الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانون - ٣٠ أبريل ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانون - ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

مع تزايد التوترات مؤخرا

كيف أثّر اليمين المتطرف في فرنسا على سياسة ماكرون تجاه المسلمين؟

الوفاق/ العلاقات بين المسؤولين الفرنسيين والجماعات الإسلامية متوترة في الآونة الأخيرة، وتتجه نحو استخدام القوة من قبل هؤلاء المسؤولين في مواجهة مايسمونه "المشكلة الاسلامية" من وجهة نظرهم. ونتيجة لذلك، سرعت المؤسسات الفرنسية عملية إعادة الشخصيات المرتبطة بالحركة الإسلامية، وفي الوقت نفسه تسعى لإعادة ترتيب علاقاتها مع ممثلي المسلمين الفرنسيين والمراكز الإسلامية بطريقة مختلفة، وهذا في الوقت الذي تشهد فيه فرنسا نمو التيار اليميني المتطرف.
إطار وموضوع السياسة الجديدة لفرنسا
تصاعدت التوترات الأمنية في فرنسا في خريف 2020 مع مقتل المعلم الفرنسي صامويل باتي على يد مسلم شيشاني الأصل. في ذلك الوقت، استعان المسؤولون بالصلاحيات الإدارية التي تتمتع بها السلطة التنفيذية لاتخاذ إجراءات رادعة ضد الشخصيات والمؤسسات التي اتهموها بالتطرف.
في أغسطس 2021، تم إقرار قانون "تعزيز احترام مبادئ الجمهورية" المعروف إعلاميًا باسم قانون "مكافحة الانفصالية الإسلامية". أدى هذا القانون إلى تغييرات جذرية في الطبيعة التنظيمية للجمعيات والمراكز الإسلامية، بما في ذلك المساعدات المالية الداخلية والخارجية، وشروط إنشاء دور العبادة ، و فرض قيود على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، كما حظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي. كما تم رفع عقوبة التحريض على الكراهية أو العنف في دور العبادة إلى 5 سنوات سجن، وفرض عقوبات على عقد اجتماعات في دور العبادة.
كذلك عملت حكومة إيمانويل ماكرون على إعادة ترتيب علاقاتها بمجلس الشؤون الإسلامية الفرنسي، حيث التقى ماكرون بقادة المجلس في 18 نوفمبر 2020 وطلب منهم إعداد "ميثاق قيم الجمهورية" في غضون 15 يومًا. على هذا الأساس، كان يتعين على المجلس واتحاداته الثمانية التأكيد على احترامها لقيم الجمهورية، وتحديد أن الإسلام في فرنسا هو دين وليس تيارًا سياسيًا، والتأكيد على إنهاء التدخلات الخارجية أو الارتباط بالخارج.
لكن المهلة البالغة 15 يومًا انتهت وامتدت إلى شهرين، حيث رفضت لجنة تنسيق المسلمين الأتراك ومنظمة الإيمان والدعوة التوقيع على الميثاق، لهذا السبب، لجأ ماكرون إلى إنشاء هيئة جديدة.
منذ مطلع عام 2022، دخلت فرنسا مرحلة جديدة وجرت محادثات بين المسؤولين والمسلمين من خلال إنشاء قاعة حوار الإسلام في فرنسا، وتمحورت الأنشطة حول 4 محاور: إنشاء المساجد وإدارتها، وتمكين وتوظيف الأئمة، والتصدي للإسلاموفوبيا، وتنفيذ قانون احترام مبادئ الجمهورية. في فبراير 2023، التقى ماكرون بأعضاء قاعة الحوار هذه وأعلن نهاية مجلس الشؤون الإسلامية الفرنسي الذي تمتع بامتيازات لمدة عقدين من الزمان.
نتائج السياسات الجديدة
النتيجة الأولى هي ترحيل أو منع الأشخاص الذين تم وصفهم بــ "المتطرفين" من العودة إلى البلاد مرة أخرى، وبعد طلب ماكرون من الحكام الإقليميين فحص ملفات الأشخاص "المتطرفين" والمشتبه في ترحيلهم، تم التأكيد على هذا الآلية لضمان عدم وجود عوائق أمام إجراءات الترحيل. أسفر هذا عن ترحيل 89 شخصًا ادعي أنه مشتبه بهم في نشر التطرف حتى في السجون التي كانوا محتجزين فيها. مما أسرع من تنفيذ الترحيل من قبل الأجهزة الأمنية دون الحاجة لانتظار أحكام المحاكم لتأكيد الترحيل، حيث لا يملك الشخص المرحل سوى حق متابعة قضيته قانونيًا من خارج فرنسا.
يشمل الجزء الثاني من هذه السياسة الجديدة فصل ما اسموه بــ "قادة المجتمع المسلم ذوي التوجهات السياسية" عن الجالية المسلمة، ويتم ذلك من خلال تعليق نشاط بعض المنظمات والجمعيات بسبب وجود مثل هؤلاء القادة في هيئاتها التنفيذية، أو إجراء تحقيقات حول مصادر التمويل المقدم لها، وكذلك حالات الترحيل لهذه الأسباب. على سبيل المثال، في 21 فبراير الماضي، تم ترحيل الداعية التونسي الأصل محجوب المحجوبي بتهمة التصريحات المناهضة لمبادئ الجمهورية، وألغت بلدية المسجد الذي كان إماماً فيه عقد إيجاره.
دوافع ماكرون
لدى ماكرون العديد من الدوافع لهذه السياسات في ظل الإقبال المتزايد للفرنسيين على اليمين المتطرف، وهي:
الدافع السياسي: شكل الإسلام ككل قضية محورية للتعبئة الشعبية لدى اليمين المتطرف. لذلك يريد ماكرون جذب جزء من القاعدة الاجتماعية لليمين المتطرف نحوه، ولهذا السبب ستكون أي سياسة صارمة ضد الإسلام السياسي في صالحه انتخابياً. وفقًا لاستطلاعات الرأي، في حالة إجراء انتخابات رئاسية حاليًا، ستحصل مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف على 36% من الأصوات، بينما ماكرون على 22%.
الدوافع الجيوسياسية: هناك نظرة سائدة في أوروبا بأنه لمواجهة تصاعد اليمين المتطرف وتوسع "نفوذ" عدد من الدول بين المسلمين الأوروبيين، و يجب مواجهة هذا الإسلام. و من المتوقع فوز اليمين المتطرف انتخابيًا في 9 من أصل 27 دولة أوروبية في يونيو المقبل، ومن بينها فرنسا.
الآفاق والتحديات
من المرجح جداً أن ينجح ماكرون في جذب جزء من القاعدة الاجتماعية لليمين المتطرف من خلال سياساته المناهضة للإسلام، لكن هذا لن يكون كافياً انتخابياً، لأن جزءاً آخر من أسباب خلافه مع هذا القطاع تتعلق بالقضايا الاقتصادية مثل سياساته في مجال الزراعة، حيث يشكل المزارعون جزءًا من قاعدة اليمين المتطرف. يبدو أن هذه السياسات ستؤثر على حضور الجماعات الإسلامية في فرنسا، وكذلك على نفوذ دول مثل تركيا والجزائر على هذه الجماعات، مما قد يؤدي إلى توترات دبلوماسية مع فرنسا. وبما أن هدف ماكرون هو ترحيل بعض المسلمين، فستواجه هذه السياسة تحديات قانونية وقضائية في فرنسا وتحديات من منظور حقوق الإنسان من قبل منظمات المجتمع المدني ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية.
البحث
الأرشيف التاريخي