الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وستون - ١٤ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وسبعة وستون - ١٤ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في إطار التحولات التي شهدتها القوقاز

كيف استفادت تبليسي و باكو من الحرب الروسية- الأوكرانية؟

الوفاق/ شهدت منطقة القوقاز تحولاً سريعًا في السنوات الأخيرة، فقد أجبرت الحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من تفتت العالم إلى كتل وتجمعات، دول جنوب القوقاز على إعادة تنظيم توجهاتها في السياسة الخارجية.
كان الموقع الجيوسياسي للمنطقة نعمة ونقمة في آن واحد. فمن ناحية، استطاعت مختلف الأمم أن ترعى هوياتها في وديانها المحمية وأن تستفيد من كونها حراسًا لتدفقات التجارة التي مرت من خلالها. ومن ناحية أخرى، جعل هذا الموقع الاستراتيجي المنطقة ساحة للتنافس بين القوى العظمى المحيطة بها.
كل أزمة دولية كبرى وضعت هذا الموقع على المحك، مما تطلب من الحكومات المحلية استخدام المهارة والفطنة للخروج من الاضطرابات. كانت الحرب الروسية الأوكرانية صدمة لم يشهدها القوقاز منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، و في ذات الوقت
 كانت فرصة سانحة لبعض الدول.
 السنوات القادمة ستجلب تغييرات كبيرة إلى المنطقة،و ستعتمد هذه التغييرات إلى حد كبير على كيفية تطور الصراع الواسع بين روسيا والغرب في أوكرانيا وغيرها.
بعد أن فرضت الدول الغربية عقوبات وقيوداً أخرى حدت بشدة من التجارة بين روسيا والغرب، تحول القوقاز إلى رابط طبيعي لاستمرار تدفق التجارة. فجأة، أصبحت الطرق السريعة والسكك الحديدية القليلة الرئيسية التي تربط روسيا عبر المنطقة بالعالم الخارجي أكثر قيمة و أهمية للقوى الخارجية.
جورجيا تؤكد نفسها
بعد الحرب مباشرة، تحول الطريق البري الذي يربط روسيا مباشرة بتركيا عبر جورجيا إلى خط ضخم من الشاحنات. تقوم شركة صينية حاليًا ببناء نفق في جورجيا بالقرب من الحدود مع روسيا من شأنه تخفيف الازدحام، ولكن ذلك لن يكون كافيًا لتلبية الطلب. طرق التجارة الأخرى - السكة الحديدية عبر أبخازيا والطريق السريع عبر أوسيتيا الجنوبية - ظلت مغلقة لسنوات بسبب الصراعات الجارية هناك.
رأت حكومة جورجيا فرصة في هذا السياق. فجأة، أصبحت الدولة التي يبلغ عدد سكانها 3.6 مليون نسمة ذات أهمية وقيمة أكثر لكلا طرفي الصراع في أوكرانيا. فبينما احتاجت روسيا إلى طرقها اللوجستية، كان الغرب قلقًا من أن جورجيا قد تنحرف عن مسارها الموالي للغرب. حاول كل من روسيا والغرب تقديم حوافز لجورجيا للتأكد من انحيازها إليهم: رفعت موسكو القيود المفروضة على التأشيرات وحظر الرحلات المباشرة بين المدن الجورجية والروسية في مايو 2023؛ ورفع الاتحاد الأوروبي وضع جورجيا إلى حالة المرشح الرسمي للعضوية في ديسمبر 2023 ، على الرغم من أن احتمال انضمام البلاد فعليًا إلى الاتحاد الأوروبي
لا يزال بعيدًا.
مع هذا الوضع المتطور وبتشجيع من الشعور بالنفوذ الاقتصادي الجديد، بدأت حكومة جورجيا في تأكيد نفسها. في مايو، أقرت قانونًا مثيرًا للجدل مصممًا للحد من نفوذ المنظمات غير التجارية الممولة من الغرب في البلاد. على الرغم من الاحتجاجات المدعومة من الغرب في العاصمة تبليسي والشكاوى الصاخبة من بروكسل وعواصم أوروبية أخرى، تمكنت حكومة حزب الحلم الجورجي من دفع القانون بنجاح عبر البرلمان.
في اليوم التالي لإقرار القانون، منحت الحكومة الجورجية أيضًا مناقصة تطوير أول ميناء بحري عميق لها على البحر الأسود لشركة صينية. لسنوات، اعتُبر اختيار شريك لتطوير هذا الميناء ذي الأهمية الاستراتيجية (الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه نقطة تحول في التجارة عبر المنطقة) بمثابة نذير للتوجه الجيوسياسي للبلاد. في عام 2016، تم منح المشروع لتحالف بقيادة غربية، وهو قرار تم إلغاؤه لاحقًا. الآن سيتم تطوير الميناء من قبل الصين، ولكن من المحتمل أن تستفيد روسيا أيضًا من موقعها المجاور مباشرة لمنطقة أبخازيا الجورجية،حيث تقوم روسيا ببناء منشأة بحرية في أبخازيا على بعد 25 ميلاً فقط من الميناء
الجديد.
في أكتوبر، ستخضع حكومة حزب "الحلم الجورجي" لاختبار انتخابي سعيًا لتأمين فترة رابعة غير مسبوقة كحزب حاكم للبلاد. مع انقسام المعارضة الموالية للغرب وعدم قدرتها على تقديم بديل، فليس من المستبعد أن تنجح في ذلك.
باكو تستغل الفرصة
كما أثرت خريطة تدفقات التجارة الجديدة التي ظهرت بعد الحرب في أوكرانيا على حسابات جمهورية أذربيجان، وهي جمهورية غنية بالنفط على بحر قزوين. احتاجت أوروبا إلى غاز أذربيجان بعد أن قررت قطع معظم الإمدادات الروسية. و من ناحية أخرى أصبح لموقع جمهورية أذربيجان أهمية بالنسبة للأطراف المتخاصمة من أجل النقل و التجارة.
فجأة احتاجت جميع الأطراف إلى جمهورية أذربيجان. وفّر هذا فرصة لإلهام علييف للتحرك بشكل حاسم للسيطرة على منطقة كاراباخ بأكملها.
 لعقود، كانت منطقة كاراباخ متنازع عليها بين الأرمن والأذربيجانيين. لقي آلاف الجنود حتفهم في القتال من أجلها، ودفن العديد من الرؤساء والدبلوماسيين حياتهم المهنية محاولين حل النزاع، واضطر مئات الآلاف من اللاجئين للفرار من ديارهم بسببه،و للمرة الأولى في تاريخها، سيطرت باكو على هذه الأراضي بشكل كامل.
تريد أرمينيا توقيع اتفاقية سلام مع جمهورية أذربيجان والتركيز على تنميتها الخاصة، لكن مطالب باكو تزداد مع كل دورة من عملية التفاوض. على سبيل المثال، تسعى باكو للسيطرة على رابط تجاري رئيسي من شأنه أن يربط جيبها ناخيتشيفان بالسكك الحديدية عبر أرمينيا التي ستمتد بعد ذلك إلى تركيا. من شأن ذلك أيضًا إنشاء رابط سكة حديد مباشر بين
روسيا وتركيا.
يمكننا القول بأن الحرب في أوكرانيا ساعدت تبليسي و باكو على القيام بخطوات كانت في الماضي القريب صعبة جداً. على أي حال لا تزال المنطقة تشهد اضطرابات كبيرة والملامح النهائية للمرحلة القادمة ستعتمد إلى حد كبير على كيفية سير الحرب في أوكرانيا.
البحث
الأرشيف التاريخي