تكلفة النقل تقفز بأسعار السلع

تدمير الطرق يفاقم الجوع في غزة

شهدت أسعار النقل الخاصة بالبضائع خلال الحرب الصهيونية على قطاع غزة ارتفاعاً كبيراً مقارنة مع ما كانت عليه قبل الحرب، ما انعكس بالسلب على أسعار البضائع والسلع المتوفرة في الأسواق خلال الفترة الماضية مع شكاوى الفلسطينيين من ارتفاع هائل في الأسعار في ظل أزمة مالية خانقة وقاسية.
قبل الحرب الصهيونية على غزة كانت الشاحنات التجارية المحملة بالبضائع تصل إلى الأسواق والمستهلكين من بوابة صلاح الدين مع مصر ومعبر كرم أبو سالم التجاري الواقع أقصى جنوبي القطاع. وفي أعقاب العملية العسكرية في رفح في مايو/ أيار الماضي بات الفلسطينيون يعتمدون على عدد قليل من الشاحنات تصل إليهم من معبر كرم أبو سالم أو بعض المعابر والطرق التي استحدثها جيش الاحتلال.
 قفزة أسعار الشحن في غزة
قفزت أسعار النقل والشحن لشاحنة واحدة تصل إلى القطاع من الضفة الغربية إلى معبر كرم أبو سالم لتصل إلى مبلغ يتراوح ما بين 13 إلى 15 ألف شيكل بعد أن كانت في السابق لا تزيد عن 5 آلاف شيكل.
ويتكبد التاجر الفلسطيني الذي يريد إدخال شاحنات تجارية تكاليف مرتفعة تتضمن عمليات التأمين للشاحنات في ظل غياب المنظومة الأمنية والشرطية بسبب الحرب، إلى جانب النقص الشديد في الوقود والسولار.
ويتحمل المواطن الفلسطيني هذه التكاليف ما يجعل فرضية الحصول على السلع شاقة ومرتفعة في ظل وصول معدلات الفقر إلى أكثر من 85% وتعطل أكثر من 90% من السكان عن وظائفهم.
يأتي ذلك في الوقت الذي بلغت فيه نسبة انعدام الأمن الغذائي 97%، عدا عن اعتماد غالبية السكان على المساعدات الإنسانية شبه المتوقفة منذ العملية العسكرية في رفح، وسط تراجع واضح في الحركة التجارية لا يزيد عن 3% فقط.
 المخاطر الأمنية وتدمير الطرق
يقول الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي رائد حلس: إن الحرب على غزة تركت تأثيرات سلبية على كل مناحي الحياة وعلى القطاعات الاقتصادية جميعها، بما في ذلك القطاع التجاري وبالتحديد نقل البضائع بين غزة والضفة الغربية. ويضيف حلس: أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في تكلفة نقل البضائع بين غزّة والضفة الغربية، وبحسب التقديرات فإن تكلفة النقل ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30% و50% وهي نسبة كبيرة للغاية.
ويرجع الباحث والمتخصص في الشأن الاقتصادي أسباب ارتفاع تكلفة نقل البضائع بين غزة والضفة إلى أسباب عدة أهمها: الإجراءات الأمنية الصهيونية المشددة على المعابر والطرق، ما أدى إلى تأخير وصول الشاحنات في موعدها المحدد وزيادة تكاليف النقل.
ووفق حلس، فإن من بين الأسباب ما خلفته الحرب من دمار شامل وكبير، وبالتحديد دمار الطرق والشوارع الرئيسية التي أصبحت غير آمنة أو مغلقة، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرار سائقي الشاحنات سلك طرق بديلة أطول، ما ينعكس على تكلفة نقل البضائع.
ويشير إلى سبب آخر هو تزايد المخاطر الأمنية على السائقين والمرافقين المكلفين بتأمين البضائع، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة نقل البضائع نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين لتغطية المخاطر الأمنية المتزايدة.
وحسب حلس، فإن ذلك تترتب عليه تداعيات اقتصادية تتمثل في زيادة أسعار البضائع في الأسواق مما يثقل كاهل المستهلكين ويؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، كما أن ارتفاع التكلفة وصعوبة نقل البضائع يؤديان إلى نقص في توفر السلع الأساسية، مما يتسبب في نقص السلع والبضائع الأساسية ويؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي.
ويشدد على أن الوضع التجاري في القطاع خلال الحرب معقد وخارج نطاق الضبط لذلك يحتاج إلى حلول جذرية وتدخل دولي لتخفيف العبء عن المواطنين في غزة، الذين يدفعون تكاليف الحرب بما فيها فاتورة ارتفاع الأسعار.
 أهمية كبرى لقطاع النقل
من جانبه، يقول الصحافي والباحث المتخصص في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر: إن قطاع الشحن والنقل في التجارة من أهم القطاعات التي يمكن من خلالها نجاح عملية إيصال البضائع والعملية التجارية. ويضيف أبو قمر: إن أي معوقات تعترض هذه العملية تؤثر على العملية التجارية بنسبة 35% وهي لا تقل أهمية عن توفير السلع الغذائية أو السيولة النقدية اللازمة لشرائها من الأساس.
ويوضح أبو قمر أن الجانب الصهيوني كان يتعمد تعريض هذه العملية للخطر وإحداث حالة من عدم الأمان وإبقاء السلع محتكرة على عدد من التجار ضمن سياسة التجويع التي انتهجت على الشعب الفلسطيني منذ بداية الحرب. ويؤكد أن عمليات النقل التي لم تكن آمنة كانت سبباً رئيسياً في عدم الرغبة بجلب السلع والبضائع إلى القطاع، وبالتالي فإن مجمل أسعار السلع قفزت كثيراً على اعتبار أن سلاسل النقل هي الأساس.
وينبه إلى أن تكلفة النقل في الوضع الطبيعي تتراوح من المبلغ الإجمالي ما بين 3 إلى 5% لكل شاحنة فيما تتراوح حالياً ما بين 25 إلى 30% فقط للنقل، ما يجعل الأسعار تقفز قفزات كبرى عند طرح السلع في الأسواق.
البحث
الأرشيف التاريخي