الخبيرة الاجتماعية د. سحر مصطفى للوفاق:
مهارات التواصل.. أسلحة طفلك لمواجهة المستقبل
سهامه مجلسي
مهارات التواصل عند الأطفال من أهم الأمور التي يجب علينا تنميتها اجتماعياً لدى أطفالنا، حيث تلعب دوراً رئيسياً في تكوين وتطوير علاقاتهم الاجتماعية والعاطفية. هذه المهارات مهمة للطفل للتفاعل بكفاءة مع العالم من حوله والتعبير عن احتياجاته ومشاعره بطريقة فعالة وصحية. ومن الواجب مساعدة الأطفال على التواصل مع الآخرين بروح إيجابية ورفع قدرتهم على التفاعل بشكل إيجابي لحمايتهم من الاضطرابات النفسية والعنف والانحراف والوحدة وغيرها. وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة سحر مصطفى مسؤولة الدراسات في مركز امان للارشاد السلوكي والاجتماعي وفيما يلي نص الحوار:
ما هي أهمية تطوير مهارات الاتصال اللفظي وغير اللفظي في الوعظ والإرشاد؟
من المهم الالتفات في هذا المجال الى ان الوعظ والارشاد هما تقنيتان مختلفتان في التواصل مع الآخرين. ففي حين ان الوعظ هو النصح والتذكير بالعواقب، وهو تذكير للإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب. بينما الارشاد هو عملية تهدف إلى إرشاد المتلقي إلى فهم وتحليل استعداداته وقدراته وإمكانياته وميوله والفرص المتاحة أمامه والمشكلات التي يعاني منها وذلك للوصول إلى اتخاذ القرارات التي تحقق له التكيف والعيش السعيد...
ولكل من هاتين التقنيتين مهارات اتصالية خاصة بها وهناك مشتركات بينهما. ونحتاج في الحالتين الى تطوير هذه المهارات حتى نصل الى النتجية المرجوة من التأثير. وخصوصا مع التغيرات التي تتسارع على مختلف الصعد، لا بد لنا دائماً من تطوير مهاراتنا التواصلية اذا كنا نريد ان نرى اثار الوعظ والإرشاد على الأفراد. فالخبرة وحدها لا تكفي، وان كانت عاملاً مهماً، فالاستفادة اليوم من كافة سبل التطوير والمعرفة تبدو ضرورية اكثر من اي وقت مضى. والأمر لا يقتصر على مضمون الخطاب الذي نوجهه الى المتلقي، بل ايضا الى الطرق المختلفة في ايصال هذا الخطاب، فضلا عن لغة الجسد، والتواصل البصري وخلق اجواء الراحة والثقة والتفاعل.
في مجال الوعظ لا بد من امتلاك مجموعة من المهارات التواصلية التي تعزز امكانية التأثير والتي تعتبر أسلحة طفلك لمواجهة المستقبل والتي يمكن لمن يتصدى لهذه المهمة التدرب عليها، ومنها:
أ - اختيار الوقت المناسب والجو النفسي المهيأ للسماع.
ب - اللين في الخطاب والشفقة في النصح.
ج - الحديث المتناسب ومراعاة أحوال المخاطبين.
د - العناية بالمظهر بشكل يتناسب مع الجمهور المستهدف.
ه - مهارات لغة الجسد.
وكذلك عملية الارشاد تحتاج الى مهارات خاصة يجري التدرب عليها ضمن اطر تخصصية، ومنها:
أ - مهارة الانصات: تنطوي مهمة المرشد على الاستماع إلى مشاكل الآخرين بشتّى أشكالها، ليكون بذلك قادراً على أن يتفهم مشاعرهم واحتياجاتهم، وعليه فإنه يتطلب منه الاستماع إلى أحاديث وأفكار المُستَرشَد بكل عناية واهتمام، ليتمكن من تذكر جميع تلك الأحداث والمشاعر المهمة التي ينقلونها إليه، لذا فلا بدّ له من امتلاك مهارة عالية من الاستماع والإصغاء الجيد.
ب - التعاطف: اذ يجب ان يمتلك المرشد الصبر ويُظهر التعاطف مع الآخرين، إذ أن الصبر والتعاطف يساعدانه في إدراك واستيعاب مشاعر الآخرين المختلفة، وبالتالي فهم تصرفاتهم وأسباب وقوع اختياراتهم نحو أمور معينة، ومن ثم الاستجابة لها والتعامل معها، وكما أنه ينبغي عليه أن يكون قادراً على التحكم في عواطفه، لكي يستطيع إعطاء الحلول والإرشادات المناسبة بمواقعها الصحيحة وبطريقة حيادية.
ج - اجادة قراءة لغة الجسد عند المسترشد، وان يحسن فهم وتحليل استجابة المسترشد غير اللفظية.
ما هي أهمية تدريب الأطفال على المهارات الاجتماعية والاتصالية؟
المهارات الاجتماعية هي الطرق التي تمكّن الافراد من التواصل والتفاعل بشكل سليم مع اقرانهم، واقامة علاقة ناجحة مع محيطهم الاجتماعي، واختيار التصرف المناسب ازاء المواقف الاجتماعية المختلفة. صحيح ان الانسان لديه قابليات فطرية للعيش ضمن جماعة، ولكنه يحتاج الى اكتساب مجموعة من المهارات والتدرب عليها خلال فترات حياته المختلفة وخصوصا مرحلة الطفولة حتى لا يقع فريسة الاضطرابات والخيبات والمشاكل. والتدريب على هذه المهارات يساعد الأطفال على تخطي الكثير من العقبات التي تواجههم وخصوصا عند الدخول الى المدرسة او الحضانة، وتحميهم من السلوكيات السلبية المنتشرة كالعنف والتنمر وغيرها... ومن المهارات الاجتماعية التي نحتاج الى تدريب الأطفال عليها:
- التعاون والذي يعني تنمية مهارات الطفل على العمل مع الاخرين لتحقيق هدف مشترك. اذ يحتاج الافراد لهذه المهارة لكي يتمكنوا من انجاح علاقتهم الاجتماعية والاستمرار في هذه الحياة.
- تقبل الربح والخسارة من خلال الانشطة الرياضية والألعاب.
- التفاعل والقدرة على ضبط المشاعر.
- القدرة على التعبير عن مشاعره وشرح افكاره وتقديمها بطريقة واضحة ومنظمة.
- الانضباط الذاتي وتأجيل الحاجات.
ما هو دور التحكم الذاتي في تطوير المهارات الاجتماعية والاتصالية؟
من اهم المهارات التي يحتاجها الانسان في كافة مراحل حياته هي مهارة التحكم في انفعالاته وردات فعله، والتحكم وادارة حاجاته. ونحن نبدأ منذ الطفولة بتعويد الطفل على ذلك من خلال تأجيل الحاجات وادارتها، والتلبية المشروطة لبعض الحاجات. ان هذا التحكم يجعل الأفراد اكثر قدرة على تلقف المهارات الاجتماعية التي يتدربون عليها واكثر قدرة على تطبيقها. فالتعاون والمشاركة والاحترام تحتاج منا الى قدر من التحكم باهوائنا ومشاعرنا وسلوكياتنا... ان الحياة الاجتماعية هي عملية تحتاج الى قدر كبير من الانضباط الذاتي، والتحكم برغباته وتصرفاته فهو فرد مسؤول داخل المجتمع وفي كل مرحلة تتغير هذه المسؤوليات وتتسع دائرتها. وفي كل المراحل يحتاج الى قدر من الضبط والقدرة على التحكم الذاتي بالشكل الذي يتناسب مع المرحلة والمسؤوليات الاجتماعية والمهنية.
ما هي اساليب المساعدة في تحسين المهارات عند الاطفال؟
هناك الكثير من الطرق المفيدة في هذا المجال تختلف باختلاف الفئات العمرية والبيئة المحيطة بالمتدربين. ففي مرحلة الطفولة يمكننا الاستفادة كثيرا من القصص واللعب وتمثيل الأدوار، والأعمال الفنية المختلفة. فان الأهل داخل الأسرة يلعبون دوراً مهما في اكتساب الطفل للكثير من المهارات الاجتماعية من خلال التواصل الجيد معه وادخاله ضمن انشطة الأسرة والقيام بالعديد من الأنشطة المشتركة ضمن اطار الأسرة الممتدة. وتلعب الجمعيات الكشفية دوراً مهماً في اكتساب الأطفال المهارات الاجتماعية المختلفة.
ما هو دور التدريب في تطوير المهارات للعاملين؟
التدريب يساعد في تنمية المهارات وتطوير امكانات العاملين على الصعيدين الشخصي والمهني. ويسهم في التخفيف من المشاكل التي يمكن ان يواجهوها على هذين الصعيدين. وكلما كان لدى العاملين مهارات اجتماعية متقدمة تزيد لديهم القدرة على التعاون والمشاركة والعمل الجماعي والقدرة على التكيف مع المتغيرات. وتلقي التدريب يوفّر الكثير من الوقت والجهد على المؤسسة وعلى الأفراد ويضمن حصول الأفراد على المعلومات الصحيحة والموثوقة.... التدريب خصوصا في هذا العصر حيث تتسارع التطورات بشكل كبير، يمكِّن العاملين من مواكبة هذه التغيرات، ويمدّهم بما يحتاجونه لتطوير قدراتهم وتلبية الاحتياجات المتغيرة بشكل دائم...