الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • الثقاقه و المجتمع
  • دولیات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة وخمسة - ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة وخمسة - ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

في ظل التطورات العالمية على صعيد الطاقة

لماذا أصبح اليورانيوم ساحة جديدة للصراع في آسيا الوسطى؟

الوفاق/ منذ بداية الحرب في أوكرانيا، اشتدت المنافسة بين القوى الكبرى في آسيا الوسطى في مجالات مختلفة. لقد أدت تطورات مثل أزمة الأمن الغذائي فيما يتعلق بالحبوب، والعقوبات المفروضة على روسيا، وعجز الطاقة في أوروبا، واختلال التوازنات الإقليمية والدولية في مجال المعادن الاستراتيجية، والتطورات في أفغانستان، إلى زيادة حدة هذه المنافسات الجيوسياسية والجيواقتصادية في آسيا الوسطى. و يبدو أن التطورات المتعلقة بسوق اليورانيوم العالمية، واضطراب دورات العرض والطلب، قد أضافت هذا المؤشر أيضًا إلى ساحات المنافسة في آسيا الوسطى. وفي هذا السياق نشر موقع "ايراس" مقالاً ناقش فيه أبعاد وعوامل هذه المنافسة في آسيا الوسطى.
احتياطي وإنتاج اليورانيوم في دول آسيا الوسطى
 يعد اليورانيوم واحداً من أهم الموارد الحديثة لتوليد الطاقة في محطات الطاقة النووية. ومع توسع عدد محطات الطاقة النووية النشطة في العالم وتصنيف هذه الطاقة ضمن الطاقات الخضراء وخالية الكربون على المستوى العالمي، زاد الطلب على استهلاك هذه المادة المعدنية ذات القيمة العالية تدريجيًا. ووفقًا لآخر التقديرات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من المتوقع أن ترتفع الطلبات لإثراء اليورانيوم لاستخدامه في المفاعلات النووية بنسبة 28٪ بحلول عام 2030، كما من المتوقع أن تتضاعف هذه الطلبات بحلول عام 2040. كما توقع أن تشكل الكهرباء النووية نسبة 14٪ من طرق توليد الكهرباء المختلفة بحلول عام 2030. ومع مواصلة بناء المحطات الحالية، من المتوقع أن تصل هذه الحصة إلى 76٪ بحلول عام 2040. وكانت الحرب الروسية الأوكرانية ومحاولة الدول الأوروبية الوصول إلى بديل أخضر في مجال الطاقة من العوامل المهمة والمؤثرة في هذا الاتجاه. وتشير كل هذه الاتجاهات إلى الحاجة المتزايدة لأسواق الطاقة العالمية لليورانيوم وزيادة دور الدول التي تمتلك هذه المادة المعدنية في العالم.
وفي مثل هذه الظروف، سيتم توجيه الانتباه إلى دول آسيا الوسطى والدول الأوراسية بشكل عام، كونها من أكبر حائزي احتياطيات اليورانيوم في العالم. ومن بين الدول ذات احتياطيات اليورانيوم المؤكدة في العالم، تحتل كازاخستان المرتبة الثانية بامتلاكها 13٪ من إجمالي الاحتياطيات المؤكدة من اليورانيوم العالمي بمقدار 815200 طن. تليها روسيا بنسبة 8٪، ثم أوزبكستان وأوكرانيا بنسبة 2٪ لكل منهما، في المرتبة الرابعة والحادية عشرة والثانية عشرة على التوالي.وبالتالي، يمكن القول إن آسيا الوسطى تمثل 15٪ وأوراسيا 25٪ من احتياطيات اليورانيوم الحالية في العالم، مما يشير إلى دور بالغ الأهمية لهذه المناطق. على الرغم من وجود مناقشات حول احتياطيات اليورانيوم في طاجيكستان أيضًا، حيث كان هناك مرافق لاستخراج اليورانيوم وتجهيزه خلال فترة الاتحاد السوفياتي في ولاية سغد، مثل تابوشار وإدرسمن ومايليسوي وأويغور وتويا-مويون. استُخرج منها اليورانيوم حتى عام 1992. وكانت هناك ظروف مماثلة في قرغيزستان أيضًا. حيث استخرج أكثر من 9000 طن من اليورانيوم من مناجم هذا البلد بين عامي 1946 و 1967. ومع ذلك، حظر المجلس الأعلى لقرغيزستان عمليات استكشاف اليورانيوم واستخراجه في قرغيزستان عام 2019.
تركمنستان هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تسجل رسميًا وجود احتياطيات مؤكدة من اليورانيوم ذات التركيز المناسب اقتصاديًا للاستخراج. وأفادت بعض المصادر وجود احتياطي يبلغ حوالي 5000 طن من درجات اليورانيوم المنخفضة في هذا البلد. أما بالنسبة لإنتاج واستخراج اليورانيوم، فالمراتب مختلفة عن تلك الخاصة باحتياطيات اليورانيوم. حيث احتلت كازاخستان، والتي استخرجت ما معدله 21000 إلى 23000 طن سنوياً من اليورانيوم بين عامي 2013 و 2022، المركز الأول بفارق كبير في إنتاج وتوريد هذه المعادن في العالم. ووفقًا لأحدث تقرير رسمي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أغسطس 2023، وفرت كازاخستان وحدها 43٪ من احتياجات اليورانيوم العالمية في عام 2022، ثم تلتها كندا وناميبيا. مما منح هذه القدرة على التوريد مكانة فريدة من نوعها لكازاخستان في هذا المجال. أما أوزبكستان، وهي جمهورية أخرى في آسيا الوسطى، فقد زادت إنتاجها من 2400 طن في عام 2013 إلى 3300 طن في عام 2022، محتلة بذلك المرتبة الخامسة كأكبر الجهات المنتجة لليورانيوم في العالم. ومن بين الدول الأوراسية، احتلت روسيا المرتبة السادسة بإنتاج قدره 2508 أطنان، بينما احتلت أوكرانيا المرتبة الحادية عشر بإنتاج 100 طن. وبالتالي، قدمت آسيا الوسطى وحدها 49.6٪ من إجمالي احتياجات العالم من اليورانيوم في عام 2022 بإنتاجها 24500 طن، مما يشير إلى أهمية هذه المنطقة من هذه الناحية.
أسس المنافسة
أدت عدة عوامل وأسباب إلى تشكيل منافسة جديدة عالمية في مجال اليورانيوم. ووفقًا للبيانات الواردة من المواقع الدولية، يوجد حاليًا 57 مفاعلًا نوويًا قيد الإنشاء في العالم. ويوجد أعلى عدد من المفاعلات (21 مفاعلًا) في الصين، ثم 8 مفاعلات في الهند، و4 مفاعلات في تركيا. كما ذكر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هناك 110 مفاعلات أخرى في مراحل التصميم وتأمين التمويل. فإلى جانب الأخذ في الاعتبار 440 مفاعلًا نوويًا نشطًا في 32 دولة حول العالم، من الواضح أن هناك توسعًا ملموسًا في هذا المجال. وقد أدى هذا الاتجاه التوسعي في العالم إلى زيادة الطلب على الوقود اللازم لتشغيل هذه المفاعلات، مما يهدد إمدادات اللاعبين التقليديين (الدول النووية الحالية) ويؤدي من ناحية أخرى إلى زيادة أسعار اليورانيوم وارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة النووية. أما المؤثر الثاني فيرجع إلى التطورات السياسية والأمنية الدولية. فقد أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى انخفاض صادرات النفط الروسي في الأسواق الدولية، ولا سيما قطع وصول الدول الأوروبية إلى مصادر الغاز الروسية، مما أدى إلى مواجهة هذه الدول لتحديات خطيرة في تأمين الطاقة وزاد من اتجاهها نحو الطاقة النووية.
 في الوقت نفسه، أصبح استخراج اليورانيوم وتصديره من أوكرانيا أمرًا صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر. كما واجهت روسيا عقوبات وقيودًا على الصادرات. على الرغم من عدم إصرار أوروبا كثيرًا على فرض عقوبات على القطاع النووي الروسي بسبب اعتمادها على اليورانيوم الروسي. أفادت بعض التقارير استيراد فرنسا 153 طنًا من اليورانيوم من روسيا في عام 2022 على الرغم من الحرب في أوكرانيا. ووفقًا لتقرير وكالة تاس الروسية، كانت هذه الكمية مطابقة تمامًا لعام 2021، مما يشير إلى عدم تأثر واردات اليورانيوم الروسي إلى فرنسا على الإطلاق بالحرب في أوكرانيا. أما المؤثر الآخر فهو التطورات الأمنية الأخيرة في إفريقيا. فدول مثل ناميبيا والنيجر احتلت المرتبة الثالثة والسابعة على التوالي كموردي اليورانيوم في العالم. وفي يوليو 2023، شهدنا انقلابًا عسكريًا من قِبل الحرس الوطني ضد رئيس الجمهورية مما أجبر القوات العسكرية الأجنبية مثل فرنسا على مغادرة البلاد. مما أدى إلى عقبات في عملية الحصول على اليورانيوم من هذا البلد. كما شهدت ناميبيا اضطرابات سياسية واسعة النطاق مما أثار مخاوف مماثلة بشأن إمدادات اليورانيوم منها أيضاً.
توجيه الأنظار إلى آسيا الوسطى
 لقد وجّه هذا الوضع أنظار المستهلكين الرئيسيين لليورانيوم في العالم نحو آسيا الوسطى. وفرنسا أحد هؤلاء اللاعبين. ففي بداية نوفمبر، قام إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، بزيارة رسمية إلى آسيا الوسطى. وتضمن برنامج زيارته الإقليمية كل من كازاخستان وأوزبكستان. وكما كان متوقعًا، كانت الطاقة واحدة من المجالات الرئيسية التي أشار إليها الجانبان في المحادثات. ففي كازاخستان، توصل ماكرون وتوكاييف إلى اتفاقية تعاون في مجال "المواد المعدنية الاستراتيجية" التي تشمل بوضوح اليورانيوم. كانت النيجر توفر 15-20٪ من احتياجات فرنسا من اليورانيوم. إلا أنه بعد الانقلاب العسكري في النيجر وخروج القوات الفرنسية، واجه الحصول على اليورانيوم من النيجر صعوبات كبيرة. وفي الوقت نفسه، تُعد هذه النسبة أمرًا خطيرًا بالنسبة لفرنسا التي تولد أكثر من 70٪ من كهربائها من محطات الطاقة النووية. ومن هذا المنظور، فإن الحافز الأساسي لزيارة ماكرون إلى دول آسيا الوسطى هو الحصول على المزيد من اليورانيوم على الأرجح. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة لوموند، احتلت كازاخستان وأوزبكستان المرتبتين الأولى والثالثة على التوالي في توفير 6000 طن من اليورانيوم لفرنسا، بينما كانت النيجر في المرتبة الثانية. والنقطة المثيرة للاهتمام الأخرى في هذا التقرير هي أنه على الرغم من الحظر الصادر في عام 2019، كانت قرغيزستان أيضًا من بين موردي اليورانيوم الفرنسي.
أما الولايات المتحدة فهي لاعب آخر يبدو أنها ركزت اهتمامًا أكبر على آسيا الوسطى لتلبية احتياجاتها من اليورانيوم. ووفقًا لتقرير وكالة الطاقة الأمريكية، احتلت الدول الأوراسية مثل كازاخستان وروسيا وأوزبكستان المراتب الثانية والثالثة والرابعة على التوالي في توفير اليورانيوم للولايات المتحدة في عام 2022، بنسب بلغت 25٪ و12٪ و11٪ على التوالي.في حين لا تشكل النيجر مشكلة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة. والتحدي الرئيسي بالنسبة لإدارة بايدن هو شراء اليورانيوم من روسيا. ومن من المرجح أن الولايات المتحدة ركزت في تفاعلاتها الأخيرة على الحصول على المزيد من اليورانيوم من هذه البلدان لاستبدال اليورانيوم الروسي.
وفي الوقت نفسه، على الرغم من أن الصين تعد واحدة من أكبر أصحاب احتياطي اليورانيوم ومنتجيه، إلا أنها ما زالت تولي اهتمامًا خاصًا لآسيا الوسطى. ففي احتياطيات اليورانيوم المؤكدة، تحتل الصين المرتبة التاسعة عالميًا. وفي مجال إنتاج اليورانيوم، تنتج 1700 طن لتحتل المرتبة الثامنة. وفي الوقت ذاته، وكما ذُكر، تحتل الصين صدارة منتجي المفاعلات النووية في العالم مع 21 مفاعلا قيد الإنشاء. وبالتأكيد لن يكون الوقود المنتج كافي لتلبية الاحتياجات. وتماشيًا مع ذلك، أعلن مسؤولو كازاخستان في 9 نوفمبر 2023، أي بعد أسبوع واحد من زيارة ماكرون إلى أستانا، التوصل إلى اتفاق طويل الأجل لتوريد اليورانيوم للصين. وقد وقع هذا العقد بين كازاتومبروم والشركة الوطنية الصينية لليورانيوم دون الكشف عن الكمية نظرًا لسريتها. كما تم مؤخراً توقيع اتفاق تعاون بين هذه الشركة الصينية وشركة نافويي أوران الأوزبكية بشأن استخراج اليورانيوم وتجهيزه. وبجانب كل هذه الظروف، يجب مراعاة أن روسيا ما زالت اللاعب المهيمن والتقليدي في استكشاف واستخراج اليورانيوم وتجهيزه في آسيا الوسطى. ففي كازاخستان، بُنيت معظم البنى التحتية من قبل روس أتوم وتم تطويرها من قبلها. وتُعد روس أتوم شريكاً رئيسياً لشركة كازاتوم بروم. ففي عام 2014، توصلت الشركتان إلى اتفاق بشأن تدريب الموظفين والموارد البشرية. كما وقعتا مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الاستراتيجي في عام 2016. وتواجدت أيضًا شركة فرعية تابعة لروس أتوم باسم يورانيوم وان بنشاط في كازاخستان وتمتلك نفوذًا كبيرًا. وفي مايو 2023، نشرت بلومبرغ تقريرًا عن إقالة مدراء كازاتوم بروم بسبب صفقة مع روس أتوم بشأن نقل الأسهم. كما تعزز التفاعل مع أوز أتوم في أوزبكستان إلى حد كبير، حيث تمكنت روس أتوم من الفوز بعقد كبير لبناء أول محطة للطاقة النووية في أوزبكستان.

البحث
الأرشيف التاريخي