الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وخمسون - ٢٣ يوليو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وخمسون - ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

خبير في العلوم الإسلامية للوفاق:

عاشوراء تلهم كل حرّ بضرورة رفض الظلم نفسياً وعقلياً وعملياً

يسعى كل انسان في سلوكه الاجتماعي ومنذ ولادته وخلال نشأته وحتى مماته، للوصول إلى الكمال الذي قد يمثل له الجانب المادي كالسلطة أو الشهرة أو المال أو الخلود، أو ما قد يجسده في محاولة الوصول بنفسه إلى التكامل الروحي من خلال الإيمان بالقيم والمبادئ والمثل الإنسانية المشتركة وتطبيقها عبر السعي لتهديم عقبات الشر والتخلف والعنف والجهل والأنانية بسلاح الإصلاح وما يمثله من رمزية عالية في طريق الحق والمعروف والفضائل التي يجمعها وصراعه اللامتناهي ضد الباطل والمنكر وكل الرذائل التي يمثلها.من هنا جاءت نهضة الإمام الحسين بن علي(ع) الإنسانية الخالدة لتوضح ولتثبت هذا الخط الفاصل بين الخير والشر، وأن المناطق الرمادية بينهما لا توجد إلا في مخيلة المهادن أو المرائي أو أصحاب الهمم الضعيفة التي لا ترجو الخير لنفسها فضلاً عن ايجاده للآخرين، فلقد اختزل الإمام الحسين (ع) في عاشوراء كل هذه القيم الخيرة التي سعى لتطبيقها جميع الأنبياء والمرسلين والمصلحين طوال التاريخ والصراع المرير أمام الشر لمنع انتكاسة الانسان والمجتمع وانحداره نحو اللاإنسانية والعنف ومجتمع الغابة الخالي من القيم والفطرة السليمة. وفي هذا الصدد، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبير في العلوم الاسلامية من النجف الأشرف سيد حسن آل عبدالله الحسني فيما يلي نصه:

الوفاق/ خاص

سهامه مجلسي

رسالة عاشوراء الاجتماعية
في البداية، قال سيد حسن آل عبدالله الحسني بأن عاشوراء عنوان ثبت على وجه التاريخ العالمي والإنساني وتفاعل معه كل من نظر إليه تحت أي مرأى بمجرد الاطلاع عليه حتى طغى على هذا الشهر المحرم شهر عاشوراء لأن أعظم واقعة في التاريخ قد وقعت فيه هي اليوم العاشر من محرم.
نستدل على ما وقع فيه أن هنالك انسان قد أشار إلى مواقع الدنيا من خير وشر وحق وباطل قد وقف فيه انسان يحمل جميع معاني الإنسانية التي أرادها الله تعالى وكرم فيها ابن آدم أكرم انسان على وجه الأرض وحمل جميع صفات خلق الله الكرام وقد ورثهم من آدم(ع) إلى الرسول الأعظم(ص) وأميرالمؤمنين(ع) وفاطمة(ع) والحسن(ع)، وقد أحاط به أعظم نسب من جد وأب وأم وأخ ما حمل قط على وجه الأرض غيره، وهو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)، لذلك ومن هنا تنطلق أعظم رسالة إنسانية لجميع المجتمعات البشرية بقول سيد الخلق (ص): «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله مَن أحب حسيناً، وأبغض الله مَن أبغض حسيناً، حسين سبط من الأسباط» دليل ساطع أن دوره كدور جده في الوجود والاستمرار لحفظ الشريعة المحمدية الجامعة الكبرى. هذه الرسالة حملها الإمام الحسين(ع) لجميع الدنيا منذ أن خلق الله آدم(ع) إلى أن تفنى الدنيا. بالمعنى الذي قاله رسول الله(ص): «حسين مني وأنا من حسين»، لذلك كانت رسالته لجميع المجتمعات البشرية بلا حدود.
وقد دخل الإمام الحسين(ع) جميع مفاصل المجتمعات وفعلها من خلال البيان والتبيان وقد وضح جميع الصور الغامضة التي يحتاجها كل إنسان على وجه الأرض سواء كان ظالماً أو مظلوماً وحولها إلى سلوك تحتاجه البشرية بما أراده الله تعالى والرسول الأعظم(ص) لذلك دخل من أوسع أبواب الخلود بأعظم عطاء لم يقدمه أحداً من قبله، لذلك تعد أعظم رسالة لجميع المجتمعات البشرية، وتعدّ رسالة عاشوراء ثورة فكرية معنوية عملية ضد الطغاة والظالمين، وهي في الوقت نفسه، منهل ينهل منه الإنسان قيم الخير والحق والحرية والجمال.
ومثل هذه الأهداف التي تضمّها رسالة عاشوراء، تحتاج إلى جهود مضاعفة من أجل وضع مضامينها موضع التنفيذ، ولابد من أناس مؤمنون أشداء يتصدون لهذه المهمة الضخمة، وليس هناك أكثر قدرة على الشروع بها من الشباب، بسبب قدراتهم العضلية وتحملهم للمشاق والمصاعب التي قد لا يقوى على تحملها كبار السن، لذلك يعد الشباب الحسيني من أهم الذين يسعون ويعملون على إيصال رسالة عاشوراء للعالم، وكثير منهم تعهّد بذلك، لذا لا يجوز التخلّي أو التراجع عن وضع هذا العهد موضع التنفيذ.
خلود واقعة الطف
وأوضح الحسني بأن الإمام الحسين(ع) حمل التكليف الشرعي، وإن لم يكن خاصاً به بل عام شامل لجميع الأمة لمواجهة الباطل المتمثل ببني أمية. أما التكليف الخاص للإمام الحسين(ع) قد انتزعه الإمام من صلب التكليف الشرعي العام، لذلك أن الإمام الحسين(ع) نال الشهادة كي يكون شفيعاً، لذلك يوم القيامة يغبط على منزلته من الأنبياء والمرسلين بقول الرسول الأعظم(ص): «إنّ لك درجة في الجنة لا تنالها إلا بالشهادة». والإمام الحسين(ع) قدم المال والبنين زينة الحياة الدنيا وقدم الطفل الرضيع وأهل بيته وقدم أعظم الأنصار وقدم النفس الزكية.. والجود بالنفس أقصى غاية الجود، لذلك استحق الإمام الحسين(ع) الخلود وخلدت معه واقعة الطف ومَن كان بها معه.
تجديد واقعة الطف على المسلمين
وعن تجديد واقعة الطف على المسلمين، ذكر الحسني أنها تكون ضمن المدى الإلهي الذي شاء به الله تعالى. وبلا شك أن مدى تجديد هذه الذكرى يعد واجب على كل مسلم لأنه مشروع إلهي لإحياء الشريعة المقدسة وهي قضية تجمع المسلمين وتوحدهم تحت ظل إرادة الله تعالى ومشيئته. قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(ع): «المشيئة مُحدثة». وعنه(ع): «خلق المشيئة قبل الأشياء، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة»، و«خلق الله المشيئة بنفسها، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة».
الجوانب المفيدة من سيرة عاشوراء
وأشار الحسني إلى أن سيرة عاشوراء قد استفادت الدنيا منها بأسرها الموحد وغير الموحد، ويقول غاندي: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر» وهو هندوسي، لذلك على جميع الشباب والفتيات أن يستفيدوا من هذا الأثر العظيم بتجديد هذه الذكرى بالأمر الذي نهض من أجله الإمام الحسين(ع) ولهذه الذكرى أهمية عالمية قد بلغت قطبي الأرض وجميع القارات للمسلمين وغير المسلمين، ما جعلت الإنسانية المحور العام الذي دافع عنه الإمام الحسين(ع)، لذلك على المسلمين أن يجعلوا يوم عاشوراء نصرة للحق ضد الباطل للحفاظ على القيم الإنسانية والإسلامية لوحدة المسلمين ضد أعداء الإنسانية والإسلام، وسيرة عاشوراء تلهم كل حر بضرورة رفض الظلم نفسياً وعقلياً وعملياً، فالحياة في ظل الظلم والقهر والطغيان شقاء وتعاسة، أما الموت في سبيل الحق وتحقيق العدل فهو سعادة كما يرى الإمام الحسين(ع).فعلى الشباب والفتيات أن لا يقبلوا بأي ظلم، ولا بظلم أي ظالم، فالقبول بالظلم معاونة للظالم على ظلمه، وفي المقابل العمل من أجل تحقيق العدل في كل شيء، ورفض الظلم في أي شيء. أما الأساليب والأدوات لتحقيق ذلك فتختلف باختلاف الزمان والمكان؛ لكن يبقى رفض الظلم ومقاومته والسعي لتحقيق العدل أمر ثابت لا يتغير.نهضة الإمام الحسين(ع) هي من أجل الإنسانية، لذلك مَن يكون مع الموقف الحسيني يجب أن ينظر لهذا المعنى لخدمة المجتمع الإنساني، مبيناً هذا الأمر للناس عامة بأن الإمام الحسين(ع) نهض من أجل الحفاظ على جميع القيم وجعل المجتمعات البشرية متحررة من جميع القيود التي تفرض عليها مادياً ومعنوياً بالعدل والمساواة ورفع القهر والظلم والعدوان.
مجالس عاشوراء منطلقاً للإصلاح
قال الإمام الحسين(ع) لأخيه محمد بن الحنفية: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم.. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي(ع)».
وذكر الحسني أن مَن كان على هذه السيرة جعل نفسه خادماً للإمام الحسين(ع) فيكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر مصلحاً اجتماعياً معالجاً للقضايا الاجتماعية بسيرة حسنة هدفها الخدمة والتواضع والإيثار، وهذا ما أراده الإمام الحسين(ع) في نهضته الشريفة.
فلا شك أن المجالس مدارس هذا ما قالته العرب لذلك تعد مجالس الإمام الحسين(ع) من المدارس العظيمة وهي مدرسة قد احتوت ميراث عظيم بزيارة وارث. لقد قدم لنا الإمام الحسين(ع) ميراث عظيم حوله إلى مدرسة جامعة للأديان والقيم الإنسانية منذ أن خلق الله آدم(ع) إلى أن تفنى الدنيا وإلى يوم القيامة، لذلك فرصة مجالس عاشوراء تعد موضع تربية وإعداد وتبيين للناس عامة، هذا ما شهده العالم اليوم بواسطة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمسلمين في العالم الذين يحيون مجالس عاشوراء في جميع أرجاء العالم، لذلك على كل مَن لديه القدرة بالمساهمة والمشاركة أن يكون عنصر فاعل في إحياء الشعائر الحسينية والمجالس التي يجب أن تعد لها برامج من نهج الإمام الحسين(ع) وأهل البيت(ع).

 

البحث
الأرشيف التاريخي