الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • مقالات و المقابلات
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وسبعة وعشرون - ١٥ يناير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وسبعة وعشرون - ١٥ يناير ٢٠٢٤ - الصفحة ٦

أوستين: غياب أو تغييب؟

حيّان نيّوف
أن يغيب وزير حرب دولة عظمى كالولايات المتحدة عن عمله ويدخل المستشفى وتجرى له عملية جراحية ينتج عنها مضاعفات صحية، كلّ ذلك دون أن يعلم به أحد، سواء من أركان وزارته أو أيّ من مؤسسات القرار والإدارة والاستخبارات في واشنطن، فهذا من العجب العجاب غير القابل للتصديق مطلقًا، ولا يمكن إقناع الشعب الأميركي به أو حتّى أي مراقب داخل الولايات المتحدة وخارجها.
إن ما جرى تداوله في وسائل الإعلام الأميركـية إلى اليوم هو أن أوستين ما زال في المستشفى نتيجة مضاعفات عملية جراحية أجريت له وأنه لم يبلغ أحدًا دخوله المستشفى، بما فيهم البيت الأبيض الذي علم بدخوله للمستشفى بعد ثلاثة أيام أو خمسة أيام وفقًا لمصادر أخرى.
وفي الوقت الذي انشغل فيه الشارع الأميركي وكذلك الوسط السياسي والإعلامي بهذه القضية، تعرضت إدارة بايدن لانتقادات شديدة من قبل الجمهوريين وحتّى الديمقراطيين، وسط مطالبات بإقالة وزير الحرب والتحقيق بالقضية. صحيح أن القضية لا زالت غامضة ولم تتضح خلفياتها، لكن المنطق يقول بأن غيابه أو تغييبه قد بات مثيرًا للشبهات.
وعند محاولة تحليل الأخبار الواردة حول تلك القضية فإنه لا يمكننا تجاهل طبيعة المسؤولية التي يتولاها أوستين داخل الإدارة الأميركية، وهو بصفته وزيرًا للحرب يمثل الشخصية الثالثة في الإدارة بعد الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن.
انطلاقًا من ذلك فإن غيابه أو تغييبه من المفترض أنه مرتبط بشكل أو بآخر بطبيعة المسؤولية التي كان يتولاها كوزير للحرب، وبالتالي بالمهمات والمسؤوليات والقرارات التي صدرت عن البنتاجون خلال توليه لرئاسته.
وعند الحديث عن تلك المسؤوليات فإنه لا يمكن إغفال اثنين من أخطر المعارك التاريخية التي تبناها البنتاجون أو تبنى الإشراف عليها والتخطيط لها خلال ولاية أوستين، ونقصد هنا الحرب في اوكرانيا، وكذلك الحرب على غزّة، وما تمثله المواجهة في تلك الساحات من أهمية قصوى لمكانة ومستقبل واشنطن لقرن قادم على الأقل وفي ظل الصراع العالمي نحو عالم جديد.وعليه فإنه من غير المستبعد أن يكون الفشل العسكري الاستراتيجي الذي أصيبت به واشنطن في الشرق الأوسط بفعل عملية طوفان الأقصى ونتائجها، وكذلك الهزيمة التي هي على وشك أن تمنى بها في أوكرانيا، أن يكون ذلك بالتحديد هو ما يقف خلف عملية غياب أو تغييب أوستين المشبوهة.
في الشرق الأوسط فإن الفشل العسكري الأميركي شمل غزّة والعراق وسورية ولبنان والبحر الأحمر واليمن وبحر العرب والخليج الفارسي، ولم يقتصر على الفشل بمنع هزيمة "اسرائيل" فقط، بل تعداه إلى الفشل الذريع في حماية القوات الأميركية في المنطقة والتي تلقت عشرات بل ومئات الضربات التي نتج عنها قتلى وجرحى أميركيين يتم التكتم على أعدادهم، والفشل الأكبر تمثل في عدم التمكّن من حماية المصالح الجيوسياسية والجيواقتصادية للولايات المتحدة في الإقليم ككل.فلا شك بأن إدارة بايدن عندما زجت بالخيار العسكري في البداية كانت تعتمد على تقييمات وقرارات وزارة الحرب بالدرجة الأولى، ولاحقًا اكتشفت بأن الميزان العسكري خاسر وأن كلّ تقييماتها العسكرية والاستخباراتية كانت خاطئة.
وعلى الأغلب فإن أوستين لم يكن سوى كبش فداء وضحية للفشل الذريع لواشنطن بغض النظر عن السبب الذي يقف خلف تغييبه، والذي من شبه المؤكد أنه لم يكن بريئًا.

البحث
الأرشيف التاريخي