رحلة التطور إلى تبريز

في اليوم الذي أصبح فيه الجرار إيرانياً

الوفاق / خاص

حميد رضا ميري

فعلت أصوات الجميع لا يا سيد! ماذا تقول؟ لقد عملنا طوال هذه السنوات وقد حان الوقت لنستریح، لم أفهم كيف کانوا يبدون راضین عن ذلك وما السبب. فجلست أحدثهم وأتساءل كيف لرجل أن يجلس بدون عمل، وأقنعهم بوجهة نظري. وفي نهاية المطاف تمكنت من الاتفاق مع بعضهم والآن لدينا ورشة صغيرة نعمل بها معاً. وخلاصة القول، أن أبقى بدون عمل فهذا يعني هلاكي!
وقد اعتدت أن أقف لمدة طويلة على قدميّ عندما كنت أعمل في الفولاذ لدرجة أنني كنت أضطر لأن ألبس جوارب سميكة لئلا تؤلمني البثور والجروح أسفل قدمي، وعلى الرغم من أنني كنت أفكر دائماً كمهندس حديث التخرج ومن جامعة كجامعة العلوم والتكنولوجيا في ذلك الوقت فهذا شيء عظيم، ولكن العمل لايعرف ذلك، فالعمل عمل، والانسان بحاجة للعمل ولا يجب عليه التذمر من أي عمل كان. لاعلينا...
لم أعرف ماهو السر في الآذريين حتى أنهم كلما رأوا الشاي تغير لون وجههم وأصبح أكثر نضارة.
تفضلوا اشربوا الشای قبل آن یبرد، أود لو نتحدث قليلاً عن صناعة الجرارات وماهي قصة تحول شركة شيراز لصناعة الجرارات إلى شركة ايران لصناعة الجرارات؟
هناك متسع من الوقت لشرب الشاي، وإن وقتكم أثمن. كان ذلك في العقد السابع (شمسي) عندما أصبحت مديراً تنفيذياً في شركة صناعة الجرارات، وقبل أن أجلس على كرسيّ قلت أبلغوا معاوني السيد... أن يأتي ويقدم لي تقريراً لأطّلع على شؤون الشركة. فجلس أمامي وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، لقد قمنا بانتاج 3000 جراراً في العام الماضي بكل فخر.
ثم انحنى للأمام وحدق في عينيّ
هل فهمتم ماذا قلت؟ لقد قال 3 آلاف، وقال ذلك بكل فخر، اسمحوا لي أن أوضح لكم الأمر.
عندما أقول شركة صناعة الجرارات فهذا يعني أني أتحدث أن أرض تبلغ مساحتها 400 هكتار وتحتوي 20 – 30 ألف متر مربع من الصالات، إضافة إلى 7 – 8 آلاف شخص من القوى العاملة في ذلك الوقت مع أحدث المعدات وما الى ذلك، ومع كل ذلك فقد كانوا راضين بانتاج 3000 جرار في العام، أنا حقاً لا أفهم كيف للناس أن يقنعوا بالقليل؟
فقلت له هل أنهيت كلامك ياحضرة المهندس؟ أنا أريد أن يصل انتاجنا في العام إلى 50 ألف جرار.
فقفز من مكانه كما لو أني ألقيته في دلو ماء مغلي، ثم قال ماذا تقول ياسيدي؟ هذا مجرد وهم وخيال! فقلت لايهمني ذلك، أنا أريد انتاج 50 ألف جراراً، فهل أنت جاهز لنبدأ؟ فقال إن هذا مستحيل! فأخذت ورقة بيضاء عن الطاولة أمامي وأعطيته أياها، وقلت: اكتب طلب استقالتك! وهذا كان أولهم!
تفضل لقد سكبت لك كوباً آخر من الشاي! فالكوب السابق قد برد!
شكراً، ولكنني قلت أن هناك متسع من الوقت للشاي، فإن لم تكن قصتنا أسخن من هذا الشاي فإنها ليست أبرد منه، وإن تركناها فإنها سوف تبرد وتفقد قيمتها!
إذا سألوني فيمكنني أن أقول أن عينيّ تعتبران سلاحاً أبيضاً، وخاصة عندما تكون نظراتها حادة فتخترق ذهن محدثي. وإن هكذا نظرات لا يمكن توقعها إلا من شخص طموح للغاية، ويمكن لصاحب هذه النظرة أن يصبح باحثاً محترفاً، والفرق بين عرب باغي وغيره من الباحثين هو ضحكاته غير الطبيعية!
فقد كانت حقيقية جداً لدرجة أنها تثير نوعاً من الإعجاب والاحترام في قلب من يحدثه، بجانب تلك النظرة، نظرة الواثق المنتصر.
طلبت النائب الآخر، وعندما حضر إلي قلت له: أنت تسكن في طهران، وفي بعض أيام الأسبوع تشتري تذكرة باص، تأتي إلى هنا ثم تعود إلى طهران إلى عائلتك، فهز رأسه مؤيداً، فقلت إن لدي سؤال، هل تحب صناعة الجرارات أكثر أم عائلتك؟ وأعتقد أن ذلك النائب المسكين قد استغرق بضع ثوان حتى فهم السؤال.
يتبع...

البحث
الأرشيف التاريخي