الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وتسعة وثلاثون - ٠٦ يوليو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وتسعة وثلاثون - ٠٦ يوليو ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في ظل عدم الرغبة بالمواجهة المباشرة

كيف ردت روسيا على تمادي أميركا في الجبهة الأوكرانية؟

الوفاق/ على الرغم من وجود تحذيرات وتهديدات نووية روسية، إلا أن الولايات المتحدة وفي خطوة تصعيدية قدمت أسلحة عسكرية متطورة لأوكرانيا دون مواجهة رد فعل خطير من روسيا. يظهر هذا أن بوتين لم يكن لديه حتى الآن رغبة في مهاجمة الغرب بشكل مباشر،وقد تؤدي الإجراءات التي يمكن لبوتين تحملها اليوم إلى ردود فعل أكثر حدة في المستقبل. هذا يعني أن الخطوط الحمراء الروسية لا تزال غير واضحة تمامًا وقد تتغير في المستقبل.
يُظهر تحليل النهج الحالي للولايات المتحدة في مساعدة أوكرانيا والسماح باستخدام الأسلحة الغربية ضد الأراضي الروسية أن التأثير التراكمي لهذه المساعدات على حسابات بوتين والكرملين قد يتم تجاهله،و يمكن أن يؤدي هذا إلى تغييرات أكبر في السياسات الروسية.
يعتقد الخبراء الروس أن الولايات المتحدة فقدت خوفها من الحرب النووية، وهو عامل كان مهمًا للاستقرار العالمي خلال الحرب الباردة. قد يؤدي هذا التغيير في الموقف إلى سعي روسيا لإيجاد طرق جديدة لاستعادة هذا الخوف.
 المواجهة الرمزية
من بين النخب في السياسة الخارجية الروسية، تم تقديم اقتراحات تشمل استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، إجراء اختبار تجريبي لقنبلة نووية، مهاجمة الأقمار الصناعية الأمريكية أو طائرات الاستطلاع بدون طيار. يمكن لأي من هذه الإجراءات أن تؤدي إلى أزمة خطيرة بين واشنطن وموسكو.
إن ظهور السفن والغواصات الروسية مجددًا في البحر الكاريبي ليس صدفة، بل يشير إلى تحرك استراتيجي محسوب. هذا الإجراء هو رد على إعلان الناتو عن إمكانية استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية لمهاجمة الأراضي الروسية، وكذلك إشارات من دول مثل فرنسا التي لم تستبعد إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا.
تعكس تصرفات روسيا في البحر الكاريبي نوعًا من التفاعل مع الحلفاء الإقليميين الذين عادة ما يشكلون تحديات لقيادة الولايات المتحدة في هذه المنطقة. هذا الاستعراض للقوة العسكرية هو جزء من نهج روسيا في "المواجهة الرمزية" في علاقاتها مع أمريكا اللاتينية والكاريبي.
تقسم النخب الروسية العالم إلى قسمين:
- الخارج القريب: يشمل أراضي الاتحاد السوفيتي السابق حيث تدعي روسيا حقوقًا "طبيعية" بسبب إرثها التاريخي والاقتصادي والثقافي.
- الخارج: يشمل بقية العالم حيث قد يكون لروسيا مصالح، ولكن تفاعلاتها في هذه المناطق أكثر محدودية.
يمكن أن يؤدي الوجود العسكري الروسي في البحر الكاريبي إلى تغيير في ديناميكيات القوة العالمية وزيادة المنافسة الاستراتيجية بين القوى الكبرى. تُعتبر هذه الإجراءات، خاصة في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، محاولة من روسيا لإظهار قوتها ونفوذها في مواجهة إجراءات وإعلانات الناتو والحلفاء الغربيين.
التفاعل مع الخارج القريب
تنظر روسيا إلى أمريكا اللاتينية، وخاصة البحر الكاريبي، على أنها "الخارج القريب" للولايات المتحدة. تعتبر هذه المنطقة من وجهة نظر روسيا ذات أهمية مماثلة لأهمية دول الاتحاد السوفيتي السابق بالنسبة لروسيا. لذلك، فإن تفاعل روسيا مع هذه البلدان هو نوع من الرد على دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا ومناطق أخرى في "الخارج القريب" لروسيا.
على عكس الدعم الملموس والمادي للولايات المتحدة لأوكرانيا، كانت إجراءات روسيا في أمريكا اللاتينية رمزية في الغالب. تظهر هذه الإجراءات قدرة موسكو على التفاعل مع البلدان القريبة من أراضي الولايات المتحدة وتذكر واشنطن بأنها لا تستطيع عزل روسيا على المستوى العالمي.
خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، أقام الاتحاد السوفيتي علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. على الرغم من أن هذه العلاقات تراجعت مع بداية الحرب الباردة، إلا أن أمريكا اللاتينية ظلت ساحة مهمة للاتحاد السوفيتي.
كاستثناء، أصبحت كوبا معتمدة بشدة على المساعدة السوفيتية، لكن الاتحاد السوفيتي سعى باستمرار للحصول على فرص للتفاعل العسكري والاقتصادي والأيديولوجي في المنطقة لتحدي هيمنة الولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي. يشير وجود روسيا وتفاعلاتها في نصف الكرة الغربي، خاصة في البحر الكاريبي، إلى ارتياح موسكو في هذه المنطقة واحتمال تصاعد التوترات بين البلدين. هذه الإجراءات الرمزية، على الرغم من أنها قد لا يكون لها تأثير مباشر، إلا أنها تظهر قوة روسيا ونفوذها في المناطق الأقرب إلى الولايات المتحدة.
تعمل روسيا في نصف الكرة الغربي، وخاصة في أمريكا اللاتينية، باستخدام مجموعة من الأدوات السياسية والاقتصادية وكذلك الفضاء المعلوماتي. تتجاوز هذه الإجراءات مجرد عرض القوة الصلبة وتشمل الدعم الدبلوماسي وتسهيل التجارة والالتفاف على العقوبات.
في عام 2019، كان دعم روسيا لنيكولاس مادورو في فنزويلا، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي والمساعدة في الالتفاف على العقوبات من خلال تجارة النفط، من العوامل المؤثرة في فشل جهود الولايات المتحدة ودول أخرى للإطاحة بحكومة مادورو.
دفعت العقوبات المفروضة على روسيا بعد الحرب الأوكرانية دول أمريكا اللاتينية إلى إعادة النظر في مواقفها. على سبيل المثال، طلبت البرازيل وخمس دول أخرى إزالة الأسمدة الروسية من قائمة العقوبات، حيث أن اعتمادها الشديد على هذه الأسمدة أدى إلى اضطراب في قطاعها الزراعي.
استخدمت روسيا نفوذها الاقتصادي، مثل السيطرة على صناعة تصدير الموز في الإكوادور، للضغط على دول المنطقة. يمكن لهذه الروافع أن تدفع الدول المستهدفة إلى تغيير قراراتها الاستراتيجية، مثل نقل الأسلحة السوفيتية والروسية الصنع .
يعد استعراض القوة العسكرية الروسية في البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي جزءًا من استراتيجيتها الرمزية المضادة. زاد هذا الوجود العسكري بشكل منهجي بعد الحرب الروسية الجورجية في عام 2008، ويشمل نشر الأساطيل البحرية وزيارة الدول الحليفة مثل فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا.
في السنوات الأخيرة، عرضت روسيا قدراتها العسكرية باستخدام تكنولوجيا الصواريخ المتقدمة، مثل صواريخ زيركون M223 فرط الصوتية وصواريخ كاليبر وأونيكس الجوالة. تم تركيب هذه الصواريخ على الفرقاطات والغواصات النووية واستخدمت بشكل منهجي في سوريا وأوكرانيا.
رد في الفناء الخلفي
على الرغم من أن الانتشار العسكري الحالي لروسيا في البحر الكاريبي يختلف عن أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962، ولم يتجاوز الكرملين بعد أيًا من الخطوط الحمراء لواشنطن في هذه المنطقة، إلا أن عرض القدرات العسكرية البحرية الروسية يشير إلى احتمال تصاعد التوترات بين القوتين العظميين.
تسعى روسيا، باستخدام استراتيجية متعددة الأوجه، بما في ذلك نشر القوات البحرية في البحر الكاريبي، إلى تقييم وتعزيز نفوذها في هذه المنطقة. تشير هذه الإجراءات إلى رغبة موسكو في تحدي هيمنة الولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي. يعكس نشر القوات البحرية الروسية في البحر الكاريبي عدم موافقة موسكو على التعزيز العسكري لحلف الناتو في أوكرانيا وأوروبا الشرقية. كما يظهر هذا الإجراء قوة روسيا وقدرتها –اذا أرادت- على إحداث اضطرابات في منطقة تُعرف بأنها منطقة نفوذ واشنطن.
البحث
الأرشيف التاريخي