ماذا يدبر الاحتلال الاميركي في سوريا؟
يونس عودة
كاتب ومحلل سياسي
تراجعت فجأة حدّة الحملة العنصرية على السوريين الموجودين في لبنان، ما دفع الكثيرين، ولا سيما من العامة الذين انساقوا غرائزيًا معها وقاموا بأعمال عدوانية، إلى التساؤل عن أسباب "التعقلن الفجائي"، والتبريرات غير المتسقة مع التعبئة التي واكبت زيارات أوروبية مختلفة، بحثت في ملف اللاجئين السوريين لناحية القلق الأوروبي من موجات مخاطر الهجرة غير الشرعية، عبر البحر الأبيض المتوسط.
تؤكد معلومات على درجة عالية من الثقة أن السبب في "التعقلن" ناجم عن أمر أميركي يشبه أمر عمليات بالكف عن الحملة. سبب عميق يقف وراء التعليمات الأميركية لإعادة الخطاب العنصري في لبنان ضدّ اللاجئين، إلى "المدجنة الأميركية"، مع اقتراب موعد اجتماع بروكسل لبحث القضية، سيما أن لبنان تبلغ سابقًا كلامًا أوروبيًا خطيرًا على لسان فرنسي وقح، فحواه أن عملية توطين السوريين آتية، وأن على اللبنانيين أن ينسوا ما تم ترسيمه من حدود سايكس – بيكو، والكلام للمسؤول الفرنسي، وأن هناك تقريرًا بهذا الشأن موجود في وزارة الخارجية اللبنانية وفق وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار. أما السبب الأعمق، فأن الولايات المتحدة لا تريد ضجيجًا، في وقت تسوق إدارة الرئيس جو بايدن أولوياتها العسكرية في المنطقة، في ظل تسريبات تنطوي على انسحاب كامل للقوات الأميركية من سورية.
هذه المناقشات إذا صحّت، فهي ليست ناتجة عن يقظة ضمير جرّاء انتهاك سيادة سورية وأراضيها، كما أنها ليست تماهيًا مع قواعد القانون الدولي في الامتناع عن السيطرة على الثروات ونهبها من جانب المحتل، وإنما لسببن آخرين:
الأول: ما يجري في المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى والوضع الكارثي الذي يعيشه الأميركيون على المستوى السياسي والأخلاقي، مع لحظ ما يجري في البيت الداخلي، أي في الجامعات في معظم الولايات.
الثاني: هروب العديد من القيادات الذين صنعتهم المخابرات الأميركية في شرق سوريا، سواء من الأكراد أو من العرب، بعدما جمعوا ثروات طائلة كالذين سبقوهم من رواد الفنادق الفاخرة الذين شكلوا أطرًا وسموا أنفسهم قيادات في المؤتمرات المنظمة في العواصم الغربية وقد تبخروا، ما انعكس على التشكيلات المسلّحة التي تعيش حالة من القلق إلى حد الضياع، مع البحث عن حياة من نوع آخر.
في ظلّ هذه التطورات، أعادت الولايات المتحدة إطلاق إرهابيي "داعش"، ولا سيما من معسكر التنف، حيث يجري التجنيد والتدريب ليس فقط للعمل الإرهابي داخل سورية، وإنما باتّجاهات مختلفة من العالم. كذلك، دأبت القوات الأميركية على استخدام التقنيات المتوافرة هناك في تنسيق الإعتداءات الإسرائيلية، ولا سيما القصف الجوي على المواقع السورية والإيرانية الموجودة في سورية واستهداف فصائل المقاومة وفي مقدمتها حزب الله. وفي هذا السياق، لا يقل مخيم الركبان خطرًا وأضرارًا عن التنف، ويمتاز بخصوصية ثانية تقوم على زرع الفتن وانطلاق مجموعات إرهابية من العرب والأكراد
على حد سواء.