الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • طوفان الأقصى
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وستة وعشرون - ١٤ يناير ٢٠٢٤
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وستة وعشرون - ١٤ يناير ٢٠٢٤ - الصفحة ۲

الطوفان في لحظة التحوّل

لقد حكمت أمريكا العالم بذل ورهبة شديدين، مما حافظ على رسوخ هيمنتها من خلال الحفاظ على مسافة فاصلة عن الآخرين؛ ولكن المقاومة لم تخف ولم تقبل بالذل، بل على عكس المطأطئين، فقد صمدت وتابعت مسيرها. لقد أسقطت عملية طوفان الأقصى أسطورة هيبة وعنجهية أمريكا، ووجهت ضربات قاسية لعلاقاتها الناعمة والصلبة (قدرتها السياسية والعسكرية) السابقة. وإن النظم والتحول لايولدان من تلقاء نفسيهما بل هما ردة فعل على عمل مؤثر، وإذا لم نحقق المبادئ والأهداف والمصالح بالتآزر والترويج والعمل على الأساس الصحيح، فإن هذا الاستكبار المضرج بالجراح سيدفع التطورات من بين الدمار السابق بأدبيات جديدة وأهداف صريحة وإجراءات أكثر جرأة نحو نظام جديد.
يتضمن هذا النص ثلاثة أجزاء، أولا سنتعرف على النظام السابق وعلى الأفكار والسلوكيات التي حكم بها العالم. وبعدها سنروي قصة المستكبرين والخانعين والمقاومين (الاستكبار، الاستضعاف، والاستقامة) من خلال المرور على ردود الأفعال ضد النظام السابق.  وبعد ذلك، ومن قلب تلك المعرفة وهذه القصة، سنخبركم كيف ينبغي استغلال فرص هذا العصر بشكل فعال، لننتقل في النهاية إلى التحذير من أنه كيف سيؤدي التهديد والإهمال إلى خطر فرض نظام جديد كما حدث قبل مئة عام.

نظام استكباري ما بين الرهبة والهيبة
إن مزيج الهيبة والرهبة مع الشعور بالشرعية والقوة هو الذي خلق النظام التاريخي الحالي. وعلى مدى عدة قرون، اتبع الغرب مسارًا كان أحد جوانبه هو سفك الدماء بدون توقف، و الجانب الآخر كان عبارة عن أفكار ملؤها الأنانية. وكان كلما اختل توازن قوته استعان بأفكار أنانية نفسانية جديدة، وأوقد الروح الدموية الأنانية للسيطرة على الآخرين. وبعد ان سئم من الحرب والتسويات المبنية على الأنانية، هدأت صرخات الحرب وظهر نظام على وقع المسامحة والتهدئة يسمى بـ"النظام العالمي". وبذلك يكون لكل مرحلة من النظام ركنان: التوازن على أساس القوى، والمصالحة على أساس الأفكار. أحدهما قدم التفاهم المشترك اللازم لقبول العلاقات الناعمة، والآخر كان الضامن للعلاقات الصلبة لتحافظ الأوضاع على مرونتها. وهكذا أرادوا للنظام ما بعد الاتحاد السوفيتي أن يكون: عبارة عن مستبد يريد الحفاظ على نظامه المستقر من خلال الابتعاد، ومطأطئ ويطيع قواعد اللعبة طوعا أو أجباراً، بدافع الرغبة أو الخوف، حباً بالكرامة أو خوفاً من رهبة المستبد. حربان عالميتان وفترة من الحروب الباردة حكمت العقول والكون، وأصبحت أساس النظام التاريخي الحالي. العلاقات الناعمة مع التفاخر بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والتجارة؛ الرهبة من الطاقة النووية والتحالفات العسكرية والانقلابات السياسية والاتفاقيات الاقتصادية، تتصالح العلاقات الناعمة من أجل الأفكار ويجب وضع الرهبة الناعمة من التمرد في مكانها. وقد ضمنت أمريكا قيادتها للعالم للمائة عام التالية من خلال المؤازرة بين التفاخر بالحرية وظهور قوة عظمى. وهكذا أصبح الانقلاب السياسي هو الضامن للديمقراطية، وجريمة الحرب هي الضامن لحقوق الإنسان، والحصار الاقتصادي هو الضامن للتجارة الحرة.
هذا التسلسل من السلوكيات المتناقضة لا يتجذر في الأفكار فقط، انما التفكر في أصل الأفكار يكشف أنه لا يوجد تناقض في تاريخ السلوكيات على الإطلاق! ويعتبر جون لوك أن نهاية حالة الحرب بمثابة خروج عن حالة الطبيعة بقبول العقد الاجتماعي الذي تكون سلطته مسؤولة عن حماية أملاك المجتمع المدني. ومن كان في وضع طبيعي خارج الوضع المدني، فإن حق الأمن والمشاركة لا يهمه مطلقاً، حتى لو استسلم كالعبد للسلطة المطلقة. وفي هذه الحالة ليس غريباً أن يُطلق على المساهمين في شركات العبيد لقب "أبو الحرية" وألا يكون هذا التناقض مضحكاً بالنسبة لهم.  وبهذا الوصف، عندما يكون امتياز الفيتو في مجلس الأمن والتحالف مع الديكتاتوريين والحرية التمييزية هو العقد الاجتماعي للمجتمع المدني العالمي، فإن القرار ضد التكنولوجيا والانقلاب على الديمقراطية والصمت على القصف الكيميائي عقابًا للشعوب يجب أن يكون أمراً طبيعياً.
ويعد الكيان الصهيوني نموذجاً واضحاً لفهم هذه العلاقات، فمن ناحية يتم تقديمه على أنه "نموذج لامع للديمقراطية" ومن ناحية أخرى، يبدو أنه الجيش الرابع فی العالم لإعادة إنشاء نفس العلاقات الناعمة والصلبة لنظام الهيمنة في وسط العالم.
يمكن اختبار صحة وضع  النظام العالمي بوضوح هنا: نفس الممثلين الذين صرخوا في المشهد الأول بقرار ضد النشاط العلمي السلمي أو ذرفوا دموع التمساح من أجل الحرية على أثر حادث ما، وفي المشهد الثاني وبتجهيز المجرمين بأسوأ القنابل وبدلاً من الحسم، فإنهم يأخذون الصور التذكارية مع منفذي تفجيرات المستشفيات.  وهنا أيضاً يدخل هابرماس المشهد في دور جون لوك ليحذر من الحكم على قاتل الأطفال من خلال الإشارة إلى مبادئ التضامن. نعم القرارات والدموع والصرخات هي لحماية أملاك المجتمع المدني وولا يحق للشعوب البدائية في وضعها الطبيعي الشكوى من سوء المعاملة!
لقد كسرت عملية طوفان الأقصى وصمود وصبر غزة هذه الرهبة الزائفة والمكانة الكاذبة وبذلك هزت أسس العالم. وكانت الغطرسة ذات الرهبة الزائفة والمكانة الكاذبة، قد بنت عمقاً استراتيجياً ناعماً يخلق مناصرين من العالم بالترهيب أو الترغيب. وكان جزء من عظمة طوفان الاقصى أنها أدت إلى انهيار الفتوحات الناعمة التي كانت في قلوب وعقول عامة الناس والقائمة على التعامل مع النظام العالمي الظالم، وجرت صفوف الحق والباطل إلى جميع شوارع العالم.
لقد وجه الفتح الصلب لعملية طوفان الأقصى ضربة قاصمة للنظام العالمي الحالي، لكن الفتح الناعم لطوفان الأقصى الأقصى زرع اعتقادا ثابتاً ضد المعتقدات الشعبية التي تدعم النظام العالمي في قلوب الناس الذين سئموا المساومة والتوتر، وهكذا فإن النظر إلى المسار التاريخي للأحداث يوضح كيف أن الفتح الناعم لعملية طوفان الأقصى كان تاريخياً أكثر من فتحها الصلب.
قصة الصراع: رواية الاستكبار والاستضعاف والاستقامة
الهوية هي المنشأ الناعم والأرض هي المنشأ الصلب لقوة وقدرة الشعوب، وإن سر الهجوم على هوية وأرض الشعوب الحرة المستقلة يكمن في جوهر النظام الاستكباري الذي لا يحافظ على استقراره إلا بإبقاء الآخرين ضعفاء. لقد تم تعريف الهوية والإقليم على أنهما المكونين الأساسيين للدولة القومية، لكن القوى الاستكبارية لا تكتفي إلا بدولة قومية تقبل علاقاتها الناعمة والصلبة، وإلا فإنها ليست فقط لاتملك الحق في هوية الشعوب، ولكنها أيضًا تغتصب وتحتل أراضيهم بلاهوادة. لقد كان برنامج الاستكبار في المائة عام الأخيرة هو الاغارة على هوية المنطقة وأقاليمها من أجل إبقائها ضعيفة. وبهذه الطريقة، لم تنته الحرب العالمية الأولى بمحو هوية الأراضي الإسلامية المجزأة فحسب، بل وُضعت أسس فرض الهوية الصهيونية الزائفة على أراضي المنطقة على مرأى العالم الإسلامي الغافل.
لقد تركت الحرب العالمية الثانية إرث الاستعمار في المنطقة للاستكبار الأمريكي. وقد عبر الكيان الصهيوني عن وجوده بعلاقات تجعله حكراً على المستكبرين، من حق النقض إلى الأسلحة النووية.
إن ما اتبعته أمريكا في إيران بعد الحرب العالمية الثانية - من الانقلاب على الحركة الوطنية إلى التبعية الاقتصادية والفساد في الثقافة -كان استمرارا لخطط طويلة المدى رأت أن تثبيت استقرار الاستكبار الصهيوني لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إضعاف أسس الهوية والقوة الإقليمية. وسط صقيع الإحباط من قمع الحركات وفي خضم خدمة أتباعها وفي غرق الحركات الهامدة في دوامة التسوية مع علاقات القوى العظمى، كانت تسمع صرخات نداء الصحوة المدوية للامام الخميني (رض) الذي حرر العالم الاسلامي من الضياع بين المكاتب وبين ايدي مصممي النظام العالمي، والذي نشر بذور المقاومة في كل المنطقة بكشفه المخططات الاستكبارية الجديدة.
إن ما أرادته أمريكا في طريق فرض الهيمنة الصهيونية على العالم الإسلامي هو من ناحية أن يتنازل الإسلام الليبرالي عن علاقاته، ومن ناحية أخرى، أن يتحجر الإسلام حتى يمكن قمعه.  لقد تحدى الإمام الخميني كلا الشكلين الليبرالي والمتحجر للإسلام الأمريكي بخطة الإسلام الخالص، وبانتصار الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، أذاق قوى الاستكبار طعم الهزيمة ونفخ الروح في جسد المنطقة التي كانت لا تقبل المساومة بعد ولا يمكن قمعها. إن أميركا هي الدولة الوحيدة في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتي في تجربتنا الأخيرة، والتي كانت عازمة على تكرار تجربة الانتصارات العسكرية والسياسية التي حققتها أوروبا الشرقية في غرب آسيا، تحت ستار القوة الجالبة للحرية. لكن في مواجهة طموحها المتزايد، والذي كان ينمو بشكل أسرع مع كسل الشعوب، حولت بذور المقاومة النابتة ذروة وحدتها الجامحة إلى نقطة عطف في تراجع قوى الاستكبار.
إن شجاعة المقاومة وقوتها هي التي قلبت طموحات الحلم الأمريكي من الضحكات الخبيثة في أفغانستان والعراق إلى انتكاسة الإخفاقات المتتالية في العراق وسوريا ولبنان وغزة.  كما أن التقدم العلمي والتكنولوجي، على الرغم من العقوبات، أدى إلى دحض أسطورة "الفجوة العلمية التي لا يمكن اللحاق بها" وأجبر "القوة الاقتصادية العظمى" على الاعتراف بالفشل الذريع لأداة الحصار. وإن الوقوف من أجل أصوات الشعوب واستقلال دول المنطقة كشف تناقض الديمقراطية الأمريكية في الانقلاب على الديمقراطية والتحالف مع الديكتاتوريين ودعم تشكيل داعش. ولذلك، خلافاً للأيام السعيدة التي قبلت فيها أمريكا الانقسام والتراجع بالانحراف والتخلي عن الصراع والتقدم للآخرين، فإن منطق المقاومة لم تخفه الإغراءات ولا العربدات، ولم يتخلى عن إصراره على قهر القمم والصمود. وبوقوفه على طريق التقدم دفع تدريجياً بموازين القوى نحو المعركة الحاسمة.
المقاومة هي رد فعل ضد الباحثين عن التميز الذين من أجل الحفاظ على نظامهم المستبد، يجبرون الآخرين بالترهيب أو الترغيب على البقاء ضعفاء من خلال الحفاظ على المسافات الفاصلة في هذا المجال. هذا هو ملخص رواية مقاومة الاستبداد ضد تآزر الغطرسة المتسلطة واستعباد المستبدين.
وينبغي لنا أن ننظر إلى عملية طوفان الأقصى باعتبارها الضوء الساطع الأحدث على طول هذا الصراع المستمر منذ قرن من الزمان. وما سيطر على التفوق الغربي اليوم هو العزيمة المتزايدة التي تنبع مرة من غزة ومرة أخرى من اليمن ولبنان والعراق، ولا تلتفت إلى قهر وخداع من يظنون أنهم متفوقون.
إن الشجاعة العالية والاعتقاد بقوة إيمان الشعوب هما قوتان ناعمتان للإسلام النقي لا تتناسبان أبدا مع قاعدة الاستسلام بالترهيب والعقل المضطرب للإرهابيين. وخلال هذه السنوات، قلبت المقاومة بالتزامن مع نضال الشباب المحب للشهادة موازين القوى الصلبة خطوة بخطوة، وحولت قوتها الناعمة إلى دعامة صلبة للتطورات العالمية.
الفرص المستقبلية الكبرى تعتمد على الهندسة الفعالة
إن تطور النظام العالمي ليس أمراً تلقائياً يمكننا الجلوس ومراقبته. فالنظام يبنى بالعمل الفعال وكل سلوك لنا يوجه جزءاً منه،  وبالرغم من أن الاعمال التدريجية تخلق النظام العالمي، لكن المواقف الحساسة هي التي تحدد معالم وجه العالم، حيث فرض الصهاينة والأميركيون العلاقات الراهنة على العالم في المائة عام القادمة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية. إن ما يحدد مستقبل العلاقات في المستقبل هو المنطق الناعم الواضح والقوي الذي يوجه التصرفات الصعبة من وراء الأحداث.
من أجل البناء الفعال للنظام العالمي، من الضروري معرفة المبادئ والأهداف والمصالح وقراءتها وفقاً لأساس فكري راسخ وصيغة خطاب أساسي، بحيث أنه من خلال تضافر القوى المتحالفة وتعزيز منظور جديد بين دول العالم، يمكن اعداد العقول والقلوب الهديرة للنظام دون حضور المستكبرين. وفي النهاية توجيه عملية التطورات باتخاذ التدابير في الوقت المناسب.
يجب تحضير العقول، وهذا الأساس هو البناء الذي يعطي معنى للمبادئ والأهداف والمصالح، وتتبلور فيه ملامح النظام المستقبلي، ويجب على القوى الناعمة في العالم الإسلامي أن "تُعد قلوب وعقول شعوب العالم" جنباً إلى جنب مع قوى المقاومة الصلبة. وبحسب تعبير الإمام: «في غياب الاستكبار يمكن بلوغ حياة سلمية بسلام وحرية». من واجب القوى الناعمة للثورة الإسلامية أن تجعل تحقيق النظام العالمي ممكناً بعيداً عن الهيمنة والاستكبار الأمريكي وبدون نظام أمني يحمي الجناة.
لكن المعركة الناعمة لا فائدة منها. وينبغي على القوى الناعمة للثورة أن تعمل على تحسين مهاراتها وقدراتها في أسرع وقت ممكن لتلعب دوراً في هذه الحقبة المضطربة. وان أساس القوى الناعمة هو "الوعي والسرد والرؤية"، ومهارة القوى الناعمة هي "فن التعبير واللغة". وإن المستقبل الذي يخلقه الإسلام النقي يجب أن يتم التعبير عنه فنياً وتفسيره بوعي بعيد النظر لرواية النظام العالمي وبلغة شعوب كل منطقة.
يجب توجيه الرؤى و الاعتراف بالقوى المتحالفة ودمجها. إن تغيير النظام التاريخي الحالي هو لصالح الجماهير الحرة المستقلة كافة، وينبغي أن يسترشدوا بالإيمان بقدرة الشعوب الحرة على مواجهة نظام الاستكبار العالمي. كما انه على القوى الناعمة للثورة أن تتبع القوى الصلبة للمقاومة وتستغل الفرص غير المسبوقة للتواصل مع القلوب الغاضبة من أجل دعوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتخاذ إجراءات فعالة من أجل الاستقلال والتحرر من القمع السياسي الصامت الذي يمارسه نظام الاستكبار العالمي. ويجب على القوى الناعمة للثورة الإسلامية أن تأخذ زمام المبادرة، ومعرفة الرواية التاريخية للنظام العالمي والإقليمي، ومعرفة العلاقات المحلية لكل منطقة، والاستماع إلى الدعوة الواعدة لفكر الإسلام النقي وفقا لشروط كل مجموعة من الناس في العالم من أجل تحقيق الهندسة المبتكرة للمستقبل.
هذا الوضع الحساس يتطلب اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، لقد كانت عملية طوفان الأقصى في حد ذاتها شجاعة على مفترق طرق العالم، أوصلت النظام العالمي فيما يخصّ نزاع الحق والباطل إلى كل زقاق من أنحاء العالم. إن العمل الناعم النشط والمبتكر قادر على تقريب قوى العالم الإسلامي في بؤرة العمل المستهدف. وينبغي للقوة الناعمة أن توجه الحركات العفوية والمشاعر المغليّة لشباب العالم الذين يقدرون أنفسهم، بتأثير فكري مستنير وذكي ومدروس.
كما يجب أن تكون قوى الثورة الناعمة مستديمة، ومن خلال تعزيز المبادرات في  كل مرحلة وموقف، وأن تسبق الأحداث والوقائع بخطوة، من خلال توجيه شباب الثورة في العالم، يجب عليهم أن يوجهوا غضبهم نحو تشكيل البنية الجديدة للعالم.
إن النظام العالمي الجديد سوف تتم صياغته من خلال العمل النشط، وإلا فإن الاستكبار سوف يستغل الغفلة التاريخية مجدداً.
وبالرغم من أن عملية طوفان الأقصى خلطت بين الخطط القديمة والجديدة، إلا أنها في موقف حساس تكفي لحظة كسل أو تردد ليفرض الاستكبار نظاما آخر في المائة عام القادمة وقد أثبت التاريخ أنه حتى وفي أسوأ أحوال النظام السابق، فإن الاستكبار لا يتوقف عن التخطيط لإعادة بناء نظام جديد يصب في مصلحته الخاصة. فالعدو النشط، الذي يرى هيبته وكرامته السابقة قد ضاعت، سيتخذ إجراءات أكثر جرأة لتحقيق أهدافه الصريحة بصيغة جديد ومكانة جديدة و بنفس الأساس الفكري ولكن دون أن يخرج عن مبادئه. ومن الخطأ الاصرار على الصيغة القديمة والانخراط في أهداف قصيرة النظر ومصالح قصيرة المدى ذات أساس فكري فوضوي، والتغافل عن التطورات العميقة والواسعة والمسار الطويل للأحداث.
في ختام الكلام
الفتح الناعم لعملية طوفان الأقصى هو فتح تاريخي أكثر من فتحها الصلب. ولم يبق للرهبة الزائفة وغطاء للكرامة الزائفة لمدعي الحضارة والنظام العالمي إلا الجرائم السافرة والوقاحة التي لا نهاية لها، وإن شجاعة المقاومة وصبرها البصير أبطلت التسوية والقمع إلى الأبد، ورسمت موعدا جديدا لانتهاء النظام القمعي.
والآن لا بد من تعويض الإهمال التاريخي والقيام بدور فعال دون تراخ، وإلا فإن العدو النشط والصديق السلبي سيعيد بناء نظام جديد من أنقاض النظام السابق بإرادة قوى أكثر يقظة. هذه القصة المعبرة هي "السلام الذي قضى على كل السلام". وهذه دفعة لتكرار الانفجار النوري الذي دفع، وعلى مرأى العالم، مسيرة التطورات نحو مستقبل الإسلام، رغماً عن إرادة المستكبرين.
يا رجال الدين المسلمين! ياأيها العلماء الربانيون! يا أيها العلماء المتدينون! يا أيها المتحدثون باسم الدين! ياأيها المؤمنون العارفون بالله! يأيها المؤمنون بالله وبالحق! ياأيها العباد الشرفاء! ياأيها الوطنيون الشرفاء!
اتبعوا عظة الله وامضوا في طريق الإصلاح الوحيد الذي اقترحه واتركوا المصالح الشخصية من أجل تحقيق السعادة المطلقة والعيش في الحياة الكريمة "انّ للَّه فی ایّام دهرکم نفحاتٌ الا فتعرّضوا لها «۸»"
اليوم هو اليوم الذي تهب فيه نسمات الروحانية واليوم الأفضل لتحقيق الاصلاح، فإذا فقدنا تقوانا ولم نصل لله تعالى ولم نقم المراسم الدينية، فسيحكمنا غداً جماعة من الفاسقين الفاسدين وسيسخرون كافة معتقداتكم وشرفكم في خدمة أهدافهم الباطلة. (الامام الخميني (رض) 15 أرديبهشت 1323، عام واحد قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية)
المراجع:
- الوثيقة الاستراتيجية للأمن القومي الامريكي 2015
- جون لوك، رسالتا الحكومة، فرشاد شريعت، طهران، دار نشر النظرة المعاصرة، 1392، حول وضع الحرب ر.ك.ص188 و 189، حول العبودية ص 236 و 237، حول الوضع الطبيعي ص237 ، ص240، ص241، ص245 حول الحفاظ على أملاك المجتمع المدني ص 238 ، ص239 و ص246-249 وص268-271 و ص 275 وص280
-  هو ما انعكس بوضوح في تصريح المستشارة الألمانية: "إسرائيل دولة ديمقراطية.. إسرائيل دولة ملتزمة بحقوق الإنسان والقوانين الدولية وتتصرف وفق هذه القيم". ولذلك فإن الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل سخيفة ولا شك فيها"، ومرفق قائمة بتصريحات رجال دولة غربيين آخرين في هذا الصدد.
- رسالة الإمام بمناسبة تشكيل التعبئة الطلابية، 2 آذر 1367
- اشارة إلى كتاب "السلام الذي قضى على كل السلام" والذي تناول موضوع كيف حاولت عدة قوى أوروبية فرض العلاقات المرغوبة على غرب آسيا بعد الحرب العالمية الأولى

البحث
الأرشيف التاريخي