بزشكيان، مُستعرضاً رؤيته في السياسة الخارجية:
تعزيز العلاقات مع جيراننا على رأس الأولويات
الوفاق- كشف رئيس الجمهورية المنتخب، مسعود بزشكيان، عن نهجه ورؤيته في السياسة الخارجية والعلاقات مع دول العالم، وأكد في مقال له نشرته صحيفة "طهران تايمز"، بعنوان "رسالتي إلى العالم الجديد"، انه في ظل الحرب والاضطرابات السياسية بالمنطقة، أظهر النظام السياسي في إيران استقراره، من خلال إجراء الانتخابات بطريقة تنافسية وسلمية ومنظّمة، ودحض مزاعم بعض خبراء الشؤون الإيرانية في بعض الحكومات، مشدداً على أن هذا الاستقرار السياسي وأسلوب إجراء الانتخابات الزاخر بالفخر يؤكد فطنة قائد الثورة الإسلامية، وتفاني الشعب الإيراني في الانتقال الديمقراطي للسلطة، حتى في الظروف الصعبة.
وأضاف بزشكيان: على هذا الأساس، تعتزم إدارتي انتهاج سياسة تعتمد على اغتنام الفرص من خلال خلق التوازن في العلاقات مع كل البلدان، على نحو يتفق مع المصالح الوطنية الإيرانية، والتنمية الاقتصادية، ومتطلبات السلام والأمن الإقليمي والعالمي.
ورحب الرئيس المنتخب بـ"الجهود الصادقة الرامية إلى تخفيف حدة التوترات"، مؤكداً أن إيران تحت إدارته "سترد بالمثل على حسن النية".
تعزيز العلاقات مع الجيران
وأضاف: إنّ طهران "ستضع تعزيز العلاقات مع الجيران على رأس أولوياتها"، وستعمل على إرساء أسس "منطقة قوية"، بدلاً من منطقة تسعى فيها دولة واحدة لفرض هيمنتها وسيطرتها على الدول الأخرى. وأعرب أيضاً عن اعتقاده بأن "الدول المجاورة والشقيقة ينبغي ألا تهدر مواردها الثمينة في منافسات استنزافية، أو سباقات تسلح، أو تقييد بعضها بعضاً بلا داع، وبدلاً من ذلك، يجب أن يكون هدفنا خلق بيئة تمكّن الدول من تخصيص مواردها لتحقيق التقدم والتنمية في المنطقة لصالح الجميع". وتابع: سنبادر إلى التعاون مع تركيا والسعودية وسلطنة عمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات، والمنظمات الإقليمية، لتعميق العلاقات الاقتصادية، تعزيز العلاقات التجارية، زيادة الاستثمار المشترك، معالجة التحديات المشتركة، والمضي قدماً نحو إنشاء إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية.
الوقت حان لمعالجة التحدّيات
وقال الرئيس المنتخب: إن منطقتنا تعاني منذ فترة طويلة من الحرب والتوترات الطائفية والإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات ونقص المياه وأزمة اللاجئين والدمار البيئي والتدخلات الأجنبية وأن الوقت قد حان "لمعالجة التحديات المشتركة بين الدول في المنطقة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة"، موضحاً: إن "التعاون من أجل التنمية والازدهار الإقليميين سيكون المبدأ التوجيهي لسياستنا الخارجية". وأكد: إننا كدول تمتلك موارد كثيرة ومعتقدات مشتركة نابعة من تعاليم الاسلام السمحة، يجب علينا أن نتحد وان نعتمد على قوة المنطق وليس منطق القوة. مضيفاً: "من خلال الاستفادة من طاقاتنا لايجاد المعيار، يمكننا أن نؤدي دوراً حاسماً في النظام العالمي الناشئ بعد القطبية من خلال تعزيز السلام، وخلق بيئة هادئة مواتية للتنمية المستدامة، وتعزيز الحوار، وتبديد معاداة الإسلام". وأردف قائلاً: "إيران مستعدة للقيام بنصيبها العادل في هذا الصدد".
وأضاف بزشكيان بما يخصّ حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة ضدّ قطاع غزة، مؤكداً أن إدارته ستحثّ "كإجراء أولي، الدول العربية المجاورة على التعاون والاستفادة من كل الوسائل السياسية والدبلوماسية، لإعطاء الأولوية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في القطاع، بهدف وقف المذبحة ومنع اتساع الصراع".
موقف الشباب في دول الغرب
وشدّد رئيس الجمهورية المنتخب على "وجوب العمل بعد ذلك لإنهاء الاحتلال المطوّل الذي دمّر حياة 4 أجيال من الفلسطينيين". وفي هذا السياق، أكد على أن "جميع الدول ملزمة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية، وليس مكافأتها من خلال تطبيع العلاقات مع مرتكبيها المجرمين".
وتطرّق في مقاله إلى موقف الشباب في دول الغرب من الحرب على قطاع غزة، مؤكداً أن "الكثير من الشباب في الدول الغربية أدركوا صحة موقف إيران المستمر منذ عقود، تجاه الاحتلال الصهيوني".
وأضاف: أريد أن أغتنم هذه الفرصة لأقول لهذا الجيل الشجاع إن الاتهامات الموجهة إلى إيران بمعاداة السامية بسبب موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية ليست خاطئة تماماً فحسب، بل إنها تهين أيضاً ثقافتنا ومعتقداتنا وقيمنا الأساسية، وتأكدوا أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة مثل الاتهامات الظالمة بمعاداة السامية التي توجه إليكم عندما تتظاهرون في الجامعات للدفاع عن حق الفلسطينيين في الحياة.
العلاقات مع روسيا والصين استراتيجية
كما أكد رئيس الجمهورية المنتخب أن كلاً من روسيا والصين "وقفتا إلى جانب طهران خلال الأوقات الصعبة"، معرباً عن تقديره لهذه الصداقة، وقال: لقد كانت الصين وروسيا دائماً صديقتين وداعمتين لنا في الأوقات الصعبة. ونحن نقدر هذه الصداقة كثيراً.
وعن موسكو، أكد الرئيس المنتخب أن روسيا "حليف استراتيجي وجار مهم لإيران"، مؤكداً أن إدارته "ستظلّ ملتزمةً بتوسيع التعاون معها وتعزيزه". وأضاف: إن طهران "تتمنى السلام لشعبي روسيا وأوكرانيا وأن حكومتي ستكون مستعدة لدعم المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف".
"علاقة إيران بأميركا اللاتينية راسخة"
وعن العلاقات بين إيران وأميركا اللاتينية، أكد بزشكيان أنها "راسخة وسوف يتم الحفاظ عليها وتعميقها بشكل وثيق، بهدف تعزيز التنمية والحوار والتعاون في كل المجالات". ولفت إلى وجود "إمكانات أكبر بكثير للتعاون بين إيران ودول أميركا اللاتينية، مقارنةً بما يتم تحقيقه حالياً".
واعتبر الرئيس المنتخب العلاقات مع أوروبا، بأنها شهدت الكثير من التذبذبات صعوداً وهبوطاً، وأضاف: لقد انتهكت الدول الأوروبية جميع إلتزاماتها؛ لكنها تتوقع بشكل غير معقول أن تفي إيران بجميع التزاماتها من جانب واحد بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة. وتابع: على الرغم من هذه الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الدول الأوروبية، فانني أتطلّع إلى الدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا، بهدف وضع العلاقات على المسار الصحيح، استناداً إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة.
الشعب الإيراني شعب فخور
وإذ أشار بزشكيان إلى ضرورة أن "تعي الدول الأوروبية أن الشعب الإيراني شعب فخور لا يمكن التغاضي عن حقوقه وكرامته"، أضاف: عندما تدرك القوى الأوروبية هذه الحقيقة، وتضع جانباً تصورها المزيف المبني على تفوقها الأخلاقي، وتتغلب أيضاً على الأزمات الوهمية التي ألقت بظلالها على علاقاتنا لفترة طويلة، ستكون هناك فرص كثيرة للتعاون بين إيران وأوروبا يمكن استكشافها.
وأوضح أن هذه الفرص "تشمل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي، أمن الطاقة، طرق الترانزيت، البيئة، مكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات، أزمات اللاجئين"، وغيرها من المجالات.
أما عن الولايات المتحدة، فشدّد الرئيس المنتخب على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أن إيران لا ولن تخضع للضغوط".
إلتزام مبادئ نظام حظر الانتشار النووي
وتابع: إنه إلى جانب شن الحرب الاقتصادية ضد ايران، فإن واشنطن عمدت أيضاً الى تصعيد حدّة الصراع عبر الإنخراط في إرهاب الدولة، من خلال اغتيال قائد قوة القدس في حرس الثورة، الشهيد قاسم سليماني، بطل مكافحة الإرهاب صاحب الشهرة العالمية والمعروف بنجاحاته في إنقاذ شعوب المنطقة من داعش والجماعات البربرية المماثلة، واليوم يشهد العالم العواقب الوخيمة لهذا القرار.
وتابع في السياق نفسه قائلاً: في الواقع ان الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين أساؤوا استخدام نظام حظر الانتشار النووي -خلافاً لتقييمات أجهزتها الاستخبارية- بهدف فبركة أزمة تتعلق بالبرنامج النووي السلمي الإيراني، واستخدامها لممارسة الضغط المستمر على شعبنا. وأضاف: في الوقت نفسه، دعموا بنشاط ودون تردد "إسرائيل" - نظام الفصل العنصري العدواني الذي ليس عضواً في معاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يمتلك، وفقاً لكل الأدلة، أسلحة نووية.
وجدّد الرئيس الإيراني موقف طهران بشأن العقيدة الدفاعية، وقال: أريد التأكيد مرة أخرى أن العقيدة الدفاعية الإيرانية لا تتضمّن الأسلحة النووية وأدعو الولايات المتحدة للتعلّم من أخطاء الماضي واتخاذ سياسة جديدة وفقاً لذلك.