خبير روسي لـ «الوفاق»:
هدف الصهاينة من المشاركة في الأولمبياد فرض إرادتهم على المجتمع الدولي
تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة الدعوات لحظر المشاركة الصهيونية في الرياضة الدولية بسبب العدوان على غزة وارتكاب مجازر جماعية بحق أهالي القطّاع، وتكثّف إرسال الدعوات والشكاوى إلى المنظمات الدولية لحظر مشاركة منتخبات العدو الصهيوني من المشاركة في أولمبياد باريس، إلاّ أن حكومة ماكرون ضربت كل هذه الدعوات والإنتقادات بعرض الحائط واستضافت فرق العدو الرياضية وأتاحت لها فرصة كبيرة للمشاركة في الأولمبياد.وأثارت مشاركة الاحتلال العدواني في الأولمبياد إمتعاض المدافعين عن حقوق الإنسان والشعوب في أنحاء العالم لاسيما في أوروبا، وهو ما تجلّى قبيل بدء هذه التظاهرة الرياضية البارزة والتي باتت مثيرة للجدل بسبب مشاركة الصهاينة في دورتها لهذا العام، حيث وقّع عشرات الآلاف على عريضة في أوروبا نشرتها «حركة الديمقراطية في أوروبا 2025»، تدعو إلى تعليق مشاركة الكيان الصهيوني في الرياضة العالمية، وقد حصدت العريضة حوالي 72 ألف توقيع حتى 19 فبراير/ شباط.
الوفاق/ خاص
محمد أبو الجدايل
غضب عالمي من فرنسا
لكن ما أثار حنق العديد، هو إستضافة وترحيب وتهليل ماكرون لمنتخب العدو الصهيوني، علماً بأنه على إطلاع ودراية بحجم الجرائم التي ارتكبها الصهاينة بحق أطفال ونساء وأبناء غزة خلال الأشهر الأخيرة، وبرّر ماكرون الفارق في التعامل مع الكيان الصهيوني المشاركة في أولمبياد باريس 2024 رغم عدوانها، وروسيا المستبعدة عن الألعاب على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا، قائلاً في مقابلة مع قناة «بي إف إم تي في» وإذاعة «آر إم سي»: إنه بين روسيا والكيان الصهيوني الوضع مختلف تماماً، بعد تزايد الطلبات والضغوطات عليه لفرض ذات العقوبات المفروضة على روسيا على الكيان الصهيوني أيضاً، وزعم ماكرون الملطّخة أيدي حكومته أيضاً بدماء الفلسطينيين، أن الكيان الغاصب كان ضحية هجوم، وواصل دفاعه عنه ضارباً كافة الشكاوى القانونية والدولية الصادرة ضد الاحتلال الصهيوني بعرض الحائط.
إنتهاكات صارخة لحقوق الانسان
في ضوء هذه الإنتهاكات الصارخة لحقوق الانسان دولياً بالسماح لكيان الاحتلال الصهيوني بالمشاركة في الأولمبياد، وبينما فضّلت فرنسا تجاهل أصوات الملايين من البشر من مختلف أنحاء العالم المُطالبة بمنع مشاركة الصهاينة بالأولمبياد كعقاب على المجازر التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبير الروسي في الشؤون السياسة رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، دينيس كوركودينوف، تطرّق خلاله بإسهاب إلى القضايا المطروحة سابقاً.
مكاسب سياسية
يقول «كوركودينوف» عن إزدواجية إيمانويل ماكرون وأعذاره «التي كانت أقبح من ذنب مهول» بشأن الفرق بين روسيا والكيان الصهيوني، يتعمد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحريف الحقائق التاريخية لتحقيق مكاسب سياسية، فيصرح بأن الكيان الصهيوني، على عكس روسيا، أصبحت «ضحية لهجوم إرهابي». علاوة على ذلك، فإن مزاعمه بأن الاحتلال الصهيوني ليس كيان معتدي خاطئ تماماً، في حين أن سياسة روسيا، في رأيه، تقوم تقليدياً على العدوان.
وأضاف الخبير الروسي في الشؤون السياسية: إذا تحدّثنا بشكل خاص عن سياسات الكيان الصهيوني وروسيا في سياق التوتر الدولي، يمكننا أن نستنتج أن الاختلافات بينهما جوهرية. وهكذا، طوال تاريخها، منذ عام 1948، برر كيان الاحتلال الصهيوني مزاعم حقّه في الوجود كدولة من خلال تنفيذ أعمال إرهابية وعدوان عسكري. يكفي أن نتذكر أن الكيان الصهيوني يقع على الأرض الفلسطينية الأصلية التي احتلت بشكل غير قانوني. وفي الوقت نفسه، يتمتع الاحتلال الصهيوني بطابع دائم ورعاية دولية ويُطبّق هذا الأمر حتّى يومنا هذا، حيث لا يشمل أراضي فلسطين فحسب، بل أيضاً سوريا ولبنان ومصر والأردن وعدد من البلدان الأخرى.
الوسيلة الوحيدة للكيان الصهيوني لتبرير وجوده هي الإرهاب
ويقول «كوركودينوف» إن الوسيلة الوحيدة للكيان الصهيوني لتبرير وجوده الاحتلالي هي الإرهاب.
وأردف موضحاً: تشكّل الأساليب الإرهابية الصهيونية إحدى الطرق الرئيسية لترهيب الأعداء الخارجيين والمعارضة الداخلية. ومن الأمثلة الحية على ذلك أنشطة منظمات مثل «مالكوت إسرائيل» و»بريت هاكانايم» و»غوش إيمونيم» و»المنظمة اليهودية السرية» و»رابطة الدفاع اليهودية» و»منظمة الدفاع اليهودية» والعديد من المنظمات الأخرى التي تم إنشاؤها لترهيب السكان المحليين وتبرير المطالبات الإقليمية للكيان الصهيوني.
الفارق الرئيسي بين الكيان الصهيوني وروسيا
وأضاف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي: لم يقتصر الأمر على هذا، بل جعل الإحتلال الصهيوني الإرهاب أحد الأدوات الرئيسية لتحقيق أغراض سياسية للحكومة. فكل العمليات العسكرية التي ينفذها الكيان الصهيوني على أراضي الدول المجاورة، بما في ذلك سوريا ولبنان، تهدف حصرياً إلى تحقيق أهداف إرهابية.
وأكمل مُتطرّقاً الى الفرق الجوهري بين كل من سياسات الكيان الصهيوني وروسيا فيما يخصّ النزاعات الدولية: الفارق الرئيسي بين الكيان الصهيوني وروسيا هو أن الإحتلال الصهيوني لا يدافع عن نفسه، بل يهاجم ويدمّر ويقتل المدنيين ويبتز العالم باستخدام الأسلحة النووية، في المقابل، تحمّلت روسيا، منذ عام 2014، بكل تواضع الإذلال من أوكرانيا والدول الغربية، والآن تهدف العملية العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا في أوكرانيا إلى الدفاع بشكل بحت، في حين لم يقتصر الكيان الصهيوني على أهداف الدفاع، لأن سياسته تهدف إلى تدمير جيرانه والاستيلاء على أراضيهم.
وفي الوقت نفسه، يحاول إيمانويل ماكرون، بتبرير الكيان الصهيوني وإذلال روسيا، خلق فكرة خاطئة عن دور روسيا في السياسة العالمية. وبهذه الطريقة، يعبر عن اتجاه أوروبي شامل يهدف إلى تشويه سمعة روسيا دون أساس لأي سبب. لكن النقطة المهمة هي أن روسيا غير مبالية على الإطلاق بتصريحات مثلي الجنس الفرنسي الذي تولى، بالصدفة، رئاسة فرنسا.
معضلة سيطرة الكيان الصهيوني على الرأي العام العالمي
وعن أسباب ودوافع المساعي المُستميتة الذي يبذلها الكيان الصهيوني للمشاركة في معظم المحافل الدولية، بما في ذلك الرياضيةـ أوضح «كوركودينوف»: معضلة سيطرة الكيان الصهيوني على الرأي العام العالمي وتوظيفه لتحقيق أغراضها ومصالحها هو موضوع بحاجة إلى دراسة منفصلة، حيث تُنفّذ القيادة الصهيونية عمداً أنشطة عملية في هذا الاتجاه. لهذا إن مشاركة الإحتلال الصهيوني في الألعاب الأولمبية في فرنسا وغيرها من الأحداث الدولية جزء لا يتجزأ من هذه السياسة. بهذه الطريقة، لا تُظهر تل أبيب مصالحها فحسب، بل تسعى أيضاً إلى تحديد الاتجاهات الرئيسية للتنمية الدولية وإدارة هذه العملية، ومع ذلك، فإن النقطة الأساسية للمشاركة الصهيونية هي فرض قرارها وإرادتها السياسية على المجتمع الدولي، وهي في الواقع أداة لإظهار القوّة المعلوماتية.وأردف الخبير الروسي: بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا ننسى أنه كلما قل عدد المبررات الموضوعية التي سمتلكها الكيان الصهيوني لتنفيذ العدوان العسكري، كُلّما زادت حاجته إلى حماية المعلومات من خلال المشاركة في الأحداث الدولية المختلفة. في الوقت نفسه، ينبغي أن تكون السمة الرئيسية لمثل هذه المشاركة هي الاستبعاد الضروري والمقنع لمناهضي الاحتلال الصهيوني من قائمة المشاركين في الأحداث. وعلى هذه الخلفية، تتاح للقيادة الصهيونية الفرصة للإعلان عن أن موقفها من بعض القضايا على أنه هو الموقف الصحيح الوحيد حسب مزاعمها، وأن موقف مناهضيها لا يستحق حتى الإهتمام به.
إستغلال فرصة المشاركة لتحقيق مآرب سياسية
لذلك، حتى لو أقيمت على الساحة الدولية، على سبيل المثال، مسابقات الطهي أو لقاءات «المثليين» من جميع أنحاء العالم، فإن الكيان الصهيوني سيستغل فرصة المشاركة في هذه الأحداث من أجل استخدامه لإعلان رأيها في القضايا الحالية للسياسة العالمية.
كما تناول كوركودينوف، الانتقادات المتزايدة لباريس في الأولمبياد، مُشيراً إلى الأخطاء التي ارتكبتها باريس في هذا الصدد، قائلاً: السبب الرئيسي لانتقادات إيمانويل ماكرون هو سياساته الداخلية والخارجية قصيرة النظر، لا يُتهم ماكرون فقط بالانحدار الحاد في مستوى معيشة المواطنين الفرنسيين، فضلاً عن الافتقار إلى برنامج اقتصادي متماسك، بل يُتهم أيضاً بسلسلة من الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها والتي دمرت المكانة الدولية لبلاده.
ماكرون كالإمبراطور الروماني نيرون
وأوضح: من ضمن أخطاء ماكرون الفادحة هو تصعيد التوترات في العلاقات مع روسيا، وهو خير دليل ما ذكرناه سالفاً. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لغالبية الخبراء الفرنسيين والدوليين، لم يفشل إيمانويل ماكرون خلال فترة ولايته الرئاسية في ضمان الاستقرار في فرنسا فحسب، بل دفع فرنسا أيضاً إلى حافة الدمار الكامل كدولة، لهذا السبب فقط، بدأ الزعيم الفرنسي يُقارن بالإمبراطور الروماني نيرون، الذي أحرق عاصمة إمبراطوريته - روما.وأردف: في الوقت الحاضر، من الصعب تحديد موقف إيمانويل ماكرون، لأنه يقوم على مبادئ «عدم اليقين الاستراتيجي» و «عدم وجود خطوط حمراء» فيما يتعلق ليس فقط بروسيا، بل وأيضاً بعدد من البلدان الأخرى. في الوقت نفسه، يتوقع ناخبوه منه إجراءات متّسقة وحاسمة. وهكذا، وعد بإرسال قوات فرنسية إلى روسيا، لكنه لم يفعل ذلك أبداً؛ لقد وعد بزيادة معدل النمو الاقتصادي بشكل كبير، لكنه نسي ذلك؛ وأخيراً، وعد حزبه بالفوز في الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي، لكنه خسر الانتخابات. ونتيجة لذلك، بدأ الناخبون الفرنسيون يسألون أنفسهم بشكل متزايد: «هل يحتاجون إلى رئيس يعد بالكثير، لكنه لا يفعل شيئاً على الإطلاق؟!»
باريس مستعدة للترحيب بأي مظاهر للانحراف الجنسي
وعن مشاركة بعض الجنود الصهاينة من الجنسين في الألعاب الأولمبية في باريس تحت اسم «الرياضيين»، قال الخبير الروسي في الشؤون السياسية: باريس مستعدة للترحيب بأي مظاهر للانحراف الجنسي والسلوك المنحرف. وبالتالي، تثبت فرنسا إلتزامها بالقيم الليبرالية الجديدة التي لا تتناقض فقط مع الأصول الطبيعية للرجال والنساء، بل وتشكك أيضاً في كرامتهم الإنسانية.