الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وتسعة وعشرون - ٢٣ يونيو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وتسعة وعشرون - ٢٣ يونيو ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

رغم الأبعاد الدينية والتاریخية لخطاباته

لماذا فشل حزب العدالة والتنمية في التعامل مع قضية اللاجئين في تركيا؟

الوفاق/ في هذه الأيام التي تعاني فيها تركيا من أزمة اقتصادية عميقة وشاملة، يتحدث العديد من المحللين السياسيين والاقتصاديين في البلاد عن التأثير السلبي لوجود المهاجرين. يعتقدون أن تركيا استقبلت ما يقرب من 6 ملايين لاجئ أجنبي في وقت لا تستطيع فيه حتى تلبية احتياجات مواطنيها الأساسية.
أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول، هو أحد السياسيين الذين يدلون بتصريحات متكررة حول قضية اللاجئين والمهاجرين، لأنه في الوقت الحالي، يعيش مليونان ونصف المليون من اللاجئين السوريين والأفغان والأوزبك والأويغور في إسطنبول، وقد أدى وجودهم إلى ارتفاع أسعار السكن والغذاء والملابس والنقل، وفي الوقت نفسه، خلق نقصًا ومشاكل كبيرة في مجال البنية التحتية.
قال إمام أوغلو أمس الاول في دوسلدورف بألمانيا في تجمع للتجار الأتراك المقيمين في ألمانيا: "عندما أتحدث عن وجود كل هؤلاء اللاجئين، يقول الكثيرون: إنهم يديرون عجلة صناعة النسيج التركية وهم عمالة رخيصة. لكنني أعارض هذا الرأي. هل الصناعات التركية حقًا بحاجة إلى عمّال؟ حسنًا. دعونا نقبل العمال الأجانب كمهاجرين بشكل رسمي وقانوني مثل بقية دول العالم. لكن مع الوضع الحالي، ليس فقط إسطنبول، بل جميع مدننا الأخرى تواجه مشاكل".
قامت البروفيسورة الدكتورة رابعة كاراكايا بولات، عضو هيئة التدريس بجامعة إيشيك التركية، في مقال تحليلي بدراسة قضية وجود 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا، وأظهرت أن هذه المسألة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية والتحيزات الأيديولوجية والتاريخية لأردوغان وداود أوغلو، و مما جاء في مقالتها:
الخطاب السياسي واللاجئين
تواجه تركيا وضعًا خاصًا وغير مسبوق،حيث يستضيف ملايين اللاجئين والمهاجرين، منهم 4 ملايين سوري. و تناقش بولات لماذا جعل الخطاب السياسي والديني للحزب الحاكم في تركيا دخول اللاجئين السوريين إلى تركيا سهلاً، ولماذا الآن هي في مأزق لحل هذه الأزمة.
من الواضح أن رواية التضامن الديني، كأحد أركان الشعارات الدعائية لأردوغان وحزبه، خلقت عمليًا خطابًا سياسيًا يقوم على أساسه أن وجود اللاجئين وطالبي اللجوء ليس سيئًا فحسب، بل يجب الترحيب به!
بعد بداية الأزمة السورية، أنشأ حزب العدالة والتنمية خطابًا جديدًا باستخدام الشعارات الدعائية والمناورة على المبادئ الدينية مثل الشفقة والإحسان وحسن الضيافة، والذي كان قائمًا على استقبال اللاجئين بسبب التشابه الديني والمذهبي. غافلين عن أن هذه مسألة قانونية ومتعددة الأبعاد ويمكن أن تسبب مشاكل.
كانت تركيا منذ بداية الأزمة السورية أكبر مضيف للاجئين السوريين في العالم. بين عامي 2013 و2016، عندما كان دخول اللاجئين السوريين إلى تركيا في ذروته، لم يثر هذا الوضع معارضة كبيرة داخل تركيا ولم يعترض أحد.
بالطبع، كانت هناك أحيانًا تصريحات تحريضية وإجراءات ضد اللاجئين، لكن هذه الإجراءات لم تصل إلى حد ظهور أحزاب سياسية مناهضة للهجرة أو حتى تغيير نتائج الانتخابات كما حدث في الدول الأوروبية.
أبعاد خطابات حزب العدالة و التنمية
كيف وافق المجتمع التركي على دخول هذا العدد من اللاجئين؟ كيف استطاع حزب العدالة والتنمية الحاكم خلق هذه الموافقة؟ الرغبة في إيجاد إجابات لهذه الأسئلة دفعتني إلى تحليل خطاب حزب العدالة والتنمية حول قضية الهجرة.
تقول بولات عندما درست خطاب الفاعلين الرئيسيين في الحزب، وخاصة رجب طيب أردوغان، لاحظت ثلاثة أبعاد مهمة وبارزة:
أولاً: برر حزب العدالة والتنمية سياسة الأبواب المفتوحة تجاه الشعب السوري بخطاب التضامن الديني. روايات مثل الإشارة إلى الأنصار والمهاجرين في صدر الإسلام، والازدهار والبركة الاقتصادية للاجئين، والفوائد الإيجابية لهذا الأمر في العلاقات التركية الأوروبية، وتعزيز وترويج خطاب قائم على الأخوة الدينية.
ثانياً: الجزء الآخر من خطاب حزب العدالة والتنمية كان أن فتح الأبواب أمام الشعب السوري هو مسؤولية تاريخية. خاصة في خطابات أحمد داود أوغلو، كنا نسمع دائمًا أنه كان يميز بين الحدود الحقيقية لتركيا والحدود الخيالية. غالبًا ما كان يؤكد أن هذه مهمة تاريخية، وبما أن هؤلاء الناس كانوا يعيشون في مكان كان يومًا ما أراضي عثمانية، يجب أن نستقبلهم بأذرع مفتوحة.
ثالثاً: الجزء التالي من خطاب حزب العدالة والتنمية تجاه اللاجئين السوريين كان ادعاء التفوق الأخلاقي. تم الادعاء بأن تركيا متفوقة أخلاقيًا على أوروبا بسبب فتح أبوابها للاجئين السوريين.
إذا انتقد أحد أعضاء المعارضة سياسة حزب العدالة والتنمية في هذا المجال، كان يتم وصفه فورًا بأنه تابع للاعبين الأجانب وكان يقال: "أنتم لا تفهمون قيمنا التاريخية والأخلاقية والوطنية. أنتم لا تعرفون أصلاً ما هي رسالة المهاجرين والأنصار".
و الجدير ذكره أنه ليس فقط حكومة أردوغان وحزب العدالة والتنمية من لديهما نظرة دينية وأيديولوجية تجاه قضية المهاجرين واللاجئين، فقد شهدنا نفس النهج في أوروبا أيضًا.
في أزمة اللاجئين الجديدة التي نشأت بعد الأزمة الأوكرانية، شهدنا بناء خطاب مشابه لشعارات أردوغان في أوروبا، والذي حاول هذه المرة إظهار الجهود لاستقبال المهاجرين من خلال المسيحية.
الدول الأوروبية التي بذلت جهودًا كبيرة لإبقاء اللاجئين المسلمين السوريين خارج حدودها، فتحت أبوابها دون تردد أمام اللاجئين الأوكرانيين المسيحيين!
بالطبع، لهذه السياسة أبعاد تاريخية وجيوسياسية وثقافية أخرى. ومع ذلك، لا يمكن إنكار حقيقة أن الاتحاد الأوروبي، من خلال توجيه ملزم للدول الأعضاء، وضع اللاجئين الأوكرانيين تحت الحماية المؤقتة وقدم لهم بسرعة حقوقًا مثل التعليم والصحة والعمل.
مكّن التضامن مع اللاجئين الأوكرانيين بعض الجهات الدينية الفاعلة، التي فقدت أهميتها إلى حد كبير في السياسة الأوروبية، من العودة إلى مسرح السياسة والسلطة. لكن المشكلة هي أن الاقتصاد الأوروبي كان قادرًا على تحمل وتقديم مثل هذه الخدمات، بينما لم تتمكن تركيا من تلبية الاحتياجات وتوفير البنية التحتية.
سياسات فاشلة
و من الانتقادات الأخرى لسياسة الهجرة لدى الحزب الحاكم في تركيا هو أنه ركز فقط على الهوية الإسلامية المشتركة مع رواية التضامن الديني. هذا في حين أن نصف المجتمع التركي علماني ويعارض مثل هذا النهج.
حتى قضية العثمانيين مهمة فقط لجزء صغير من الشعب التركي، والناس يعارضون سلوك حزب أردوغان الذي يتجاهل الفترات قبل وبعد العثمانيين ويظهر تاريخ البلاد وكأنه ليس سوى التاريخ العثماني.
اعتاد حزب العدالة والتنمية على صنع أداة سياسية من كل موضوع، كما اعتاد على صب البنزين على نار الاستقطاب السياسي والاجتماعي. وقد فعل الشيء نفسه فيما يتعلق بقضية المهاجرين السوريين.
لكن هذه السياسة فشلت. لأن مسألة كراهية الأجانب أصبحت الآن قضية مهمة جدًا لدى جزء من المجتمع التركي. رأينا أنه لأول مرة في تاريخ تركيا، تم تأسيس حزب سياسي على أساس المشاعر المناهضة للهجرة (حزب الظفر بقيادة أوميت أوزداغ) وحصل هذا الحزب على 2.3٪ من أصوات الناخبين في أول انتخابات عامة له.
البحث
الأرشيف التاريخي