والصعود إلى المركز الخامس عالميا
مأدبة الإفطار وأنشطة ثقافية واجتماعية ايرانية في قائمة اليونسكو
الوفاق/ خلال الاجتماع الـ 18 للجنة الدولية لـ "حراسة التراث الثقافي غير المادي" في مدينة كاسان بجمهورية بوتسوانا الافريقية، تم توثيق 3 ملفات ايرانية ضمن القائمة العالمية لليونسكو، وذلك بناء على طلب مشترك من قبل ايران وطاجيكستان وجمهورية اذربيجان وتركيا واوزبكستان.
وطرحت ايران على هذا الاجتماع، 3 ملفات لغرض توثيقها ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، بما يشمل: ملف فن التذهيب «مشترك مع جمهورية اذربيجان، وطاجيكستان، وتركيا واوزبكستان»، والطقوس الاجتماعية مثل مأدبة الافطار (مشترك مع جمهورية اذربيجان وتركيا واوزبكستان)، ومهرجان «سده» (مشترك مع طاجيكستان).
علما ان الاجتماع الـ 18 للجنة الدولية لحراسة التراث غير المادي، بدأ منذ يوم الاثنين 4 كانون الاول / ديسمبر الجاري، ويستمر لغاية اليوم السبت الـ 9 ، باستضافة مدينة كاسان بجمهورية بوتسوانا.
وصرح علي دارابي: نجحت إيران في الحصول على الموافقة للملفات الثلاثة التي قدمتها للتسجيل.
واوضح مع التسجيل العالمي لهذه العناصر التراثية الثلاثة، ارتفع عدد الملفات في بلادنا بمجال التراث غير المادي من 21 إلى 24 ملفا.
وقال دارابي: بعد هذا الحدث الكبير، تمكنا من الصعود إلى المركز الخامس على مستوى العالم بين الدول الأعضاء في اتفاقية حماية التراث غير المادي والبالغ عددها 182 دولة. وفي الحكومة الحالية، تمكنت وزارة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية من الصعود مرتبتين ووصلت إيران إلى من المرتبة السابعة الى المرتبة الخامسة عالمياً.
وقد أعلن مساعد التراث الثقافي بوزارة السياحة عن التسجيل العالمي لهذه الملفات للتراث غير المادي لبلادنا.
فن التذهيب
التذهيب هو فن تزيين وزخرفة السطوح الصلبة بمسحوق الذهب أو صفائحه. عند الانتهاء من العملية يصبح الغرض الخاضع للتذهيب مذهّباً.
يمكن إجراء عملية التذهيب بشكل خاص على أوراق الكتب بزخرفة وتجميل الحواشي، وعندها يسمى هذا النوع الخاص تذهيب الكتب. أما السطوح المعدنية (الفلزية) فتتم عملية تذهيبها بعمليات الطلي الكهربائي، ويسمى هذا النوع الخاص الطلي بالذهب.
يمكن إجراء التذهيب على أنواع مختلفة من السطوح مثل الخشبية أو الحجرية وكذلك الفخار وفن التذهيب الذي يقوم على تزيين حواشي الكتب بالألوان وماء الذهب وإحاطة الخطوط والمكتوبات بالنقوش والزخارف؛ يعد من مجالات الحرف اليدوية العريقة في إيران.
إن المستندات التاريخية والكتب القديمة تشير إلى أن فن التذهيب قد ظهر قبل دخول الإسلام إلى إيران، لكنه نضج وتطوّر بعد بروز الحضارة الإسلامية، واستُخدِم في تزيين المصاحف الشريفة، وقد بات هذا الفن الیوم جزءاً لا يتجزأ من الفنون الإسلامية.
وفن التذهيب كان يتم باستخدام فرشاة الرسم والألوان النباتیة والألوان المعدنية والصفائح الذهبية، ولكن في الوقت الحاضر تُستخدَم الألوان الجاهزة إلى حد كبير؛ نظراً لسهولتها وأسعارها الزهيدة مقارنة بالذهب والألوان الطبيعية.
وأن الأشكال والخطوط التي تُستخدَم في فن التذهيب هي عادةً مستوحاة من الخيال والطبيعة، لكنها تجریدیة تماماً ومنتظمة وهندسية؛ إذ تتميز المنمنمات التذهيبية بخطوط سوداء وذهبية وزعفرانية، وألوان أخرى مصنوعة من دقيق الأحجار الكريمة، مثل الزنجفر واللازورد.
وفن التذهيب هو فن مستقل وعريق، وله استخدامات كثيرة ومتنوعة في الكتب العربية والفارسية والتركية؛ ما ساعد كثيراً على إثراء المكتبة الإسلامية.
وهذا الفن في الحضارة الإسلامية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفني الزخرفة والخط العربي، فقد انبرى الكثير من الفنانين المذهّبين على إظهار البراعة والإتقان في زخرفة وتذهيب صفحات القرآن الكريم خصوصاً، وباقي المصادر الإسلامية بشكل عام.
والتذهيب له أنماط مختلفة، ومن أساليب التذهيب يمكن أن نذكر الطراز السلجوقي، والطراز الإيلخاني، والطراز التيموري، والطراز الشيرازي، والطراز الصفوي، والطراز القاجاري، وفي العصر الصفوي، أصبحت أصفهان مركزاً لفن التذهيب والخط..
مأدبة الإفطار والأنشطة الثقافية والاجتماعية
تم تسجيل مأدبة الإفطار والأنشطة الثقافية والاجتماعية المتعلقة به باعتباره العنصر الثالث والعشرين للتراث الثقافي غير المادي الإيراني في الاجتماع.
وقد تم إعداد وتجميع مأدبة الإفطار والأنشطة الثقافية والاجتماعية المتعلقة بها بمشاركة تركيا وجمهورية أذربايجان وأوزبكستان.
وأوضحت اليونسكو أنّ "الإفطار وجبة يتناولها المسلمون عند غروب الشمس خلال شهر رمضان، بعد إتمام سائر الطقوس الدينية والاحتفالية".
وأضافت «غالباً ما يتجمع المسلمون حول مائدة الإفطار لتناولها بروح الجماعة، الأمر الذي يوطّد أواصر الصلة بين أفراد الأسر والمجتمع ككل ويعزز الأعمال الخيرية والتضامن وطرق التبادل الاجتماعي».
ويعتبر شهر رمضان المبارك، المعروف بين الإيرانيين بشهر ضيافة الله، وهو ليس مجرد طقس ديني للمسلمين، بل هو ثقافة مائدة الإفطار والأنشطة الثقافية والاجتماعية المتعلقة به وهو عنصر يلتزم به المسلمون.
وأحد أجمل أوجه الصيام لدى المسلمين، هي أن يتذكر الإنسان الفقراء والجياع، وهذا أمر إنساني ومحبّب وموائد الرحمة تنتشر في أغلب شوارع المدن الإيرانية في شهر رمضان، فأعمال الخير تكثر بين الناس.
ومنذ بداية الشهر المبارك وفي أية مدينة ايرانية لا يوجد حيّ أو منطقة أو مسجد يخلو من مجالس الألفة مع القرآن الكريم للرجال والنساء ويتم فيها تلاوة آيات القرآن بدءا من الجزء الأول الى الجزء الثلاثين بحيث أنّ المساجد والحسينيات تكتظ بالصائمين الذين يستيقظون حتى الفجر آملين النيل من بركات الليالي العظيمة والحصول على العفو والمغفرة الالهية.
لمأدبة الإفطار دور اجتماعي وثقافي مهم جداً في جميع المجتمعات الإسلامية، بغض النظر عن الجنس أو العرق، ويسبب هذا العنصر التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية والسلام والصداقة والسعادة والاهتمام الخاص بالفقراء والمحتاجين، وخلال مراسم الإفطار، بالإضافة إلى الصلاة الفردية أو الجماعية، هناك أنشطة مهمة أخرى مثل إقامة مراسم اقامة قراءة الادعية، وقراءة القصص الاجتماعية والدينية للأطفال، إعداد موائد الإفطار بالأطعمة المحلية والطقوسية، الألعاب التقليدية والمعاصرة، مراسم الصلح بين الاشخاص المتخاصمين.. وإلخ. ومن أهم مميزات هذا العنصر الإطعام والتبرع بالملابس والمساعدات المالية للمحتاجين والفقراء.
وكانت الطرق القديمة لمعرفة الوقت لغروب الشمس ووقت الإفطار تشبه طرق إعلان وقت الفجر والسحور، قديماً كان يُعلن عن وقت الفجر ويتم إيقاظ الناس بطرق مختلفة، مثل المؤذنين الذين يتجولون في الشوارع، وإضاءة الفوانيس بالأكاليل، وقرع الطبول، وطرق باب المنازل، وإطلاق المدافع، ومع تطور أدوات ووسائل الإعلام في كل عصر، تغير وأعطى مكانه للإذاعة والتلفزيون وإذاعة الأذان من مكبرات الصوت في المساجد. ويؤدي سكان كل منطقة في إيران العادات الخاصة بمنطقتهم حسب أصولهم وعقائدهم الدينية.
في كثير من المدن تغلق المحلات التجارية أثناء ساعة الإفطار، وفي المساجد تُتلى صلاة الجماعة مباشرة بعد أذان المغرب، وفي بعض المساجد بعد وجبة الإفطار تقام محاضرات دينية.
وفي ليلة ولادة الامام الحسن(ع) يكون لها مراسم خاصة كقراءة الأشعار الدينية في بعض المدن الإيرانية.
وتعتبر ليالي القدر واستشهاد الامام علي(ع) مناسبة بارزة لبرامج الناس الدينية خلال شهر رمضان ويسعون الى بركات هذا الشهر قبل ان يودعوه حيث تمتلئ المساجد بالمصلين المستغفرين واولئك الذين يحيون الليل الى الفجر،
ويكثر في هذه الأيام تقديم الإفطار للناس ومساعدة المحتاجين والأيتام.
مهرجان «القرن» او «سده»
تم تسجيل «مهرجان القرن او ما يسمى السده» عالمياً باعتباره العنصر الرابع والعشرين من التراث الثقافي غير المادي الإيراني في ملف مشترك يحمل اسم إيران وطاجيكستان في قائمة التراث العالمي.
مهرجان «القرن» او «سده» هو احتفال إيراني بالطقوس الإيرانية القديمة يقام في اليوم العاشر من شهر «بهمن» لكل عام إيراني المصادف كانون الثاني، يعود هذا الاحتفال إلى آلاف السنين وهو من أقدم الاحتفالات الإيرانية، «سده» هو تراث إيراني ويجتمع فيه الناس حول بعضهم بغض النظر عن العمر والجنس والوضع الاجتماعي.
في هذه الطقوس، تعتبر النار إلى جانب الماء والرياح والتربة عناصر مقدسة، والتي لعبت دوراً عملياً في العديد من الاحتفالات الإيرانية، وكان الإيرانيون القدماء يعتقدون أن النار التي يتم إشعالها في هذا اليوم هي رمز وعلامة لتدفئة الأرض والاستعداد لدخول فصل الربيع.
یتم احتفال بالتعاون والتضامن بين الناس، ويشارك الناس من جميع الأعراق والأديان في هذا المهرجان القديم، وفي هذا الاحتفال يتم ايقاد النار والتجمع حولها، وإقامة المراسم الدينية، وقراءة القصص، وقراءة الشاهنامة، والاناشيد، واستضافة الضيوف والترحيب بهم بالأطعمة والطقوس الخاصة وتقديم الخبز والحلويات والفواكه والوجبات الخفيفة.
وتقيم الأقلية الزرادشتية في ايران مراسم «سده» اي «القرن»، حيث يخرج الزرادشتيون الى الشوارع والاحياء وهم يعزفون الأنغام الشعبية واقامة المراسم التقليدية الخاصة بهذا المهرجان.
ويعتقد المزارعون أنه في مثل هذا اليوم، وهو اليوم الذي بقي فيه 50 يوماً و50 ليلة حتى الربيع، تستعد الأراضي الزراعية لمحصول الربيع القادم ويحتفل الناس بنهاية أبرد أيام الشتاء.
وقد تم تسجيل مهرجان القرن رقم 2067 في السجل الوطني الإيراني 8 فبراير عام 2020م وأصدر وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية آنذاك للحفاظ على هذه الطقوس القديمة وإحيائها، وفي عام 2021م، تم إدراج ملف الاحتفال بالقرن في قائمة اليونسكو للمحميات.