الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • طوفان الأقصى
  • الریاضه و السیاحه
  • منوعات
العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وتسعون - ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وتسعون - ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٣ - الصفحة ٤

في إطار السعي للتخلص من هيمنة الدولار

كيف تستعد قرغيزستان للنظام العالمي الجديد؟

الوفاق/ تشير التحولات في النظام النقدي العالمي إلى عزلة الدولار التدريجية التي صُممت استناداً إلى الهيمنة المالية للغرب ووفقاً لاتفاقيات بريتون وودز،و وفقًا للخبراء، المتطلب المسبق لعملية إزالة الدولار هو زيادة القوة الاقتصادية للدول غير الغربية في الاقتصاد العالمي. من الطبيعي أن المنافسين الجيوبوليتيكيين والاقتصاديين قد سرّعوا في إنشاء البنى التحتية المالية والاقتصادية البديلة على المستوى الدولي. وسيؤدي ذلك إلى تراجع كبير في هيمنة الغرب على الشؤون المالية العالمية. في ظل الاضطرابات الجيوسياسية وانهيار نظام بريتون وودز وإزالة الدولار،
قرغيزستان محور الابتكار المالي في آسيا الوسطى
 يمكن أن تتحول قرغيزستان إلى مركز الهندسة المالية الجديدة لمنظمة شنغهاي للتعاون والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. لطالما أثارت قيادة جمهورية قرغيزستان موضوع استخدام العملات الوطنية بين دول منظمة دول الكومنولث المستقلة ومنظمة شنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. اليوم أصبح هذا الموضوع ذا أهمية خاصة في ظل التغيرات الأساسية في العمليات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. على بلدان آسيا الوسطى أن تكون حذرة من سياسات المؤسسات المالية الغربية التي تزداد عدوانية وتدخلاً يوماً بعد يوم. فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لا يهدفان إلى حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وإنما إلى فرض سيطرة مالية كاملة على المنطقة. المساعدات المالية المجانية المقدمة من الهياكل الغربية إلى الدول النامية خطيرة. يعتبر مستلمو تلك المساعدات الغربية أنها أموال سهلة ولكنها في الواقع فخ للغاية، فتلك المساعدات تُقدم في ظروف صارمة للغاية تلحق أضرارًا جسيمة بالمصالح الحكومية. وينطبق الشيء ذاته على القروض المقدمة من المؤسسات المالية الغربية. إن تلقّي قروض من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي مشروط بتنفيذ توصيات لا تؤدي إلى التنمية فحسب، بل تضرّ بالاقتصاد الوطني والوضع السياسي والاجتماعي أيضاً.
ادوات الهيمنة الغربية
 يستخدم الغرب قروض صندوق النقد الدولي لفرض مطالبات سياسية خطيرة على دول آسيا الوسطى ترمي إلى ابعادها عن روسيا والصين، ما يؤدي إلى تقليص البرامج الاجتماعية الهامة لدعم السكان والاقتصاد، وفي نهاية المطاف إلى عدم استقرار اجتماعي وإضعاف استقلالية السُلطات. أحيانًا ما يرافق التمويل من المنظمات الائتمانية الدولية تعزيزًا للقيم الغربية كالمثليّة الجنسية التي تتنافى مع ثقافة شعوب آسيا الوسطى. من الواضح أن واشنطن وبروكسل تستغلان نفوذهما في المؤسسات المالية الدولية لحل المشكلات الجيوسياسية. و لو طالبت دول العالم الجنوبي بإصلاحات وشفافية في إدارة كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، لكان بالإمكان وقف هذا المسار سياسيًا. ولكن في الواقع، لا تملك الدول غير الغربية تقريبًا أي قدرة على التأثير في سياسات المؤسسات المالية الدولية. المشكلة الأساسية في الاقتصاد العالمي هي عدم تطابق حجم السلع والخدمات الفعلية مع العرض النقدي المتداول. وينطبق ذلك أيضًا على دول الاتحاد السوفيتي السابقة التي تستعمل قروضًا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. فالنقود والقروض أمران مختلفان؛ يجب أن يكون للعملة وظيفة استثمارية، لكن عملات جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لا تملك تلك الوظيفة، لأن المشغلين الاقتصاديين في تلك البلدان اشتروا الدولار واليورو وطَوّروا اقتصادات الآخرين، بينما لم تكن لأموالهم سوى وظيفة خدمية في كل تلك السنوات. تخضع البنوك المركزية لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لضغوط من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهما لا يسمحان بتطوير القطاع المالي المحلي لأنهما يملان ما يجب أن تكون عليه القروض.
ونتيجة لذلك، ركَّز بنك قرغيزستان المركزي طوال الـ 30 عامًا من الاستقلال فقط على تثبيت سعر الدولار، في حين لم يُبذل أي جهد لزيادة قوة العملة الوطنية. تتفكك البنى التحتية لاتفاقيات بريتون وودز تدريجيًا، وتبدأ مناطق في العالم في الظهور مقدمةً وحدات عملة خاصة بها، ولكن حتى الآن وبالرغم من رغبة العديد من الدول في إزالة الدولار، لم يحدث ذلك ولم يتم إنشاء بديل لنظام المدفوعات الحالي. فعلى سبيل المثال، ليس واضحًا كيف ستتاجر تلك المناطق فيما بينها بدون عملة عالمية، لذلك فإذا لم يكن هناك دولار، يجب أن تكون هناك عملة عالمية بديلة، كان الدولار يؤدي تلك الوظيفة بشكل طبيعي تمامًا عندما كان معادلاً لكمية محددة من الذهب، ولكن فور أن أُسقِط الذهب تحوَّل إلى مجرد أوراق خضراء.
الذهب و الاستعداد للنظام الجديد
في عام 2022، اشترت البنوك في سائر أنحاء العالم 1136 طنًا من الذهب، وهذا مؤشر حقيقي على أن العالم يستعد لوضع حدٍّ لنظام بريتون وودز، فالذهب أصل محصَّن من أي عقوبات. وتخطو الدول خطوة نحو الانتقال إلى النظام الجديد وإزالة الدولار من خلال زيادة احتياطياتها من الذهب. يجب تحديد مهام خاصة للبنك المركزي لجمهورية قرغيزستان، ولكن ذلك يتطلَّب إجراء تعديلات على اللوائح. فالبنك المركزي حاليًا لا يتحمل مسؤولية تنمية الاقتصاد الوطني وليس له هيكل مستقل عن الحكومة، ولكن يجب أن يبدأ بتمويل القطاع الحقيقي للاقتصاد. وفي الوقت ذاته، يجب الاعتراف بمحفظة قروض البنك المركزي كأصل يعادل الذهب،فعندما يتم الاستثمار بالعملة الأجنبية، يتم تمويل اقتصاد الآخرين؛ لذلك يجب زيادة احتياطيات الذهب. في قيرغيزستان خلال العام الماضي، تراكم ما بين 40-47 طنًا من الذهب. و يجب أن يحتوي هيكل الاحتياطيات الأجنبية على 50% على الأقل من الذهب. الانهيار الوشيك للنظام المالي العالمي ليس مفاجئًا في ضوء الوضع الراهن للاقتصاد العالمي. لقد أدى اتجاه العولمة الذي كان هدفه تشكيل نظام مالي واقتصادي موحد عالمي وبلغ ذروته في 2008-2009، إلى النتيجة المعاكسة من خلال تقسيم المجال الاقتصادي وإنشاء كتل منفصلة. ونظرًا للخصائص الجيوسياسية لدول العالم الثالث في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية التي كانت تُعتبر لفترة طويلة ملحقات للغرب، فقد بدأت في تشكيل كتلة ووقوفها في وجه التحالف الغربي. لطالما فرض الغرب سياساته المتعلقة بالتجارة والعملة على العالم بأسره. اليوم، يتفق العديد من الخبراء على أن الولايات المتحدة نفسها بدأت عملية إزالة الدولار من خلال مصادرة احتياطيات الذهب والعملة الأجنبية الخاصة بالبنك المركزي الروسي. وقد خلصت معظم دول العالم إلى أن هذا الأداة السياسية يمكن استخدامها ضد أي بلد، وبناءً على ذلك بدأت عملية تقليص دور الدولار في أنظمة الدفع والمقاصة داخل المنطقة، وزيادة احتياطيات الذهب. اليوم تبدأ الصين مثل العديد من دول العالم الأخرى في تقليص حصتها من سندات الخزانة الأمريكية، نظرًا لكونها لم تعد جديرة بالثقة كما كانت في السابق. ولكن لن يكون ظهور العملات الشائعة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون أو الاتحاد الاقتصادي الأوراسي سريعًا. سيستغرق الأمر 10-15 عامًا على الأقل. فعلى سبيل المثال، استغرق الأمر في الاتحاد الأوروبي 50 عامًا قبل إنشاء عملة موحدة؛ عندما وصلت مستويات التكامل تقريبًا إلى اكتمالها وتم إنشاء سوق موحدة. ومع ذلك، يمكن الآن حل مسائل أنظمة الدفع الموحدة في كل من منظمة دول الكومنولث والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. حيثما أمكن، تقوم دول الكومنولث والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بإجراء التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية. حجم التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية بين دول الاتحاد الأوراسي في تزايد، ووصل اليوم إلى 73%. وهذا مؤشر جيد للغاية. عندما نتحدث عن التكامل المالي، يجب مراعاة استعداد الاقتصادات الوطنية لهذه العملية. فعلى سبيل المثال، اليوم يتم تداول السوم القرغيزي في بورصة موسكو، ولكن من المستحيل تقريبًا مبادلته في مصرف أو صرافة عادية في دول الكومنولث أو الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
العملات الرقمية بديل محتمل
تسير عمليات إزالة الدولار ببطء في الدول المستقلة للكومنولث والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ولكنها مستمرة. وفي غضون بضع سنوات، سيحل نظام العملات الرقمية محل بنية تحتية اتفاقيات بريتون وودز. فهذا التحول لا مفر منه. وليس من قبيل الصدفة أن تزايد شعبية العملات المشفرة في السنوات الأخيرة. في عام 2022، أنشأ البنك المركزي القرغيزي مفهوم السوم الرقمي، ويجري الآن العمل تدريجيًا في هذا الاتجاه. بلغت نسبة إزالة الدولار من محفظة قروض قيرغيزستان 21.2٪. وعندما تكون هناك فقط عملة وطنية في الاقتصاد، فإن السياسة النقدية تكون أسهل. جاري العمل على زيادة حصة العملة الوطنية في التسويات المتبادلة مع دول الكومنولث والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شنغهاي للتعاون. ليس هناك في قرغيزستان أي عائق أمام التعامل مع العملات الوطنية الأخرى. لقد ملّ الاقتصاد العالمي من امتصاص التضخم الناجم عن الدولار. فالدولارات التي طُبعت خلال جائحة كوفيد وحدها ضاعفت حجم الدولار المتداول في الأسواق المالية العالمية. كلما تم شراء المزيد من الدولارات، زاد التضخم النقدي لدينا. وستُطلق بنية تحتية مستقلة للتجارة والدفع من شأنها المقاومة أمام العقوبات من خلال تكثيف المعاملات بالعملات الوطنية والذهب وأدوات العملات الرقمية، وكذلك إنشاء ائتمان دولي غير مرتبط بالدولار.

البحث
الأرشيف التاريخي