مدير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية للوفاق:
المقاومة في غزة امتداد لمعركة الإمام الحسين(ع) الأبدية ضدّ الظلم
يستمرّ العدو الصهيوني منذ أكثر من 10 أشهر بعمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة،الذي أدت إلى إستشهاد نحو 40 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، وذلك أمام أعين المؤسسات الدولية والأنظمة الغربية التي تزعم حقوق الإنسان وبمشاركة الولايات المتحدة.في المقابل، حقق محور المقاومة إنجازاً كبيراً وأسطورياً من خلال وحدة الساحات والعمليات التي تقوم بها المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن و... منذ عملية «طوفان الأقصى»، حيث ألحقوا الهزائم المتعددة بالعدو الصهيوني، مما أدى إلى إغراق العدو ورعاته في أزمات كبيرة. كما أن الشعب الفلسطيني المظلوم والمقتدر حقق إنجازاً تاريخياً بصموده الكبير.ونشهد هذه الأيام بدء المسيرة المليونية العالمية في ذكرى أربعينية إستشهاد أباالأحرار وسيدالشهداء وسبط الرسول الأعظم(ص) الإمام الحسين(ع) وأبنائه وأصحابه الكرام، هذه المسيرة العظيمة الذي يشارك فيها الملايين من مختلف دول العالم ليؤكدوا أن نهج نهضة عاشوراء مستمر في وجه الطغيان والإستكبار.وتشهد زيارة الأربعين هذا العام اهتماماً رئيسياً وهي القضية الفلسطينية ودعم أبناء غزة، حيث تم إختيار شعار مسيرة هذا العام «كربلاء طريق الأقصى» ليجدد أحرار العالم العهد مع سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) ويؤكدوا بأنهم سيناضلون ضدّ العدو الصهيوني حتى تحرير كل فلسطين.ولبحث أهمية مسيرة أربعينية هذا العام، التقت صحيفة الوفاق مع الدكتور محمد علي صنوبري مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية، وخرجت المقابلة كالتالي:
الوفاق/ خاص
حميد مهدوي راد
كيف ترى أهمية زيارة أربعينية الإمام الحسين(ع) هذا العام واختلافها عن الأعوام السابقة فيما يتعلق بالتطورات في غزة؟
في هذا العام، تتزايد أهمية أربعين الإمام الحسين(ع) بشكل عميق بسبب ما يتعرض له شعب غزة من إبادة جماعية على يد الكيان الصهيوني. نحن نشهد موجة غير مسبوقة من الصحوة والمقاومة في جميع أنحاء المنطقة والعالم. إن رسالة عاشوراء، مقاومة الظلم وتجسيد الصبر ورفض الاستسلام، تتردد بعمق مع النضالات الحالية للشعب الفلسطيني. إن صمود وشجاعة سكان غزة يرددان روح كربلاء، حيث وقف الإمام الحسين(ع) وأنصاره(ع) بثبات ضد الطغيان.
تتميز أربعين هذا العام بتوافقها مع الأحداث في غزة، مما يعكس تشابهًا قويًا بين القضية التي دافع عنها الإمام الحسين والقضية التي يدافع عنها شعب فلسطين الآن. يُنظر إلى مقاومتهم على أنها استمرار للمسار الذي سلكه الإمام الحسين عليه السلام الذي رفض الظلم وسعى إلى إعلاء كلمة الله ضد الظالمين.وعلاوة على ذلك، تميزت الأربعينية هذا العام بوعي متزايد وتضامن في جميع أنحاء العالم الإسلامي وبين المجتمعات الحرة على مستوى العالم. فهم يدركون بشكل متزايد أن المقاومة في غزة امتداد لمعركة الإمام الحسين(ع) الأبدية ضد الظلم. إن الملايين الذين يسيرون نحو كربلاء لا يحيون ذكرى حدث تاريخي فحسب؛ بل يرمزون إلى مقاومة حية ضد الظلم، ويعززون من أن إرث عاشوراء لا يزال نابضًا بالحياة وذا صلة. إن التطورات في غزة هذا العام بمثابة تذكير مؤثر بأن النضال من أجل العدالة وتحرير الشعب الفلسطيني هو واجب مقدس وخالد يتجاوز الحدود والأجيال.
شعار الأربعين هذا العام هو «كربلاء طريق الأقصى»، كيف تقيمون أهمية هذا الشعار وتحقيقه في أربعينية الإمام الحسين(ع)؟
إن شعار «كربلاء طريق الأقصى» هو تعبير قوي عن الارتباط الروحي والإستراتيجي العميق بين تضحيات كربلاء والنضال المستمر من أجل تحرير الأقصى وفلسطين. وكما قال الإمام الخميني(رض) ذات يوم: «إن الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء»، مما يشير إلى أن الطريق إلى النصر ممهد بمبادئ الاستشهاد والشجاعة والالتزام الثابت بالعدالة.إن مسيرة الأربعين لهذا العام، التي ترتكز على هذا الشعار العميق، تؤكد أن دروس كربلاء القائمة على مواجهة الشدائد الساحقة، واحتضان إمكانية الاستشهاد، والتفاني الثابت للعدالة، تشكل أضواء منيرة أساسية لتحرير الأقصى. إن الملايين الذين يسيرون ليسوا مجرد مشاركين في طقوس دينية؛ إنهم يجسدون جوهر هذا الشعار، ويظهرون التزامًا جماعيًا وثابتًا بقضية العدالة التي تؤدي حتماً إلى تحرير الأراضي الفلسطينية.
كما يعمل الشعار كنداء صارخ للعمل، يحث جميع المؤمنين على إدراك أن روح كربلاء ليست مقتصرة على الماضي، بل هي قوة حية لا تزال تلهم النضال المستمر من أجل الحرية والكرامة، وخاصة في فلسطين. هذا الإدراك، أثناء الأربعين، يعزز الوحدة والعزيمة اللازمتين لتحقيق النصر النهائي وهو تحرير الأقصى. إن التقاء روح كربلاء والنضال من أجل الأقصى يعزز العزم الجماعي على رؤية هذه المهمة المقدسة حتى نهايتها المنتصرة.
برأيكم، ما هي الخصائص والمكانة التي تخلقها مسيرة الأربعين في اتجاه تعزيز ساحات المقاومة التي سجلت انتصارات عديدة اليوم؟
إن وحدة الكلمة والاتفاق والتماسك والجهد والصبر في سبيل الله هي علامات ومؤشرات مسيرة الأربعين. إن تحرير القدس سوف يتحقق بوحدة وتماسك المسلمين وأحرار العالم والحركة العظيمة للشعوب.
ففي عالم يقسمه الخلاف في كثير من الأحيان، نسجت قضية فلسطين نسيجاً رائعاً من الوحدة، يتجاوز الطوائف والحدود. ومؤخراً، شهدنا خسارة عميقة وهي استشهاد زعيم شجاع، الشهيد إسماعيل هنية، الذي كرس حياته لتحرير الأقصى. وقد ترك التزامه الثابت بهذه القضية المقدسة علامة لا تمحى في التاريخ.
لقد أحدث تشييع هذا الزعيم الاستثنائي، التي قادها آية الله العظمى الإمام الخامنئي(دام ظله)، صدمة عبر أروقة السلطة في الدوائر الصهيونية والغربية. إن مشهد هذه الوحدة بين السنة والشيعة، الذين اجتمعوا في احترام لبطل مشترك، يشكل قوة طالما خشوها وهي شهادة على الرابطة غير القابلة للكسر التي صاغتها القضية الفلسطينية بين الشيعة والسنة.
لقد امتلأت شوارع طهران بالملايين، وكانت أصواتهم وحضورهم بمثابة إعلان مدوي عن التضامن. لقد ترك الحجم الهائل هذه اللحظة أولئك الذين سعوا إلى بث الفتنة يرتعدون، مدركين أن سنوات من الجهود والمليارات من الأموال التي بذلوها لإشعال الانقسامات الزائفة بين السنة والشيعة قد انهارت في مواجهة هذه الوحدة غير المسبوقة.إن هذه ليست مجرد لحظة للتأمل بل هي نقطة تحول هي في الواقع رسالة قوية للعالم مفادها أن الرابطة بين هذه المجتمعات لا تلين. إنها لحظة سوف يتم دراستها وتحليلها لسنوات، حيث يجد أولئك الذين خافوا من مثل هذه الوحدة أنفسهم الآن يتصارعون مع حقيقة فشلهم الهائل. إن وحدة الأمة الإسلامية لم تكن أكثر وضوحا من أي وقت مضى، وقوتها تشكل منارة أمل لتحرير فلسطين.وبنفس السياق علينا النظر إلى أربعينية الإمام الحسين(ع) من حيث أنها موحدة للمسلمين ومنارة مهمة نحو تحقيق النصر.إن مسيرة الأربعين ليست مجرد حدث ديني؛ بل هي رمز قوي للمقاومة العالمية ضد الظلم والقمع. إن خصائص الوحدة والصمود والإيثار التي تتجلى خلال هذه المسيرة تخلق أساساً هائلاً لمجالات المقاومة التي حققت انتصارات كبيرة اليوم.إن مسيرة الأربعين توحد الملايين من الناس من خلفيات متنوعة، يسيرون جميعًا معًا نحو هدف مشترك. إن وحدة الهدف هذه تعزز عزم أولئك الذين يقفون ضد الطغيان وتغذي روح المقاومة في المجتمعات المضطهدة. كما تعمل المسيرة كتذكير بأن النصر الحقيقي يتحقق من خلال الجهد الجماعي والاستعداد لتحمل المشقة من أجل قضية أعظم.
وعلاوة على ذلك، تعمل مسيرة الأربعين على رفع الروح المعنوية وعزيمة أولئك المنخرطين في النضال من أجل العدالة، وخاصة في مناطق مثل فلسطين، حيث يستمر النضال ضد الاحتلال والقمع. إن التجربة المشتركة للسير على خطى الإمام الحسين(ع) تعزز الاعتقاد بأن المقاومة، القائمة على الإيمان والصلاح، ستؤدي في نهاية المطاف إلى النصر. إن هذا العرض العالمي للتضامن والعزيمة خلال الأربعين يرسل رسالة واضحة إلى الظالمين بأن قوى المقاومة ليست معزولة ولكنها جزء من حركة أكبر لا يمكن إيقافها مدفوعة بمبادئ العدل والحقيقة.
وبهذه الطريقة، تعمل مسيرة الأربعين على تعزيز مجالات المقاومة من خلال تجسيد الوحدة والمرونة والصمود المطلوب لتحقيق الحرية والعدالة، وخاصة في النضال من أجل تحرير القدس والقضية الأوسع للشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم.
كيف تقيمون الدور الاستراتيجي لمسيرة الأربعين هذا العام، بعد مرور ما يقرب من عام على عملية «طوفان الأقصى»؟
تتمتع مسيرة الأربعين هذا العام بأهمية استراتيجية فريدة من نوعها، حيث تنطلق بعد مرور ما يقرب من عام على عملية طوفان الأقصى، وهو الحدث الذي أثر بشكل عميق على المنطقة والنضال الأوسع من أجل العدالة في فلسطين. لطالما كانت مسيرة الأربعين رمزًا قويًا للمقاومة والتضامن، لكنها هذا العام تحمل ثقلًا إضافيًا للأحداث الأخيرة التي حفزت روح المقاومة في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه.
لقد كانت رسالة «طوفان الأقصى» شبيهة بنضال الإمام الحسين(ع) القائمة على مبدأ «وكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة». إن صمود المقاومين في غزة هي إلهام لجميع حركات التحرر حول العالم. علينا ألا ننسى بأنّ الشعوب حول العالم لا تتضامن مع الخانعين والجبناء إنهم يتضامنون مع المناضلين في سبيل تحصيل الحرية والاستقلال وهذا ما وجدوه بالضبط في النضال الفلسطيني.يكمُن الدور الاستراتيجي لمسيرة الأربعين هذا العام في قدرتها على تجديد وتعزيز عزم أولئك الملتزمين بقضية التحرير، وخاصة في فلسطين. تعمل المسيرة كدليل حاشد على الوحدة، مما يشير إلى العالم بأن النضال من أجل الأقصى وحقوق المظلومين ليس مستمرًا فحسب، بل اكتسب زخمًا أكبر. كما يسلط الضوء على الترابط بين جميع النضالات ضد الظلم، ويعزز فكرة أن روح كربلاء حية في كل عمل مقاومة ضد الطغيان، سواء في غزة أو القدس أو أي مكان آخر.إن مسيرة الأربعين هذا العام تذكرنا بأن إرث الإمام الحسين(ع) هو مصدر إلهام مستمر لأولئك الذين يقاتلون من أجل العدالة. إن توقيت هذا الموكب، الذي يقترب جدًا من ذكرى عملية «طوفان الأقصى»، يؤكد على سلسلة المقاومة المتواصلة التي تربط بين النضالات الماضية والحالية والمستقبلية. إنه يعمل على تعزيز التحالفات الاستراتيجية والأهداف المشتركة لجميع أولئك الذين يقفون ضد الظلم، مما يجعله لحظة محورية في النضال المستمر من أجل العدالة والتحرير.
ما هو الفرق بين عالم ما قبل «طوفان الأقصى» وما بعده؟
إن العالم اليوم مختلف بشكل ملحوظ بعد عملية «طوفان الأقصى»، حيث أعادت تشكيل المشهد الجيوسياسي والنفسي للمنطقة وخارجها بشكل كبير. قبل هذه العملية، كان النضال من أجل الأقصى وفلسطين يُنظَر إليه من قِبَل كثيرين باعتباره صراعاً مطولاً بنتائج غير مؤكدة. ومع ذلك، فقد أظهرت عملية «طوفان الأقصى» مرونة وتصميم المقاومة الفلسطينية، وأرسلت رسالة واضحة مفادها أن الوضع الراهن المتمثل في الاحتلال والقمع لا يمكن الحفاظ عليه إلى ما لا نهاية.بعد «طوفان الأقصى»، هناك شعور متجدد بالإلحاح والتمكين بين حركات المقاومة. لقد حطمت العملية وهم عدم الهزيمة الذي أحاط بالكيان الصهيوني وأعادت تنشيط ليس فقط الشعب الفلسطيني بل وحلفاءه في جميع أنحاء العالم. لقد تغير التصور العالمي للنضال الفلسطيني، حيث أدرك المزيد من الناس أنه نضال مشروع من أجل الحرية وليس قضية هامشية.
وعلاوة على ذلك، كشفت «طوفان الأقصى» عن الشقوق العميقة في الإجماع الدولي الذي دعم الاحتلال تاريخياً، مما أدى إلى زيادة الدعوات إلى العدالة والمساءلة. كما أبرزت العملية إمكانية التغيير عندما يتحد الناس المضطهدون تحت قضية مشتركة، مستلهمين روح المقاومة التي تجسدت في أحداث مثل الأربعين.
في جوهره، فإن العالم بعد «طوفان الأقصى» هو عالم حيث تشعر قوى المقاومة بالشجاعة، وتكتسب قضية التحرير زخمًا جديدًا. هذا التحول ليس تكتيكيًا فحسب، بل نفسيًا أيضًا، لأنه أيقظ وعيًا جديدًا بين المضطهدين وأنصارهم، مما عزز الاعتقاد بأن العدالة والتحرير أهداف قابلة للتحقيق.