دستور الجمهورية الاسلامية الإيرانية لعام 1979؛ الانتقال من الديكتاتورية إلى حقوق الناس
تتمة المنشور في الصفحة 7
من لا يعرف ولاية الفقيه قد يقارنها بمنصب الملك. فما هو تحليلكم باختصار للمقارنة بين هذين المقامین من حيث المبادئ والسلطة والنهج؟
إن منصب الولي الفقيه لا علاقة له بمنصب الملك ولا يمكن مقارنته به. لأن النظام الملكي في بعض البلدان له جذور تاريخية وتقليدية وهو وراثي بشكلٍ عام، ويكون امتيازه أيضاً في حوزة طبقة ملكية أو عائلة ملكية مميزة. لكن في ولاية الفقيه الحديث يدور حول شروط معینة، شروط مثل إتقان العلم الشرعي، وهو ما يسمى بالاجتهاد اصطلاحاً. وبالطبع يجب على المجتهد أن يكون عادلاً وشجاعاً وعالماً بالفقه والقضايا السياسية والاجتماعية. وهذه الصفات ليست حكراً على عائلة أو طبقة معينة، بل يمكن لأي شخص أن يكتسبها، والوصول إلى هذا المنصب مفتوح للجميع.
ويتابع الدكتور جهرمي بالقول :" من حيث السلطات التنفيذية، فعندما نقارن صلاحيات ولاية الفقيه مع العديد من رؤساء الدول الأخرى والعديد من الأنظمة الملكية، نرى أن السلطات التنفيذية للولي الفقيه أقل من صلاحيات العديد من الملوك وحتى العديد من الرؤساء. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن القيادة وصنع السياسات والإشراف الكلي للحفاظ على توجه البلاد منوطة بالولي الفقيه في إطار الإسلام والفقه. وفي النظام الملكي يتم ما يراه الملك مصلحة للبلاد والشعب والحكومة
وبطبيعة الحال، هناك أيضاً أطر نظرية لعمل الملوك، لكن في حالة الولي الفقيه فإن إطار الأداء والتشخيص ليس تقديراً شخصياً، بل قوانين وأحكام الشريعة، أمّا في حالة مخالفة إطار الشريعة فسيتم عزل الولي الفقيه من العدالة بناءً على الدستور. وبإشراف عدد آخر من الفقهاء، وجمیعهم من المجتهدین، وفي مجلس يُسمى "مجلس الخبراء"، وقد اجتمعت "القيادة" فيُعزل.
ويقول الدكتور جهرمي بأنه وفقاً للدستور الإيراني، يتم تحديد الولي الفقيه على مرحلتين، وذلك بالانتخاب غير المباشر من قبل الشعب. وذلك لأن تحديد مجتهد صالح لقيادة المجتمع الإسلامي هو أمر متخصص ويجب التحقق منه من قبل المجتهدين، لذلك في المرحلة الأولى يختار الناس في كل منطقة مجتهديهم الموثوقين، ثم يختار المجتهدون المنتخبون في مجلس يسمى مجلس خبراء القيادة، الولي الفقيه بأغلبيتهم، وإذا قرروا أن الفقيه يفتقر إلى الشروط المذكورة في الدستور يعزلونه.
كما يضمن إشراف الخبراء بقاء هذه الظروف. كما أن كونه دورياً أو دائماً لا يعني أيضاً أن یشغل هذا المنصب، ولكن المهم هو أن یكون مؤهلاً. اي أنه ما دامت الشروط المذكورة موجودة في الدستور، فإن الولي الفقيه سيبقى في منصبه. فإذا فُقدت هذه الشروط، أو قرر الخبراء عدم وجودها أصلاً، عزلوا الفقيه، وبتعبیرٍ أدق، أكدوا عزلته. وللمقاربة، فقد رأينا في السنوات الأربع والأربعين الماضية أنه إذا كان الولي الفقيه قد أدرك في مكان ما أن البلاد قد نأت بنفسها عن الأهداف الكبرى للثورة الإسلامية، وأن هناك حاجة إلى التذكير أو الدخول بشكلٍ محدود في إطار معايير الشريعة وبهدف تطبيق أحكام الشريعة وأهداف الثورة الإسلامية دخلت، وفي غير ذلك نفذت قوات البلاد الأشياء بشكلٍ منهجي.
بالنظر إلى الأحداث الجارية في جبهة المقاومة وخاصةً في فلسطين، هل هناك إشارة إلى دعم شعوب العالم الأخرى في الدستور الإيراني؟
يلفت الدكتور جهرمي بأنه تنص المبادئ العديدة للدستور الإيراني بوضوح على أن حكومة هذا البلد ملزمة بدعم المظلومين والمضطهدين في أقصى أنحاء العالم. وبالطبع، وفق نص الدستور، فإن هذا الدعم يجب أن يكون دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول وقراراتها.
وكما شهدنا في حالات مثل البوسنة والهرسك في التسعينيات، على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا عرباً وفي بعض الأحيان لم يكونوا حتى مسلمين، فقد قامت الحكومة الإيرانية بهذا الواجب بکل ما في وسعها. وفي قضیة فلسطين، فمنذ بداية الثورة الاسلامیة، تم تسليم سفارة الکیان الصهيوني في إيران إلى المقاتلين الفلسطينيين، وحتى اليوم، حاولت دائماً حكومات مختلفة ذات اتجاهات سياسية مختلفة وبعضها حتى معارضة، الاستمرار في هذا النهج وفي خط ثابت لنصرة فلسطين وشعبها المظلوم.