لقاء الفصائل الفلسطينية في بكين.. هل يكون بداية الوحدة الوطنية؟
الوفاق/خاص
ناصر سعيد
في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها القضية الفلسطينية، تتجه الأنظار نحو العاصمة الصينية بكين، حيث من المقرر أن يجتمع ممثلو الفصائل الفلسطينية يوم 22 يوليو 2024. هذا اللقاء يأتي في إطار الجهود المستمرة لتحقيق الوحدة الوطنية واستعادة التوافق بين الفصائل، ولا سيما بين حركتي فتح وحماس والجهاد الإسلامي.
الهدف من اللقاء
الهدف الرئيسي من لقاء بكين ليس فقط تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وهو أمر بالغ الأهمية، بل يتجاوز ذلك إلى التوافق على برنامج سياسي ونضالي موحد. هذا البرنامج يهدف إلى استثمار ما حققته القضية الفلسطينية من حضور ونجاح على الساحات الدولية، وتحويل هذا الزخم إلى قوة دافعة نحو تحقيق الأهداف الوطنية. إن المصلحة الوطنية الفلسطينية تتطلب وحدة حقيقية وبرنامج نضالي وسياسي موحد يوحد شعبنا ويزيد من صموده ونضاله وفعالياته، وكذلك يحقق الأهداف المشروعة.
لماذا الصين؟
اختيار الصين كمضيف لهذا اللقاء ليس مجرد صدفة؛ فهي قوة عالمية صاعدة تسعى لتعزيز نفوذها السياسي في منطقة الشرق الأوسط. الصين لديها تاريخ طويل من الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، وتعتبر وسيطاً نزيهاً يمكنه تقريب وجهات النظر بين الفصائل المختلفة. استضافة الصين لهذا اللقاء تعزز من فرص نجاحه، حيث توفر بيئة محايدة بعيدة عن التأثيرات والضغوط الإقليمية المعتادة.
العوامل الإيجابية والنجاحات
على الرغم من الظروف الصعبة والتحديات الجسيمة، تمكنت القضية الفلسطينية من تحقيق نجاحات ملموسة على الساحة الدولية. الإدانات الواسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان ضد السياسات الصهيونية الجائرة، والاعتراف المتزايد بدولة فلسطين من قبل بعض الدول الأوروبية، كلها تؤكد أن النضال الفلسطيني قد نجح في كسب تعاطف دولي كبير. التحولات البارزة في الرأي العام العالمي تجاه الكيان الصهيوني، وتآكل صورتها كدولة ديمقراطية في ظل استمرار الاحتلال والانتهاكات، تشكل عوامل قوة للقضية الفلسطينية.
الزخم الدولي الحالي ليس مجرد تعاطف عابر، بل هو نتيجة لجهود دؤوبة من النشطاء الفلسطينيين وحركات التضامن العالمية التي عملت على كشف الحقائق وتوعية الجماهير. هذه المكاسب الدولية تمثل رصيداً يجب استثماره بحكمة، عبر بناء برنامج سياسي ونضالي موحد يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني ويعزز من صموده على أرضه. الاستفادة من هذا الزخم وتوظيفه في دعم الوحدة الوطنية سيكون له أثر كبير في تحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني.
التحديات وعوامل الفشل
لكن هذا اللقاء ليس بدون تحديات. الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح وقطاع غزة الذي تديره حركة حماس لا يزال يمثل عقبة كبيرة. حركة فتح والسلطة الفلسطينية تواجهان اتهامات بعدم الالتزام بترتيب البيت الفلسطيني لتظل متفردة بالقرار الفلسطيني على أسس غير ديمقراطية، مما يزيد من تعقيد الأمور. بالإضافة إلى ذلك، الضغوط الخارجية، سواء من بعض الدول العربية أو من الولايات المتحدة وحلفائها، تسعى لعرقلة جهود المصالحة وعدم تمثيل حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الأطر القيادية للشعب الفلسطيني.
كيفية زيادة فرص النجاح
لزيادة فرص نجاح هذا اللقاء، يجب على جميع الفصائل الفلسطينية الالتزام بالعمل بروح وطنية وتجاوز الخلافات الضيقة. التوافق على برنامج سياسي ونضالي موحد يتضمن الأهداف المشتركة والآليات الواضحة لتحقيقها سيكون خطوة مهمة. هذا البرنامج يجب أن يستثمر المكاسب الدولية للقضية الفلسطينية ويحولها إلى قوة سياسية فعلية على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، يجب احترام الاتفاقات المبرمة سابقاً وعدم التراجع عنها بعد انتهاء اللقاء. دعم الصين كوسيط نزيه يمكن أن يساهم في تقريب وجهات النظر بين الفصائل.
كيفية تقليل فرص الفشل
لتقليل فرص الفشل، يجب على الفصائل الفلسطينية مواجهة الضغوط الخارجية بروح من الصمود والإصرار على تحقيق المصالحة. تعزيز الثقة بين الفصائل من خلال خطوات عملية وتبادلية يمكن أن يقلل من التوترات ويعزز من فرص الوصول إلى توافق حقيقي. كما يجب على الفصائل الابتعاد عن تبادل الاتهامات والتركيز على المصلحة الوطنية العليا.
الخاتمة
لقاء الفصائل الفلسطينية في بكين يمثل خطوة مهمة على طريق المصالحة الوطنية. النجاح في تحقيق الوحدة الوطنية يعتمد على قدرة الفصائل على تجاوز الخلافات والعمل بروح وطنية لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني. الدعم الدولي والزخم العالمي للقضية الفلسطينية يجب أن يكون دافعاً إضافياً للفصائل لتحقيق تقدم حقيقي. إذا ما استطاعت الفصائل التغلب على التحديات والضغوط، فقد يكون لقاء بكين بداية جديدة لوحدة وطنية فلسطينية حقيقية، تدعمها المكاسب التي حققتها القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، وتحولها إلى برنامج سياسي ونضالي يوحد الجهود نحو تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة.