خبير في الشؤون الاستراتيجية لـ«الوفاق»:
ثبات وصمود أهل غزة وقوى المقاومة وراء سقوط مخططات العدو الصهيوني
حميد مهدوي راد
بعد مضى أكثر من 100 يوماً على عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، وبالرغم من الهجمات الوحشية الاجرامية، الجوية، البرية، والبحرية للعدو الصهيوني على المواطنين في غزة، لم يستطع العدو الصهيوني الوصول لأهدافه المحددة من قبل قادته المهزومين، وبالرغم من أن هذا العدو الصهيوني ادعى في البداية أن الحرب على غزة لن تستغرق أكثر من اسبوعين وأنه سيتمكن من تحرير جميع أسراه بأقل الخسائر، وأنه سيقضي على قدرة حماس لوجستياً وعسكرياً، إلا أنه وبفضل ثبات وصمود أهل غزة وتكتيكات قوى المقاومة لم يتمكن هذا العدو من تحقيق أي من أهدافه. ومن ناحية أخرى فقد وقع الكيان الصهيوني تحت ضغط شديد من قبل الرأي العام الداخلي والعالمي. وللبحث أكثر في هذا الموضوع أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع الاستاذ محمد صالح صدقيان الخبير في الشؤون الاستراتيجية،
وفيما يلي نص الحوار:
كم من الأهداف استطاع العدو الصهيوني تحقيقها منذ بداية الحرب على غزة وحتى الآن؟
في حقيقة الامر أن حكومة الحرب الصهيونية التي شكلها نتنياهو ارادت تحقيق ثلاثة اهداف رئيسية خلال الاجتياح العسكري لقطاع غزة. الهدف الاول: القضاء على حركة حماس. والهدف الثاني: القضاء على حركة القسام. والهدف الثالث: هو الهدف الرئيسي؛ وهو تحرير الرهائن الموجودين لدى حركة حماس والمقاومة.
الآن، وبعد اكثر من 100 يوم يعني ثلاثة اشهر وعشرة أيام تقريبا لم تستطع حكومة الحرب الصهيونية ولم يستطيع نتنياهو من تحقيق اي من الاهداف التي رسمها لحكومة الحرب، وبالتالي لا حماس رفعت الراية البيضاء ولا القسام رفع الراية البيضاء ولم يستطيعوا أن يحرروا أي من الرهائن الموجودين عند حركة حماس، وبالتالي انا اعتقد بأن هناك هزيمة جديدة، الهزيمة الاولى حدثت في السابع من اكتوبر والهزيمة الثانية عندما لم تستطع أو فشلت "اسرائيل" في تحقيق هذه الاهداف من خلال الاجتياح الصهيوني وهذه الحرب المدمرة التي هي ضد الانسانية وضد سكان غزة، لم يتمكن الكيان الصهيوني من تحقيق أي من أهدافه، وبالتالي فهناك هزيمة جديدة للكيان الصهيوني.
على الرغم من إعلان الدول الأمريكية والاوروبية عدم وجود اي دليل يثبت تدخل إيران في عملية طوفان الاقصى فلماذا يصر الكيان الصهيوني دائما على هذه القضية؟
هذا سؤال له مسارين، المسار الاول هو ايران والمسار الثاني ما يحدث في غزة. فيما يخص إيران فانا اعتقد انه من الطبيعي بأن الكيان الصهيوني يتهم إيران، لأن إيران في ثوابتها الاساسية والاستراتيجية هي معاداة للكيان والاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ومنذ تأسيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وحتى الآن إيران متمسكة بثوابتها وبخياراتها لمواجهة احتلال الكيان الصهيوني للاراضي الفلسطينية المحتلة وهي قالت بأنها تدعم المقاومة لمواجهة "اسرائيل" وتحرير الارض من البحر الى النهر كما عبر عنه قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي خامنئي (دام ظله)، إيران تدعم أي مقاومة ضد الاحتلال، وهذا مبدأ إستراتيجي في أدبيات الثورة الاسلامية وأدبيات الجمهورية الاسلامية، وفيما يخص عملية السابع من اكتوبر، إيران أعطت تحليلها بشكل واضح ودقيق، والجميع صدق ذلك حتى الجانب الامريكي عندما قالت بانها لم تكن مساهمة لا في التخطيط ولا في توقيت عملية السابع من اكتوبر، فقط كانت إيران واضحة، والجانب الامريكي أيضا فإن وزير الخارجية الامريكي بلينكن في الثامن من اكتوبر قال بشكل واضح بأن الولايات المتحدة لاتملك دليلا أو أدلة أو وثائق تشير الى ان إيران ضالعة في عملية 7 اكتوبر. هذا كان المسار الاول، أما المسار الثاني، لماذا نتنياهو دائما يتهم إيران، أعتقد ان هناك كما قلت هزيمة كبيرة لاسرائيل في قطاع غزة وبالتالي فهناك ضغوط ايضا داخل الكيان الصهيوني، وهناك خلافات في داخل حكومة الحرب الاسرائيلية وفي داخل الحكومة الصهيونية، وهناك عدم مصداقية الآن لدى الكيان في الدول الغربية والدول الاوروبية والولايات المتحدة، وهناك مشاكل عديدة يواجهها الكيان. وانا يبدو لي أن نتنياهو يريد أن يلقي بهذه المشاكل ويبعدها خارج الحدود، وبالتالي هو الآن يعيش في ورطة وهذه الورطة هي ورطة أمنية وسياسية وكذلك ورطة عسكرية لأنه لم يستطع تحقيق أي من أهدافه على الرغم من مرور اكثر من ثلاثة اشهر على اجتياح القوات الصهيونية لقطاع غزة، وبالتالي هو يريد أن ينقل هذه المشكلة التي يعاني منها الكيان، وأن يرحل هذه المشكلة الى خارج الحدود، فيتهم هنا وهناك من اجل التخلص من الضغوط التي تواجه الكيان في داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وانا اعتقد ان الجميع الآن يدرك بان نتنياهو انسان متشدد، متعصب، فاشي، يستخدم دماء الاطفال والنساء والمدنيين من اجل تحقيق أحلامه، هذه الاحلام التي تبنى على الدماء وعلى أشلاء القتلة. والآن لم يستطع نتنياهو وحكومة الحرب التي شكلها من تحقيق أي من أهدافه سوى انه قتل ما يقارب 23 الف، نصفهم من الاطفال والنساء والمدنيين وبالتالي يريد ان يحقق النتيجة، وهي رمي المشاكل خارج الحدود وأقرب طريق يمكن له ربط هذه المشاكل فيه هي الجمهورية الاسلامية الإيرانية التي تراقب الوضع بدقة، لكنني اعتقد ان نتنياهو فشل أيضا في هذه المرة عندما يوجه كل هذه السهام ويوجه كل هذه المشاكل نحو الجمهورية الاسلامية الإيرانية.
السؤال الآخر هو ضغط الرأي العام الداخلي على الكيان، بعد مضي اكثر من 100 يوم على حرب غزة الى أي حد يقع الكيان الصهيوني تحت ضغط الرأي العام الداخلي سياسيا وعسكريا واقتصاديا؟
اذا نظرنا الى حكومة الحرب التي شكلها نتنياهو كان هناك اجتماع في الأسبوع الماضي ولم يستمر الاجتماع طويلا وانتهى بسبب الخلافات التي تعانيها حكومة الحرب، وبالتالي انفض الاجتماع دون تحقيق اي هدف. و أحد الوزراء قال بان اجتماع الحكومة هذا يشبه السيرك، ووزير آخر قال لم نشهد بأي اجتماع لإسرائيل لحد الآن وفي تاريخ "إسرائيل" مثل ما نشهده الآن، وفي المقابلات التلفزيونية كان يوجد هناك مؤتمر صحفي لنتنياهو مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان في الكيان الصهيوني، والآن رفض وزير الدفاع والرئيس الاركان ان يخرجوا على التلفاز مع نتنياهو وهذا ما يدل على وجود خلافات عميقة داخل الكيان الصهيوني وخصوصا في هذه الفترة من الحرب التي يخوضها الكيان الصهيوني في غزة وهناك مشكلة أخرى تظهر بوضوح بأن في عام 2006 عندما انتهت الحرب مع حزب الله في لبنان وانسحب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان، فشكل الكيان الصهيوني لجنة تحقيق لينوغراد، اليوم لم تنتهي الحرب وقام الكيان الصهيوني بتشكيل لجنة للتحقيق في احداث سبعة اكتوبر ولم تنتهي الحرب ومعنى ذلك ان هناك العديد من الضغوط التي تواجهها حكومة الحرب الاسرائيلية، وانا اعتقد بان ما نشاهده الآن من تظاهرات داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة ضد نتنياهو وللمطالبة بفتح مفاوضات مع حماس للإفراج عن الرهائن. كل هذه الأمور اعتقد بانها تعكس المشاكل الكثيرة التي يمر بها نتنياهو وتمر بها حكومة الحرب التي شكلها نتنياهو في الداخل الاسرائيلي.
برأيكم هل بدأت الاغتيالات تستهدف تصفية قوى المقاومة خارج فلسطين المحتلة، وما هي تداعيات الإجراءات الإجرامية على الكيان؟
الكيان هو الذي قال بأن لديه قائمة بأسماء أعضاء حركة حماس وهو الذي قال بأن لديه أهدافا خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة يريد ان يستهدفها، هو الذي قال كل ذلك، وبالتالي اغتيال الشيخ صالح العاروري واغتيال سيد رضي الموسوي والانفجار الذي حدث في كرمان حتى وإن كان على يد داعش والاغتيال الذي استهدف ابو تقوى المشتاق طالب في بغداد، هذه الأمور ليست عادية عندما تحدث خلال عشرة أيام او أسبوعين وبالتالي هي متلازمة مع بعضها، وانا أعتقد شخصيا بأنه يجب علينا ان نشهد العديد من الحوادث بالاراضي الفلسطينية المحتلة والتي يقف وراءها الكيان الصهيوني كعمليات اغتيال في مدن أخرى وربما سيكون هناك اكثر من اغتيال مستقبلا في وضع استمرار الحرب على غزة. وهذه الأفعال مسؤول عنها الكيان الصهيوني وايضا الولايات المتحدة، لأن الولايات المتحدة تدعم "اسرائيل" وتدعم حكومة الحرب الصهيونية، وبالتالي انا اعتقد انه يجب علينا ألا نتفاجأ من عمليات اغتيال جديدة لو حصلت، أو تفجيرات، أو استهدافات لقادة حماس وانا اعتقد ان هذا شيء طبيعي تقوم به حكومة الحرب الاسرائيلية.
برأيكم ماذا سينتظر العدو الصهيوني على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي وكيف تقيمون مصير غزة بعد انتهاء الحرب؟
انا اعتقد بأن الوضع الذي يعاني منه الكيان الصهيوني هو وضع لا يحسد عليه وبالتالي زيارة وزير الخارجية الامريكي بلينكن للمنطقة هي زيارة يراد منها مساعدة الكيان الصهيوني وبالتالي يراد منها حفظ ماء وجه "اسرائيل" والعمل على لملمة جراح "اسرائيل" ونحن راينا عندما ذهب بلينكن الى تركيا واليوم كان في الأردن ويريد زيارة بعض الدول العربية فهو يريد ان يبحث عدة أمور مع هذه الدول بالنيابة عن "اسرائيل"، وثانيا كيف يمكن اطلاق سراح الرهائن وثالثا كيف يمكن ادارة غزة بعد الحرب وبالتالي اعتقد ان الولايات المتحدة تساعد اليكان الصهيوني كثيرا سياسيا من خلال الجولات التي يقوم بها بلينكن وهذه هي الجولة الرابعة التي يقوم بها للمنطقة بعد السابع من اكتوبر النقطة الأخرى عسكريا.
ايضا هناك قادة من الاسطول الخامس الامريكي المتواجد في البحرين يساعدون جنرالات الكيان لادارة الحرب في غزة وبالتالي الولايات المتحدة تقف مع الكيان الصهيوني لإدارة الحرب وللعمل على وضع برنامج معين او ترتيب سياسي معين لإدارة غزة بعد الحرب على غزة واعتقد انه لحد الآن كانت حركة حماس واضحة في اهدافها وقالت ان الحرب يجب ان تنتهي مع وقف اطلاق النار وانسحاب المقاتلين الاسرائيليين من قطاع غزة من اجل فتح باب المفاوضات لتبادل الرهائن والمعتقلين الفلسطينيين. النقطة الثانية كيف ستكون الامور بعد بعد هذا الامر، هذا الامر لا تقرره "اسرائيل" ولا تقرره الولايات المتحده انما هذا الامر يقرره الشعب الفلسطيني شعب غزة الذي وقع تحت مخاطر النيران لمدة أكثر من ثلاثة أشهر. هذا الشعب هو الذي يقرر من الذي يديره او من الذي يحكمه. أي أن الفلسطينيين هم الذين يحكمون نفسهم وليس الكيان الصهيوني او امريكا او اي طرف آخر وبالتالي فأن النقطة الجوهرية أو الاساسية اليوم هي وقف اطلاق النار وانسحاب القوات الصهيونية من قطاع غزة وفتح المفاوضات لتبادل الرهائن والمعتقلين وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث.
برأيكم ما احتمالية أن يحدث وقف مؤقت لاطلاق النار في الايام المقبلة؟
حركة حماس لحد الآن قالت انها ترفض وقف اطلاق النار المؤقت وهي التي تحدد هل تقبل بوقف اطلاق النار مؤقتا ام لا. ولحد الآن حركة حماس ترفض وقف الاطلاق المؤقت وتقول انها تريد وقف اطلاق نار دائم وانسحاب القوات الصهيونية من غزة. هذين المطلبين أسايين. وفيما يخص الرهائن فقد قالت حركة حماس أيضا: الرهائن لا يفرج عنهم الاّ من خلال الوسائل السياسية والمفاوضات السياسية. معنى ذلك، أنه اذا ارادت "اسرائيل" ان تدخل اي مكان فيه أسرى حرب أو أسرى إسرائيليين فسوف يقتلوا وسوف لن يتسلموا الاسرى إلا جثثا. وهذا الموقف لحد الآن هو الموقف الذي اعلنته حركة حماس، وغير ذلك فهو غير مطروح، ربما يكون مطروحا عند "اسرائيل" أو عند الولايات المتحدة أو مصر أو أية جهة أخرى لكنه غير مطروح عند حركة حماس، وبالتالي هناك صمود من ناحية حركة حماس واعتقد انه حتى الآن لا يوجد مؤشر بأن حركة حماس تريد أن تتنازل عن هذه المطالب والاهداف التي وضعتها.