مجریات زيارة بهيار صنعت المعرفية في إصفهان

لا يمكن عمل المونتاج غداً

حميد رضا ميري
كاتب
لم أكن قادراً حتى على تذكر صوت المغني، فقط بقي يتكرر في ذهني أثناء تحديقي في عتمة الطريق بلا هدف من نافذة الحافلة. أريد العودة إلى إصفهان، العودة إلى نصف العالم ذاك مرة أخرى، كنت هذه المرة قد تركت أصل القصة المفقودة لحضور واحد من مئات المعسكرات التي تقام في البلاد هذه الأيام تحت اسم دروب التقدم للاطلاع على كيفية سير الرحلات عن كثب وقد شاركت سابقاً في العديد من الرحلات المشابهة.
وكانت أكثرها رحلات علمية، وكانوا يخططون فقط للتطور، لكن لم يكن هناك أي خبر عن القصة! وبعد ساعتين من شروق الشمس في أصفهان، كنت أنا قد وصلت أيضاً. منذ الحظة الأولى أذهلتني نظافة المدينة. وكنت إذا سئلت ما هي معالم مدينة أصفهان أجبت الدراجات الهوائية الزرقاء، مثل التي كان مجيد يودع والدته ويستقلها حتى لايعاقب مرة أخرى، والتي يقودها كبار السن في ظل أشجار التوت لجعل سماء المدينة نظيفة كأرضها، فوضعت حقيبتي في المعسكر ورافقت محمد، وقد بدأ برنامجنا عند الساعة الثامنة صباحاً. كان محمد هو مصور الرحلة وقررنا البقاء معاً حتى
نهاية الرحلة.
تحركنا عند الساعة السابعة والنصف باتجاه وجهتنا الأولى، وكانت قد اجتمعت حوالي 60 طالبة من محافظات مختلفة ليسمعن قصة غير قصة ذكاء المهندسين المعماريين الإيرانيين في ساعة قصر قابور، و قصة تختلف عن الاعجاز الهندسي في مسجد منارجنبان. وعلى الرغم من أنهن قد احتفظن بالكثير من الصور في ذاكرة هواتفهن عن اللوح الفولاذي الذي يصنعه عمال البناء الإيرانيون، وأذهلن بفن عمال البلاط القدامى في مسجد الشيخ لطف الله، إلا أن هذه الرحلة كانت بمثابة رواية حديثة تهدف إلى أن يتذكر الجميع جيداً ما كنا عليه وما أصبحنا عليه.
وبالطبع فإن قصة ما أصبحنا عليه قد تختلف على لسان مجالس هذه الأيام، وإن ما أصبحنا عليه اليوم يعود إلى عام 1999م. لقد استغرقت الرحلة من السكن الجامعة في جامعة آزاد حتى بهيار حوالي ساعة واحدة، وقد تحدثت في الطريق عن المهندس نويد نجات بخش مع محمد، وسألته هل هو حقاً أيديولوجي كما يظهر أم أن التقارير الإعلامية تريد عمل دعاية لأعماله؟  ومن خلال نصف اليوم الذي تحدثت فيه مع محمد، توصلت إلى ملاحظتين عنه،  أولاً هو أنه كان على تواصل مع نجات بخش وبهيار وقام بتوثيق أعمالهما.
ثانياً، أنه ليس من النوع الذي يحب المجاملات التقليدية، ويلقي كلماته بطريقة مباشرة بلهجته الأصفهانية اللطيفة نوعا ما، وعلى نفس المقعد في مقدمة الحافلة بجواري، بدأ يمدح أفراد عائلة نجات بخش. وإن أخاه رجل دين وعلى الرغم من أنه ينتقده بشدة في بعض الأحيان، إلا أنه ليس من النوع الذي يتباهى ولا يقول إلا ما يؤمن به. وقد تأكدت من ذلك عندما لم يكن هناك أي ذكر له كبطل في بهيار، على عكس الأفلام الوثائقية ووسائل الإعلام الأجنبية، واستخدام جميع الأعضاء كلمة "نحن" عند وصف طريقهم.
يتبع...

البحث
الأرشيف التاريخي