الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • شهید القدس
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثمانية وثلاثون - ٠٤ يوليو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثمانية وثلاثون - ٠٤ يوليو ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

الأكاديمي والفائز بـ «شارة العِلم العالية» الدكتور «محمدعلي آذرشب» للوفاق:

القلم سلاح لدعم المقاومة ونقل ثقافات الشعوب

القلم لغة العقل والمعرفة وأداة للتعبير عن مشاعر البشر وأفكارهم وشخصياتهم. والاحتفال بالقلم هو احتفالٌ بالكتّاب والأدباء والمفكّرين الذين تركوا إرثاً للبشر يبني لهم حضاراتهم وتاريخهم. هو احتفالٌ بالحرف الذي أقسم به الله عزّ وجلّ في محكم كتابه، وبالكلمة التي كانت قبل كلّ شيء في هذا الوجود. يصادف اليوم الخميس 4 یولیو، يوم القلم في إيران، يوم للكتّاب والأدباء الذين يثرون المجتمع بقلمهم وتأليفاتهم القيّمة. القلم يعبّر عن صاحبه، فهو لسانه الصامت، الذي يتكلّم حبراً، وتسمعه العيون إذ تقرأ، ومداد القلم ليس بمحبرة ترافقه، وإنما مداده ما سال من عقل صاحبه فأوحى فيه من وحيه وأنار فيه من بصيرته، فالقلم يكتب ما يملى عليه من عقل صاحبه، ولا ننسى أن الله عز وجل قد أقسم في كتابه الكريم بالقلم حيث كانت السورة باسمه: ”ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ” (القلم /1)، وفي الراجح أن هذا الموضع هو الثاني نزولاً بعد مطلع العلق، ولا تستغرب أن يبدأ ربنا بنا أول أوامره بالقراءة، ثم يقسم بعد ذلك بالقلم وما يكتب الكاتبون. أما العلماء والكتّاب فلديهم مكانتهم الخاصة والمميزة في المجتمع، فمنهم الدكتور محمدعلي آذرشب، أستاذ جامعة طهران والذي قام بترجمة وكتابة أفضل الكتب التي حصلت على جوائز دولية يتم ترجمتها بواسطة مترجمين رائعين، فيعرفه الجميع بتأليفاته ونشاطاته الكثيرة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية، وتربية أجيال كثيرة من الطلّاب، فهو بأخلاقه وتواضعه وعلمه أستاذ للكثير من طلبة العلم. حصل الدكتور محمدعلي آذرشب على العديد من الجوائز في مجال العلم والأدب ومنها جائزة العلامة الطباطبائي، وجائزة الفارابي، كما حصل أخيراً على شارة العِلم العالية من جامعة طهران، فاغتنمنا الفرصة وفي يوم القلم أجرينا حواراً مع الأستاذ الذي قلمه وتأليفاته وترجماته القيّمة لا تحتاج إلى التعريف، وفيما يلي نص الحوار:

الوفاق/ خاص

موناسادات خواسته

بداية تحدث الدكتور آذرشب حول القلم، فقال: الله سبحانه وتعالى أكد على القلم في القرآن الكريم، "ن، وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" (القلم /1)، أقسم بالقلم، القلم له أهميته الكبرى في حياة البشرية، لأنه ينقل ثقافات الشعوب من جيل إلى جيل ويحافظ على الإنسانية وعلى المثل العليا التي تحملها البشرية عبر الأجيال، فالقلم له أهميته، ولذلك كما قلت أقسم به في القرآن الكريم، إجلالاً له ولكل مَن يحمل هذا القلم، ولكن يجب أن يكون حامل القلم أيضاً حامل الإلتزام، وحامل الرسالة والأمانة، لأنه ربما بعض الأفراد يستخدمون القلم، ويخونون الأمانة والرسالة، فينسفون قلمهم سماً زعافاً للآخرين ولذلك فإن القلم له حرمته الكبيرة ومَن يمسك القلم يجب أن يحافظ على حرمته لكي لاينحرف عن الطريق الصحيح وعن طريق الإنسانية، القلم كان على مر العصور، منذ أن خُلقت البشرية إلى اليوم، هو الوسيلة التي تنقل معارف البشرية من جيل إلى جيل، وتُنمّي وتُثري حياة الإنسانية على مر العصور.
الأدب وسيلة الإحياء
بعد ذلك بما أن للأستاذ آذرشب تأليفات كثيرة، سألناه عن رأيه حول الأدب وتأثيره في المجتمع، فقال: الأدب هو وسيلة الإحياء، الله سبحانه وتعالى قال: "يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم" (الأنفال/24)، الإحياء هو الهدف الكبير الذي تنشده الأديان الإلهية وينشده أتباع الأديان الإلهية، الأدب وسيلة من وسائل الإحياء، لذلك الإحيائيين بأجمعهم مهتمون بالأدب، لأنه يحيي الإنسان، ويرفع الإنسان من حضيض الطين إلى نفخة روح رب العالمين، يحيي النفوس، يُزكي الروح الجمالية في الإنسان، والإنسان إذا إنفتح على الجمال ينفتح على الله سبحانه وتعالى، لأن الله تعالى هو الجميل المطلق، فالأدب هو وسيلة إحياء النفوس، ووسيلة إنفتاح الإنسان على الجمال، وإنفتاح الإنسان على وحدة العالم الإنساني، الأدب يجمع بين الشرق والغرب، ويجمع بين المسلمين والمسيحيين، وهو الوسيلة لوحدة البشرية، إن سعدي الشيرازي مع أنه إيراني وفارسي، لكنه إستطاع أن يجمع الأمة الإسلامية في أدبه وبثقافته وبشعره، واستطاع حافظ الشيرازي كذلك، واستطاع المتنبي أن يقوم بذلك، وأنا كتبت أخيراً كتاب "المتنبي في إيران"، وبوّحت فيه هذه الحقيقة، كيف أن المتنبي حين جاء إلى إيران استطاع أن يجمع قلوب الإيرانيين على شعره واستطاع أن يجعل الأمة الإسلامية كلها تنشد شعره، وهكذا أيضاً أبو تمام، الذي أيضاً جاء إلى إيران، واستطاع بشعره وأدبه أن يجمع بين الأمة العربية والإيرانيين، ويوحّد القلوب، فالأدب يوحّد القلوب والنفوس، يُزكي الروح الجمالية، ولذلك كل الإحيائيين، هم أدباء ومتذوقين جداً للأدب، ولا بأس بأن أخبركم بأن الأدب، هو أعظم وسيلة لفهم اللغة العربية ولفهم لغة ذلك الأدب، ولذلك الفقهاء الكبار مع عظمة فقههم لكنهم شعراء وأدباء، مثل الشريف الرضي والشريف المرتضى، وأمثالهما، فلذلك الأدب هو إحياء ووسيلة ارتباط بين القلوب والأفكار والمشاعر، طبعاً الأدب كاللغة وكالقلم يُمكن أن ينحرف عن طريقه ولا يؤدي هذه الرسالة، ولكن الأدب الصحيح، والأدب الإنساني، والأدب الفطري، هو الذي يستطيع أن يشد القلوب، ويرفع مستوى المشاعر و يرفع الإنسان من الإرتخاء، فيرفع مستواه، فلذلك المقاومين أيضاً يهتمون بالأدب، ولذلك تجدون أدب المقاومة يستطيع أن يعمل عمله وفعله في رفع الإنسان، من حالة الخمول واللامبالاة إلى مستوى المسؤولية ودخول ساحة المعركة والدفاع عن القيم الإنسانية، وعن الإنسانية جمعاء.
القلم كالسلاح
أما في ظل الظروف الحالية وما يجري في غزة فقد سألنا أستاذ جامعة طهران عن رأيه حول القلم وهل يمكن إعتبار القلم كسلاح؟ فأجاب: نعم القلم كالسلاح، إذ يرفع إلى مستوى المجاهدين في غزة، والذين هم اليوم قد ارتفعوا في شعورهم، وفي معنوياتهم وفكرهم وكل ما منحهم الله سبحانه وتعالى وارتفعوا إلى مستوى الجهاد والتضحية والمقاومة والصمود أمام التحديات وكذلك الشعر الذي يستطيع أن يرتفع إلى مستوى المجاهدين، في مقاومتهم وعرفانهم وتضحياتهم، وارتباطهم بالله سبحانه وتعالى، كمايستطيع أن يؤدي دوراً كبيراً، ولذلك قائد الثورة الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى مهتم جداً بأدب المقاومة، ودائماً وفي كل مرة يحاول أن يدعو إلى أن يجتمع الشعراء عنده ويهتمون بأدب المقاومة، ومقاومة العدوان والصهيونية وأعداء البشرية، فأدب المقاومة له قيمته الكبرى في حياة الإنسان، ويستطيع أن يؤدي نفس الدور الذي يؤديه المجاهدون في ساحة المعركة، ولذلك كان الأدب منذ صدر الإسلام هو دعامة للدعوة الإسلامية، ودعامة للشهداء والدفاع عن القيم الإنسانية، وكما تعلمون، أن الرسول(ص) إهتم بالأدب ودعا الشعراء كحسان بن ثابت الأنصاري وأمثاله، أن يُنشدوا فيما يمكن أن يُدافع عن الدين والقيم الإنسانية، وهكذا أئمة أهل البيت(ع)، وهكذا كل المقاومين في العالم الإسلامي، اهتموا بالأدب لأنه يستطيع أن يرفع مستوى الإنسان إلى مستوى المقاومين والمجاهدين في ساحة المعركة.
اللغات والحضارة الإسلامية
وفيما يتعلق بتأثير اللغة الفارسية والعربية بعضهما على بعض، يقول الدكتور آذرشب: لاحظوا أن اللغة الفارسية والأدب الفارسي، ليس أدب الفُرس ولا لغة الفُرس، وإنما لغة الحضارة الإسلامية، وكذلك اللغة العربية والأدب العربي،  وكذلك لغات العالم الإسلامي، الكردية والأردية والتركية، هذه كلها لغات العالم الإسلامي، ونابعة من حضارة إسلامية واحدة، والحضارة الإسلامية هي التي تجمع هذه اللغات، والآداب وتوحّدها في إطار معين، ولذلك فإن الإيراني يستطيع إذا أراد أن يتذوق اللغة العربية، يستطيع أن يتذوقها بسهولة، وكذلك العربي يستطيع أن يتذوق اللغة الفارسية بسهولة، ولذلك نجد أن العالم العربي قد تعرّف من خلال "كلستان وبوستان" على سعدي، وتعرّف على ديوان حافظ الشيرازي، والمثنوي المولوي،  وتعرّف على كثير من آثار الفُرس باللغة الفارسية، وترجمها إلى اللغة العربية، وكذلك الإيرانيون أيضاً تفاعلوا مع اللغة العربية تفاعلاً شديداً واهتموا بالمتنبي والبحتري، وبأبي تمام، وحتى اهتموا أيضاً بالجواهري من المعاصرين، وأنا كتبت أيضاً كتاب "الجواهري في إيران" وبيّنت مدى إهتمام الإيرانيين بالجواهري وبشعره، وشخصيته، وهذا كله يدل على أن اللغة العربية والأدب العربي، وكذلك اللغة والأدب الفارسي،  صنوان من نبع واحد، وهو الحضارة الإسلامية التي توحّد بينهما، ولذلك فإن إهتمام الإيرانيين، باللغة العربية ليس بمستغرب، لأن العربية هي اللغة التي تفاعلت مع اللغة الفارسية تفاعلاً شديداً، فلذلك فإن الدارسين للغة الفارسية لابد أن يكونوا ملمّين أيضاً باللغة العربية والأدب العربي، وبدونهما لا يمكن للشخص أن يتخصص باللغة الفارسية، وهذه من ميزة الحضارة الإسلامية التي وحّدت الشعوب في ظل واحد، ويجب أن يكون ذلك منطلقاً لكل عمل يوحّد بين أمتنا الإسلامية، فمثلاً بعض الإخوان مهتمون بالتقريب بين المذاهب الإسلامية وباعتقادي التقريب بين المذاهب الإسلامية يمكن أن يكون عن طريق الفقه والأصول والكلام، لكن الأدب يستطيع أن يوحّد بين المذاهب أكثر من أي شيء آخر، وكما تعلمون مثلاً الشريف الرضي رثى أبي اسحاق الصابي بقصيدة من أعظم قصائد الرثاء العربي، فقيل له: هذا رجل صابئي وليس مسلم، فكيف ترثيه بهذه القصيدة العظيمة؟ فقال الشريف الرضي: جمعتنا رفاقة الأدب، فهذه كلمة خالدة، لذلك فأن الأدب يستطيع أن يجعل تقارباً بين الأديان والمذاهب، والقوميات، وهذه هي رسالة الأدب على مر العصور.
اللغة تجمع القلوب
وأخيراً اختتم الدكتور آذرشب كلامه بالقول: أولاً أشكركم وأدعوكم إلى أن يكون عملكم في الدرجة الأولى للتقارب بين الشعوب عن طريق اللغة والأدب، وهما الوسيلة المهمة التي تستطيع أن تجمع القلوب من الشرق إلى الغرب، لا تجمعها بين المسلمين فقط، بل تجمعها بين المسلمين وكل شعوب العالم، وفّقكم الله لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

البحث
الأرشيف التاريخي