الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان - ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة واثنان - ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

بشهادات مجاهدي المقاومة؛

بنداء يا «زهراء».. إيذان عظيم لتحقيق الإنتصارات وشحذ الهمم

ونحن في حالة العجز! نادينا السيدة فاطمة (ع)، لقد رأيت مدى قدرة ومحبة السيدة فاطمة (ع) وأمومتها في ساحات الحرب وفي حقول الألغام ، وفي حين لم تحضرن أنتن الأمهات عند أولادكن عندما كانوا ينازعون الموت وهم ملطخون بدمائهم؛ لقد شاهدت كراماتها..”
لقد كانت تلك كلمات قالها الشهيد قاسم سليماني وهو يجهش بالبكاء مع الحضور من أهالي الشهداء، روت كلماته تلك عن عميق ارتباطه بالسيدة فاطمة(ع) وتعلقه بها وانصهار وجوده في قالب إسمها الشريف. وهنا نسأل كيف كان سلوك السيدة الزهراء (ع) الشهيدة مع الشهداء؟ روي عن الإمام الصادق (ع) أنّ فاطمة (ع) كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحم عليه وتستغفر له. وهذا يؤكد أن البقاء على صلة بالشهداء أمر يحبه الله ورسوله وأمير المؤمنين، وتحبه السيدة الزهراء(ع) أيضًا.
تعقيبات الصلاة أو تسبيح الزهراء هو مما علّمه النبي (ص) لها (ع). ويقال إنّها قامت بفكرة السبّحة، وصنعتها من أربع وثلاثين حبة، وكان لون الخيط في هذه السبّحة أزرق، وكانت تصنع الحبات من التربة أي من طين الأرض. وقال الإمام الصادق (ع) “وكانت تصنع سبّحة من تراب الشهداء وتكون السبّحة بخيوط زرق، أربعًا وثلاثين خرزة وبعد أن قُتل حمزة (ع) عملت من طين قبره سبّحة تسبّح بها بعد كل صلاة”.
انطلاقًا من حديث الإمام الصادق(ع)، كيف تجلّت العلاقة مع السيدة الزهراء(ع) عند شهدائنا الذين ندعو الله أن يشفّعنا بها وبهم؟
عندما نقرأ خطب الشهيد قاسم سليماني وتوسلاته، ندرك جيدًا أنّ علاقته بالسيدة الزهراء(ع)  كانت استثنائية، وكانت تملأ معنوياته وتوجهه.
حضور السيدة الزهراء (ع) في الجبهة
بعد تحديد ساعة الصفر لبداية المعركة ، جهز المجاهدون عتادهم العسكري ، قرأوا بعض الآيات القرآنيّة والأدعية، وتوسلوا بأهل البيت (ع) وتحضّروا لبدء المواجهة.. وفي الساعة المحدّدة  بدأوا بمعركتهم بنداء: "يا زهراء" وانطلقت المعركة ، وهكذا بات النداء باسمها إيذاناً لبداية معظم عمليّات المقاومة، ومنطلقاً للهجوم على الأعداء، والتوسّل بها صار طلب وفعل المجاهدين في ساحات المعركة، فهي الأمّ العطوف التي لا تتخلّى عن أبنائها في أصعب اللحظات.
السيدة الزهراء (ع) في وصايا الشهداء
يقول أحد الشهداء لوالدته في وصيته “والدتي الحنون، يا لها من كلمة أخذت قلمي، ولملمت أفكاري، وجلستُ أخاطبك، ولكن عجز لساني، وكَلَّ القلب عن التعبير والكتابة، فحضرت أمامي واقعة كربلاء وخرقت مسامعي صرخات فاطمة الزهراء (ع) عندما عصرها اللعين وأُسقط منها الجنين وغرز المسمار في صدرها الشريف، عندها أردت أن أواسيها بشيء بسيط، وأجعلك يا أمي العزيزة تقفين يوم القيامة بين يدي الزهراء(ع)، وتقولين لها: يا سيدتي يا فاطمة لقد قدمت ولدي في سبيل الله وعلى درب ولدك الحسين (ع). فسامحيني يا أمي، وادعي لي أن أكون في جوار الحسين قرب الزهراء (ع)، التي سوف تحشَرين معها يوم القيامة إن شاء الله، بتقديمك ولدك فداءً لولدها الحسين(ع). أمي الكريمة اجعلي كل بكائك على أبي عبد الله الحسين (ع) وأهل بيته، وحزنك عليهم، وافرحي لي ولا تحزني عليّ وكوني مثل زينب(ع) أوصيك بأهل بيتي من بعدي خيرًا، سامحيني سامحيني”.
وذكر شهيد ٌ آخر في وصيته: “أمي الحبيبة ما أجمل أن تأتي يوم القيامة وتستقبلك السيدة الزهراء(ع) وأنت مرفوعة الرأس وتبشّرك بمقامك الرفيع في منزلة أمهات الشهداء التي هي سيدتهنّ، وأرجو منك المسامحة والدعاء لي وللمجاهدين”.
وفي السياق نفسه قال الشهيد عباس ريحان من شهداء المقاومة الإسلامية في وصيته: "إلى أمي الحنون: السلام عليكِ أيتها الطاهرة. أمي: إني والله أحبكِ كثيراً، والله يعلم كم هو حبي لكِ، ولكن أعذريني فإن حبي للإسلام، وللقاء أهل البيت(ع) جعلني أختار طريق إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، فسبحان الباري عزّ وجلّ، نلت الشهادة، وإني لكنت أنتظرها مثلما ينتظر الحبيبُ حبيبه، إنما نحن باستشهادنا نمهّد له (عج) طريق الظهور... أمي: لا تحزني عندما يصلكِ خبر استشهادي، بل افرحي وزغردي لي، لأنني نلتُ ما كنت أريد، وأنكِ سوف تفتخرين عند سيدة نساء العالمين فاطمة(ع)، لتقديمكِ شهيداً في سبيل الله.
أمي، إنني أعلم مدى لوعة الأم لفقد ولدها، ولكن تذكّري أنه مهما قدّمنا من شهداء فليس مثل فاطمة: أبوها وزوجها وأولادها كلّهم شهداء، وتذكري زينب (ع)، ومصاب كربلاء وأم البنين وأولادها الأربعة الذين استشهدوا مع الإمام الحسين (ع)، وتذكري الحسين (ع) عندما نادى (ع): هل من ناصر ينصر دين الله؟ هل من ناصر ينصر آل بيت النبي (ع)؟ فلا ناصر له ولا معين! أمي، فنحن حسينيو هذا العصر، فلا ناصر لنا ولا معين إلاّ الله! أمي، فإذا بخلنا نحن شيعة علي (ع) بدمائنا، فمن سيكون ناصر دين الله، وناصر أهل البيت (ع)؟ وإني أكيد يا أمي بأنك إذا قارنتِ بين مصيبتك ومصيبة كربلاء فستقولين: إنني لم أقدِّم شيئاً، وستهون مصيبتك. وآخر رجائي وكلماتي لكِ، يا أغلى شيء كان عندي يا أمي ـ.
اتخذنها قدوة لكن
عِشْق السيّدة الزهراء (ع) تخطّى حدود الوصف لدى المجاهدين، حتّى بات ذكرها يسبقُ ذكر الأهل والأحبّة في وصاياهم التي يكتبونها قبل شهادتهم. كثيرون هم الشهداء الذين أوصوا زوجاتهم وأمّهاتهم وبناتهم وأخواتهم بالاقتداء بها(ع) ، بأخلاقها وصبرها وتضحيتها وحجابها وسِترها.
كانت وصية الشهيد غسان حجازي لابنته: "لقد أسميتكِ فاطمة تيمّناً بسيّدتنا ومولاتنا المظلومة فاطمة الزهراء (ع)، ولتعلُّقي الشديد بها، فكوني يا حبيبتي، كما تريدكِ الزهراء(ع) .. واجعليها قدوة لكِ.
وأوصى العديد من الشهداء بناتهن وأمهاتهن وأخواتهن للتأسي بها، ومما ورد في وصاياهم:" أوصيكن بالحجاب والسترة، وخاصة العباءات، لأنها زي السيدة الزهراء(ع)، فطوبى لمن تزينت بهذا الزي، ويذكر شهيدٌ أخر في وصيته:" وصيتي لك يا والدتي أن تكوني الأم الصابرة التي تتعزى بعزاء الله، وأن تفتخري بي شهيداً يوم القيامة، وبهذا تكونين قد قدمت جزءً صغيراً من الذي قدمته السيدة الزهراء (ع).
التوسل بالسيدة الزهراء (ع) حلّال المشاكل
يروي أصدقاء الشهيد الإيراني إبراهيم هادي عنه شدّة تعلّقه بالسيدة الزهراء (ع)، فقد كان يقول وفق ما ورد في كتاب "سلام على ابراهيم" : "بعد التوكّل على الله، فإنّ التوسّل بالمعصومين وخاصة السيّدة الزهراء (ع) هو حلّال المشاكل". والشهيد هادي كان يَحفظ الكثير من الأشعار والقصائد في مدح الزهراء (ع)، وكان يُتمتمها حتّى في لحظات جراحه والألم الذي كان يعانيه، فلعله كان يأنس بذكر الزهراء (ع) ويستشعر مواطن صبرها فيسكُن ألمه وتخفّ أوجاعه. وقد عُرف عنه أنّه كانت تدمع عيناه لمجرد ذكر اسمها ويبكي بكاءً شديداً في مجالس عزاء الزهراء(ع) وعند إصابته بقي يُتمتم بذكرها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وصعدت روحه إلى بارئها.
التأسي بصبرها
الشهيد علي شبيب يذكر في وصيته: "ويجب على كل أهل مجاهد أن يتعلموا من مدرسة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع) روحي لتراب مقدمها الفداء كم جاهدت وصابرت وضحّت في كل ما تملك في هذه الحياة, فاطمة الزهراء المكسور ضلعها والمُسقطُ جنينها ..هذه فاطمة (ع) يجب أن نتعلم منها معنى الصبر ونتلذذ بصبرها "
وشهيدٌ أخر يواسي السيدة الزهراء(ع) في وصيته : "سيدتي يا زهراء علي أواسي قلبك الحزين على ولدك الحسين (ع) علي أواسيك بدمي وروحي وقلبي فأكون يوم القيامة من الذين من عليهم برضاه، فرضى الله من رضاكم أهل البيت(ع)".
 ويوصي الشهيد في المقاومة الاسلامية أمين أحمد زهوي والدته، إذ  يقول:" أمّي: تذكّري أنّ الموت حقّ، واسمعي ماذا يقول الإمام الحسين (ع)...: «خُطَّ الموتُ على وُلدِ آدمَ، مخَطَّ القلادةِ على جِيدِ الفتاةِ». أمّي: عندما تسمعين خبر شهادتي تذكّري (معاناة) فاطمة الزهراء (ع)، وحزنَ السيدة زينب(ع)، فإذا كان حزنُك وعذابك أكبرَ فاحزني، وأنا أعلم، والكلّ يعلم بأنّ الحزن عليّ لا يساوي مقدار ذرّة، وأنّني دون شكٍّ ولا ريب إذا منحني الله الشفاعة، سأشفع لكِ عند فاطمة الزهراء(ع).
نحن يا فاطمة(ع)عقدنا أملنا في العالمين عليك
من وصية الشهيد حجة الإسلام والمسلمين سيد أحمد قاسميان:"نحن يا فاطمة (ع) عقدنا أملنا في العالمين عليك.. ونحن من المحبّين لك.. انظري إلى حالنا في القيامة.. بحق الحسن يا فاطمة انظري إلينا.. وانظري إلى الفقراء.. وإلى القيامة.. واطلبي من الحق انتصارنا.. وانظري لحالنا.. لطفاً وكرامة.. انظري إلينا في القيامة.. يا روح الحسين ونور العينين زينب وكلثوم لا تحرمونا من لطفكم يوم القيامة..
الشهداء مفقودي الأثر
تتمثل علاقة الشهداء المفقودين الأثر بالسيدة الزهراء(ع) بفلسفة العشق الإلهي المطلق التي خصّ الله بها شهداءه، فكثيرين من الشهداء تمنّوا أن يحملوا لقب (مفقود الأثر)، مواساةً للسيدة الزهراء(ع) وكانوا يخبرون أصحابهم بأنهم لطالما تمنّوا أن يبقى قبرهم مجهولاً بعد استشهادهم، ليكون لهم أسوة بسيّدته فاطمة الزهراء(ع)، لكي يواسوا بغربة ضريحهم غربة ضريح السيدة فاطمة الزهراء(ع).
ختاماً تخبرنا هذه النماذج من وصايا الشهداء عن العلاقة القلبيّة بين المجاهدين والسيدة الزهراء (ع)  التي يلجأون إليها في أوقات الضيق والوجع، ويتوسّلون بها لقضاء حوائجهم وإزالة الهمّ والغمّ عن قلوبهم، ويبدأون  بإسمها في تنفيذ عملياتهم العسكرية ضد العدو، ويعصّبون رؤوسهم بـاسمها:
"يا زهراء".

البحث
الأرشيف التاريخي