الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وثلاثون - ٢١ يناير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان وثلاثون - ٢١ يناير ٢٠٢٤ - الصفحة ٥

في إطار سعيها للعب دور عالمي أكبر

كيف استطاعت الصين تحقيق مكاسب من الحرب الروسية الأوكرانية؟

الوفاق/ منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية بسبب التهديد للأمن القومي الناجم عن إصرار أوكرانيا على الانضمام إلى الناتو، حاول الصينيون من خلال اتخاذ موقف الحياد من ناحية المحافظة على علاقاتهم الواسعة مع روسيا بالرغم من العقوبات الأمريكية والأوروبية، ومن ناحية أخرى المحافظة على علاقاتهم مع أوكرانيا والدول المؤيدة لها في أوروبا من خلال اتخاذ موقف حيادي في الحرب الروسية الاوكرانية، خطت الصين خطوة مهمة نحو لعب دور دولي لإنهاء أخطر أزمة في الألفية الثالثة. هذا في الوقت الذي تجنبت فيه الصين في السابق المخاطر الناجمة عن التدخل في قضايا السياسة الخارجية غير المرتبطة مباشرة بالأمن القومي الصيني. ولكن الآن وقد بدأ السيد شي جين بينغ، الذي بدأ فترة قيادته الثالثة في الصين بسلطة أكبر من السابق، وبعد أن إطمأن على الاستقرار الداخلي، يظهر استعداده للاستفادة من نفوذه من أجل إرساء السلام والاستقرار على المستوى العالمي. وفي هذا الإطار، قدمت الصين مبادرة من 12 نقطة للسلام في أوكرانيا. وبالرغم من أن هذه المبادرة، التي استقبلها بوتين بترحاب، لم تقبلها أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون، إلا أن مجرد طرحها كان كافياً ليُظهر أن الصين تجنبت التدخل المباشر في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وحاولت أن تبين للولايات المتحدة وأوروبا أنها غير راغبة في الدخول في نزاع معهم.
و في هذا السياق نشر موقع "ايراس" مقالا تحدث فيه عن سمات السياسة التنفيذية والمعلنة للصين في الحرب الروسية الاوكرانية من زوايا مختلفة، وتأثيرها على التطورات العالمية المستقبلية.
أسباب موقف الحياد الصيني في الحرب الأوكرانية
تقترب الصين من لعب دور عالمي وتتجنب الانخراط في النزاعات الروسية والغربية حول أوكرانيا حتى تتمكن من لعب دور الوسيط السلمي. يرغب الصينيون في إظهار للعالم أنهم، على عكس الولايات المتحدة التي ركزت أنشطتها خلال فترة قيادتها كقوة مهيمنة على توسيع نفوذها، فإنهم يسعون إلى إرساء السلام والاستقرار حتى يتسنى خلق الظروف الملائمة للنمو والتنمية الاقتصادية.
يدرك الصينيون جيدًا أنه إذا أرادوا الانخراط في الصراعات العسكرية كما فعلت الولايات المتحدة، فعليهم منذ البداية أن يقولوا وداعًا لمعدل النمو الاقتصادي الذي يزيد عن 8٪، وأن ينخرطوا في نزاع لا تُعرف نهايته على الإطلاق. لذلك تفضل بكين اختبار حظها في لعب دور في حل أخطر أزمة في السنوات الأخيرة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا من خلال تبني سياسة الحياد. العقبة الرئيسية أمام تنفيذ هذه السياسة هي الولايات المتحدة، لأن واشنطن لا تريد لمنافسها الرئيسي أن يستفيد من فرصة حرب روسيا في أوكرانيا لارتداء قبعة السلام والأمن العالمي يدرك السيد شي جيدًا أن الصين لا تزال تفتقر إلى القدرات اللازمة لحل مشكلة كبيرة مثل أوكرانيا دون مساعدة الولايات المتحدة. لذلك، يجب على الصين على الأقل أن تتمكن من كسب دعم دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا لدعم خطتها، حتى تضطر الولايات المتحدة إلى الموافقة على التعاون مع الصين لإنهاء الحرب الأوكرانية. ولكن هذه الدول لن توافق على التعاون مع الصين إلا إذا أخذت مصالحها بعين الاعتبار في كيفية إنهاء الأزمة الحربية في أوكرانيا. في حين أن مبادرة السلام الصينية من 12 نقطة لإنهاء الحرب كانت عامة للغاية بحيث لا يمكن توفير أي ضمانات مسبقة لتنفيذها.
يبدو أن الحل على المدى القصير لإنهاء الحرب هو إقناع أوكرانيا بأنه يمكن أن تحظى بأمن أكبر دون الانضمام إلى الناتو، بشرط أن تتبع سياسة متوازنة تتناسب مع الموقف الجيوسياسي الحساس لأوكرانيا في شرق أوروبا بين روسيا والغرب. بمعنى أن تكون لها علاقات جيدة مع روسيا والصين وكذلك مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة..
إن اتهامات المسؤولين الأمريكيين الكبار المباشرة بأن الصين تقدم مساعدة عسكرية سرية لروسيا، تشير إلى أن واشنطن تريد منع أي تدخل صيني في هذه الحرب. ولهذا الغرض، تستخدم الولايات المتحدة رافعة دعم تايوان بشكل أكثر علنية واتساعًا، وهو ما تعتبره الصين بمثابة لعب بالنار وسيكون له عواقب وخيمة.
أرباح الصين من حرب روسيا في أوكرانيا
1- إن موقف الحياد الرسمي للصين في هذه الحرب وتقديم مبادرة السلام لإنهاء الحرب، عرّف الصين كحلال للمشاكل وبلد محب للسلام أمام العالم، وكان ذلك ضروريًا جدًا لتحسين صورة الصين عالمياً.
2- تصور الصين ضمنًا الولايات المتحدة كمحرض على الحرب وحلف شمال الأطلسي كأداة تُستخدم لإطالة الحرب المروعة وزيادة تكلفتها. وفي الوقت نفسه، تتيح هذه الفرصة للسيد شي للتفاعل مع بوتين والظهور كوسيط وليس كحليف لروسيا في الحرب، من خلال تجاهل العقوبات الأمريكية وبعض الدول الأوروبية. وهذا أمر مهم للغاية بين الدول النامية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط التي تعاني من أزمات الغذاء والطاقة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. كانت الصين بحاجة إلى استعادة مكانتها كمنقذ بين شعوب العالم بعد اتهامها بإيجاد ديون غير مستدامة للدول النامية.
3- اشترت الصين عشرات الملايين من براميل النفط الرخيص من روسيا على مدار العامين الماضيين، مما مكّنها ليس فقط من تعويض التأخر الناجم عن أزمة كوفيد، بل أيضًا من الحصول على مصادر متنوعة للطاقة كان من الممكن الحصول عليها في السابق فقط من دول محدودة. حتى أن وكالة رويترز ذكرت أن مصافي القطاع الخاص الصيني تتنافس مع نظيراتها الهندية لشراء نفط ESPO الروسي الرخيص. تشتري الشركات الصينية والهندية النفط الرخيص من روسيا وتحوله إلى منتجات نفطية في مصافيها ثم تبيع المنتجات النهائية بكل بساطة في الأسواق العالمية.
4- على الرغم من أن حرب أوكرانيا تسببت في تعطيل مبادرة الحزام والطريق، التي كان من المفترض أن تمتد حتى ميناء هامبورغ في شمال ألمانيا، إلا أن دولًا مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا أظهرت اهتمامًا متزايدًا بتوسيع العلاقات مع الصين على مدار العامين الماضيين، بحيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ بعد الحرب الروسية في أوكرانيا. حيث ارتفعت واردات 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي من الصين بنسبة 62٪ لتصل إلى 626 مليار يورو في الفترة من 2021 إلى نهاية عام 2022، في حين زادت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين بنسبة 13٪ فقط لتصل إلى 230 مليار يورو. ونتيجة لذلك، بلغ عجز الميزان التجاري بين الطرفين 396 مليار يورو ضد الاتحاد الأوروبي في عام 2022. وكان الاستفادة من النفط الروسي الرخيص في الصناعات التصديرية الصينية أحد الأسباب الرئيسية لهذه الزيادة في العجز التجاري للصين مع الاتحاد الأوروبي.
5- زيادة قوة اللاعب الصيني أمام الولايات المتحدة كأهم منافس في النظام الناشئ بعد الحرب الأوكرانية كانت أهم مكاسب الصين، حيث ظهرت الصين الآن في وضع أقوى بكثير على الساحة الدولية أمام الولايات المتحدة مقارنة بالعامين الماضيين. ويمكن ملاحظة ذلك في الوساطة بين إيران والمملكة العربية السعودية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وتقديم مخطط لضمان أمن الملاحة في الخليج الفارسي، أي فناء المنزل الأمريكي خلال العقود الخمسة الماضية.

 

البحث
الأرشيف التاريخي