب الامام الحسين عليه السلام تؤكد للعالم اجمع بأنها تطلق اكبر صرخة مدوية في التاريخ اطلقها ابو الاحرار واستمرت تتعالى وتتعاظم بعده ضد الظلم والطغيان والفسوق والانحراف عن المبادئ وما اكثرها في هذه الأيام. كما انها تقول لكل من يرى او يسمع بأن هذه الجموع المليونية توالي وتتضامن وتؤيد النهضة الحسينية الخالدة، وانها تعتز بها وتستلهم منها اسمى المعاني واعظم الدلالات الروحية التي امتزجت فيها محبة الامام الحسين(ع) مع نضج نهضته وضرورتها ليعيد الدين الاسلامي الى طريقه المستقيم الذي خطه الرسول الاكرم محمد(ص) ودافع عنها بأموال وسيوف اصحابه الكرام وفي مقدمتهم وعلى رأسهم ابا الحسين امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام.
لقد شكلت ثورة الإمام الحسين(ع) ضد الطغيان، وقوله اكبر كلمة قيلت في التاريخ للظالمين والجبابرة، وماتبعه من سبي اهله وانصاره، رمزاً كبيراً وهوية واضحة المعالم يستطيع الانسان من خلالها تحديد الطريق المستقيم الذي يسير عليه جميع محبي وموالي اهل بيت النبوة.
وتأتي زيارة الاربعين حيث يتوجه ملايين المسلمين الى كربلاء المقدسة ليعانقوا بشوق كبير مرقد الامام الحسين(ع) واهل بيته واصحابه الكرام بمناسبة كبيرة لها دور واضح في ترسيخ تعاليم الدين الاسلامي الحنيف بمبادئه الحقيقية اضافة الى ديمومة وتواصل فكر أهل بيت النبوة عليهم السلام، لكونها تشكل رمزاً حياً ودلالة كبيرة على الثبات على المعتقدات والمبادئ وتجديد المطالبة بالحق ونصرته.
ثورة الإمام الحسين(ع) أعظم انتفاضة بوجه كل ظالم
لقد تعرضت زيارة الاربعين المباركة على مر العصور الى الكثير من التشويه والتزييف والمحاربة من قبل معظم الطغاة والجبابرة سواء كانوا حكاماً او كتاباً او شعراء مأجورين، لأن ثورة الإمام الحسين(ع)كانت ومازالت وستبقى اكبر صرخة وأعظم انتفاضة حدثت لحد الان في وجه كل ظالم ومتكبر وفاسق، لأنها جاءت بالأساس من أجل محاربة هؤلاء وامثالهم في كل العصور، ومن ثم جاءت زيارة الاربعين في كل عام بما تحمله من معاني ودلالات عظيمة لتشكل نصرة مليونية كبيرة وضخمة وبيعة دائمة ومتجددة للخط الذي نهجه الامام الحسين(ع) وأهل بيت النبوة وتحدياً كبيراً وشامخاً لكل من عادى نهج الإمام الحسين(ع) في الماضي والحاضر، وسيبقى كذلك بعون الله في المستقبل من قبل جموع محبي اهل بيت رسول الله محمد(ص) لهذه الثورة وللمبادئ التي ثار واستشهد من أجلها ابو عبدالله الحسين عليه السلام. لذلك اصبحت هذه الزيارة المليونية تشكل ثورة حقيقية وانتصاراً وتحدياً كبيراً تتجدد وتتعاظم عاما بعد عام بتأييد ورعاية من الله سبحانه وتعالى لها.
ان جميع الشعوب في مختلف بقاع الدنيا تحتفل بعظمائها وابطالها وروادها الذي قدموا خدمات جليلة واسهامات بطولية ونافعة ، وخاصة من بذل نفسه وجاهد حتى قتل او استشهد من اجل غاية نبيلة وهدف سامي وكبير يعود بالخير والنفع على شعبه ومجتمعه، وذلك احتراماً لهم وتجديداً لذكراهم واستلهام المعاني والعبر من سيرتهم وانجازاتهم ولتعريف الأجيال الحاضرة والمستقبلية بهم وبيان دورهم الكبير في خدمة هذه الشعوب.
ولو نظرنا بصورة موضوعية وعادلة ومنصفة للأمور بعيدا عن التعصب والافكار المضادة المسبقة لوجدنا بأن نهضة الإمام الحسين(ع) وثورته الكبرى قد شكلت منعطفاً حاسماً في مسيرة الدعوة الاسلامية الحقيقية التي جاء بها الرسول الكريم محمد(ص)، فلولا الحسين ونهضته لما بقي الاسلام وتجدد الايمان في النفوس، ولاستمرت عملية تشويه وتحريف الدين الاسلامي تستمر وتتعاظم دون ان تجد من يستلهم مبادئ النهضة الكبرى للإمام الحسين(ع) ويتصدى لهذا التحريف والتشويه، وممكن ان نصل الى يوم ، لاسامح الله ، لا يبقى من الاسلام الحقيقي الذي جاء به الرسول الاعظم محمد(ص) الا اسمه فقط ويكون ديناً خاوياً من الحق والفضيلة والايمان.
 لقد نهض الإمام الحسين(ع) نهضته الكبرى لنيل أسمى الأهداف وأنبل الغايات بصورة لم يناظره بها احد على مر العصور ، حيث ضحى بنفسه واهله وماله، في سبيل احياء الدين الاسلامي الحنيف وبيان طغيان وتجبر وفسوق المنافقين والحكام الفاسقين، واختار الشهادة التي تسمو بها النفوس على الدنيا الفانية قصيرة الامد والآمال، وكانت وفاته هي وفاة الكبرياء والعز والكرامة بدلا من حياة الذل والمهانة ، واستشهد استشهاد الكرام والعظماء في سوح المعارك الكبرى بدلا من الموت على فراش المهانة، واظهر من الشجاعة وعزة النفس والصبر عند نزول البلاء والثبات على المبادئ العظيمة والقيم الكبرى التي آمن بها وتربى عليها بصورة بهرت عقول الاعداء قبل الموالين واكسبته حباً يتعاظم عاماً بعد آخر في نفوس الملايين ، بحيث ان الناظر المنصف لهذا الحب الكبير والتعلق الذي لا يوصف بالحسين ونهجه ومبادئه الكبرى، يبقى محتاراً ومندهشاً من هذه الظاهرة العظيمة والتظاهرة الكبرى التي يشترك بها الملايين من مشارق الارض ومغاربها نحو مرقد سيد شباب اهل الجنة وابو الأحرار في مدينة كربلاء المقدسة، احتفاءاً به وتعظيماً لذكراه التي تبكي فيها العيون وتتنوع اساليب التعبير عن هذا الحب وتتطور عاما
بعد عام.
زيارة الأربعين مهرجاناً مليونياً لا يضاهيه أي مهرجان آخر
لقد شكلت زيارة الأربعين مهرجاناً كبيراً يشترك فيه الملايين لا يضاهيه أي مهرجان آخر في العالم بمستوى ضخامته وايمان الناس به واندفاعهم الطوعي للعمل فيه وخدمة الزائرين. حيث يرى الناظر كتلاً بشرية ضخمة راجلة وهي تحمل الرايات الملونة التي تدل على هوية الزائرين وهي تردد بصوت واحد لبيك ياحسين وتردد الاهازيج والقصائد الحسينية الخاصة بمناسبة الزيارة.
 لقد اكتسبت زيارة الاربعين أهمية كبيرة في الثقافة الحسينية ومتعلقاتها وكذلك في البناء العقائدي للإنسان المسلم والمؤمن. وانطلاقاً من هذا وتجسيداً له وايماناً بالخالق العظيم ومبادئ الاسلام الحقيقي الحنيف، يندفع ملايين المسلمين كل عام في حشود بشرية مؤمنة هائلة قل نظيرها لأداء شعائر هذه الزيارة سيراً على الاقدام، والتي كانت ومازالت تشكل تحديا كبيراً للظلم والطغيان وبيعة متجددة ونصرة دائمة لمبادئ الإمام الحسين(ع) وعهداً له على السير على خط الايمان والكرامة والتضحية والفداء الذي رسمه اثناء ثورته الانسانية
الرسالية الكبرى.
لقد اثبت ملايين المسلمين بمختلف فئاتهم وطوائفهم وثقافاتهم ومستوياتهم العلمية والمهنية انهم يتوجهون سيراً على الاقدام الى كربلاء المقدسة في كل عام ليكونوا رداً كبيراً وتحدياً رائعاً لكل الاصوات المأجورة التي تدعي عدم أحقية سيد شباب اهل الجنة وسبط الرسول الكريم بالخروج على الطاغية الفاسق يزيد بن معاوية واعوانه المفسدين في الارض ومن لف لفهم من المنافقين والمأجورين، كون يزيد كان خليفة المسلمين انذاك، ولتطلق صرخة مدوية لا تهدأ ابدأ بل تتوهج وتزداد علوا حتى يوم القيامة "يا لثارات الحسين" يتردد صداها هادرا قويا بين الارض والسماء وتبين التفاعل الصميمي والارتباط الروحي بينهم وبين الحسين عليه السلام.
وبمناسبة زيارة الاربعين الخالدة نتمنى ان تكون هذه الزيارة صرخة مدوية في وجه الباطل في كل زمان ومكان، وان تكون مناسبة لتوحيد المسلمين على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم وبلدانهم اذا ارادوا التمسك براية الحق والهداية والكبرياء والتضحية التي رفع لواءها الإمام الحسين(ع) الذي كان ومازال وسيبقى بعون الله مناراً ونبراساً لنا نستذكره دائما ونستلهم المعاني العظيمة التي هدفت لها ثورته الملحمية الكبرى.
البحث
الأرشيف التاريخي