ماذا يتنظر «إسرائيل» في اليوم التالي؟
شارل أبي نادر
كاتب ومحلل سياسي
يدور صراع في كيان الاحتلال اليوم، داخل مكوناته السياسية ومسؤوليه من جهة، ومن جهة ثانية مع بعض الخارج من الرعاة له أو من الخدام عنده في الإقليم الملاصقين جغرافيًا لفلسطين أو البعيدين نسبيًا عنها، عنوانه: كيف سيكون اليوم التالي لحربه على غزة؟ والمقصود بذلك مرحلة ما بعد انتهاء هذه الحرب وتحقيق أهدافها كما وضعوها تمامًا، بحسب توقعاتهم.
الملفت والغريب أنهم يبحثون ذلك بثقة عارمة لديهم بأن الحرب ستنتهي وقد حققوا ما وضعوه لها من أهداف. والمستهجن أن أغلب خلافاتهم تتمحور عن مستقبل غزة ومصيرها بعد الحرب، وهل سيكون هذا المصير مع حماس أم من دونها؟ مع شبه استقلالية للقطاع كما كان قبل الطوفان، أو من ضمن ترتيب بإدارة السلطة الفلسطينية؟
ولكن بعيدًا عن هذه الأوهام.. هل فكر أحد من هؤلاء المجرمين الصهاينة ما الذي ينتظرهم هم في اليوم التالي؟
لقد أصبح من الواضح والأكيد أن مجتمعًا مفككًا ومنقسمًا ومصدومًا بانتظارهم، سيتقاذف مسؤولوه كرة، لا بل كرات المسؤولية عن أكبر صفعة تعرضوا لها في التاريخ: صفعة طوفان الأقصى.
ومقابل ذلك، سيكون هناك مجتمع غزاوي فلسطيني، يحمل في وجدانه إيمانًا كبيرًا بالله تعالى وبقضية فلسطين المقدسة، ويعوم على أنهر جارفة من الكرامة والبطولة والحس الوطني والقومي.
سينتظر الصهاينة مجتمعًا فاقدًأ للثقة بمسؤوليه السياسيين والعسكريين، بعد أن برهن هؤلاء المسؤولون عن مستوى غير مسبوق من الوهن والضياع والتردد والفشل، أولًا في استدراك ما أصابهم مع طوفان الاقصى، وثانيًا في إدارة حربهم على غزة وفي تحديد مسارها وتداعياتها ونتائجها، وحينها سيكون مستحيلًا أن يقبل أو يقتنع أو يستسهل أي يهودي الهجرة إلى "أرض الميعاد" في فلسطين، كما بنوا عنوانًا لكذبتهم ولجريمتهم، وستفقد "إسرائيل" حينها فلسفة وجودها واستمرارها واحتلالها.
سينتظرهم جيش ضعيف منهار، سقط له الكثير من القتلى وأغلبهم من الضباط ومن عناصر الوحدات الخاصة التي كلفت الكثير من التجهيز والتدريب، جيش مصدوم عانى الأمرّين في أحياء غزة الأبية وشوارعها، سيكون شغله الشاغل ولعشرات السنوات ربما، كيف سيغيّر عقيدته القتالية وينسفها من أساسها؟ وكيف سيقلب تجهيزاته وتكتيكاته ونمط قتاله وعملياته رأسًا على عقب؟ بعدما حطمت المقاومة الفلسطينية كل ذلك وجعلت منه جيشًا يُقهر.. وبامتياز.ستنتظرهم على الأقل مشكلتان مستعصيتان- عند قسم كبير من مستوطني الكيان الخائفين والمرعوبين- الأولى في غلاف غزة والثانية في شمال فلسطين المحتلة، وحيث من المستحيل أن يقبل هؤلاء بأن يعودوا للسكن في تلك المناطق من دون تغيير جذري في المواقع والمواقف خلف تلك الحدود.هذا بعض ممّا ينتظره الإسرائيليون، في اليوم التالي، لحربهم على غزة، وهذا مع فظاعته ومع ويلاته عليهم، سيكون هزيلًا جدًا أمام ما ينتظرهم من مصير محتوم فيما يخصّ وجودهم الزائل، وفيما يخصّ استحالة استمرارهم على احتلالهم في أرضنا المقدسة، في فلسطين الأبية.