الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وتسعون - ٠٦ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وتسعون - ٠٦ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

الأرض أنبتت فينا رحيق الإنتماء ففاح منا أريج الصمود

الوفاق/ خاص
د. رُلى فرحات
القضية الفلسطينية مصطلح يشار به إلى الخلاف السّياسي والتّاريخي والمشكلة الإنسانيّة في فلسطين  ليس فقط منذ «التغربة الفلسطينيّة» 1948، بل كان ذلك بدءاً من عام 1897 «المؤتمر الصهيوني الأول» وحتى الوقت الحالي. وهي تعدّ جزءاً جوهريّاً من الصّراع العربي الإسرائيلي، وما نتج عنه من أزمات وحروب في منطقة الشرق الأوسط أدّت إلى جعلها دائما على صفيح ساخن وفي توتر مستمر. وبالرغم من أن النّزاع يحدث ضمن منطقة جغرافيّة صغيرة نسبياً، إلّا أنّه في منطقة حساسة من العالم، إلا أنه يحظى بإهتمام سياسي وإعلامي كبيرين نظراً لتورط العديد من الأطراف الدوليّة فيه وغالباً ما تكون الدول العظمى في العالم منخرطة فيه نظراً لتمركزه وارتباطه بقضايا إشكالية تشكل ذروة أزمات العالم المعاصر، مثل الصراع بين الشرق والغرب، وإن تغيّرت أشكال هذا الصّراع وتنوعت بين الأشقاء العرب والإخوة في بلاد العالم....
ما تتمحور القضية الفلسطينية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين وشرعيّة دولة إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينيّة خلال مراحل مختلفة. وما نتج عن ذلك من إرتكابها للمجازر بحق الفلسطينيين وعمليّات المقاومة ضد الكيان الصّهيونيّ، وصدور قرارات كثيرة للأمم المتحدة، كان بعضها تاريخيّاً والقرارات تطول.. ويرتبط هذا النزاع بشكل جذري بنشأة الصهيونيّة والهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، والإستيطان فيها، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة وإن لم تظهر كلها إلى العلن...
يُعتبر هذا النزاع، من قبل الكثير من المحللين والسياسيين القضيّة المركزيّة في الصراع العربي الإسرائيلي وهو يُسلّط الضوء على الديانات السّماويّة الثلاث وعلاقة هذه الأديان «اليهودية والمسيحية والإسلام» فيما بينها، وعلى علاقات العرب مع الغرب وأهميّة النفط العربي للدول الغربيّة.
ولا ننسى أهميّة وحساسيّة القضية اليهودية في الحضارة الغربية وقوى ضغط اللوبيات الصّهيونيّة في العالم الغربي خصوصاً بعد الحرب العالميّة الثانيّة والهولوكوست اليهودي وقضايا معاداة السامية. إذ يرتبط هذا النزاع بشكل جذري بنشوء الصهيونيّة والهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، والإستيطان فيها، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة. إنِ قضيّة النزاع الفلسطيّني الإسرائيلي هي القضيّة والأزمة المركزية في المنطقة. ففي 14 مايو / أيار عام 1948 أعلنت المنظمة الصهيونيّة قيام دولة إسرائيل في فلسطين مما أدى إلى حرب 1948 بين العرب وإسرائيل وانتهت بهزيمة العرب فيها، وقد تتالت هزائمهم...
قدسية فلسطين في الديانة اليهويديّة
أصبحت مدينة القدس مدينة مقدسة عند اليهود بعد أن فتحها النبي والملك داود(ع) وجعلها عاصمة مملكة إسرائيل الموحدة في القرن العاشر قبل الميلاد. وكانت القدس تحوي الهيكل الذي بناه النّبي سليمان بن داود(ع)، الذي يسميه اليهود «هيكل سليمان»، بالإضافة إلى هيكل أو معبد حيرود الذي شُيّد بعد أن هُدم الهيكل الأوّل. وما زال اليهود اليوم يتعبدون عند حائط البراق أو حائط المبكى، الذي يؤمنون بأنه كل ما تبقى من المعبد القديم، ويُشكل هذا الحائط ثاني أقدس الأماكن في اليهودية بعد «قدس الأقداس».
من ناحية ثانية وخلال تسعينات القرن الماضي، بذلت جهود دبلوماسيّة مكثفة لحل مشـكلة فلسـطين في إطار مفاوضات سلام ثنائيّة ومتعددة الأطراف لم يسبق لهـا مثيـل، فجمع مؤتمر السـلام في الشـرق الأوسـط للمرة الأولى مؤتمراً عقـد في مدريد في عام ١٩٩١، حضره جميـع  دول الأطـراف في الـصراع العـربي - الإسـرائيلي، الـذي تُشـكل قضية فلسطين جوهره الأساسي، من أجل التّوصـل إلى تسـوية شـاملة مـن خـلال المفاوضـات التي تسـتند إلى مبـدأ «الأرض مقابل السلام». اضطر الفلسطینيون إلى التفاوض ولم يكن يملكون غير الإعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمـة التحريـر الفلسـطينية والإتفـاق الـذي توصـلا إليـه في أوسـلو في عـام ١٩٩٣، حيث مُنحت جائزة نوبل للسلام لرئيس وزراء إسرائيل، إسحق رابين، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمـة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، جنبا إلى جنب مع وزير خارجية إسرائيل، شمعون بيريز. حقيقية مُضحكة مُبكيّة، والصمت أبلغ وصفاً من الكتب..
ولا أدري عن أي سلام قد قصدوا وإلى أي وئام توصلوا!! وهل يُمكن لضحية أن تأمن ذابحها؟! وهل من الممكن أن يكون حقيقة هناك سلام بين سفاح مجرم لا يتمتع بأي صفات للإنسانيّة أن يقتل ويُهشم ويُشرذم بهذه الوحشيّة.
عن أي سلام يتكلمون وآلة القتل لم تتوقف
عن أي سلام تكلموا وآلة القتل لم تتوقف وفي كل مرة تعود لتُزهق مزيدا من الأبرياء، لا تأبه لطفولة حزينة ولا لطبيعة بائسة ولا إلى أي كائن حي مهما تغيّرت الأحوال والظروف. فمن كان طفلاً بالأمس، اليوم أصبح رجلاً وقد تزوج وأنجب أطفالاً يعيشون معاً تجربته الأولى بكل تفاصيلها «تفاصيل القتل، الحرمان، إغلاق المعابر، منع المساعدات، كم الأفواه»....
ما يحصل في غزة اليوم من مجازر وقتل وفتك وخراب ودمار وشرذمة لكل شيء البشر والحجر!!! الدماء تسيل من كل حدب وصوب والبيوت تنهار على رؤوس قاطنيها، الأجساد تتفحم والنيران تلتهم كل ما يُصادفا في طريقها... العائلات اندثرت تحت الركام والأمهات ثكلى تبحث عن فلذات أكبادها والرجال يحملون أطفالهم لا يدرون أين يذهبون بهم وأين يُخبّئونهم من قدر محتوم...
يسقط شهيدٌ يقوم مقامه عشرات الرجال، يا قوم افهموا إنّ المقاومة هي من أبناء النسيج الوطني الفلسطيني وليست مرتزقة وحتّى إن وُجد الخائن فالأحرار كثر...
الأطفال حدث بلا حرج، لا يدري الإنسان ماذا يكتب أمام هول الفاجعة .. التّركيز على الأطفال رسالة واضحة وصريحة تقول: إنّ الصهيونيّة في غوغائها وفي حلكة ظلامها وفي أوجّ ظلمها وبغائها تخاف من الطفولة في فلسطيين كيف لا، ومنذ زمن ليس ببعيد توجسوا رعبا من زجاجة حليب الطفل محمد إذا سقطت من يده سهوا بين جمع من جنودها فتفرقوا خوفا ورهبة فأنشد بهم الشاعر يقول: «يا محمد يا زر الورد يلي دوبك 3 سنين إحكيلي كيف خوفت الجنج قصدي جيش المحتلين»....
فلسطين ليست مجرد أرض بل بوصلة الكرة الأرضيّة
وتسألون لما هذا الشعب الفلسطيني مُتمسك بأرضه؟ ثابت فيها؟ مُتجذرٌ بترابها شامخٌ بحمرة سمائها وصفاء لونها.؟؟!! فلسطين ليست مجرد أرض بل بوصلة الكرة الأرضيّة، إنّها قبلة أحرار ومؤمني العالم أجمع، أرض الديانات السماويّة ومهد الحضارات الإسانيّة...
إنّها الأرض يا سادة، إنّها الأرض الّتي أنبتت فينا رحيق الإنتماء ففاح منا أريج الصمود ليس نحن فحسب بل كل شريف وحر ومؤمن بالقضيّة الإسانيّة شغوف للحريّة.
إن الفلسطينيين لهم إرادة تنبع من هذه الأرض المقدسة، وأرواح بصلابة صخرها وعزيمة أكبر من جبالها وحبّاً لها للأرض يفيض كأنهارها....
لذلك هم لا يتركون الأرض إذ أنهم مُتجذرون لا يستطع أحدٌ إقتلاعهم  منها مهما حاول القاصي والداني، لن يستطيعوا ذلك!!
انهيار منظومة الجيش الذي
لا يُقهر
نحن اليوم في رحاب يوم هو إحدى ثمرات الثورة الّتي أنبأت بانهيار منظومة الجيش الذي لا يُقهر فالفلسطيني المقاوم قبل 7 تشرين الأول / اکتوبر، حتما ليس هو ذاته بعد هذا التاريخ.. إنّ محور المقاومة استطاع أن يحقق نقلة نوعيّة في إطار تحرير الأرض وتطهيرها من دنس الغزاة، تجسّدت في تجذّر «مفردة» المقاومة والإستماتة في الدفاع عن الأرض والعرض، في كيان الأمة ولم يقتصر على العامل العسكري بل دخلت إلى صلب النسيج الثقافي والاجتماعي والسياسي والأسري والعلمي والتربوي وبالطبع قد تجاوز حدود المناطقيّة والطّائفيّة والمذهبيّة سواء عبر التكوّن النظري في البرامج والخطط، أو بالمسار العملي الجهادي ما أعطاها قابلية الاستمرار بثبات وفي كل يوم تتأكد هذه النظريّة وتتثبت أكثر فأكثر حتى أصبح لطوفان الأقصى معنى من نوع آخر. تحولت عملية طوفان الأقصى لتصبح مسارا ومسير بعد أن كانت بداية مجرد صفعة على وجه الكيان الصهيوني الغاصب. اليوم تتكتل الدول المناصرة للكيان الغاصب ليقتلعوا هذا الشباب المقاوم من جذورهم، لكنهم يفشلون فشلاً ذريعا!! لماذا؟
إنّ الشباب الفلسطيني بل كل الشعب الفلسطيني يؤمن بأنّ الكيان الصهيوني يشكل خطر كبير على فلسطين والمنطقة، وهو يعلم علم اليقين بواجبيّة مواجهته ورفضه ومقاومة ظلمه وبطشه وإجرامه. ولكل مرحلة مستلزماتها، على قاعدة رفض تشريع الإحتلال وإستمرار مقاومته بيقين وثبات حتى تحرير الأرض والصلاة في المجسد الأقصى حيث تُكبر المآذن فتعانق دق الأجراس في الكنائس، كنسة القيامة – قيامة المسيح ودرب الآلآم وعشق الأمن والأمان والمحبة والسّلام – وسيعود حتما سيعود....
نحن اليوم في أيام مُباركة، أيامٌ تُحاط بهالةٍ قدسيّةٍ لتجديد العهد والتّأكيد على حق وعدالة القضيّة الفلسطينيّة وعلى رأسها حق العودة، إنّه يوم الإستنهاض بالهمم والتقاء السّاعد بالسّاعد والشد على أيادي بعضنا البعض، والتّعاضد والتّآزر على طريق تحرير الأرض المقدسة وما حولها.
شباب اليوم يحبون أرضهم بل يعشقون ترابها ويرخص كل شيء فدا لها ولحبات قمحها الأسمر في سنابله الشّمخة رغم الألم، فداً لحبات زيتونها الثابت رغم الجراح النّازفة... شباب اليوم هم أصحاب البر والبحر والشاطئ والزرع والخير والهواء والنور... أصحاب الأرض هم أصحاب الحق، وفلسطين أصل الحكاية ومفتاح بوابة التّاريخ.
مفتاح العودة ومثير التّحرر وحاجة التّحرير
مفتاح العودة ومثير التّحرر وحاجة التّحرير، وميكانيزم التسامي، ورغبة الإستقلال، ودافعيّة الكرامة وغريزة البقاء.... المفتاح حكاية كرامة كل شعب يرفض الظلم ويستميت لتبقى الأرض... المفتاح متعة طرب في معزوفة الشّهادة لتكون الإنسانيّة.
 

البحث
الأرشيف التاريخي