الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثمانية - ٢٦ مايو ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وخمسمائة وثمانية - ٢٦ مايو ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

الأمّة التي ترى شهادتها سعادة منتصرة لا محالة

الوفاق/ خاص

د. أحمد الزين

من باب الولاء ومن واجب العزاء، نتقدم من الجمهورية الإسلامية الايرانية قيادة وحكومة وشعبا بأحر التعازي القلبية وأصدق مشاعر المواساة بهذا المصاب الجلل باستشهاد الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد اللهيان والوفد المرافق لهما، على أثر حادثة أليمة أدّت الى تحطم الطائرة التي كانت تنقلهم الى ديارهم بعد الانتهاء من مهام رسمية بافتتاح «سد مائي» مشترك بين إيران وجارتها وجمهورية أذربيجان لتعود بالفائدة الخدماتية والاقتصادية على البلدين وشعبيهما، وتعزيز التعاون الثنائي وإعادة الدفء للعلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين.
ان فقدان هولاء القادة الشهداء العظماء وغيابهم عن المشهد السياسي والخدماتي هو خسارة كبيرة لإيران وشعبها من الناحية المادية، ولكن من الناحية الغيبية شاءت حكمة الله ان يرتقوا مع قوافل الشهداء الذين ببركات وآثار دمائهم الزكية على مدى 45 عاما حققت أيران ثورة إسلامية (لا شرقية ولا غربية) وقفزة نوعية استراتيجية نقلتها من غياهب الجهل والضعف والتبعية الاجنبية الى إمتلاك عوامل القوة والاقتدار والتقدم والتطور في مختلف مجالات الحياة وحققت الانجازات العلمية العظيمة والانتصارات الميدانية على مختلف جبهات إعدائها امريكا وحلفائها الغربيين والصهيونية العالمية.. ولا تزال إيران تدك عروش تلك الطواغيت وتواجه جبروت الظالمين وهيمنتهم ومشاريعهم الاستعمارية.. وعلى رأسهم "الشيطان الاكبر" و"طاغوت هذا العصر" الولايات المتحدة.. ولا نزال إيران تصنع مجد الأمّة وسؤددها وكبرياءها.. وتزداد تقدما وتطورا وعزّا وكرامة وعلوا وشموخا.. وكما قال الإمام الخميني (قده): "الأمّة التي ترى شهادتها سعادة منتصرة لا محالة".
ولا خوف على إيران من اي اضطراب امني او اهتزاز سياسي بعد هذه الفاجعة الأليمة كما قال الامام الخامنئي(حفظه الله)، وهي الدولة المتماسكة الصلبة القادرة بروح الدستور على ملأ الشغور الرئاسي والوزاري وادارة الحكم بشكل طبيعي وسير اعمال البلاد بسلاسة، وقيادته الى برّ الامان والاستقرار.. لان إيران دولة برلمان ومؤسسات وقانون.. وقد مرت تاريخيا بتجارب مماثلة سابقة مكنتها ان تأخذ الكثير من العبر وتمتلك زخما كبيرا من تراكم الخبرات والمهارات وبناء القدرات والطاقات.. وأيران لها عمق أمبراطوري وامتداد ثقافي وكيانات متنوعة راسخة في جذور التاريخ عمرها ما يقارب 5000 ألاف عاما، وهي أمّة الإيمان والجهاد والشهادة التي تزخر بالكثير من القيادات المؤمنة بالثورة الإسلامية والكفاءات العلمية المقتدرة..
ورغم ان هذه الفاجعة كبيرة جداً ومؤلمة جدا بفقدان قادة كبار من أعمدة النظام الذين تركوا بصمات مضيئة في المشهد السياسي والدبلوماسي من خلال تطبيع العلاقات الاخوية بين إيران والسعودية، وفي مجال التعاون الثنائي وتطوير العلاقات بين إيران ودول الشرق (الصين وروسيا)، والسير على نهج الإمام الخميني (قده) المتمثل بالتقوى والتمسّك بالدين، والامتثال لأمر الله، واعتماد الاقتدار السياسي والعسكري والاقتدار الاقتصادي، إلا ان إيران كدولة هي أكبر وأقدر وأقوى واصلب بإيمانها ومبادئها الثابتة وصبرها الاستراتيجي وثباتها وحكمة قيادتها البليغة وحنكتهم السديدة.. وأثبت انها صامدة وقادرة على تجاوز هذه الخسارة وأحتواء تلك الاحداث الطارئة والمصاعب المستجدة كما تجاوزات تجاربها الأليمة السابقة.. وأزماتها التاريخية من فتن وعقوبات وحصار وحروب مباشرة وغير مباشرة وحروب ناعمة ومركبة وهجينة التي فُرضت عليها من قبل قوى الاستكبار الامريكي الغربي الصهيوني..
على سبيل المثال، في 30 أغسطس من عام 1981، وقع حادث تفجير في مكتب رئيس الوزراء الإيراني السابق، مما أدى إلى إستشهاد الرئيس الإيراني محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهنر.. وقبله بشهرين وقع تفجير هفت تير، أستشهد بسببه ثلاثة وسبعون من كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية بمن فيهم آية الله سيد محمد بهشتى.. ورغم تلك المآسي والمحن استطاعت إيران ان تتجاوز بسلاسة واقتدار تلك المخططات الشيطانية والمؤامرات الخارجية.. مما زادت إيران قوة وخبرة وثبات وعزيمة وإصرارا على تكلمة مشروعها الثوري التحرري الحضاري ومسيرتها الدينية والقيمية والإنسانية الطويلة في بناء الدولة والمجتمع والانسان على اسس معارف الدين المحمدي الأصيل والقيم السماوية.. ومكافحة الفساد واللاعدالة والظلم والاضطهاد والاستبداد والاحتلال والاستعمار.. حتى وصلت اليوم الى أعتى دولة نووية متقدمة قوية وأصبحت في مصاف الدول العظمى.
هذه الدولة العظيمة إيران لا تزال تحتل موقعا مميزا وبارزا على الساحتين الاقليمية والدولية، وتلعب دورا فاعلا وموثرا في حلّ القضايا الخلافية بينها وبين دول الجوار العربي والإسلامي، وفي تكريس اسس التسامح والتعايش والاستقرار وإفشاء الأمن والسلام في المنطقة والعالم.. والتأكيد على ألتزامها الديني والاخلاقي والانساني في نصرة المستضعفين والمحرومين ودعم قوى المقاومة وحركات التحرر.. والثبات على مناصرة القضية المركزية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتحرير أرضه وبناء دولته المستقلة من البحر الى النهر وعاصمتها القدس الشريف.. وتسخير جل طاقاتها وعزمها وأمكانياتها لإزالة الجهل ورفع حالة الوعي عند شعوب المنطقة لتقرير مصيرهم وتحرير أنفسهم من الانظمة الرجعية والمتخلفة التابعة والمطبعة مع الكيان الصهيوني وحماية دولهم وتعزيز وحدتهم وتوحيد مواقفهم ودعم مقاوماتهم في مواجهة أطماع أعداء الامّة الذين يهددون دينهم وثقافتهم ومقدساتهم وتاريخهم وامنهم بشكل مطلق.. ولا تهاب إيران أحدا من الإعلان عن تلك السياسة والاهداف الاستراتيجية ولا تتلكأ أبدا بالاجهار علنا بتلك المواقف الشجاعة على المنابر العالمية وفي المحافل الاممية والدولية.. وخير دليل، عندما رفع الرئيس الإيراني الشهيد إبراهيم رئيسي نسخة من القرآن الكريم بفخر واعتزاز خلال كلمته في اجتماع الجمعية العامة بالامم المتحدة في سبتمبر عام 2023، استنكاراً على حرق نسخ من القرآن الشريف وتصاعد حدة الكراهية تجاه الإسلام من قبل الدول الغربية.
ولا بد هنا ان نشير الى عظمة موكب التشييع المليوني المهيب لشهداء الواجب وشهداء الخدمة في مدن تبريز وطهران ومدينة مشهد المقدسة حتى واروا الثرى.. والمشاركة الرسمية والدبلوماسية الواسعة العابرة للدول والقارات.. مما يؤكد على أهمية شخصية ومكانة الرئيس رئيسي ورفاق دربه، وهذه المحبة والمودة والتعاطف والتلاحم بين فئات الشعب الإيراني المختلفة بتنوع قومياتهم وأجناسهم وإعراقهم مما يظهر ميزاته الايمانية والاخلاقية والانسانية وصفاته في التفاني بخدمة الناس وخدمة الفقراء والذي كان يؤمن بان وقوفه إلى جانب الناس في إيجاد حلول لمشاكل السكن والتوظيف هي مهمة الهية كما هي خدمة مصالح بلده بأمانة وولاء وإخلاص.. حتى لُقب بالرئيس الخدوم المغتنم، خادم الامام الرضا(ع)، الرئيس المقاوم، رئيس جمهور، خادم الشعب والفقراء، وناصر المقاومة والمستضعفين.. ووصفه الإيرانيون بانه "الرجل العظيم الذي استشهد في خدمة شعبه".
نسأل الله تعالى ان يتغمد الشهداء برحمته الواسعة، وان يحشرهم مع نبي الرحمة محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

 

البحث
الأرشيف التاريخي