الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ فبراير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون - ٠٥ فبراير ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في ظل تطورها اللافت موخراً

كيف ترى روسيا تعزيز العلاقات بين دول الخليج الفارسي و آسيا الوسطى؟

الوفاق/ تتحول الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي إلى لاعبين جدد في آسيا الوسطى،و إن الزيارات الدورية للأمين العام لمجلس تعاون دول الخليج الفارسي إلى آسيا الوسطى، وعقد العديد من الاجتماعات على مستوى القمم ووزراء الخارجية في الدول العربية، وكذلك عقد أول زيارة إقليمية للقادة العرب إلى آسيا الوسطى، هي مؤشرات جديدة على هذا الاتجاه.
من الطبيعي أن تسعى روسيا في مثل هذه الظروف إلى ضبط وإدارة التطورات السياسية والإقليمية، لتشكيل ترتيبات جميع الألعاب السياسية في آسيا الوسطى لصالحها. ومع ذلك، فإن التساؤلات الجادة في هذا الصدد هي ما إذا كانت موسكو ستتمكن من تثبيت الاتجاهات التي تريدها في المنطقة، وما هي الأدوات والقدرات التي تمتلكها موسكو في مثل هذه الظروف.
لعبة أوراسيا العربية
في الشهر الماضي، شهدنا زيارة بوتين إلى دولتين مهمتين على شواطئ الخليج الفارسي وهما المملكة العربية السعودية والإمارات. جاءت هذه الزيارة بعد انتهاء المؤتمر العالمي للمناخ في الإمارات، حيث عقد رؤساء جمهوريات دول آسيا الوسطى لقاءات ومحادثات جادة مع ممثلي الدول العربية. كان الهدف من هذه الزيارة هو تشجيع المستثمرين من دول الخليج الفارسي على الحضور في روسيا ودول آسيا الوسطى. بالإضافة إلى ذلك، تُرسل مثل هذه الزيارات إشارة سياسية واضحة للولايات المتحدة والدول الأوروبية أن محاولاتهم لعزل موسكو قد باءت بالفشل.
من أجل التحليل الأفضل، من الضروري تذكر أنه في يوليو 2023، عُقدت أول قمة لزعماء دول مجلس تعاون الخليج الفارسي ودول آسيا الوسطى. استضافت المملكة العربية السعودية قادة دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى في هذا الاجتماع. أكد بيان الختام أهمية تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية ومحاربة الإرهاب، ومواصلة التعاون والتنسيق من أجل الاستقرار الإقليمي والدولي.
آسيا الوسطى بيئة خصبة للإستثمار
إن المناخ الذي تشكل في الأشهر الماضية يبرز اهتمام الدول العربية في المنطقة ولا سيما الإمارات و السعودية بتشكيل مساحة سياسية واقتصادية مشتركة بين دول الخليج الفارسي وآسيا الوسطى وإنشاء "أوراسيا الكبرى".
نظرًا للعائدات النفطية الضخمة لدول مثل السعودية والإمارات وقطر، تعد هذه الدول خيارات جذابة لدول آسيا الوسطى كمصدر للاستثمار الأجنبي. وبناءً على ذلك، وبالنظر إلى النتائج الإيجابية لقمة دول الخليج الفارسي وآسيا الوسطى، يمكن استنتاج أن دور قادة دول آسيا الوسطى في إقامة علاقات مع دول الشرق الأوسط العربية مرتفع للغاية حاليًا. ولهذا السبب يمكن القول إن أهداف زيارة بوتين لدولتي الإمارات والسعودية، إلى جانب قضايا مثل حرب غزة وأوبك، كانت تتعلق بقضايا التعاون الاقتصادي بين هذه الدول ودول آسيا الوسطى. وذلك لأن الكرملين مهتم بتوسيع التعاون بين الدول العربية وآسيا الوسطى مع حضور ومن خلال موسكو، حتى يتمكن من الاستفادة من جميع الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية لذلك. كما أن هذا الاستراتيجية ستؤدي إلى إزالة أدوار وكلاء محتملة للدول العربية في آسيا الوسطى. لهذا السبب ترغب موسكو في توسيع وتعزيز التعاون الاقتصادي بين هذه الدول، وتشجع دول الخليج الفارسي على الاستثمار في آسيا الوسطى.
يوفر حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، الذي يزيد عن 3 مليارات دولار سنويًا حاليًا، فرصة لتطوير العلاقات الاقتصادية. وبالنظر إلى أن اقتصادات دول آسيا الوسطى تعد من أسرع الاقتصادات نموًا في السنوات الأخيرة، تكتسب فرص الاستثمار الأجنبي في مختلف قطاعات هذه الدول جاذبية عالية. شهدت معظم الاقتصادات سواء في دول الخليج الفارسي أو في دول آسيا الوسطى تحولات وتغييرات هيكلية نحو التنويع خلال السنوات الماضية.
خيار إضافي لآسيا الوسطى
 في ظل النظام الدولي الحالي الذي نشهد فيه تحولات جذرية في العلاقات بين اللاعبين والقوى، يعد تعزيز التفاعلات مع الدول العربية بالنسبة لآسيا الوسطى أمرًا بالغ الأهمية ليس فقط من حيث توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والتجاري وتنويع طرق النقل واللوجستيات، ولكن أيضًا من حيث إبراز القواسم الحضارية المشتركة وتعميق التفاعلات الثقافية. بعبارة أخرى، تريد دول آسيا الوسطى أن توضح للاعبين الإقليميين والدوليين أن هناك لاعبين آخرين بخلاف القوى الدولية التي لديها تعقيدات سياسية وأمنية يمكنهم تلبية المصالح السياسية والاقتصادية لدول هذه المنطقة.
مصالح مشتركة
كما يمكن الإشارة إلى أن دول الخليج الفارسي ودول آسيا الوسطى تواجه أيضًا تهديدات مشتركة، حيث تُعد التحديات الحالية للأمن القومي والتطرف والإرهاب الدولي وتهريب المخدرات التهديدات الرئيسية. لهذا السبب زاد الاهتمام المتبادل بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج الفارسي العربية لتوسيع نطاق التعاون، وهي تشارك الآن بنشاط أكبر من الماضي في عمليات العالم الإسلامي من خلال المشاركة في أهم هياكل الدول الإسلامية مثل منظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية والاتحاد العالمي الإسلامي وغيرها. من ناحية أخرى، تولي الدول العربية اهتمامًا خاصًا بالنفوذ في معقل القوى الشرقية أي آسيا الوسطى، في إطار استراتيجيتها الجديدة نحو الشرق لتطوير التفاعل مع روسيا والصين وموازنة الغرب.
على الرغم من الرغبة المتبادلة في توسيع نطاق التعاون وإمكانات آسيا الوسطى الكامنة العالية لجذب رؤوس أموال الدول العربية، إلا أنه لا يُلاحظ حاليًا قفزة كبيرة في البنية التحتية الاقتصادية بين الدول العربية وروسيا أو دول آسيا الوسطى مما يزيد بشكل ملحوظ من الحضور الاقتصادي العربي في آسيا الوسطى على الأقل في الأجل القصير. كما يمكن تقدير حدوث قفزة اقتصادية واسعة النطاق بين الدول العربية وآسيا الوسطى في المدى المتوسط والطويل إذا استمر هذا الاهتمام المتبادل. ومع ذلك، هناك بعض العقبات مثل انتشار السياسات الدينية لبعض الدول العربية في آسيا الوسطى، مما يزيد من خطر انتشار التطرف ويثير حساسية
موسكو وبكين.
لقد سعت المملكة العربية السعودية من خلال وسائل مختلفة في السنوات القليلة الماضية إلى زيادة نفوذها في منطقة آسيا الوسطى. وفي حالة الضوء الأخضر من موسكو، ستكون الرياض في وضع أقوى من ذي قبل، وستكون أكثر قدرة على اتخاذ خطوات يمكن أن تغير الجيوبوليتيك الإقليمي. من ناحية أخرى، يمكن لدول آسيا الوسطى استخدام هذا الإطار لإنشاء كتلة إقليمية، وهو أمر حاسم لتطوير علاقاتها المشتركة مع دول أخرى.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي توسيع نطاق التعاون الإقليمي من هذا النوع إلى تعزيز الشعور بالانتماء في آسيا الوسطى وتشجيع الدول الخمس على التغلب على خلافاتها الحالية والتقدم في قضايا تهمها مثل نقص المياه أو التوصل إلى اتفاقات نهائية بشأن النزاعات الحدودية.
استنادًا إلى كل ما سبق، يمكن القول إن زيارة بوتين إلى الرياض وأبوظبي يحتمل أن تسرع من وتيرة علاقات هذه الدول مع آسيا الوسطى، وهو أمر من شأنه على الأرجح أن يجعل المعادلات أكثر تعقيدًا بالنسبة للاعبين فوق الإقليميين.

 

البحث
الأرشيف التاريخي