تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
في ذكرى ميلاده العطر
الأبيات الشعرية تبتهج بميلاد الإمام علي النقي الهادي(ع)
وفي النصف من ذي الحجة سنة 213 للهجرة النبوية، اشرقت الدينا بميلاد الامام علي بن محمد النقي المعروف بالإمام الهادي(ع) فهو من سلالة امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع)، وبميلاد وأفراح أهل بيت النبوة والطهارة عليهم السلام دائماً نشهد فيضان الأحاسيس ومدحهم في إطار أبيات شعرية، وكل ينشد بأسلوبه، ففي ذكراه العطرة، نذكر نبذة عن سيرته وفضائله الأخلاقية وأنموذج من الأبيات التي أُنشدت للإمام الهُمام علي الهادي(ع).
نفحات من حياة الإمام الهادي (ع)
نشأ وترعرع في ظل ابيه وتحت رعايته الکريمة، فأبوه الإمام محمد الجواد عليه السلام وارث علوم اهل البيت(ع)، وحامل معارف الرسالة، ونصّ الامام الجواد (ع) وشخّص شخصية الامام علي الهادي(ع) من بعده في موارد کثيرة يؤکد فيها ان "الامر من بعدي لولدي علي". (الفصول المهمة - ابن الصباغ المالکي).
لقد بدت عليه آيات الذكاء الخارق والنبوغ المبكّر الذي كان ينبئ عن الرعاية الإلهية التي خُصّ بها هذا الإمام العظيم منذ نعومة أظفاره، وقد تقلّد منصب الإمامة الإلهي بعد أبيه في الثامنة من عمره الشريف فكان مثالاً آخر للإمامة المبكّرة التي أصبحت أوضح دليل على حقّانية خط أهل البيت(ع) الرسالي في دعوى الوصيّة والزعامة الدينية والدنيوية للأمة الإسلامية خلافة عن رسول الله(ص) ونيابة عنه في كل مناصبه القيادية والرسالية.
وتنقسم حياة هذا الإمام العظيم إلى حقبتين متميّزتين: أمضى الأولى منهما مع أبيه الجواد(ع) وهي أقلّ من عقد واحد بينما أمضى الثانية وهي تزيد عن ثلاثة عقود عاصر خلالها ستّة من ملوك الدولة العبّاسية وهم: المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتز.
وتميّز عصر الإمام الهادي(ع) بقربه من عصر الغيبة المرتقب، فكان عليه أن يهيّئ الجماعة الصالحة لإستقبال هذا العصر الجديد الذي لم يُعهد من قبل حيث لم يمارس الشيعة حياتهم إلاّ في ظل الارتباط المباشر بالأئمة المعصومين (ع) خلال قرنين من الزمن.
نبراس للعلم ومناقبه
عاش الامام علي الهادي(ع) حياته في نشاط دائم متحرّك في الثقافة الاسلاميّة، فكان يعلّم الناس، ويعلّم العلماء منهم، حتى ذُكِر أنَّ الذين رووا عنه علومه بلغوا ما يقارب المائة وخمسةٍ وثمانين راوياً، والراوي عادةً يمثّل موقعاً ثقافياً متقدماً في ذلك الوقت، وأما مناقب الإمام الهادي(ع) وفضائله كثيرة، فنذكر بعضها التي جاءت في كتاب "أعيان الشّيعة"، ج 2".
- العلم: فقد روي عنه في تنزيه الباري تعالى وتوحيده، وفي أجوبة المسائل وأنواع العلوم، الشيء الكثير.
- الحلم: ويكفي في ذلك حلمه عن بريحة بعد ما وشى به إلى المتوكّل وافترى عليه وتهدّده كما يأتي.
- الكرم والسّخاء: قال إسحاق الجلاب: اشتريت لأبي الحسن (ع) غنماً كثيرة يوم التروية، فقسّمها
بين أقاربه.
البدائع الفنية في الصحيفة الهادية
يعد فن التصوير من المبادئ المهمة والأساسية في مجال الأدب؛ لأنها أفضل وسيلة للتعبير عن التجارب الحسية، بما في ذلك الأفكار، والمشاعر، والعواطف.
أهم عناصر الصور هي موسيقى الجمل والصور الخيالية، والتي توجد بكثرة في الأعمال الأدبية، مثل أدعية الأئمة الأطهار(ع)؛ كما أن أدعية الإمام الهادي (ع) لاتخلو من هذه الأداة الفنية، ونرى في هذه الأدعية صوراً معبرة مثل: الإستعارة، التشخيص، التشبيه، المجاز، والكناية، وكذلك فن الكلام الإبداعي، مثل: التكرار، السجع، الموازنة، الجناس، التورية، والتضاد، مما يدل على أهمية هذه الفنون الأدبية عند الإمام الهادي(ع).
إن الفن البصري للإستعارات والتشبيهات البليغة، وكذلك الفن المبتكر للسجع والجناس، هو أكثر من الصناعات الأخرى؛ كما يتم استخدامهما على أساس الطبيعة وليس مصطنعاً.
الأشعار والأعمال الفنية
مرقد السيدة فاطمة المعصومة(س) أيضاً يضم الفن الإسلامي وأبيات شعرية في مدح الإمام الهادي(ع)، ومن الأعمال الفنية الرائعة في صحن الامام الهادي (ع) نقش على الحافة العلوية لجدران هذا الصحن بخط جميل وغائر يعرض 29 بيتا من أروع القصائد في تاريخ العلوم الإسلامية والأدب والفن.
صحن الامام الهادي (ع) هو أقدم صحن في مرقد السيدة فاطمة المعصومة(س) والذي تم تزيينه بهذا الاسم في السنوات الأخيرة وقد عرفه الناس قديماً تحت عنوان "الصحن العتيق"، ويعد هذا الفناء من الأماكن التي تتمتع بروحانية خاصة وتاريخ وفن جميل.
وفي الأروقة الأخرى لصحن الإمام الهادي(ع) تستخدم جميع أنواع الزخارف الفنية الإسلامية وأعمال الجبس وأعمال المرايا، ويمكن مشاهدة استخدام النقوش الرائعة بالخط الكوفي والنقش
والثلت.
ومن الأعمال الفنية الرائعة التي يمكن مشاهدتها في صحن الامام الهادي (ع) نقش مكتوب على الحافة العلوية لهذا الصحن بخط جميل ومتشابك يحتوي على 29 بيتا من أروع القصائد في العصر الحديث، وتاريخ العلم والأدب والفن. الشاعر القدير الراحل "ميرزا محمد صادق بروانة كاشي" المعروف بـ "الناطق" الأصفهاني كتبها وكانت تسمى باسم "القصيدة المجازية".
هذه القصيدة التي كتبت سنة 1218هـ بمناسبة ترميم وتزيين قبة المرقد الشريف على يد الأصفهاني، عدد كل مقطع حسب الحروف الأبجدية 1218 (تاريخ الانتهاء من القبة المقدسة).
كتبت هذه القصيدة في اثنين وستين بيتاً (١٢١٨) ومائة وأربعة وعشرين بيتاً (١٢١٨)، وكتبت ٢٩ بيتاً منها على بلاطة في الهامش العلوي للبلاط القديم للسيدة فاطمة المعصومة(س)، والبيت الشعري المكتوب هو: "هذه قبة منمقة مزينة بالجواهر / أو نقية مملوءة بالجواهر"، وهي أول بيت من هذه القصيدة الطويلة.
أبيات في ذكرى ميلاده العطر
كما ذكرنا هناك أبيات شعرية كثيرة جاءت في ذكرى ميلاد الإمام الهادي(ع)، فمنها الأبيات التالية، للشاعر حميد حلمي بغدادي:
في يوم ميلادِ النقي الهادي
ذكرى مسيرةِ طاهرٍ سجّادِ
سبطٌ وقى نهجَ النبيِّ محَجّةً
من حقدِ طاغيةٍ بغى بعِنادِ
فابنُ الجوادِ إمامُ عدلٍ ثائرٌ
ومجاهدٌ هزمَ الحقودَ العادي
هزم الذي منعَ (الحُسينَ) زيارةً
فِسعى الحسينيونَ لاستشهادِ
جعلوا نُحورَهُمُ سِقايةَ ثورةٍ
تقضي على الطاغوتِ والجلّادِ
وبأمرِ هادِي المُخبِتين تصابرُوا
رَغماً لكلِّ مُناصِبٍ ومُعادِ
هو ذا سليلُ محمدٍ أعظِمْ بهِ
بابُ الكرامةِ خِيرةُ الأَجوادِ
ولدتْهُ (طيبةُ) ساطِعاً أنوارَهُ
دفنتْهُ (سامرّاءُ) باستِبدادِ
ففي ذكرى مولد الامام علي بن محمد الهادي(ع)، العاشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبهذه المناسبة السعيدة نهنئ جميع المسلمين.