ربيع السينما الإيرانية بمشاركة 78 دولة وضيوف من 32 بلداً
عنقاء فجر السينمائية تحلّق في سماء طهران.. «فلسطين، الروح والدم»
الوفاق/ مرة أخرى نشهد عشرة الفجر المباركة التي تحفل بالمهرجانات والاحتفالات والنشاطات الثقافية، الأيام العشرة التي هي ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية المباركة، وتشهد كل المدن الإيرانية احتفالات ونشاطات خاصة بهذه الأيام، ومن أهمها مهرجانات فجر الثقافية بمختلف فروعها السينمائية والمسرحية والصناعات اليدوية والفنون التشكيلية، والموسيقى، وغيرها. مهرجان فجر السينمائي الدولي من أهم الأحداث الثقافية بعد انتصار الثورة الإسلامية وله تاريخ طويل، دورته الثانية والأربعين هي بمثابة ربيع السينما الإيرانية ويشارك فيه الفنانون والمخرجون وجميع محبي السينما من مختلف أنحاء العالم.. نعم.. تمر علينا أيام ربيع السينما أو بعبارة أخرى بداية السنة الجديدة للسينما، وذلك نظراً لأهمية هذا المهرجان الذي في الحقيقة يُعد بداية للنشاطات السينمائية الجديدة في كل عام، وفي هذه الدورة نشهد قسما خاصا لفلسطين تحت عنوان "فلسطين، الروح والدم"، وما أجمل هذه التسمية! وعن كيفية انطلاق المهرجان هذا العام وما هي الميزة الخاصة به والأفلام المشاركة، وغيرها من الأسئلة التي تدور في أذهان محبي السينما، من الذين ما استطاعوا الحضور في هذا المهرجان، ففي هذا المقال نتطرق بصورة موجزة للمهرجان الثاني والأربعين.
حفل الإفتتاح
أقيم حفل افتتاح مهرجان فجر السينمائي، الذي لم يُقَم منذ عدة سنوات، مساء يوم الأربعاء 31 يناير 2024 في قاعة الوحدة بالعاصمة طهران، ليكون هذا العام حفلاً رسمياً لبداية مهرجان فجر السينمائي.
رافق مراسم افتتاح المهرجان، تكريم كل من أبو الفضل بورعرب، فريبا كوثري، برويز شيخ طادي ومحمد رضا عليقلي، وحلقت العنقاء في فضاءات أقسام الفيلم القصير والوثائقي والصور والملصقات والإعلان.
تكريم وتوزيع الجوائز الوثائقية والقصيرة
وفي هذا الحفل تم تكريم فريبا كوثري وأبو الفضل بورعرب (ممثلين سينمائيين)، ومحمد رضا عليقلي (ملحن سينمائي)، وبرويز شيخ طادي (مخرج سينمائي).
ومن ضمن فعاليات افتتاح مهرجان فجر السينمائي في دورته الـ42، تسليم جائزة قسم الأفلام القصيرة، والذي رافقه وصول وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد مهدي إسماعيلي.
أداء مقطوعة موسيقية باللغة الإنجليزية تتعلق بحرب غزة
وفي إطار حفل افتتاح المهرجان، عُرضت أمام الجمهور مسرحية عن موضوع غزة، كما أدى الفنان الشاب إحسان ياسين مقطوعة موسيقية، وكان أداء مقطوعة موسيقية باللغة الإنجليزية تتعلق بحرب غزة أحد أجزاء هذا الحفل.
وتم بث الفيديو للنصب التذكاري لشهداء الهجوم الإرهابي في كرمان وكان جزءا آخر من حفل افتتاح مهرجان فجر السينمائي الثاني والأربعين.
القسم الوطني ينطلق بحفاوة كبيرة
واستمراراً لنشاطات مهرجان فجر السينمائي الدولي إنطلقت يوم الخميس 1 فبراير الجاري فعاليات المهرجان بدورته الـ 42 بحضور كبير لعشاق السينما وحشد من المخرجين والسينمائيين وعشرات وسائل الإعلام المحلّية والدولية.
وتألق المهرجان بحفاوة المشاركة، حيث تكتظ دور السينما في برج ميلاد بعشرات المشاهدين للإستمتاع بأعمال المهرجان المـُنتخبة من بين نخبة الأفلام المحلية والدولية.
وعقب عرض كل فيلم، يُقام مؤتمر صحفي لفريق عمل الفيلم للإجابة على أسئلة حول الأفلام المنتجة، هذا في حين نظّم المهرجان عروضا متألقة إندرجت ضمن جدول يومي تخيّم عليه العروض الوطنية حتى يوم 5 فبراير، الوقت الذي ستنطلق فيه فعاليات القسم الدولي من المهرجان.
وتتميز فعاليات هذا العام بروح الحماس والمنافسة بين الأفلام المشاركة، وسنشهد أعمالاً مميزة بمواضيع جذّابة ومذهلة في مختلف المجالات، وتستضيف هذه الدورة من المهرجان أصدقاء من 75 دولة في القسم الدولي، المهرجان عمل جماعي والكل يجتهد فيه، وعشّاق السينما وروّادها هم أصحاب هذا المهرجان.
وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمدمهدي إسماعيلي: إن شاءالله ستكون فترة مهرجان فجر الذي هو ربيع السينما الإيرانية، أكثر إزدهاراً وروعة وعظمة من كل ما سبق، وسيُحدث نقلة نوعية للسينما في ايران، وتتميز دورة هذا العام بجودة وكمية وتنوع الأعمال.
إضافة قسمي "فلسطين، الروح والدم" و"حزام الطريق"
من جهته قال مجتبي أميني عن القسم الدولي لهذه الفترة من المهرجان: مهرجان فجر السينمائي الدولي في دورته الـ 42 وسّع آفاق مسابقاته وعروضه لتشمل قسمين جديدين في القسم الدولي لمسابقة الأعمال العالمية، أحدهما تم التخطيط له وفقاً للجرائم الصهيونية في غزة ويسمى هذا القسم الخاص "فلسطين، الروح والدم" وهو قسم تنافسي.
وقسم تنافسي آخر يحمل اسم "حزام الطريق" والذي أقيم بسبب عضوية إيران في اتحاد مهرجان شنغهاي ويعتبر قسماً جديدا. كما نستضيف في هذه الفترة من المهرجان ضيوفا وحكاما ونخبة من المجتمع من مختلف البلدان، ولدينا خطط جادة وواعدة في القسم الدولي.
في السياق صرح مدير مهرجان فجر الـ 42 عن القسم الدولي لهذه الدورة: نظراً للظروف التي تطورت في المنطقة وتجربة العام الماضي، تقدمت هذا العام 78 دولة للمشاركة في المهرجان وتم تسجيل 621 فيلماً، قام مستشارونا في القسم الدولي بالتحقّق منها ومشاهدتها على مدى ثلاثة أشهر لاختيار نخبة الأعمال التي تستحق المشاركة.
وأكد مدير مهرجان فجر الـ 42: هذا المهرجان مرموق ومهم على مستوى العالم، وهو من المهرجانات الأولى وعضو في الاتحاد الدولي لمنتجي الأفلام (فیابف) FIAPF الذي يواصل تألقه وأتمنى أن تكون النسخة الـ42 كذلك، وأن تُثري سجّل المهرجان في التاريخ.
وتابع أميني عن حضور مشاهير السينما العالمية في دورة مهرجان فجر السينمائي لهذا العام وقال: الضغوط العالمية في السنوات القليلة الماضية للإضرار بالبلاد كانت ملموسة ولا يمكن تجاهلها، لكننا هذا العام نستضيف ضيوفاً مرموقين وموقرين في هذا الحدث، حيث نستضيف هذا العام ضيوفاً من 32 دولة.
من جهة أخرى صرح مدير القسم الدولي للمهرجان "رائد فريد زاده": بأن القسم الدولي للمهرجان سيبدأ رسمياً في الإثنين الخامس من فبراير/ شباط الجاري.
ويتضمن القسم الدولي 5 أقسام مختلفة منها، قسم "سينما السعادة" و"تجلي الشرق" و"مهرجان المهرجانات" وقسمين خاصين هما "فلسطين، الروح والدم" و قسم "حزام الطريق".
وفي قسم "فلسطين، الروح والدم"، تعرض أفلام "حدود الأحلام والمخاوف"، و"أطفال شاتيلا"، و"النساء خارج الحدود"، و"الناس والزيتون" و"فرحة" .
وتعرض أفلام "رجل في القمر"، "كارما"، "الحكومة العسكرية"، "مسموح: العيش في الشعر"، "الشجرة الصامتة"، "سلسلة الحياة" في قسم "حزام الطريق" للمهرجان.
فيلم "فرحة"
تمثل "دارين سلام" جيلا جديدا من مقاتلي الشاشة، قدمت 5 أفلام قصيرة، وفي عام 2021 أنجزت فيلمها "فرحة"، لتعيد سرد حكايات النكبة الفلسطينية بمنظور مختلف وتسرد وقائع وآثار النكبة على الفتاة الفلسطينية "فرحة" التي تطمح لإستكمال دراستها في الخارج، لكن النكبة تؤجل كل مشروعات الحياة، فيحبسها والدها خوفا عليها.
قالت المخرجة الأردنية دارين سلّام: الفيلم يستند إلى أحداث حقيقية ولا يمثّل سوى "نقطة في بحر" من معاناة الفلسطينيين في العام 1948.
فيلم "حدود الأحلام والمخاوف"
فيلم "حدود الأحلام والمخاوف" إنتاج 2001، من اخراج "مي المصري" وتدور قصته في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
في لمحة نادرة عن جانب واحد من الصراع في الشرق الأوسط ، تستكشف حدود الأحلام والمخاوف حياة مجموعة من الأطفال الفلسطينيين الذين نشأوا في مخيمات اللاجئين. يركز الفيلم على فتاتين مراهقتين، منى ومنار.
فيلم "أطفال شاتيلا"
فيلم "أطفال شاتيلا" يتضمن الحديث عن مجزرة صبرا وشاتيلا بعيون الأطفال الشهود، ويتحدث هذا الوثائقي وهو للمخرجة الفلسطينية "مي المصري" عن مخيم شاتيلا، وهو فيلم يستحق الثناء، لا لكونه من الأفلام القليلة التي وثقت أحوال سكان المخيم بعد المجزرة التي تعرضوا لها خلال الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 فحسب، بل لأنه يعود إليهم ليرى من خلال عيون أطفالهم الواقع الذي يعيشونه في مساحة يكاد العالم أن ينساها.
لكن أحلام الأطفال بعيش مستقبل أفضل، هو ما يبقي جذوة الأمل مشتعلة في داخلهم، لا يطفئها بؤس عيشهم ولا تعطلها آثار المجزرة الرهيبة التي ما زالت تنغص حياتهم وحياة أهلهم، حتى بعد مرور سنوات على حدوثها.
إنتاجات ايرانية مشتركة مع دول أخرى
من الميزات الأخرى لهذا المهرجان هو حضور أفلام سينمائية من إنتاجات مشتركة بين إيران والدول الأخرى ومنها ايرانية عربية بحضور ممثلين عرب مثل فيلم "قلب الرقة"، وإنتاج آخر بين ايران وبنغلاديش تحت عنوان "أكاذيب جميلة".
"قلب الرقة"
"قلب الرقة" هو فيلم من إخراج وكتابة خير الله تقياني بور، تم إنتاجه عام 2023، ويشارك بمهرجان فجر السينمائي في قسم "شوق العنقاء".
كما يوحي الإسم، فإن موضوع فيلم "قلب الرقة" يركّز على أحداث السنوات القليلة الماضية في سوريا ويدور حول محور المقاومة والأحداث الفريدة التي تجري في هذه المنطقة، هناك قصة حب في قلب التهاب.
"الرقة" هي إحدى مدن سوريا وعاصمة محافظة "الرقة"، تقع في شمال شرق سوريا وعلى ساحل الفرات، وكانت الرقة عاصمة تنظيم داعش الإرهابي منذ ما يقرب من 4 سنوات (من 2014 إلى 2017).
الفيلم من تأليف وإخراج خير الله تقياني بور، وإنتاج سعيد برويني، وهذا الفيلم هو أحد منتجات مؤسسة "بيان" الإعلامية ومؤسسة "فارابي" السينمائية، جزء من تصوير هذا الفيلم تم في مدينة "الدفاع المقدس" السينمائية وجزء آخر خارج إيران.
يحاول هذا الفيلم أن يروي قصة الدفاع المقدس في سياق رومانسي، ويحاول هذا العمل التطرق إلى مجال الدفاع المقدس من زاوية جديدة.
فيلم "أكاذيب جميلة"
"أكاذيب جميلة" جسر سينمائي بين ايران وبنغلاديش، هذا الفيلم هو إنتاج مشترك بين إيران وبنغلاديش وهو العمل الثالث عشر لـ "مرتضى آتش زمزم"، كان قد عرض على الشاشة منذ وقت ليس ببعيد.
وأوضح فؤاد حجازي مؤلف الفيلم عن كيفية صنع الموسيقى لهذا الفيلم وتحدث عن تحديات ومشاكل صناعة الموسيقى لهذا الفيلم ثنائي اللغة، أنه سيتم عزف اللحن الرئيسي للفيلم في بنغلاديش، والتي لحّنها رجل بنغلاديشي، وقمت بتركيبها وتنسيق الأوركسترا.
هذا ونشهد الإقبال الكبير على المهرجان يوماً بعد يوم، حيث تكتظ دور السينما وبرج ميلاد بحضور المشاهدين والمتابعين للأفلام المشاركة في مختلف أقسام المهرجان، وتحلّق عنقاء فجر السينمائية فوق سماء طهران حتى نرى خلال الأيام القادمة ان العنقاء البلورية من نصيب مَن؟.. والأيام بيننا، فأهلا بكم في مهرجان فجر السينمائي الثاني والأربعين بتنوعه وأقسامه الرائعة.