الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وثمانون - ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وثمانون - ٢٣ أبريل ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

مع دخولها عامها الثالث

كيف تتعاطى دول آسيا الوسطى مع الفرص والتحديات للحرب الروسية الأوكرانية؟

الوفاق/ بينما دخلت الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، فقد أثرت هذه الحرب على العالم بأسره؛ حيث قلب الصراع الحاد الافتراضات السياسية رأساً على عقب، و أثر اقتصادياً ، وفتح الباب أمام إعادة ترتيب جيوسياسية.
ربما يمكن القول إنه لم يكن هناك منطقة شعرت بتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية بهذا الحجم مثل آسيا الوسطى. فقد وجدت دول آسيا الوسطى (كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) نفسها في سياق عالمي مختلف تماماً منذ 24 فبراير 2022.  
لطالما لعبت موسكو دور اللاعب الخارجي الرئيسي في المنطقة، لكن الحرب اثرت على روسيا الى حد ما في آسيا الوسطى، وفتحت في الوقت نفسه فرصاً للصين وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
العثور على توازن وحالة جديدة مع روسيا  
في البداية، كان هناك اعتقاد في آسيا الوسطى بأن روسيا ستصبح شريكًا "خطيرًا"، بمعنى أنه سيكون من المستحيل التعاون معها. ومع ذلك، أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية التي دامت أكثر من عامين واقعًا مختلفًا، وهو أن روسيا رغم السعي لعزلها واقتصادها المتعثر لا تزال شريكًا مهمًا للمنطقة.
بعد مرور عامين على الحرب، لا تزال موسكو شريكًا قيمًا - في المجالات التي تشارك فيها – الأنظمة في آسيا الوسطى. ومن ناحية أخرى، تنظر روسيا إلى الدول الخمس في المنطقة كنافذة على العالم غير المفروض عليها عقوبات.
متطلعين إلى المستقبل، تواجه دول آسيا الوسطى مهمة هامة. أولاً، من الضروري أن تنخرط هذه الدول بنشاط مع المجتمع الدولي، ولكن من ناحية أخرى، فإن استغلال الفرص المالية والسياسية الخارجية في اتجاه التقدم الداخلي هو التحدي الآخر أمامها. ثانياً، يجب على دول آسيا الوسطى أن تحافظ على توازن دقيق في علاقاتها مع روسيا واللاعبين الدوليين الآخرين. تجنب الدعم الأعمى لإجراءات روسيا، وفي الوقت نفسه تجنب اتهامات موسكو بمعاداة روسيا. سيكون تحقيق هذا التوازن مهمًا جدًا لاستقرار ورفاهية مستقبل آسيا الوسطى.
اختبار الدبلوماسية الكازاخستانية
قبل أسابيع قليلة فقط من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، احتاج نظام قاسم جومارت توكاييف، رئيس كازاخستان، إلى تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) - تكتل عسكري بقيادة موسكو - للبقاء. شهدت كازاخستان في يناير 2022 أسوأ اضطراب لها منذ استقلالها، مما أسفر عن مقتل 238 شخصًا.
لكن مع اقتراب الحرب، خيبت كازاخستان التوقعات عندما رفضت الاعتراف بالجمهوريات المنفصلة الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا. ويعتقد العديد من المحللين أن توكاييف مدين ببقائه لبوتين. لكن إعلان كازاخستان موقفها المحايد أثار حفيظة المشرعين الروس .
لفت بعض المحللين الانتباه إلى الحدود البرية المشتركة البالغة 7600 كيلومتر - أطول حدود برية متصلة في العالم - ووجود سكان روس كبير في المقاطعات الشمالية من كازاخستان. لكن على الرغم من الكلام المتشدد، نجح توكاييف إلى حد كبير في الحفاظ على استقرار العلاقات بين موسكو و عاصمة نور سلطان.
لذلك كما قال المحللون السياسيون في كازاخستان، كيف نجحت الدولة في "الجلوس على كرسيين"؟
الصين ساعدت كازاخستان  
في سبتمبر 2022، قام شي جين بينغ، زعيم الصين، بأول زيارة خارجية له إلى كازاخستان (أستانا) منذ تفشي فيروس كورونا. في تلك الزيارة، تعهد شي بأن بكين "ستعارض بحزم أي تدخل من أي قوى في الشؤون الداخلية لكازاخستان" - ربما رسالة لموسكو وللغرب على حد سواء. بعد ذلك، خفت الهجمات اللفظية من الشمال إلى حد ما. تظهر هذه القصة كيف ألهمت الحرب الروسية الأوكرانية العلاقات الدولية في آسيا الوسطى، حيث يقع توكاييف - دبلوماسي متمرس - وكازاخستان في صميمها.
التقى توكاييف، وخمسة من نظرائه في آسيا الوسطى، لأول مرة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في سبتمبر 2023، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ثم جاءت مرحلة مماثلة من المحادثات بين القادة الخمسة في آسيا الوسطى وأولاف شولتس، المستشار الألماني. بعد ذلك، زار إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، كازاخستان وأوزبكستان. ويعتقد توكاييف أيضًا أنه سيوسع علاقاته مع دول مثل تركيا والشرق الأوسط.
بالنسبة للكرملين، تمثل هذه المناورة الدبلوماسية وضعًا جديدًا مزعجًا ومتناقضًا. فمن ناحية، آخر ما تحتاجه موسكو هو حلفاء أكثر عزلة وخاضعين للعقوبات. لكن من ناحية أخرى، كازاخستان متلهفة لاتخاذ موقف لها.
و يبدو أن دول آسيا الوسطى تحاول و نجحت إلى حد ما بالخروج من البيئة الجيوسياسية شديدة القطبية الناجمة عن الحرب الروسية الإوكرانية. كان موقف كل من كازاخستان وأوزبكستان - اللتين تعتبران من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة - من الحرب بحيث اتخذتا مسافة محسوبة من الكرملين للتأكد من عدم اعتبارهما من الداعمين لروسيا، ولكنهما لم تنتقدا ما يسميه الغرب "الغزو الروسي" الجاري انتقادًا كبيرًا.
منافع اقتصادية
نظرا للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا ارتفعت التجارة الثنائية بين بلدان آسيا الوسطى معها و أدى ذلك إلى زيادة التحويلات المالية من روسيا إلى هذه الدول، وهو أمر حيوي لأفقر اقتصادات المنطقة، قرغيزستان وطاجيكستان. كما ساهم ذلك في تحسين آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة.
وستعتمد إجابة السؤال عما إذا كانت هذه الأوضاع المواتية ستستمر في المدى المتوسط أم لا اعتمادًا كبيرًا على رد فعل الغرب في المستقبل. على سبيل المثال، قد يؤدي الإهمال في تطبيق العقوبات أو رفعها إلى تآكل المكاسب الاقتصادية التي حققتها آسيا الوسطى من الحرب. وفي المقابل، قد يجعل الغرب أكثر حزمًا من سياسة الوقوف على الحياد صعبة على كازاخستان وأوزبكستان،لاسيما أن البلدين وقفا على مسافة واحدة تقريباً من أطراف الصراع، فلم يدعما روسيا ولم ينتقداها انتقاداً حاداً.
الصين وروسيا وآسيا الوسطى
بعد عامين من الحرب الروسية الأوكرانية، لا تزال الصين تسعى للحفاظ على موقف متوازن تجاه موسكو، لكن دبلوماسييها حاولوا خلق خطاب أكثر انسجامًا بشأن الحرب وزادوا من جهودهم الدبلوماسية تجاه أوكرانيا من خلال اللقاءات رفيعة المستوى والدعم الاقتصادي غير المباشر.
في العام الماضي، التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع نظيره الأوكراني ديمتري كوليبا، ونتيجة لذلك، عُين سفير أوكراني جديد في بكين، منصب شاغر منذ عام 2021. بالإضافة إلى ذلك، زار تاراس كاتشكا نائب وزير الاقتصاد الأوكراني الصين في يوليو 2023، وهي أول زيارة لمسؤول أوكراني منذ بدء الحرب.
لم يكن تحقيق التوازن مهمة سهلة. أعلنت بكين وموسكو عن "شراكة بلا حدود" قصيرة المدى خلال الحرب الروسية الأوكرانية. وقد حاولت الصين أحيانًا بشكل واضح ترجيح كفة علاقاتها مع روسيا، وهو الأمر الذي يعد مهمًا لصدهما المشترك للغرب وغيره من مصالحهما.
في مايو 2023، عقدت الصين اجتماعًا رئيسيًا مع خمس دول من آسيا الوسطى. وقد تلا ذلك خارطة طريق لزيادة المشاركة الاقتصادية والسياسية. كما سعت بكين لتغيير صورتها العالمية بشأن الحرب وعرضت نفسها كوسيط محايد للسلام وقدمت خطتها العريضة لإنهاء الصراع.
تطرح هذه الخطوة إلى الأمام سؤالًا رئيسيًا لدول آسيا الوسطى، وهو مدى الفاصل بين الصين وروسيا الذي يمكنهم التنقل فيه. فبينما لا تتشارك بكين وموسكو وجهات نظر بشأن كل شيء، لديهما العديد من المصالح الحيوية المشتركة في المنطقة والمجال الأوسع، كما يتضح من مواقفهما المتقاربة حيال أفغانستان وغزة و غيرها.
فرصة للتجارة عبر أوراسيا
جعلت الحرب في اوكرانيا دول آسيا الوسطى أكثر جرأة في سياستها الخارجية، وعززت أهمية المنطقة كممر للتجارة العالمية.
قبل فبراير 2022، اعتبر الاتحاد الأوروبي والصين أن الطريق التجاري الشمالي عبر روسيا بين آسيا وأوروبا كافٍ، لأنه استفاد من شبكة سكك حديد موسكو الواسعة وإجراءات جمركية أسهل. في ذلك الوقت، تُرك ممر الوسط - الذي يمتد من البحر الأسود عبر بحر قزوين إلى آسيا الوسطى - مهملاً إلى حد كبير واستقطب أقل قدر من الاستثمار أو اهتمام القوى العظمى.
لكن النظرة تغيرت منذ الحرب الروسية الأوكرانية. فالقوى الغربية والصين وتركيا والدول الصغيرة الأخرى على طول الممر تبذل جهودًا لتوسيعه.بالنسبة لدول آسيا الوسطى، يعني هذا مساحة أكبر. بالنسبة لكازاخستان، منحت الحرب الأوكرانية أستانا فرصة لإعادة تقييم وتقليل اعتمادها الاقتصادي الشديد على روسيا، على الرغم من تحالفها الرسمي وعضويتها في المجموعات التي تقودها روسيا. وكازاخستان أحد المحركات الرئيسية لممر الوسط الذي شهد زيادة في الاستثمارات الجديدة وحجم التجارة. على نطاق أوسع، جعلت الحرب والعقوبات المتتالية للغرب على موسكو روسيا واحدة من اللاعبين الرئيسيين في آسيا الوسطى إلى جانب لاعبين آخرين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وإيران وتركيا والصين ودول الخليج الفارسي.

البحث
الأرشيف التاريخي