الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وخمسون - ١٨ فبراير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وخمسون - ١٨ فبراير ٢٠٢٤ - الصفحة ٤

الباحثة التربوية فاطمة زين الدين للوفاق:

التربية الإسلامية هي البوابة الرئيسية التي ندخل منها إلى عالم الطفل

 

سهامه مجلسي
تعتبر مرحلة الطفولة في حياة الانسان هي المرحلة الأهم والأخطر بين جميع مراحل حياته قاطبة، ذلك لأنها مرحلة البناء ووضع الاساس لهذا الانسان، وما سيكون عليه فيما بعد، فكلما كان الاساس متينا، كان صاحبه قويا في مواجهة المؤثرات الخارجية او المحيطة به او تلك التي تطرأ على حياته، خصوصا اننا نواجه الكثير من المؤثرات المعاصرة التي تخطت حدود البيئة التي يعيش فيها الانسان، او حتى البيئات القريبة منه والتي تتفق مع بيئته في كثير من العادات والتقاليد بحكم الجوار والقواسم المشتركة، ونستطيع ان نؤكد - وكما هو معلوم ومشاهد للجميع - ان المؤثرات التي تواجه أطفالنا اليوم خرجت به الى بيئة انعدام الهوية، التي لا ضوابط تحكمها، او معايير تحدد توجهاتها. الخطير في الامر ان هذه البيئة - الجديدة - أصبحت هي صاحبة اليد الطولى والكلمة العليا في تحديد أخلاق الأجيال وثقافاتهم، كما انها أصبحت قادرة على انتزاعهم من أصولهم وهويتهم، وفي كافة الاتجاهات سواء من حيث المعتقد او القيم والانتماء. أي انها تؤثر بشكل فعال على الدين والثقافة وإحداث التغيير السريع في الآداب والذوق العام، وهذا كله يؤدي بدوره الى إضعاف الروابط المجتمعية بمختلف أنواعها، سواء على مستوى الأسرة او الاصدقاء والمعارف، وأخيرا على مستوى الجماعة الكبرى، وفي هذا الصدد أجرت صحيفة الوفاق حوارا مع اللبنانية الباحثة التربوية فاطمة زين الدين وفيما يلي نص الحوار:

لماذا يؤكد الإسلام على الجانب التربوي كثيراً في حياة الإنسان بدءاً من مرحلة الطفولة؟
الإسلام هو منظومة شاملة ومتكاملة وقد تناول كافة الجوانب الحياتية ومنها الجانب التربوي. وبما أن الجانب التربوي مرتبط بكل المراحل فقد تم التركيز على مرحلة الطفولة حيث أنها اللبنة الأساس التي ينطلق منها الإنسان وهي مرحلة لها حساسية عالية في بناء شخصية الفرد وتنمية مهاراته. كما أن التأثر والاكتساب في هذه المرحلة يتم بوتيرة أعلى من باقي المراحل فتُبنى عليها باقي المراحل.
النظام التربوي يتطور مع التطورات التي يشهدها العصر، هل هذه التطورات تحاكي النظام التربوي في الإسلام ايضاً؟
 يقول امير المؤمنين(ع) لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم فقد ولدوا لزمان غير زمانكم وعليه فبالإمكان القول بأن النظام التربوي مع ما يحمله من ثوابت واضحة أوصى بها الإسلام من الامتناع عن الضرب والغضب والإهانة ومنح الحب والعاطفة والصبر، الا ان هذا النظام يحتمل تعديلا في الأساليب التربوية التي تتماشى مع التحديات الراهنة من توفر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح اللامحدود ومتطلبات الحياة التي لن تكن موجودة سابقا والتي اقتحمت حياتنا تأثراً بالمجتمعات الغربية.
يعمل المربون التربويون المتدينون وعلماء الدين على تفعيل نظم تربوية، أخلاقية، واجتماعية خاصة بالواقع الذي نعيشه. فتوعية الاهل حول مخاطر هذا الواقع وتحدياته مع ذكر الأطر المناسبة للتعامل معها أصبح أمراً واجباً ومتوفراً في كل الميادين وبشكل مجاني احيانا من خلال اللقاءات والمؤتمرات والدورات والكتب الإلكترونية وغيرها... ما على الأهل سوى البحث والسعي والمتابعة.
ما هي أهم عوامل وعناصر التربية المبكرة للأطفال؟
في المنهج التربوي للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هناك ثلاثة عناصر أساسية تبنى عليها العملية التربوية: القيم الدينية، النموذج القدوة، والحب. نبدأ ببناء سلوكنا على القيم الدينية ومنها ننتقل لأن تكون سلوكياتنا وتصرفاتنا كلها منسجمة مع قيمنا الدينية، وحين نقدم الحب ونجعل الخزان العاطفي لدى طفلنا ممتلئ دائماً فبذلك سيتأثر الطفل بالوالدين وسلوكهم وسيقتدي بهم بطريقة سلسة.
لماذا يعتبر البعض التربية بخلفية دينية تتعارض مع مفهوم الحضارة والتطور؟
 من المفاهيم الخاطئة التي يتم تداولها مع الأسف هي أن التربية بخلفية دينية تتعارض مع مفهوم الحضارة والتطور والمعاصرة. عن أي تطور يتحدث هؤلاء؟
أن كان الحديث عن التطور اللااخلاقي السائد والذي يخالف مبادئنا فليس هذا المطلوب من العملية التربوية. نحن نريد أشخاصا اسوياء مُشبعين عاطفيا وإنسانيا وقيميا وهذا ما تحث عليه التربية بخلفية دينية سليمة متوازنة، اما ما يعتبره البعض انفتاحا وتطورا ويمس بقيمنا الدينية فهو لا يناسبنا على الإطلاق. تربيتنا الدينية ولدت أشهر الأطباء والمهندسين والعلماء وغيرها..  الدين لم يكن يومًا عائقا أمام الحياة، بل هو الحياة.
ألا تشكل المفاهيم الدينية في الطفولة المبكرة خطراً على استيعاب الطفل لها؟
في مرحلة الطفولة المبكرة من المهم ان يتعرف الطفل على المفاهيم الدينية من خلال سلوك الاهل ومن خلال إظهار صفات الجمال عند الله سبحانه وتعالى لكي نعكس صورة الرحمة من الله ونساعد على بناء علاقة لطيفة بين الطفل وبين ارتباطه الديني. الذكر الدائم لأسماء الله الحسنى تكرارها بمواضع مختلفة، كذلك قصص الأنبياء والأئمة المليئة بالحكمة والصفات التي يجب على كل إنسان التحلي بها.
الانطلاقة الأساس تكون بالعلاقة مع الله، ومن ثم أهل البيت (ع) وذلك لا يظهر إلا من خلال البيئة السليمة في المنزل اولا وتكون في البداية تلقينية (يردد الطفل لا إله إلا الله عندما يصبح ٣ سنوات) وبعد السبع سنوات نبدأ شرح المفاهيم العقائدية والعلاقة مع الله بصورة أعمق.
هل باستطاعتنا إظهار أن الدين هو الأمان للطفل من خلال الأساليب التربوية ذات الخليفية الدينية ؟
الدين هو الحصن المنيع للطفل، هو السور الذي يحيط به ويجعله في بيئة آمنة، وهو الذي يحميه لاحقا من مغريات الحياة والتحديات التي أصبحت متوفرة في كل الساحات. يأتي الدين هنا ليكون بمثابة درع قوي في مواجهة تلك التحديات. فالطفل الذي يتربى على فكرة ان الله يراني سيكون ذلك رادع نفسي وأخلاقي له يتصرف دائما بطريقة سليمة. أو الطفل الذي يعلم بأن الله يسمع ويرى ولا يخفى عليه شيء يسعى أكثر من غيره لمراقبة ذاته والتحلي بالأخلاق الحسنة ليس خوفا من والديه بل معرفة منه بأن الله موجود ويحيط بنا من كل جانب، ويسعى لإرضائه بل ويلجأ له في اوقات الحاجة على بساطتها أن ينجح في امتحان مثلا، او آن يجد لعبته... تجده يذكر الله لتيسير أموره.
ما هي التحديات التي تقف أمامكم في العملية التربوية؟
في الزمن الحالي أصبحت التحديات كثيرة فلا تقتصر العملية التربوية على الأهل بل أصبحت الشاشات تربي، والمدرسة، والشارع، والبيئة المحيطة.. مع توسع أطر المؤثرين في العملية التربوية وتضارب القيم والمبادئ تكثر العراقيل يتأثر الطفل بكل ما يحيط به وتصبح العملية التربوية أصعب: قيم غير مناسبة، سلوكيات غير مقبولة، تهاون واستهتار في بعض الأمور الدينية والأخلاقية كل هذا يعتبر من التحديات.
 الطفل منذ الصغر يبحث عن شخص يقلده، كيف يمكن ترسيخ فكرة المثل الأعلى لديه ؟
كما ذكرنا بسؤال سابق أن وجود النموذج القدوة عنصر أساسي بالعملية التربوية، ومفهوم المثل الأعلى ينطلق من هنا فالطفل يحتاج لشخص قوي يتأثر به ويتخذه بطل حياته.
يلجأ الأطفال غالبا لأبطال الكرتون وهذا الأمر غير صحي لأن أبطال الكرتون هي نماذج خيالية غير واقعية وهنا علينا توجيه البوصلة إلى المكان الصحيح فنجعل الشخصيات الإسلامية الواقعية مثل الأئمة في مرحلة الصغر او أبنائهم.. كربلاء نموذج، بعض القصص الخاصة بنهجهم نموذج.. فنبني علاقة عاطفية مع الإمام يتأثر بها الطفل ليتخذه مثلا أعلى.
 في التربية الإسلامية كيف تقدمون للطفل خطورة الأفكار المسمومة وتوجيهه الى الطريق الصحيح ؟
الحرب الناعمة لم تأتِ عبثاً وتم نشر تلك الأفكار المسمومة بخطوات مدروسة حتى تمكنت من اقتحام مجتمعاتنا والتأثير في الأفراد بشكل أو بآخر. لذلك ذكرت بأن التربية الدينية السليمة المتوازنة هي بمثابة الدرع الذي يمنع تغلغل هذه الأفكار في داخل شبابنا اليوم. كذلك دور الأهل أصبح أكثر تعقيدا فالمراقبة الدائمة باتت واجبة لما يشاهده أبناؤنا، او مع من يتم التواصل والتفاعل، الصفحات التي تتم متابعتها.. وغيرها الكثير.
ولا يخفى علينا أن فطرة الناس مبنية على بعض القواعد الثابتة فدور الأهل هنا تثبيت هذه القواعد أكثر وأكثر ليتمسك الفرد بفطرته السليمة فلا يؤثر به كل ما يخالف الفطرة.
نصائح أخيرة للمهتمين بالتربية الإسلامية
التربية الإسلامية هي البوابة الرئيسية التي ندخل منها بطريقة صحيحة إلى عالم الطفل. الطفل يولد بفطرة سليمة جدا، تأتي البيئة لتشوه هذه الفطرة او لتعززها. فكلما ربينا وفق عقيدة فيها انتماء لتعاليم الدين التي نأخذها من القرآن والسنة النبوية وحياة المعصومين، كلما بقينا في بر الأمان. وذلك لا يعني أن نسلّم الأمور بهذا الشكل بل يجب أن يكون هناك وضع قوانين وضوابط، مراقبة ومحاسبة، تحميل مسؤولية وتذكير.. والأهم الأهم عكس النموذج الحسن الذي يتحلى بصفات أهل البيت(ع).

البحث
الأرشيف التاريخي