المتخصصة التربوية د. فاطمة نصر الله للوفاق:
الشباب هم براعم الربيع لشجرة المجتمع
سهامه مجلسي
تبرز لدى الإنسان عند دخوله مرحلة الشباب المشاعر الدينية بصورة قوية، ويتجلى ذلك من خلال حب الشباب للدين، والسعي من أجل فهم القضايا الدينية، والتفاعل مع كل ما يرمز إلى الفكر الديني بجدية. وفي مرحلة الشباب تتفتح وتستيقظ جميع الغرائز عند الإنسان؛ فمن جهة تبرز عند الشباب وبقوة الغرائز والميول المادية، ومن جهة أخرى تبرز وتتفتح لديه الغرائز والميول والرغبات الروحية والمعنوية، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة فاطمة نصر الله متخصصة بالادارة التربوية وفيما يلي نص الحوار:
ما موقع العادات والقيم الحميدة في أذهان شباب اليوم؟
لم تثبت الدراسات الحديثة ان الشباب في عالمنا الاسلامي المعاصر قد تخلو عن تمسكهم بالقيم، وذلك من خلال الممارسات الحياتية والمجتمعية والاعتقادات التي تحكم كل هذه الممارسات. نعم يمكننا القول أن هناك شيئا من الالتباسات قد حصلت لدى هؤلاء الشباب والتي أثرت بقدر ملحوظ على بعض السلوكيات المتعلقة بالممارسات الدينية حصراً، لكن القناعات القيمية لا تزال ثابتة، وهذا الشيء الذي يمكنه ان يؤثر ايجاباً لعودة هؤلاء الشباب الى الأصول القيمية الدينية مع مزيد من الوعي المقرون بالإدارة والتصميم.
ما هي العوامل التي يمكن أن تعمل على اضعاف اهتمام الشباب بالقيم الدينية؟
هناك العديد من العوامل التي تلعب دوراً مؤثراً في ضعف اهتمام الشباب بمنظومتهم القيمية هي:
- الاتجاهات الوالدية في التربية والتي يتأثر الابناء بها كلما كانت تميل الى الفوضى والتسيّب والاهمال والقسوة والتعنيف وغيرها.
- علاقة الشباب بالأقران والأصدقاء، فكلما كان هؤلاء الأقران بعيدين عن التمسك بالقيم الأخلاقية ويمارسون سلوكيات خاطئة وفوضوية قد تصل أحيانا الى حدود الانحراف الاخلاقي، تكون النتائج خطرة على الابناء نتيجة تأثير هؤلاء الأقران عليهم.
- العالم الافتراضي ووسائله التي تتيح للشباب التواصل مع عوالم مختلفة، منها ما هو غريب عن عاداتنا وقيمنا فتعمل على تشويهها وادخال بعض المفاهيم المغلوطة.
هل تختلف احتياجات الجيل الحالي عن شباب الجيل السابق؟
نعم تختلف احتياجات الجيل الحالي عن الجيل السابق باختلاف تقييم الأولويات والقضايا التي كانت سابقاً كماليات وحالياً صارت ضروريات.
ان الحياة العصرية بتقنياتها وادواتها ووسائلها الحديثة جعلت من يوميات الناس أمراً مختلفاً عما كانت عليه الامور في السابق من السنوات، وهذا ترك أثره على افكار الشباب في تقييمهم لهذه الكماليات والضروريات.
ما وجه الارتباط بين الحاجات والمشكلات التي يعاني منها الشباب؟
ان الحاجات التي تعتبر ضرورية للشباب والتي يمكن لنا ان نذكر منها: التحصيل العلمي العالي، فرص العمل المناسبة، والانظمة الوطنية التي تؤمن لهذه الفئة الفرص المناسبة لحياة افضل، هذه الحاجات قد تكون نفسها هي مشكلة في حياة الشاب اذا لم يتم تأمين وتسهيل الوصول اليها وتحقيقها، حيث يتحول الحلم الى معاناة لدى الشباب.
هل الظروف الاقتصادية سبب سلبي ينعكس على تربية الأبناء لا سيما الشباب؟
في الواقع لا يمكننا ان نتهم الظروف الاقتصادية المرتفعة أنها سبب سلبي ينعكس على تربية الأبناء لا سيما الشباب، حيث ان الحقيقة المؤكدة ان الأسباب الأساسية السلبية هي اسلوب الوالدين في التربية والذي على أساسه تتأصل التربية لدى الابناء، هذا بالاضافة الى البيئة الاجتماعية المحيطة، فكم من البيئات الاجتماعية الفقيرة أو البيوتات الفقيرة خرّجت اشخاصاً ناجحين مارسوا اهم الادوار في الحياة وكانوا قادة في مجتمعاتهم، فان الشباب هم براعم الربيع لشجرة المجتمع.
يردد الكثيرون عن أفضلية الشباب في الماضي عن الحاضر هل هذه المقارنة صحيحة؟
ليس هناك اي افضلية للشباب في السنوات الماضية على الشباب في وقتنا الحالي، ذلك لأن مرحلة الشباب هي من أهم مراحل حياة الانسان التي من خلالها يستطيع ان يقدم للمجتمع افضل واجود ما يمكن تقديمه، نعم يمكننا القول انه كلما تطورت الوسائل والاساليب والتقنيات التي من شأنها ان تساعد الشباب على الانتاج بشكل افضل فان هذا قد يعطيه الفرصة للتميز والسرعة والتأثير العلمي أو العملي أو الثقافي او الفني وغيره.
هل من إيجابيات ترينها في الأجيال الحالية من الشباب؟
يقينا هناك العديد من الايجابيات التي يمكننا ان نلحظها عند شباب اليوم، حيث يمكننا الاشارة الى التفوق الثقافي والعلمي الذي يجعل من عقولهم عقولا مدهشة يمكنها ان تقدم للمجتمعات الكثير من الأفكار التي من شأنها ان تكون عوناً للبشرية في تقدمها وغيرها وخدمتها للإنسان.
ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع الشباب في البيت، المدرسة، الجامعة.. المجتمع ككل؟
ان الطريقة المثلى التي يجب ان تعتمد مع الشباب في البيت والمدرسة والمجتمع بكافة مؤسساته ومرافقه، هو ان نؤمن جميعاً بقدرات هؤلاء الشباب وأن نثق بافكارهم الخلاقة، شرط ان نواكبهم من النواحي الدينية والتربوية والقيمية، وان تكون العلاقات الأسرية معهم علاقة محترمة قائمة على الثقة والاعتمادية المتبادلة بين الشاب ووالديه، مع الحوار الايجابي المستمر ومساعدته على تخطي المشكلات التي قد تعيقه عن تحقيق بعض الأهداف.
ان التحفيز والدعم والتفاؤل والثقة التي يتعاطى بها الوالدين مع ابنائهم في عمر الشباب من شأنها ان ترسم لهم طريق النجاح التي من خلالها سوف يغيرون العالم.