منتجة وصانعة أفلام وثائقية سورية للوفاق:
مهرجانات سينما المرأة ساحة تلاقي بين دول العالم وتبادل للخبرات
يتعاظم دور المرأة في مجال صناعة السينما بالعالم العربي والاسلامي عاماً بعد عام.. وتتزايد أعداد المخرجات الشابات، اللاتي يتألقن في صناعة الأفلام القصيرة، والأفلام التي تحمل قصصاً إنسانية مؤثرة في إطار ما بات يُعرف بـ ”سينما من أجل الإنسانية”. ومع ذلك التعاظم لدور المرأة في صناعة السينما، اهتم الكثير من النقاد والكتاب برصد صورة المرأة في المشهد السينمائي العربي والإسلامي.. وراحت المهرجانات السينمائية ، تُنظم الندوات التي تناقش الدور السينمائي للمرأة في الحاضر والماضي. وقد عقدت مهرجانات عديدة في الدول العربية والإسلامية ومنها ايران لتسليط الضوء على قضايا المرأة في إيران والعالم لاسيما العالم الاسلامي ، ولتبيان مدى أهمية تنظيم مثل هذه الفعاليات، وللحديث عن دور المرأة في السينما، التقت صحيفة الوفاق مع المنتجة وصانعة الأفلام الوثائقية السورية الهام سلطان، وكان الحوار التالي:
الوفاق/ خاص
عبير شمص
المهرجانات السينمائية ساحة تلاقي وتبادل خبرات
فن السينما هو عالم من فنون الرسم، النحت، الشعر، الموسيقى، العمارة، فالسينما فيها من الفنون التشكيلية والإيقاعية في الوقت نفسه، فتألق هذا الفن هو بالطبع تألق لمعظم هذه الفنون، وتعتبر المنتجة وصانعة الأفلام الوثائقية السورية الهام سلطان بأن:" السينما هذا الفن الساحر الممتع، هو فن جماهيري، لذلك يجب تقديمه باستمرار ضمن مهرجانات محلية دولية عالمية لأهميته ولأنه واجهة حضارية، ثقافية، فكرية وفنية، إذ تجمع المهرجانات الرواد، الفنانين، الفنيين والمبدعين من كافة المجالات ككتاب، روائيين، سيناريست، موسيقيين، مصورين ومخرجين وهذا يخلق الكثير من الفرص للنقاشات وتبادل الآراء مما يُشكل غنى فكري وفني وثقافي ومعرفي ويرتقي بالقيم والأفكار والتطلعات والفنون".
وترى أن:" لهذه المهرجانات أهمية كبرى إن كان على مستوى الدولة التي تقيم المهرجان أو الدول الأخرى المشاركة فيه، فمن ناحية الدولة التي تقيم المهرجان فهو دعم للسينما المحلية والأفلام التي تقدمها، وفرصة للتعرف على البلد، تاريخه، حضارته، إبداعاته ، ثقافته، تراثه وأماكنه السياحية المادية وغير المادية فيجعل البلد بحد ذاته منارة، أو للدول المشاركة عبر التعرف على سينما معظم دول العالم ويكرس منهجية حوار الحضارات حيث تبادل الخبرات والأفكار والرؤى الفنية والتعرف على حضارات وثقافات وتراث وعادات وتقاليد وفنون الدول الأخرى. فهذا التمازج يخلق حالة فنية فكرية ثقافية، اجتماعية، انسانية تضيف الكثير الكثير لجميع المشاركين وينصهر الجميع في بوتقة الانسانية والإبداع وهذا يؤدي للإرتقاء بالفن والفكر بالإضافة الى أنه فرصة كبيرة للمواهب الشابة لصقل موهبتها عبر الاطلاع على تجارب الدول الأخرى وخلق فرص عمل جديدة لهم، فالسينما يمكن أن تطرح الكثير من القضايا وهذا يفتح المجال لتصبح هذه القضايا تحت دائرة الضوء، وهذا يساهم في حل الكثير من القضايا عبر الاطلاع على الرسائل التي يطرحها كل فيلم إن كانت على مستوى الفرد أو المجتمع، فكيف إذا كان المهرجان يهتم بالمرأة والمرأة هي عماد بناء المجتمعات، وازدهارها، وأساس تطورها ورقيها".
فمن خلال المهرجانات والأفلام السينمائية التي تُعرض نستطيع الاطلاع على وضع المرأة في معظم دول العالم إن كان سلبياً أو ايجابياً ومعرفة دورها الأمومي في الأسرة ، الاجتماعي، الوطني والإبداعي ودورها في المقاومة، التضحية والعطاء، وايضاً التعرف على العقبات والمعوقات التي تعاني منها والتي تفرضها عليها الأسرة والمجتمع والعادات والتقاليد، كل ذلك يفتح رؤى وآفاق جديدة لحل الكثير من قضاياها والإرتقاء بمكانتها ومساعدتها في حل مشاكلها، وفق المنتجة سلطان.
تحديات سينما المرأة في العالم الاسلامي
تؤكد المنتجة سلطان بأنه:" لم يكن وجود المرأة في عالم السينما في العالم الإسلامي بالأمر السهل، فالمرأة شقت طريقها بصعوبة وتفاوت حضورها بين بلد وآخر، وفقاً لقوانين البلد وأنظمته، ومع ذلك استطاعت أن تحقق حضوراً مميزاً في جميع المجالات إن كانت كاتبة أو سيناريست أو مخرجة أو ممثلة، وأيضاً تغير حضورها بين فترة وأخرى منذ بدايات القرن العشرين إلى اليوم ومع ذلك استطاعت تجاوز العقبات وترك بصمة مميزة لها. فمثلاً في تركية لم يكن مسموح للمرأة دخول عالم السينما وبعد عام ١٩٢٣ أصبح للمرأة حضور وتأثير في عالم السينما أما في أفغانستان فما تزال المرأة تجد صعوبة في دخولها عالم السينما، لكن الحال إختلف كثيراً مع صناعة الفيلم الأفغاني الثاني، أي بعد عشرين عام من صناعة الفيلم الأول، وبات مألوفاً مشاركة النساء في السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون، واليوم لايكاد يخلو مهرجان للسينما خاصة الوثائقية والخاصة بالشباب من مشاركة نسائية أفغانية، وفي باكستان كانت "نور جيهان" أول مخرجة باكستانية وهي كذلك ممثلة وذلك في خمسينيات القرن الماضي، وفي التسعينات شهد بروز نساء مخرجات جديدات على الساحة السينمائية، وفي سورية تطور وضع المرأة في السينما كثيراً عن السابق وحصل الفيلم الروائي القصير "فوتوغرافي" من تأليف "بثينة نعيسة" وإخراج "المهند كلثوم" وإنتاج المديرية العامة للسينما السورية، على جائزة أفضل فيلم في مهرجان "سينيلا" السينمائي الدولي لأفريقيا والعالم في إيطاليا، ويتناول هذا الفيلم ظاهرة عمالة الأطفال وإجبارهم على ترك المدرسة وكسب لقمة العيش، كما عبر عن الآثار السلبية للحرب على هذه الفئة العمرية الصغيرة. وفي تونس كانت البدايات مع فيلم "ابنة قرطاج " ( ١٩٢٢) وقد كتبت له السيناريو ولعبت بطولته هايدي شكلي. وفي مصر كان فيلم "ليلى" أول فيلم مصري طويل وهو مبادرة شخصية من الممثلة المسرحية عزيزة أمير التي أنتجته ولعبت بطولته ١٩٢٥ وتوالت الأفلام التي أخرجتها وأنتجتها فنانات مصريات".
وترى المنتجة سلطان أنه:"سيظل موضوع سينما المرأة طور الجدل والنقاش بين المعنيين بشؤون السينما ومنظريها في العالم الاسلامي رغم أنها أثبتت حضورها المميز والمتألق في كافة المجالات".
وتلفت المنتجة وصانعة الأفلام الوثائقية السورية سلطان :" أنه أقيم العديد من المهرجانات عن سينما المرأة مثل مهرجان القاهرة الدولي لأفلام المرأة والذي عرضت في دورات مختلفة فيه أفلام: " لي قبور في هذه الأرض" إخراج رين متري (لبنان)، "رحلة في الرحيل" إخراج هند شوفاني (فلسطين)، "سكون" إخراج لواء بارجي (سوريا). أما مهرجان بغداد السينمائي الدولي، وتأتي ضمن فعالياته الرسمية، مسابقة أفلام المخرجات العربيات، ومن بين الأفلام المشاركة في هذه المسابقة: "هذه ليلتي" إخراج آلاء شاكر (الإمارات)، "ذاكرة الضمير" إخراج زينب محروس (العراق)، "ألف رحمة ونور" إخراج دينا عبدالسلام (مصر)، "دبلة الخطوبة" إخراج تغريد الفرة (فلسطين)، "جمعة مباركة" إخراج أسماء المدير (المغرب). وكذلك مهرجان أفلام بعيون النساء والذي عُقد بمدينة غزة في فلسطين، وتقتصر الأفلام المشاركة فيه، على أفلام المخرجات الفلسطينيات، ومن بين أفلامه: "لجوء آخر" إخراج عبلة مبروك، "سحجة وترويدة " إخراج عايدة الرواغ، "سياج" إخراج اعتماد وشح، "الفنجان" إخراج نهيل السلطان، "بقعة حمراء" إخراج ريما أبوصحة.
المرأة في السينما الايرانية
ترى المنتجة سلطان أنه :" لإيران تاريخ طويل في السينما بداً من الفيلم الأول الذي صور في عام ١٩٠٠ في بلجيكا وبعدها افتتح صالة عرض في طهران حوالي عام ١٩١٢ وظهرت صالات أخرى جعلت الفن السابع أقرب إلى الأوساط الشعبية، وفي عام ١٩٣١ أسس في طهران مدرسة للسينما وحققت نجاح عظيم".
أما عن المرأة في السينما الإيرانية والتي لم يكن لها أية قيمة في عالم الإخراج كإنسانة مبدعة وفاعلة في المجتمع أثناء فترة ما قبل الثورة الإسلامية إذ لم يظهر على عهد نظام الشاه البائد إلا مخرجتان: "شهلا رياحي" في فيلم قصير "مرجان" و"فروغ فرخزاد" في فيلم "البيت المظلم". أما بعد الثورة الاسلامية فتقول المنتجة سلطان بأنها استعادت مكانتها ومنزلتها التي كانت تفتقر اليها سابقاً وأصبحت تتمتع بحقوقها كاملة مما جعلها تبدع بعملها كإنسانة كاملة وبذلك فرضت على العالم النظر اليها بإعجاب و تقدير واحترام. وقد عرضت المرأة نموذجا ًسينمائياً متكاملاً وحققت انجازات عظيمة فتألقت بما لديها من طاقات ومواهب فنية على أفضل وجه بكل حرية وبدون أدنى قيود".
مشاركة لجان التحكيم في المهرجانات الايرانية
بداية تقدر المنتجة سلطان "الجهود المبذولة لتنظيم المهرجانات السينمائية حالياً رغم الظروف الصعبة التي تمر بها إيران على كل المستويات والتي كان آخرها مهرجان الكوثر، وهذا دليل أن إيران بلد مؤسساتي قوي متماسك له جذور يتجاوز جميع العقبات الداخلية والخارجية، و بالنسبة للأفلام التي عرضت في مهرجان الكوثر السينمائي الدولي الذي عقد في إيران منذ فترة قريبة، والذي شاركت به وكنت في إحدى لجان تحكيمه فقد تفاوتت بين الوسط والجيد والجيد جداً وطبعاً هناك أفلام على مستوى عال من الإخراج والسيناريو والصورة والصوت والموسيقى والغرافيك وحركة الكاميرا والإضاءة وبالأخص الفكرة التي يقدمها أو الرسالة التي يريد الفيلم إيصالها، وكان من الواضح وجود نبض الأرض والحق والمقاومة والوطن والشهادة في أغلب الأفلام ونتمنى في المهرجانات القادمة مع تجاوز بعض الملاحظات التوفيق والتألق للسينما الإيرانية التي لها تاريخ طويل من العطاء والشغف والنجاح ولمهرجان الكوثر السينمائي بدورته الأولى النجاح ووضع خطواته الأولى في طريق العالمية لتثبت على مر التاريخ أن إيران تاريخ وابداع وفن وانسانية وحضارة" .