حلم النانو لفتاة نهبندانية

الوفاق / خاص

سيد حسين رفيعي

الجزء الثاني:
الجزء الأكثر إثارة من كل ذكريات أرزو الجامعية هو التدريب لمدة ثلاثة أشهر في مصنع قريب من منزل والدها؛ مصنع بينالود لنسيج السجاد. حيث تتذكر اليوم الأول عندما وطئت قدمها المصنع للتو، وبين أعين عشرات العمال المحدقة، صعدت السلم المعدني المتحرك لاهثةً حتى وصلت إلى غرفة الرئيس التنفيذي. كان الرئيس التنفيذي يتحدث عبر الهاتف، وعندما كانت أرزو تجلس على الكرسي الجلدي أمام مكتبه، قررت عدة مرات عدم إخراج خطاب التعريف بالجامعة من حقيبتها وإيجاد عذر للخروج من ذلك المكتب الفوضوي والمصنع الضخم العملاق. لكن الهروب من الصعاب لم يكن له مكان في شخصيتها؛ فبقيت واكتسبت تجربة فريدة في بيئة متوترة بعيداً عن هدوء الجامعة.
كانت الأشياء التي رأتها أرزو في المصنع جديدة بالنسبة لها. ولم يكن للأمر أي علاقة تقريبًا بما تعلمته في الجامعة. آلة الغزل التي تغزل عشرين مغزلًا في الوقت نفسه بصوتها الناعم لمدة ثمانية عشرة ساعة يوميًا؛ والرفوف التي كانت تحتوي على عدة آلاف من المغازل الملونة وكأنها علبة لأقلام التلوين؛ آلة الحياكة التي كانت موجودة خلف رفوف المغزل، ويتدلى منها آلاف الخيوط الملونة كالشلال ونسجت طبق الخطة؛ وقسم التشطيب بالمصنع حيث تم تعليق السجاد الصغير والكبير بأحجام مختلفة ظَهراً لظهر لتنعيمه. كل هذه الأمور كانت جديدة على آرزو وجعلتها سعيدة. لكن هذه لم تكن كل الخبرة التي اكتسبتها أرزو خلال الأشهر الثلاثة. ففي تلك الأشهر الثلاثة، أدركت أنها لم يتم النظر اليها كطالبة نشطة وباحثة شابة في أي مكان. ففي بعض الأحيان كانوا ينظرون إليها على أنها امرأة تريد التحكم والسيطرة على الرجال؛ وذلك في وظيفة لا تفهم فيها شئ على الإطلاق! أو على أنها سيدة أتت دون دعوة وأصبحت مصدر ازعاج للعمال!
الجزء الثالث:
مرت أيام المعرض الثلاثة بسرعة. وفي نهاية اليوم الثالث كان من المقرر الإعلان عن أسماء الفائزين. لكن أرزو لم تكن تعلم إن كان هناك من جاء لتقييم اختراعها أم لا! لقد حان وقت تناول العشاء وإعلان النتائج. فاعتلى بعض الأشخاص المنصة وبدأوا يتحدثون. كان بعضهم مألوفين بالنسبة لها، ربما أنهم ممن أتوا لرؤية غرفتها في المعرض. وفي بعض الأحيان، بناء على دعوة من المقدم، كان الجمهور الذي يجلس حول طاولة المأدبة الكبيرة يصفق وكان المقدم يدعو الشخص التالي. ومن بين الجالسين حول الطاولة، تعرفت أرزو على نجل رئيس مجلس النواب الكويتي، بجسده الطويل الممتلئ وعباءته البيضاء الطويلة، وأثناء انشغالها بالتحديق بعباءته المقاومة للماء، صاح المقدم بالاسم المألوف: «أرزو مرادي!» الفائزة بالميدالية الذهبية وجائزة 8000 دولار! فبدأ قلبها ينبض!
لم تعلم عندها إن فهمت ماقال المقدم بلهجته الانجليزية العربية بشكل صحيح، ولكن تكرار اسمها قد قطع الشك باليقين. فأرجعت كرسيها للخلف ووقفت، واستمر التصفيق، ووسط الاختلافات حيث الجميع ينظرون اليها ويصفقون تقدمت باتجاه منصة تقديم الجوائز، ولم تكن مصدقة حتى تلك اللحظة، وكأنما كان حلماً، ولكن لم تكن هذه نهاية القصة؛ فقبل أن تستلم الميدالية والجائزة، حدث شيء غير متوقع في زاوية قاعة العشاء.
يتبع...

 

البحث
الأرشيف التاريخي