الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • ملحق خاص
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وستون - ١٠ أغسطس ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وستون - ١٠ أغسطس ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

زوجة شهيد الدفاع عن المقدسات محمد أحمد عيسى للوفاق:

الجهاد ضدّ الإحتلال ولد من رحم الثورة الاسلامية

تمر علينا في هذه الأيام مناسبة عظيمة؛ ألا وهي استشهاد سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع) و آله الأطهار وأصحابه الكرام . ولقد أدرج المجلس الأعلى للثورة الثقافية يوم التاسع من أغسطس/آب في التقويم الوطني، يوم تكريم الشهداء المدافعين عن المقدسات. فالشهيد والشهادة عنوان خالد إلى أبد الدهر، بما أن الشهيد يُسطّر حياته بأحرف من نور، فهكذا الحال مع الشهداء المدافعين عن المقدسات حيث قاموا بالتضحية بأنفسهم من أجل الدفاع عن المقدسات ومواجهة تنظيم داعش الإرهابي، والجميع توافدوا إلى سوريا والعراق للدفاع عن المقدسات وكانوا يهتفون «كلنا عباسك يا زينب (س)»، فذهبوا وسجلوا مشاهد خالدة من بطولاتهم في التاريخ، وان عوائل الشهداء في منتهى العزة. وبهذه المناسبة اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع المدّرسة صفاء علي مقلد زوجة الشهيد القائدمحمد أحمد عيسى وفيما يلي نصه:

الوفاق/ خاص

سهامه مجلسي

بدايـةً.. ممكن ان تقدمي لنا نبذةً تعريفيةً مختصرة عن الشَّهيـد وأين ومتى استشهد؟
ولد الشهيد القائد محمد أحمد عيسى (أبو عيسى الاقليم) في بيروت بتاريخ 5/12/1971 من أم جنوبية وأب سوري. تربى في كنف العائلة حتى عمر الثامنة، و سرعان ما تركها ليستقر مع جدته في قرية أمه (عربصاليم) المتاخمة لجبل الرفيع ،حيث استشهد هادي حسن نصر الله نجل الأمين العام لحزب الله ،والمواجهة لقرى الحدود مع فلسطين. وأكمل دراسته فيها حتى تفرغ للعمل الجهادي وهو في مرحلة الثانوية، ورزقه الله ٥ أولاد ،٣ بنات و صبيين اثنين، خامسهم نور التي ولدت بعد شهادته.
وظل في بلدة عربصاليم التي نسب إليها -ودفن فيها- متنقلا بين محاور عدة فكان لقبه أبو عيسى الإقليم تيمنا بمحور اقليم التفاح الذي تولى مسؤوليته لسنوات طوال. انتقل بعدها الى محور الخيام الذي يطل مباشرة على اصبع الجليل في فلسطين المحتلة ومن بعدها الى سوريا والعراق ليعود بعدها إلى سوريا حيث كان الختام في القنيطرة بغارة اسرائيلية مع ثلة من المجاهدين بينهم نجل عماد مغنية (جهاد) والعميد الايراني محمد علي الله دادي. بتاريخ 18/1/2015.
 متى بدأ مسيرته الجهادية؟
بين جدته وأخواله ترعرع، حتى شبّ على العمل المقاوم، وكان له من العمر ١٢ سنة برفقة خاله واخي حيث ساعد المجاهدين في نقل العتاد والذخيرة الى المواقع العسكرية، وقد تميز بأمانته وسريته في العمل، حفظ الكثير من خباياهم وأسرارهم وهو لم يتجاوز ١٦. في حين  كان منزل خاله (والدي) نقطة انطلاق العمل الجهادي ضد مواقع الاحتلال المطلة على البلدة قبل ان تندحر عنها في العام ٢٠٠٠، رافق الكثيرين من المجاهدين ليدلهم على الطرق المؤدية إلى المواقع الصهيونية، ونقل الجرحى والشهداء بعد كل عملية. كما حمل الكثير من التجارب التي ساهمت بتكوين شخصيته الجهادية المميزة.
رافق القياديين ولازمهم وتدرج بالعمل حتى خضع لتدريبات واسعة في لبنان وايران اهّلته لتسلم مهام عدة في صفوف المقاومة، إذ تشكلت لديه ملامح الشخصية القيادية والادارية.
ما هو دافعُ انطلاقته للجهاد في سبيـل الله؟
فكرة الجهاد تولدت عند الشباب إبان الاحتلال الصهيوني للبنان، وكانت الثورة الاسلامية في ايران قد أرخت بظلالها على شيعة لبنان والشعلة التي حركت روح النهضة والتحرر ورفض الظلم وخاصة لحاملي لواء كربلاء والعزم الحسيني. فكان فكر الامام الخميني(قدس) مدرسة ومنهجا لكل الاحرار في العالم وأولهم في لبنان حيث كان حزب الله صنيع هذه الثورة المباركة وابنها البار.
أنتِ كامرأة مُجاهدة.. لمـاذا دفعتِ بزوجكِ للاستمرار في مواصلة مشواره الجهادي؟
 نحن أبناء كربلاء وزينب قدوتنا ؛لا يمكن لنا أن نترك حسيننا ولا يجوز لنا أن نطلق شعارات فقط لقلقة باللسان (هيهات منّا الذلة) و(لبيك ياحسين). وحين وقفت جبهة الحق مقابل جبهة الباطل وجب النصرة والعون. كما أننا تربينا في أسرة مجاهدة مضحية من الرجال حتى النساء اللواتي لعبنّ دوراً هاماً في مساندة المجاهدين خلال القيام بعمل عسكري .حيث كنّ الغطاء والسند والعون لهم. من جدتي إلى عمتي (الشهيدة) وثم أمي. ولا يمكن أن أتخيل نفسي بعيدة عن هذه المسيرة، أو أقف موقف المتفرج الجبان وأخاف الموت وأنا على معرفة بحتميته. فما أجمل أن يختم المرء حياته بعز وشرف ألا وهو قتل الشهادة. ثم أن النصر معقود بالدماء ونحن أربابه فقد دفعنا أثمانا باهظة: أخي شهيد ثم ابن عمتي ثم ابن عمي وآخرهم زوجي. من هنا كنا جنباً إلى جنب مع رجالنا بكل رضى وقناعة بهذا النهج من جهة وأداءً للتكليف وطاعة للولي القائد،  وهذا الأمر يستكمل مع الأبناء والأحفاد حتى الظهور المبارك.
كيف تلقيتِ نبأ استشهاده؟
جهزت نفسي لتلك اللحظة منذ زواجنا الذي دام ٢٢ سنة. وعشت لحظات الشهادة في الكثير من المرات، لكنها ليست بالأمر السهل إطلاقاً.كما ذكرت نحن ننتمي إلى اسرة مجاهدة وتقدم الشهداء. مع الرضى التام والتسليم المطلق لقضاء الله وقدره فهي لحظة قاسية. ما يعزينا انه ختم عمره بشهادة قل نظيرها على أيدي العدو الصهيوني. من هنا أخذت القرار: لملمت حزني ووقفت بكل ثبات وقلت هذه اللحظة هي وقت الامتحان، علي أن أجسّد كلام السيدة زينب(س): ما رأيت إلا جميلا.
نحن أبناء هذا النهج وأولياء الدم، لن نوفر رجالنا ولن نتردد في تقديم القرابين فداء للاسلام.
ما هو العهد والميثاق الذي تقدمينه للشَّهيـد؟
عهدي ووعدي لكل الشهداء وليس فقط لزوجي أننا في هذه المسيرة تحت لواء السيد القائد الامام الخامنئي دام ظله وبإمرة السيد حسن نصر الله أطال الله في عمره، نحفظ الدماء بالحفاظ على المقاومة. ونحفظ الوصايا بالسير والعمل.
لزوجي العزيز: انت قائدي ومعلمي بك أكمل مسير حياتي بوصاياك أرسم خريطة أعمالي.  وخصالك حجة علينا، فأبناؤنا إرثك فيّ، برمش العين أحفظهم ليكملوا نهجك والدرب الذي سلكته ليكونوا خير خلف لخير سلف.
دماؤكم لم ولن تذهب هدرا بإذن الله .
أفضل ميزة عند الشهيد
من السمات والصفات التي جعلت من الشهيد أبو عيسى قائدا مميزاً، حضوره الفعّال وأثره العميق في نفوس كل من عرفه وعايشه؛ كان إنساناً بكل ما للكلمة من معنى، ترابياً، متواضعاً، صادقاً مخلصاً، حاز على محبة الناس حتى استحق لقب أمير القلوب. تميّز بعقل راجح وكفاءة عالية في حل المشكلات وحكمة بالغة في ادارة النزاعات والتعقيدات حتى صار مرجعاً وملجأ لكل من احتاج المشورة والنصيحة.
حرص أبو عيسى على إدارة مؤسسته الصغيرة (أي أسرته) ادارة سليمة ومتينة مراعياً كل احتياجات الأسرة من الحب والأهتمام والرعاية والتوجيه والاحتضان وهذا ما سمح له بالانطلاق الى عالمه الخارجي أيضاً بصورة سليمة ومكّنه من صناعة التغيير في نفوس الكثير
من الشباب الناشئة.
كان حاضراً بين الكل بقوة وجدارة، بين أبنائه وبناته الأب العطوف الحنون، وقد خسره الأولاد خسارة لا تعوض، خسروا السند والجسر الذي يعبرون به في دروب الحياة. بيني وبينه الزوج والناصح والمعلم والموجه، وأنا بكل فخر أشهد وأقول أنا صنيعة أبي عيسى، تربيت على يديه حين تزوجنا في عمر مبكر. وقد لعب دوراً هاماً في صناعتي (المرأة النموذج)، كزوجة مجاهد، وهذا ما ساعدني على تولي المهام الأسرية ومواجهة التحديات طيلة السنوات التسع التي تلت شهادته.
ما رسالتك إلى شباب اليوم؟
رسالتي للشباب: كل منا له دوره الرسالي في الحياة، لذا علينا أن نعي جيداً عظيم هذا الدور، ونشخّص التكليف الموكل إلينا، من خلال المعرفة والتزود بالعلم، والتعمق بالدين الذي يمنحنا الثبات والقوة والحصانة. ولا يستخفن أحد بحضوره وأثره في هذه المسيرة والساحة التي تمثل منهج الاسلام المحمدي الأصيل.
أما ونحن أمة الشهداء فعلينا مسؤوليات جسيمة؛ هذه الدماء صنعت نصراً عزيزاً، وجب علينا حفظ النصر كي لا يضيع منا، وكي لا تذهب تلك الدماء سدىً، إننا نعوّل خيراً على هؤلاء الشباب الواعي، لذا نضع أمانات بين إيديهم ونسلمهم إرث الشهداء، درراً لا يمكن الاستخفاف ولا التفريط بها.
وعلى كل شاب أن يتخذ شهيداً خليلاً له ورفيق دربه؛ يتعرف إليه جملة وتفصيلاً، يدقق في سلوكه وعمله، في صفاته وخصاله، ليكون القدوة له ومنهاجاً يستلهم منه كل العِبر والدروس، كما بإمكانه ان يكون عونا له ووسيلة الى الله ليستعين به على قضاء حوائجه في الدنيا والأخرة ،ففي الحديث: «أكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة».
فما بالك ان كان شهيداً.
ماذا تمثّل السيّدة زينب(س)في وجدان المجاهدين والمدافعين عن حرمها؟
السيدة زينب(س) هي صلة الوصل بين كربلاء الامام الحسين(ع) والمجاهدين الشرفاء. لولا السيدة زينب(س) ما عُرفت كربلاء،و امتداد الثورة واعلان النفير لمواجهة الباطل ونصرة الحق، لرفض الظلم والعيش بحرية وكرامة.
السيدة زينب(س) أخبرت العالم أن الوقوف بوجه الطاغوت، والموت من أجل الدين هو الخلود والحياة.
ما يعنينا في الأمر ليس المقام كبناء معماري، انما رمزيته وارتباطه بنهج محمد وآل محمد(ص) هو ما يعنينا تحديداً كمجاهدين وأصحاب عقيدة وانتماء. شبابنا تركوا أوطانهم وذهبوا للتلبية اعلاناً ونصرة لصرخة أبي عبدالله(ع): هل من ناصر ينصرنا؟ هل من ذابّ يذب عن حرمنا؟
وزينب عقيلة الطالبيين تمثل الشرف المصان والمرأة العفيفة وزين النساء وهي قدوة نسائنا، فالدفاع عن حرمها انما هو أيضاً صرخة بوجه الغاصب أننا لن نسمح بتدنيس أشرافنا وأعراضنا، أو حتى المسّ بحرمة نسائنا.
في نهاية حوارنــا.. هل لديك رسالة، ولمن توجّـهينها؟
رسالتي لزوجات المجاهدين والشهداء على حد سواء. المسؤولية المترتبة على عاتقنا صعبة وثقيلة جداً، والحرب الموجهة إلينا تستهدف المرأة بشكل خاص لضرب البنيان الأسري وزعزعة المجتمع المسلم، وهذا يجعلنا نتصدى للهجمات بكل وعي ومسؤولية. من متابعة للأولاد وتوجيههم، إلى الاعتناء بدينهم وفكرهم، إلى ربطهم بالله بصورة دائمة وحثيثة. نحن من شبهنا الإمام الخميني(قدس) بالقرآن الكريم حينما قال: «المرأة كالقران كلاهما أوكل إليه مهمة صنع الانسان» الذي هو خليفة الله على الأرض .
انطلاقاً من هذا وجب على كل زوجة أن تأخذ مكانها ودورها الإلهي المقدس لتكون عوناً لزوجها في تحقيق أهدافه  وشريكته في الأجر،  ولتكمل الدور من بعده على أكمل وجه وصورة .
ولا أنسى كلام أبي عيسى لي: «أنت السبب في كل ما وصلت إليه وحققته من انجازات، بتحملك للمسؤولية في تربية الأولاد، بإدارة المنزل، بتنظيمك لأمورك المادية وترتيب أولوياتك، بحرصك على تنظيم كل شؤوننا في العائلة، أذهب إلى عملي مرتاح البال، فلا أقلق وهذا ما يجعلني أبدع في عملي، انت المرأة العظيمة التي تقف خلفي». هكذا يجب أن تكون الزوجة حتى تكون شريكة معه في الجهاد والأجر، ورفيقة له في الآخرة ،وحتى تنال التوفيق والرضا من الله.

 

البحث
الأرشيف التاريخي