الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وأربعمائة - ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وأربعمائة - ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

دراما أوفت بالوعد

«قبضة الأحرار».. مسلسل يحاكي «طوفان الأقصى»


الوفاق/ وكالات - الفن السابع والدراما أصبحا سلاحا قويا وشاشة لعرض الحقائق أو قلب الواقع! كما يحصل في ماكينة الإعلام الغربي والصهيوني، خاصة في هذه الأيام يُستخدم الإعلام والسوشال مديا لتغطية جرائم الكيان الصهيوني وما يجري في غزة.
أما الفنانون المقاومون لا يتركون الساحة، وقد قاموا بإنتاج أفلام سينمائية ووثائقيات ومسلسلات من العمليات البطولية للمقاومين، كما حصل في مسلسل "شارة نصر جلبوع"، ومسلسل "قبضة الأحرار" الذي أخيراً أصبح الكلام عنه كثيرا على منصات التواصل الإجتماعي، بما يشبه موضوع المسلسل إلى عملية طوفان الأقصى البطولية.
بعد عودة الأضواء إلى "قبضة الأحرار"، تحوّل العمل إلى ترند على صفحات السوشال ميديا، وأجمعت التعليقات على أنّ القائمين على المشروع قرأوا المستقبل بكل بساطة.
من هذا المنطلق، قدّموا عملاً يحاكي معاناة الفلسطينيين ويقدّم نموذجاً عمّا يعيشه العدو الصهيوني حالياً بعد نجاح عملية "طوفان الأقصى" التي أدّت إلى قتل مئات الصهيونيين، وأسر المقاومين الفلسطينيين مجموعةً كبيرة منهم.
على الضفة نفسها، لم يكتفِ الناشطون على الصفحات الإفتراضية بنشر مقاطع من العمل الدرامي ومقارنتها بـ "طوفان الأقصى"، بل استعادوا الفيديو الذي يطلّ فيه رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" في قطاع غزّة "يحيى السنوار" أثناء تكريمه أبطال مسلسل "قبضة الأحرار".
يومها، أبدى السنوار إعجابه بالمسلسل قائلاً: "إن المسلسل له تأثير كبير في كفاح الشعب الفلسطيني ضدّ العدو وجهود عودة الأراضي المحتلّة". ووصف السنوار المسلسل بـ "الجهد الجبّار"!
"قبضة الأحرار" جاءت بالطوفان!
"ما لم نشاهده في عملية "طوفان الأقصى"، تابعناه في أحداث «قبضة الأحرار»". عبارة كتبها أحد المعلّقين على مسلسل "قبضة الأحرار" من إخراج محمد خليفة، وإنتاج دائرة الإنتاج الفني في حركة "حماس"، الذي عُرض على قناة "الأقصى" و "المنار" في رمضان 2022 ولعبت بطولته مجموعةٌ من الممثّلين الفلسطينيين.
العمل الدرامي الذي صُوّر في مدينة غزة، عاد إلى الواجهة أخيراً، بعدما اكتشف الناشطون في الفضاء الإفتراضي أنّ أحداث "قبضة الأحرار" تحاكي بشكل كبير في تفاصيلها عملية "طوفان الأقصى"، ما دفع كثيرين إلى البحث عن العمل على موقع يوتيوب ومشاهدته من جديد.
"قبضة الأحرار" والوفاء بالوعد
يؤكد استدعاء جمهور مواقع التواصل الإجتماعي لمسلسل "قبضة الأحرار" حالياً، أنه أقرب إلى "وعد" منه إلى مسلسل درامي. فالعمل الذي أنتج وعرض في رمضان الماضي يكاد ينقل صورة طبق الأصل عن عملية "طوفان الأقصى"، بدءاً من كشف جواسيس الإحتلال، إلى أسر عدد كبير من جنوده. وعُرض المسسل على قناة الأقصى بالإضافة إلى أكثر من 32 قناة عربية أخرى.
ورغم الإمكانيات المتواضعة الواضحة على الشاشة، فإن الطموح الفني لمخرج العمل والصدق الذي بدا واضحاً في سيناريو العمل، يشيران إلى إبداع مغاير لأغلب ما يطرح حالياً على الساحة الفنية العربية، ويظهران التناقض بين دراما لا تهدف إلا إلى الترفيه، في مقابل عمل يحمل رسالة وطنية وعقائدية في الوقت نفسه.
ولعل المصطلحات العسكرية التي انتشرت على لسان الناس مثل "المسافة صفر" والتي ظهرت في فيديوهات كتائب القسام عن الحرب الدائرة حاليا، قد ظهرت أولا في مسلسل "قبضة الأحرار".
قصة المسلسل
تنطلق أحداث المشروع الذي أُنتج بميزانية متواضعة، من تحضيرات مجموعة من المقاومين لعملية عسكرية وراء خطوط العدو. هكذا، ينجحون في اختراق أنظمة المراقبة الصهيونية وأجهزة الاستخبارات. كذلك يركّز العمل الفلسطيني على نجاح عملية الاقتحام، واعتلاء المقاومين الدبّابات الصهيونية واقتياد أسرى منهم إلى غزّة.
 صوّر المسلسل تداعيات العملية على الكيان العبري من نزوح جماعي للمستوطنين، ولاحقاً توفير الدعم الأميركي للاحتلال بمختلف أنواعه المعنوي والعسكري.
 يتوقّف العمل الدرامي عند حالة التخبّط التي أصابت العدو بعد نجاح عملية المقاومين، وتطلّ إحدى القيادات الصهيونية قائلةً: "إن ما يجري هي معركة ستقضي على الكيان الصهيوني بالكامل أو بروفة لذلك". هذه التصريحات ألمح إليها فعلياً رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بعد اندلاع معركة
"طوفان الأقصى".
وفي أحد مشاهد العمل، يطلّ قيادي صهيوني آخر متفاجئاً من هول صدمة العملية وهو يصرخ: "مجموعة صغيرة من المقاتلين تخلّي "إسرائيل" تطلب المساعدة من أميركا"!
ويستعرض "قبضة الأحرار" جهود المقاومة المستمرة في مواجهة هذه المحاولات والتي تستند إلى إدارة علمية وهيكل قيادي متدرج يؤكد حرص المقاومة على حماية الشعب الفلسطيني، وتنجح في كشف عدد كبير من المخطّطات قبل تنفيذها في أماكن مختلفة، وأوقات مختلفة أيضاً.
ويعكس العمل الذي أنتج وصُور في غزة حالة الغطرسة التي أعمت الاحتلال عن رصد خطة عملية "طوفان الأقصى" بملامحها الواضحة.
وإذا كانت رئيسة وزراء الاحتلال السابقة غولدا مائير قالت "إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يعملون وسرعان ما ينسون"، فإن صنّاع " قبضة الأحرار" قد يضحكون الآن بصوت عال مؤكدين أن "الإسرائيليين لا يشاهدون المسلسلات، وإذا شاهدوها سيمنعهم غرورهم من تصديقها".
مسلسل احترافي لمجموعة هواة
إذا كان صمود أهل غزة معجزة حقيقية تدفع الأوروبيين والأميركيين العاديين إلى التساؤل والبحث عن أسبابه، فإن مفارقة "قبضة الأحرار" هي إنتاج مسلسل احترافي تم من خلال مجموعة هائلة من الهواة والمتطوعين الذين وصل أكبر أجر تقاضاه أحدهم -وهو بطل العمل- إلى ثلاثة آلاف دولار، وهو رقم يؤول إلى الصفر إذا قورن بأجر أي ممثل صف رابع في مسلسل مصري.
أما الإضاءة، فتقدم الشاشة معلومات واضحة عن استخدام إضاءة المصابيح العادية، حيث تكتفي مشاهد "الليل – خارجي" بنور مصابيح الشوارع، و"النهار – خارجي" بنور الشمس. لكن العمل يدور حول عمل عسكري وأمني سري متصل، وبالتالي فإن نور المصابيح بضعفها وعدم قدرتها على التعبير وتوجيه مشاعر المشاهد، كان هو الغالب على العمل.
ولم تكن الكاميرات المستخدمة بأفضل حال من الإضاءة، فقد جاءت متواضعة، فضلا عن زوايا التصوير ومدى ثبات الكادر، ولم يكن ذلك إلا بسبب الاستعانة بمصورين هواة أو كاميرات قديمة نسبيا في غزة المحاصرة منذ أكثر من 16 عاما، فلا كاميرا ولا قلم رصاص.
وكما جاء التصوير والإضاءة بمثابة إعادة اختراع لهذا العالم، جاء الأداء التمثيلي صادقا نقيا دون تقنيات أو ادعاء، رغم بطء الحركة الذي صنع في الكثير من الأحيان حاجزا بين المشاهد والعمل، وخاصة في مشاهد القتال والمطاردات التي كانت تتطلب إيقاعا مغايرا في حركة الممثل نفسه، وبالطبع تقنيات غير متوافرة لضبط الإيقاع مع قدرة المشاهد على المتابعة. وما يميز الأداء بالفعل، هو تلك الألفة التي جعلت من المقاومين أشبه بأقارب للمشاهد وليسوا ممثلين، بل إن الصدق يدفع للتصديق بأنهم مقاومون بالفعل.
دراما فنية من إنتاج مقاومة عسكرية
تبدو المفارقة الثانية بديهية للبعض، وهي أن تنتج حركة المقاومة الإسلامية "حماس" دراما فنية، لكن واقع الأمر أن ذلك الخيال الجامح إلى حد التطابق مع مستقبل لم يتخيله إلا أصحابه، لا يصنعه سوى خيال فنان، وهو طبيعي جدا لا مفارقة فيه، فدائما يبقى الحلم للفنان، وتحقيق الحلم للعالم، وتأمين الحلم للمقاتل الصامد.
ولعل ما يؤكد وجود هذا الاتجاه هو تلك المسؤولية التي تولاها القائد العسكري الفلسطيني الأبرز "محمد الضيف" عن اللجنة الفنية في الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة حماس إبان نشاطه في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية التي تخرج فيها عام 1988 بعد أن حصل على البكالوريوس في العلوم (علم الأحياء).
المفارقة الحقيقية هي تحوّل "قبضة الأحرار" إلى فعل أصلي دخل من باب الدراما، واستدعاه المشاهد من التاريخ، ليؤكد ثوابت النضال الفلسطيني، ويوثق واقعا ينضح بالتضحية والفداء والعزم.
والأهم من كون العمل فعلا أم رد فعل، هو ذلك الاهتمام الذي توليه المقاومة لكشف السردية الزائفة للاحتلال، وإحلال السردية الفلسطينية للوقائع كما حدثت، وهو طموح يعد ضرورة خاصة في ظل انتشار السردية الزائفة للإحتلال في العالم.

 

البحث
الأرشيف التاريخي