انفانتينو يعزي في الحكم الدولي الفلسطيني؛

سؤال إلى رئيس الفيفا.. من إغتال محمد خطّاب؟

حيث نعى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، جياني إنفانتينو، استشهاد الحكم الدوليِ الفلسطينيِ محمد خطّاب الذي ارتقى وجميع أفراد عائلته إثر قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في مدينة دير البلح قبل أيام في قطاع غزة، وقال إنفانتينو "أتقدم بأصدق التعازي وأعمق مشاعر المواساة لرحيل الحكم المساعد في الفيفا، محمد خطاب".
ولكن، مهلاً سيد إنفانتينو، من قتل خطاب وعائلته؟
أربعة أطفال مع والدتهم ووالدهم، بالإضافة إلى أقارب آخرين من عائلة الحكم الدولي محمد خطاب، ارتقوا شهداء في غارة نفذها طيران الاحتلال الصهيوني مستهدفاً مربعات سكنية في منطقة حكر الجامع في دير البلح، إضافة إلى عشرات الإصابات وأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض. والتحق الحكم خطاب بركب الشهداء الرياضيين الذين قتلتهم آلة الحرب العدوانية طوال أشهر من الحرب على قطاع غزة، إضافة إلى تدمير أغلب المرافق والملاعب الرياضية، تزامناً مع تعطيل كلّ أشكال النشاط الرياضي في القطاع. وكان الشهيد خطاب اعتمد حكماً من قبل الاتحادين الآسيوي والاتحاد الدولي لكرة القدم، ومنذ حصوله على هذا الاعتماد في عام 2020، لعب خطاب دوراً مهماً في الساحة الرياضية الفلسطينية، إذ شارك في إدارة عدد من البطولات الآسيوية والعربية ممثلاً بلاده.
أشهر من الإبادة الجماعية، وأكثر من 29 ألف شهيد، ضمنهم مئات الرياضيين، وقرابة الـ 70 ألف مصاب، في مساحة جغرافية لا تتعدى الـ 365 كيلومتراً مربعاً، ولا يزال الصمت يعمّ أروقة "الفيفا"، إزاء جرائم الاحتلال بحق الرياضة الفلسطينية. هذا الصمت خرقه السبت (24 شباط/فبراير 2024) رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو معزياً باستشهاد الحكم محمد خطاب، وأعرب عن حزنه وقدّم تعازيه باستشهاد الحكم الدولي الفلسطيني، لكنه لم يشر إلى سبب رحيل خطّاب.
وقال إنفانتينو في رسالة موجهة إلى رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، إن "الكلمات غير كافية للتعبير عن الحزن"، مضيفاً أن إرث خطاب وعمله داخل الملاعب وخارجها لن ينسى. والتزاماً بمبدأ "عدم خلط الرياضة بالسياسة"، الذي يتبعه "الفيفا"، حرص إنفانتينو في رسالته على عدم ذكر الطريقة التي استشهد بها خطاب وعلى يد من تحديداً.
كما لو أن استشهاد أكثر من 100 رياضي في القطاع المحاصر وارتكاب مجازر حرب وتوثيقها بأحدث الوسائل الحديثة المصورة على مرأى العالم ليس كافياً بالنسبة إلى إنفانتينو واتحاده لإدانة "إسرائيل"، أو حتى للتضامن الإنساني مع الغزيين بشكل علني على الأقل.
إزدواجية المعايير.. الفيفا في صف من؟
بين الحرب على غزة والحرب في أوكرانيا، يأتي تضامن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على شكل "الموظف الحر" أو "العامل حر"، هذا النوع من العمل يعني أن الشخص لا يكون ملتزماً بعمل دائم مع صاحب عمل واحد، بل يعمل لحسابه الخاص ويقدم خدماته على حسب المشروع. ففي أعقاب انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، سرعان ما عمد "الفيفا" إلى حظر روسيا عن المشاركة في الأحداث الكروية الدولية والأوروبية في غضون أيام قليلة.
في المقابل، لم يظهر رد الفعل نفسه تجاه الاحتلال الهمجي، الذي مضى على حربه الوحشية أكثر من 140 يوماً من القتل الممنهج الذي وصل إلى حد التطهير العرقي للمدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية لقطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والملاعب الرياضية.
بالتوازي، قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" وبعد ساعات من انطلاق العملية الروسية، بإصدار بيان معرباً فيه عن "إدانته الشديدة للهجوم"، مبدياً "قلقه بخصوص الأمن في أوروبا والعالم".  على عكس مواقفه من الحرب في غزة، إذ حرص في بياناته على المساواة بين "القتلى" من كلا الطرفين والدعوة إلى "وقف العنف" في المنطقة بشكل عام.
قوانين الفيفا
وفي إطار تنظيم وضبط ممارسات كرة القدم العالمية، يضع "الفيفا" قوانين صارمة تتعلق بملابس اللاعبين داخل الملعب، فوفقاً للمادة رقم 4 من القانون الدولي لكرة القدم، يُحظر على اللاعبين ارتداء أية معدات تحمل شعارات، بيانات، صوراً سياسية، دينية أو شخصية.
وتشمل هذه القواعد كل شيء بدءاً من القمصان الأساسية وصولاً إلى الملابس التحتية، إذ يُمنع أيضاً كشف الملابس التحتية التي تحمل شعارات مماثلة أو إعلانات، باستثناء شعار الشركة المصنعة. وتأتي هذه القواعد في سياق سعي "الفيفا" لـ "الحفاظ على طابع كرة القدم المحايد وغير السياسي أو الديني".
وفي حال حدوث أي مخالفات لهذه التعليمات، تنص المادة على أنه يجوز لمنظم المنافسة، الاتحاد الوطني لكرة القدم، أو "الفيفا" نفسه، توقيع عقوبات على اللاعب المخالف أو الفريق. هذا النوع من التنظيم يعكس الدور الرقابي والتوجيهي الذي يتبناه "الفيفا" في الحفاظ على الروح الرياضية والمنافسة العادلة.
وبارتقاء محمد خطاب شهيداً، والذي كان حكماً معتمداً من قبل الاتحاد الذي يرأسه إنفانتينو، هل نحن أمام ازدواجية معايير لدى "الفيفا" أم أنه معيار واحد تحدده مصالح الغرب؟

 

البحث
الأرشيف التاريخي