في أكبر منطقة منتجة للنفط بالعالم

لماذا لم تصعد أسعار النفط كثيراً رغم التوترات؟

الوفاق/وكالات- يقول محللون ومتعاملون إن وفرة الإمدادات من بعض أنواع النفط الخام الأعلى درجة، تحد من تأثير الصراع في الشرق الأوسط على أسعار العقود الآجلة، وتجاوزت العقود الآجلة لخام برنت 92 دولاراً للبرميل لفترة وجيزة الأسبوع الماضي، في أعلى مستوى منذ أكتوبر/ تشرين الأول. ورغم تأثير ذلك سلباً على الحكومات التي تعاني ارتفاع التضخم وأسعار الوقود، فان نقص الإمدادات كان من شأنه أن يسبب عواقب أشد.
ولم يكن للصراع في الشرق الأوسط، أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم، تبعات ملموسة على إمداداته. وقال تاماس فارجا من شركة "بي في إم" للوساطة النفطية: "من دون وجود مشكلات فعلية في المعروض والإنتاج، ستواجه السوق صعوبات في تجاوز الذروة الأعلى خلال العام التي بلغتها في نهاية الأسبوع الماضي".
وتظهر بعض أعلى درجات الخام علامات على انخفاض الأسعار. ففي السوق الفعلية لخام بحر الشمال، تراجعت علاوة خام فورتيس مقارنة بأحدث سعر سجله خام برنت القياسي إلى 35 سنتاً بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى في العام الجاري عند 30/2 دولار في فبراير/ شباط، بحسب ما تظهر بيانات مجموعة بورصات لندن.
وتواجه نيجيريا، أكبر مصدر للخام في أفريقيا، صعوبات في بيع الشحنات المقرر تحميلها في مايو/ أيار، وخفض بعض البائعين العروض هذا الأسبوع. وقال متعاملان لوكالة رويترز: إن 35 شحنة على الأقل من بين 49 لا تزال معروضة للبيع، وهو ما يمثل مبيعات بطيئة نسبياً في هذا الوقت من الشهر. وصعد سعر خام برنت في نهاية تعاملات الأسبوع يوم الجمعة أكثر من 50/3 دولار ليصل إلى 75/90 دولار؛ لكن الأسعار ظلت أقل من الذروة التي بلغتها الجمعة الماضية، قبل أن تعود إلى الاستقرار.
وذكر المحلل خورخي ليون أن "شركة ريستاد إنرجي ترى أن القيمة العادلة لخام برنت تبلغ نحو 83 دولاراً قياساً بمعطيات السوق، مما يشير إلى علاوة حالية مرتبطة بالمخاوف الجيوسياسية"، وقال: إنه "رغم الضربة الأخيرة، ترى ريستاد إنرجي أنه إذا لم يحدث تصعيد كبير في الشرق الأوسط، فان علاوة المخاطر الجيوسياسية سوف تستقر قبل أن تنخفض تدريجياً".
 أسعار النفط تحت السيطرة
وقال محللو بنك "إتش إس بي سي": إنه إلى جانب عدم تأثر المعروض، فان امتلاك تحالف "أوبك+" طاقة إنتاجية فائضة وفيرة "يسهم في إبقاء أسعار النفط تحت السيطرة"، في حين أشاروا إلى أن "درجة لا بأس بها من المخاطر الجيوسياسية أخذت في الحسبان بالفعل".
وكانت علامات ضعف الأسعار في الأسواق مدفوعة بذروة أعمال صيانة المصافي وزيادة الإمدادات من الولايات المتحدة وانتهاء انقطاع الإمدادات من بعض المنتجين، مما أدى إلى تغيير المسار الصعودي الذي حدث في فبراير/ شباط.
وتعافى إنتاج النفط الليبي بعد توقفه جزئياً في وقت سابق من العام، كما ارتفعت صادرات الخام الأميركية إلى أوروبا في الأشهر الأربعة الأولى من العام على أساس سنوي، وفقاً لبيانات كبلر. وقال محلل تجاري: إن هناك وفرة جيدة في خام غرب تكساس الوسيط الأميركي.
ومن المؤشرات الأخرى على هشاشة السوق، انخفضت علاوة عقد برنت للشهر الأول مقارنة بعقد الستة أشهر إلى 51/3 دولار للبرميل يوم الخميس، وهو أدنى مستوى في نحو شهر، مما يشير إلى تراجع شح المعروض.
ومع ذلك، يقول محللون إنه رغم توافر المعروض من الخامات الأخف والأقل كثافة التي تحتوي على نسبة منخفضة من الكبريت وتعرف بالخام الحلو، والتي بإمكانها التأثير على أسعار برنت، فان الخامات الأثقل، التي تحتوي على نسبة عالية من الكبريت وتعرف بالخام الحامض وتنتج عادة في الشرق الأوسط، أقل وفرة.
وقال تاجر النفط المخضرم أدي إيميروفيتش: إن "تخفيضات إمدادات أوبك+ طويلة الأمد أدت إلى سحب إمدادات كبيرة من الخام العالي الكبريت من السوق، خاصة أن المنتجين في المجموعة يفضلون بيع خاماتهم الأخف التي تدر المزيد من الإيرادات". وأضاف إيميروفيتش: إن اختلال التوازن بين المعروض من الخام الحلو والحامض زاد بسبب تطورين آخرين، هما قرار المكسيك خفض صادرات النفط الخام خلال الشهرين الحالي والمقبل، وتصدير الإمارات المزيد من خام مربان الخفيف، في حين تقوم بتحويل خام زاكوم العلوي الأثقل إلى مصفاة الرويس الجديدة. وتوفر الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى "أوبك+" بعض المتسع في حالة حدوث انقطاع فعلي في الإمدادات.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية طاقة "أوبك+" الفائضة بنحو ستة ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 6% من الطلب العالمي.
وقال تاماس فارجا من "بي في إم": إن "تأثر السعر باحتمالات نقص المعروض أو زيادته يكون أقل في وجود ما يمكن الركون إليه (الطاقة الفائضة)".

البحث
الأرشيف التاريخي