تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
مع تطورها بشكل لافت في السنوات الأخيرة
لماذا تعد العلاقات القوية مع النيجر هدفاً مهماً لتركيا؟
يقال إن الموقع الجغرافي الفريد للنيجر في الساحل الأفريقي ومواردها الغنية من اليورانيوم تعد من أهم عوامل الجذب التي لها أهمية حيوية في رسم خريطة طريق تركيا للتأثير في هذا البلد، لكن الجهاز الدبلوماسي التركي غير راضٍ عن الإفصاح عن هذه المعلومات، وطالما ادعى أن تطوير العلاقات مع النيجر يهدف فقط إلى التضامن مع الشعب الأفريقي وتحقيق المنافع الاقتصادية المتبادلة.
كما أعلنت وزارة الخارجية التركية أنه على عكس ما ورد في وسائل الإعلام، فإن روسيا نفسها، بصفتها مصممة ومنشئة محطة أكويو النووية التركية، ستوفر اليورانيوم اللازم للمفاعلات الأربعة المعنية، ولا حاجة للتعامل مع النيجر لتوفير اليورانيوم.
من الواضح أن هذا جزء من السياسة المعلنة لتركيا، ولكن في مجال الممارسة، حدثت أمور تشير إلى أن تركيا تعمل بدقة للتأثير في النيجر، ليس فقط فيما يتعلق باليورانيوم، بل أيضاً في مجال الوساطة بين الانقلابيين والسياسيين، كما قامت بالعديد من الإجراءات للتأثير الثقافي في النيجر.
أظهرت الزيارة الأخيرة للوفد التركي رفيع المستوى إلى النيجر، خاصة في الذكرى السنوية الأولى للانقلاب العسكري في هذا البلد الأفريقي، أن هاكان فيدان، بصفته وزيراً للخارجية، قد نفذ الوعود والاتفاقات اللازمة لتطوير النشاط بعد زيارة رئيس وزراء النيجر إلى أنقرة ولقائه مع أردوغان.
شارك في الزيارة إلى النيجر كل من ياشار غولر وزير الدفاع، وإبراهيم كالين رئيس جهاز الاستخبارات MIT، وألب أرسلان بيرقدار وزير الطاقة والموارد الطبيعية، وخلوق غورغن رئيس الصناعات الدفاعية التركية، بالإضافة إلى أوزغور فولكان نائب وزير التجارة. إن مراجعة قائمة أعضاء الوفد التركي تظهر الأهمية الكبيرة للقضايا الأمنية والتسليحية في العلاقات بين تركيا والنيجر.
أهمية جغرافيا النيجر
منذ بضع سنوات، أصبح الأتراك مهتمين بدول أفريقية أخرى بالإضافة إلى دول الساحل المتوسطي الأفريقي، خاصة مصر والصومال وتونس وليبيا والمغرب والجزائر، تعتبر جمهورية النيجر رابع أكبر دولة في العالم لا تمتلك منفذاً بحرياً. تقع في غرب أفريقيا وتعد واحدة من أكبر دول العالم بمساحة تبلغ 1,267,000 كيلومتر مربع.
تحيط بجمهورية النيجر سبع دول أفريقية هي الجزائر وبنين وبوركينا فاسو وتشاد وليبيا ومالي ونيجيريا. يبلغ عدد سكان النيجر أكثر من 24 مليون نسمة وتتميز بكثافة سكانية منخفضة نسبياً.
بالإضافة إلى مواردها المعدنية الغنية مثل اليورانيوم، تتمتع النيجر بموقع استراتيجي خاص بين جنوب الصحراء الأفريقية والبحر المتوسط. علاوة على ذلك، فإن منطقة الساحل التي تقع فيها النيجر تتمتع بأهمية كبيرة من الناحية الجغرافية وفي إنشاء روابط بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
في الواقع، يزيد موقع النيجر عند تقاطع طرق الهجرة والتجارة بين المناطق الفرعية من أهمية المنطقة. بالإضافة إلى طرق الهجرة، تتمتع النيجر بموقع حيوي لأمن أوروبا من حيث مكافحة الإرهاب والتطرف. لذلك، فإن جغرافية المنطقة وقضاياها جعلت من النيجر هدفاً ذهبياً لتركيا.
النيجر ومالي وبوركينا فاسو هي ثلاث دول من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) علقت عضويتها حتى الانتقال إلى الديمقراطية وأعلنت عن تحالف دول الساحل (AES).
تمتلك الدول الثلاث نظرة خاصة لزيادة قدراتها التسليحية والأمنية، وفي هذا السياق، مع انخفاض النفوذ العسكري الفرنسي، اغتنمت تركيا الفرصة لملء هذا الفراغ. على الرغم من أن هذه المنطقة تُعرف باسم "منطقة الساحل"، إلا أن أياً منها لا يمتلك منفذاً إلى البحر، ونظراً لوجود صحارى تمتد لمئات الآلاف من الكيلومترات المربعة في النيجر، فإن هناك مساحة لاستخدام الطائرات بدون طيار التركية الصنع للمراقبة الجوية في هذا البلد. وإلا فإن مراقبة تحركات هذه المنطقة الشاسعة عن طريق إرسال قوات برية ودوريات ليلية ونهارية سيكون أمراً مستحيلاً.
لكن وفقاً للمحلل التركي الشهير مراد يتكين، فإن عمل تركيا في هذه المنطقة الجغرافية ليس سهلاً، وتواجه واقع النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا. خاصة مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن الفرنسيين عادة ما تكون لديهم علاقات جيدة مع النخب والسياسيين والجنرالات الأفارقة.
أبدت الدول الأفريقية الثلاث رغبتها في استخدام قوات فاغنر الروسية في حروبها ضد القاعدة وداعش. ومع ذلك، فإن خيار إرسال قوات تركية عضو في الناتو قد يكون خياراً مختلفاً.
زار رئيس وزراء النيجر ووزير الاقتصاد والمالية "علي ماهاماني لمين زين" تركيا في يناير، وجاءت زيارة وفد هاكان فيدان إلى النيجر في وقت كان للقطاع الخاص التركي والمؤسسات الحكومية وجود طويل الأمد في النيجر.
تمتلك الشركات التركية استثمارات ومشاريع كبرى في قطاعات الطاقة والتعدين والخدمات والمقاولات في النيجر. كما تم افتتاح مستشفى الصداقة التركية النيجرية في عام 2019 كمستشفى للنساء والولادة.
لم تقف تركيا مكتوفة الأيدي في مجال النفوذ الثقافي في النيجر أيضاً، حيث تمتلك مؤسسة المعارف التركية 13 مدرسة و2 مهجع في 3 حرم جامعي في نيامي، ويصل العدد الإجمالي للطلاب في المدارس حتى عام 2024 إلى 1613 طالباً، ويستفيد 648 منهم من المهاجع التركية والمرافق الرياضية التي بنتها تركيا.
الصادرات العسكرية التركية
أدى طرد القوى الغربية، وخاصة فرنسا، من النيجر إلى تغيير التوازن الاستراتيجي للقوى في المنطقة. لهذا السبب، تكتسب قدرة النيجر على مواجهة أعمال المنظمات الإرهابية أهمية كبيرة. قامت النيجر، التي تتعاون حالياً مع تركيا في المجالات الدفاعية والأمنية، باستيراد منتجات مختلفة من الصناعات الدفاعية من تركيا لتعزيز قدراتها القتالية في مكافحة الإرهاب.
بموجب اتفاقية تم توقيعها في نوفمبر 2021، تم تصدير 6 طائرات بدون طيار من طراز Bayraktar TB2، بالإضافة إلى 12 طائرة تدريب نفاثة من طراز Hürkuş-C وطائرات هجومية خفيفة ومركبات مدرعة برية من تركيا إلى النيجر.
وقعت تركيا اتفاقيات تعاون مختلفة مع النيجر في العديد من المجالات. حالياً، هناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات مختلفة بما في ذلك التعاون العسكري والتعليمي والأمني والصحي والطبي، والتعاون في الصناعات الدفاعية والتعدين والطاقة والهيدروكربونات، والتعاون الاقتصادي والتجاري والفني.
تهدف تركيا إلى الاستفادة من خبراتها التي اكتسبتها في العديد من الدول الأفريقية الأخرى بما في ذلك ليبيا والصومال وتونس للحصول على مزيد من الامتيازات في النيجر.