الناشط المقدسي إسماعيل مسلماني للوفاق:
الإفراج عن أسرى نفذوا عمليات بحق صهاينة إنجاز لعملية طوفان الأقصى
عبير شمص
ما زال الفلسطينيون يعيشون الترقب الشديد وهم ينتظرون على أحر من الجمر عناق أسراهم الذين ما كانوا ليروا سماء الحرية لولا عملية "طوفان الأقصى"، التي ستحررهم من غياهب معتقلات الاحتلال رغم تكلفتها الباهظة من أرواح أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة. هذا وقد تم الإفراح عن العديد من الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال المعتقلين منذ سنوات، بتهم واهية وأحياناً من دون أية تهم. كشف الفلسطينيون المُفرج عنهم في "صفقة التبادل" بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية، عن سوء المعاملة التي يتلقاها الأسرى في سجون الاحتلال، مُؤكدين أن الوضع أصبح أكثر سوءًا بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي. وتتحدث الشهادات عن المعاناة والتعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيين على أيدي سجانيهم، والذي لا يستثني النساء منهم والأطفال الذين تفادى الإعلام العبري ومعه الغربي القول إنهم أطفال معتقلون وراحوا يراوغون في تقاريرهم الإعلامية بالإشارة إلى أن الكيان يطلق سراح "أشخاص ما دون الـ 18 عاما". لكن صور الأسرى المفرج عنهم وهم من النساء والأطفال كشفت بوضوح حقيقة هذا المحتل الذي ينتهك كل القوانين والشرائع الدولية إلى درجة جعلته يمنع عائلات الأسرى المحررين من الاحتفال بذويهم ويصدر تعليمات بعدم القيام بأي من مظاهر الاحتفال حتى وإن تمثل في توزيع الحلوى. في هذا السياق وللإطلاع على حالة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، وكيف تبدلت الأوضاع بعد عملية طوفان الأقصى في شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وهو ما أجاب عليه الناشط المقدسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الأستاذ اسماعيل مسلماني:
ارتفاع غير مسبوق في أعداد الأسرى
يقول الأستاذ مسلماني :" كان عدد الأسرى قبل السابع من اكتوبر يبلغ خمسة آلاف، إلا أنه ازداد بشكلٍ كبير بعد عملية طوفان الأقصى حيث وصل العدد إلى ثمانية آلاف غير الموجودين في غلاف قطاع غزة ولا توجد معلومات كم يبلغ عددهم والحديث يدور بين الألف إلى ألف وخمسمائة من القريبين الموجودين من غلاف غزة.
ويضيف بأن أحكام هؤلاء الأسرى تتراوح بين الأحكام العالية والتي تقع مدتها بين خمسة عشر سنة والعشرين إلى الأربعين سنة إلى الحكم بالمؤبد الذي يعني ٩٩ إلى ما لا نهاية وليس له تاريخ محدد، ويبلغ عدد الأسرى المحكومين بالمؤبد ما يقارب الخمسة وثلاثين معتقل موزعين في مختلف المناطق في مدينة القدس ورام الله ونابلس وقطاع غزة ومن جميع المدن الفلسطينية ، وكذلك ما يقارب الألف إلى ١٥٠٠ أو أقل قليلاً ممن أمضوا بين الثلاثين إلى الأربعين عاماً في سجون الاحتلال الصهيوني، ولم يتم الافراج عنهم إلى الآن، على سبيل المثال نائل البرغوتي هو أقدم أسير فلسطيني لغاية هذه اللحظة، وقد أمضى 43 سنة في السجن وما يزال ، لماذا هؤلاء استمروا كل هذه السنوات في الأسر؟ لأن " إسرائيل " رفضت الافراج عنهم في كل صفقات التبادل التي جرت مع فصائل المقاومة الفلسطينية وفي تواريخ مختلفة سواء في صفقة وفاء الأحرار عام ٢٠١١ ، ففي صفقة شاليط كان هناك تحفظ عن الإفراج عن بعض الأسرى، فليس كل أسير كانت توافق عليه "اسرائيل" ، وكانت هناك صعوبات كبيرة في عملية الافراج فكانت تشترط "إسرائيل" عدم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين تلطخت أيديهم بدماء الصهاينة وفق التعريف الصهيوني.
الاعتقال الاداري موروث بريطاني
يوضح الأستاذ مسلماني إلى وجود قسم من الأسرى يطلق عليهم أسرى إداريين وعددهم اليوم خمسمائة إلى ستمائة أسير، وهو اعتقال تعسفي بدون لائحة اتهام وهو خرق للإجراءات القانونية على مستوى القانون الدولي الذي يؤكد بأنه لا يحق لأي دولة أن تعتقل شخص إلا بلائحة اتهام، والاعتقال الإداري، إجراء مُثير للجدل موروث من الانتداب البريطاني، يُتيح للاحتلال اعتقال أشخاص دون توجيه تهمة إليهم، بين 3 إلى 6 أشهر، وفي كثير من الأحيان يتم تمديد الاعتقال على نحو مستمر، ويعني هذه الاعتقال أن المحكمة الصهيونية لم تستطع إثبات أية تهمة على الأسير أو لإعتقادها بإمكانية تنفيذ هذا الأسير عملاً ما في المستقبل ضدها، فيتم اعتقاله إدارياً وقابل للتمديد إلى ما نهاية بحجة تشكيله خطراً مستقبلياً على أمن الدولة الصهيونية والاعتقال الاداري مناقض لكل الاتفاقات الدولية على مستوى العالم وأبرز المعتقلين الإداريين الشهيد الأسير خضر عدنان الذي قاد أطول الإضرابات في السجن ولا توجد لائحة اتهام توجه له، فعندما سأل القاضي ما هي تهمتي قال له الملف سري لا توجد أي تهمة .
اعتقال الأسيرات والأطفال
يلفت الأستاذ مسلماني إلى أن موضوع الاعتقالات بدأ منذ العام ١٩٦٧ واعتقل أكثر من مليون ومئتي ألف شخص لغاية هذه اللحظة، ويتابع بالقول بأن الأسيرات اعتقلن مثل الأسرى الشباب وبتهمٍ متفاوتة، وهناك ما يقارب من أربعين إلى خمسين أسيرة في السجون الصهيونية ، وأعلى حكم لإحدى هؤلاء الأسيرات كان ستة عشر سنة ، وقد أفرج في دفعات التبادل خمسة أسيرات تدعي " إسرائيل" ان أياديهن ملطخة بالدماء.
ويوضح الأستاذ مسلماني أن إسرائيل تعتقل الأطفال القاصرين، فهي تعتقل أطفالاً تبلغ أعمارهم أربعة عشر وأقل من ذلك في سجنٍ خاص اسمه سجن الديمون ، وهذا مخالف للقوانين العالمية التي تنتهكها "إسرائيل" ، فيعتبرهم الكيان الصهيوني مخلين بالأمن بسب مشاركة البعض منهم بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين أو بالمشاركة بتعليقات ضد اأعمال وجرائم " إسرائيل" على منصات التواصل الإجتماعي أو مشاركة البعض منهم وهو قلة في إطلاق الرصاص على الجنود الصهاينة، فتقوم بمحاكمتهم رغم صغر سنهم والحكم عليه، إلا أنها تحاكمهم من جديد بعد إتمامهم الثامنة عشر عاماً على أنهم بالغين، وهذا ما حصل مع الطفل أحمد مناصرة الذي اعادت اسرائيل محاكمته عندما بلغ الثامنة عشر، ويتراوح عدد الأشباب والأطفال المعتقلين في السجون بين مئتين إلى مئتين وخمسين والان لم يتبق منهم إلا القليل بعد الدفعات الأخيرة من التبادل بين الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة، والتي نصت على الإفراج عن 300 أسير ما بين نساء وأطفال دون أن تكون أيديهم ملطخة بالدماء.
أسرى مدينة القدس المحتلة وأراضي 48
يقول الأستاذ مسلماني بوجود أسرى يحملون الهوية الزرقاء من مدينة القدس المحتلة والداخل المحتل ، وكانت تتحفظ " إسرائيل" على الإفراج عنهم بسبب حملهم هذه الهوية ، مهما كانت تهمتهم ولو كانت ضرب حجارة ، فهي اعتبرهم مواطنين إسرائيليين ولا يجب أن تتدخل الفصائل الفلسطينية فيه، ولكن لأول مرة في صفقة شاليط تم كسر هذا القرار وهذه المرة الثانية في عمليات التبادل الأخيرة تم كسر هذا القرار وأُفرج عن أسرى مقدسيين أو من الداخل الفلسطيني الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية واخرهم ستة من الأسيرات يحملن الجنسية الاسرائيلية وهذا يُعد أكبر إنجاز للمقاومة .
قيود تعيق حركة الأسرى بعد الإفراج
قبل السابع من اكتوبر يقول الأستاذ مسلماني بعد تحرير أي أسير سواء من القدس أو الداخل المحتل وبعد انهاء فترة اعتقاله كانت قوات الاحتلال الصهيوني تفرض عليه قيوداً بشكل مباشر، فيتم أخذه إلى سجن "المسكوبية" في مدينة القدس المحتلة والذي هو مركز التوقيع والتحقيق فيستدعون أهل الاسير المفرج عنه سواء من الداخل أو مدينة القدس المحتلة ويوقعون على كفالة تتراوح قيمتها بين عشرين أو أربعين ألف شيكل، وينبهونهم بعدم رفع العلم الفلسطيني في حفل استقباله أو إقامة اي مهرجان احتفالي له ، أو يطلبون منه التوجه إلى الضفة الغربية والبقاء هناك لمدة عشرة أيام ، ومن ثم العودة إلى منزله لكي لا تجرى أية احتفالات له، هكذا يتم التعامل مع الأسرى المقدسيين أو أ سرى الداخل المحتل وتهدف اسرائيل بذلك إلى منع ابداء البهجة والفرح ومنع اي مظاهر احتفالية اسلامية أو وطنية للمفرج عنه أو أي تجمعات وتوزيع الحلوى والطعام. وهو ما يحصل عادة بعد الافراج عن أي أسير تغير الوضع حالياً بعد السابع من اوكتوبر، حيث يتم وضع قيود قاسية جداً حين يتم استدعاء الأهل والتنبيه عليهم بالإضافة إلى القيود السابقة بمنع حضور الأقارب للزيارة، فقط الذين يسكنون داخل المنزل هم فقط بإمكانهم استقباله وتراقب المنزل سيارة شرطة وتداهم المنزل للتأكد بعدم وجود حلوى ولا يوجد طعام لاستضافة المهنئين بالإفراج والتحرر من الأسر ولا توجد حتى وسائل صحافة وخاصةً في مناطق القدس والداخل الفلسطيني وذلك لكسر الفرحة والبهجة ولكي لايرى الناس هذا الانتصار والافراج عن طريق المقاومة وبالقوة فهي تعتبر هذا الافراج قد كسر هيبتها وتريد أن تقتل الفرحة للأهالي وللأسير نفسه حتى لا يكرر هذا العمل، فالاحتفالات بخروج الأسير على هيئة الأبطال يشجع الأسير وغيره على القيام بعمليات ضد الاحتلال .
ويعطي الأستاذ مسلماني مثالاً على ذلك عند اطلاق الدفعة السابعة من عمليات التبادل وهناك أسيرات قاصرات من بينهم وأطفال صغار منذ الإعلان عن الافراج عنهم حتى استدعت الشرطة الأب أو الأم أو الأخ لهذا الاسير أو الأسيرة وطلب توقيعه على عدم تنظيم اي أحتفال وانتشرت الشرطة أمام منازل المفرج عنهم وداهمت بيوتهم منعاً لأي حركة احتفالية تحسباً لأي اجراء احتفالي وهذه أول مرة يتخذون هذه الاجراءات المتشددة عادة عند الإفراج عن الأسير من اي سجن يحضره الأهل ولكن هذه المرة قامت الشرطة الاسرائيلية بايصاله إلى البيت ومداهمة بيته أكثر من ثلاث إلى أربع مرات مثل منزل الاسيرة نفوذ حماد والأسيرة سليمة وغيرهم حيث داهموا المنزل مثيرين الرعب والتخويف لساكنيه والتأكد من عدم وجود اي أحد غريب أو قريب من عم أو خال أو جد. كل هذه العمليات الاجرامية هي لكسر الاحتفال والفرحة لانتصار المقاومة والتقليل من قيمة الانتصار ولحثهم على عدم تكرار هذه الانشطة ضد القوات الاسرائيلية.
وضع الأسرى بعد تسلم بن غفير وزارة الأمن القومي
يشدد الأستاذ مسلماني على تغير وضع الأسرى نحو الأسوء مع تسلم بن غفير وزارة الامن القومي فبدأ يفرض على الأسرى قيوداً جديدة، فمنع عنهم التجول في الساحات وخفف ومنع كلياً كل الامتيازات التي حصل عليها الأسرى إثر نضال طويل والعديد من الإضرابات عن الطعام التي خاضوها ولسنوات عديدة، فمنع عنهم الامتيازات الداخلية مثل المروحة والتلفاز والراديو وادخال الألبسة .. ومداهمة الغرف وغير ذلك، ويتم سحب كل هذه الامتيازات إضافة للضرب والشتم والاعتداءات القاسية واللفظية وخاصة بعد عملية
طوفان الاقصى.
ويلفت الأستاذ مسلماني إلى أنه جرت العادة في وجود ممثلين عن الأسرى في المعتقلات الصهيونية يتحدثون باسمهم وطلباتهم ويتواصلون مع السجان الصهيوني وهناك امتيازات تعطى وانجازات تحصل بسبب الإضرابات عن الطعام التي تحصل ولعدة مرات . ولكن كل هذا تغير بعد السابع من اكتوبر فوضع السجن كارثي. الآن الاهانات والضرب والتجويع والمنع و سلب الكثير من الامتيازات لمعاقبة الأسرى جراء عملية طوفان الأقصى. فسادت حياة الأسير واقع مريب من الضرر والشتم والاهانة ووضع القيود في الزنازين والوضع في زنازين منفردة وتأخير تقديم الطعام لهم ومنع الزيارات الأهالي لأبنائهم الأسرى وكانت الزيارة مسموحة كل خمسة عشر يوماً عن طريق باص يؤمنه الصليب الأحمر الدولي لمدة خمسة وأربعين دقيقة عبر الهاتف أو الزجاج العازل يلتقي الأسرى مع ذويهم . ولكن توقفت هذه الزيارات وانقطعت المعلومات عنهم، فالذين اعتقلوا بعد عملية طوفان الأقصى أعلنوا عند الافراج عنهم عدم معرفتهم المسبقة بوجود أسمائهم بين المفرج عنهم وهذا يؤكد عدم وجود راديو أو تلفاز وهذا يعني انقطاع بالمعلومات والاخبار عند هؤلاء الأسرى، وحتى المنظمات الدولية منعت من الدخول والمعلومات تأتي من المفرج عنهم فقط ويتحدثون بشهادات مخيفة ومرعبة عن اوضاعهم وظروفهم وهم منقطعين عن الأخبار ولا يعرفون بأحداث الحرب
ومجرياتها.